دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > الدعوة بالقرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الآخرة 1436هـ/17-04-2015م, 02:10 PM
حياة بنت أحمد حياة بنت أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 222
افتراضي رسالة تفسيرية : آية السحر في سورة البقرة

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام علىى أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}

المعنى الإجمالي:
هذه الآية آية السحر التي ذكر الله جل وعلا فيها اتباع اليهود لما تتلوه الشاطين على ملك سليمان عليه السلام، فذكر الله جل وعلا في هذه الآية أن اليهود عدلوا عن كتاب الله وأخذوا بالسحر الذي تقولته الشياطين على عهد ملك سليمان، ونسبوه إلى سليمان عليه السلام، ثم بين الله سبحانه وتعالى أن سليمان لم يكن ساحرًا كما زعموا، ولكن الشياطين هم السحرة، وهم الذين كفروا بتعليمهم للناس السحر، ثم بين الله سبحانه وتعالى شيئًا من مقاصد الذين يتعلمون السحر، وهو تفريقهم بين المرء وزوجه، ولكن الله أخبر أنّه لا يتم تأثير السحر إلا بإذنه، وأنّ من اعتاض بالسحر عن دين الله تعالى، فإنّه ليس له في يوم القيامة نصيب ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون.

المعنى التفصيلي:

