بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
صلاح القلب ورقته وخشوعه مبتغى المؤمنين الصالحين من عباد الله؛ لأنه بصلاح القلب يصلح الجسد، وهي نعمة من أعظم النعم، ولا شك أن الرقائق والمواعظ وسيلة من وسائل ترقيق القلوب، فالخطاب الموجه للقلب له وقعه الخاص، ولا غنى لأحد عنه ولو كان من طلاب العلم، وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم من أحرص الناس على ما يوقظ القلوب ويذكرها.
في الحديث:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله، عِظْني وأوجز.
قال أبو وائل: كان ابن مسعود يذكرنا في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لو وددت أنك ذكرتنا في كل يوم فقال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا .
أما عن أهميتها لطالب العلم خاصة:
قال الشيخ محمد صالح المنجد:
ومن الأمور المهمة كذلك في طلب العلم ترقيق القلوب، وليس فقط الجمع؛ لأن كثرة الحفظ والجمع قد تقسِّي القلب، فلا بد من التطعيم بالمرققات، وتلذيع النفس بأسباب المرققات تلذيعاً لا يقدح في كمال التشاغل بالعلم، وإلا فإن الانشغال فقط بالتحصيل والحفظ وعلوم الآلات ونحوها قد يقسِّي القلب، فإذا لم تجعل لك نصيباً من العبادة