- قوله:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}: أخبر تعالى عن اليهود أنهم رفضوا كتابه الذي يعلمون أنه منزل من عنده على نبيه موسى صلوات الله وسلامه عليه، ونقضوا عهده الذي أخذه عليهم في العمل بما فيه، وآثروا السحر الذي تلته الشياطين واختلقته على ملك سليمان عليه السلام حيث أخرجت الشياطين للناس السحر، وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم.
- وهم كذبة في ذلك، فلم يستعمله سليمان عليه السلام، بل نزهه الصادق في قيله، فقال: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} أي: بتعلم السحر، فلم يتعلمه.
فإن قال قائل: ما وجه نفي الكفر عن سليمان عليه السلام ولم يتقدم في الآية أن أحدًا نسبه إلى الكفر؟
قيل: أن اليهود نسبته إلى السحر، و لما كان السحر كفرا صار بمنزلة من نسبه إلى الكفر.
- قوله:{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} فأثبت كفرهم بتعليم السحر.
- قوله:{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق، أنزل عليهما السحر امتحانًا وابتلاءً من الله لعباده، فيعلمانهم السحر.
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين، والسحر الذي يعلمه الملكان، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين، وكُلّ يصبو إلى ما يناسبه.
فإن التبس على أحدٍ ما قلنا فقال: وكيف يجوز لملائكة الله تعالى أن تعلم الناس التفريق بين المرء وزوجه؟ أم كيف يجوز أن يضاف إلى الله تبارك وتعالى إنزال ذلك على الملائكة؟
قيل له: إن الله جل ثناؤه عرف عباده جميع ما أمرهم به وجميع ما نهاهم عنه، ثم أمرهم ونهاهم بعد العلم منهم بما يؤمرون به وينهون عنه. ولو كان الأمر على غير ذلك، لما كان للأمر والنهي معنى مفهوم. فالسحر مما قد نهى عباده من بني آدم عنه، فغير منكر أن يكون جل ثناؤه علمه الملكين اللذين سماهما في تنزيله، وجعلهما فتنة لعباده من بني آدم، كما أخبر عنهما أنهما يقولان لمن يتعلم ذلك منهما: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} ليختبر بهما عباده الذين نهاهم عن التفريق بين المرء وزوجه، وعن السحر، فيمحص المؤمن بتركه التعلم منهما، ويخزي الكافر بتعلمه السحر والكفر منهما. ويكون الملكان في تعليمهما من علما ذلك لله مطيعين.
- ثم ذكر مفاسد السحر فقال: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} أي: فيتعلم الناس من علم السحر ما يتصرفون به فيما يتصرفون فيه من الأفاعيل المذمومة، ما إنهم ليفرقون به بين الزوجين مع ما بينهما من الخلطة والائتلاف.
وسبب التفرق بين الزوجين بالسحر: ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر، أو خلق ، أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة.
وفي إسناد التفريق إلى السحرة وجعل السحر سببًا لذلك دليل على أن للسحر تأثيرًا في القلوب بالحب والبغض، والجمع والفرقة، والقرب والبعد.
- قوله:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} بيَّن الله أن للسحر تأثيرًا في نفسه، ولكنه لا يؤثر ضررًا إلا فيمن أذن الله تعالى بتأثيره فيه، و أما من دفع الله تعالى عنه ضره وحفظه من مكروه السحر والنفث والرقى فإن ذلك غير ضاره ولا نائله أذاه.
وفي هذا دليل على أن السحر لا يضرّ إلا إذا أذن الله تعالى، أي: بإرادة الله، والإذن نوعان: إذن قدري، وهو المتعلق بمشيئة الله، كما في هذه الآية، وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة: {فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير، ولم يخالف في هذا الأصل من فرق الأمة غير القدرية في أفعال العباد، زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة، فأخرجوها عن قدرة الله، فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والتابعين.
- قوله:{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}؛ لأن للسحر شؤمًا على صاحبه فلا يعود عليه بفائدة، ولا يجلب إليه منفعة، بل هو ضرر محض، وخسران بحت، فليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي، كما قال تعالى في الخمر والميسر: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} فهذا السحر مضرة محضة، وما يظنه الساحر أو من يتعاطى السحر من المنافع ليس نافعًا على الحقيقة، بل هو ضرر في نفسه وضرر في عقيدته، فليس له داع أصلاً.
- قوله:{وَلَقَدْ عَلِمُوا} أي: ولقد علم اليهود الذين استبدلوا السحر عن متابعة الرسل والإيمان بالله تعالى.
- قوله:{لَمَنِ اشْتَرَاهُ} الضمير يعود على السحر الذي يتعلمونه. وعبر بالشراء لأن حقيقته أن تشتري شيئًا وتدفع ثمنه، فكأن الذي يحصل على السحر ويتعلمه رغب فيه رغبة المشتري في السلعة، فاشترى السحر وبذل توحيده عوضًا، فالثمن هو التوحيد والإيمان بالله وحده، والمثمن هو السحر.
وهذا يدل على أن الإيمان لا يجامع السحر، فإذا وجد السحر فقد الإيمان، وإذا كان الإيمان موجودًا فلا يكون هناك سحر، لأنهما متضادان.
- قوله:{مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} الخلاق: هو النصيب والحظ، إلا أنه لا يكاد يستعمل إلا للنصيب من الخير. أي: ما له في الدار الآخرة حظ ونصيب من الجنة، من أجل أنه لم يكن له إيمان ولا دين ولا عمل صالح، ومن لم يكن له خلاق فالنار مثواه ومأواه. وهذا دليل على كفر الساحر.
- قوله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} أي: ولبئس البديل ما استبدلوا به من السحر عوضًا عن الإيمان، ومتابعة الرسل.
- قوله:{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} علمًا يثمر العمل ما فعلوه.

من سياق آية البقرة ظهر أن تعلم السحر وتعليمه والعمل به كفر في عدة مواضع، وهي:

1. نفي الكفر عن سليمان في معرض اتهامه بالسحر في قوله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ}.
2. التصريح بكفر الشياطين منوطًا بتعليمهم الناس السحر في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}.
3. تحذير الملكين طالب تعلم السحر بأنه كفر، قال تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}.
4. نفي النصيب عن متخذه، ونفي النصيب بالكلية لا يكون إلا للكافر _عياذًا بالله تعالى _ قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}.

المراجع:
- تفسير الطبري.
- تفسير البغوي.
- تفسير ابن كثير.
- تفسير القرطبي.
- تفسير الشوكاني.
- تفسير السعدي.
- شروحات كتاب التوحيد.

طريقتي في عمل الرسالة:
1. الاعتماد على أسلوب التقرير العلمي والأسلوب الاستنتاجي.
2. الاعتناء بالجانب العقدي في الآية.
3. الجمع بين الإجمال والتفصيل.
4. ذكر القول الراجح في المسائل.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسيرية, رسالة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir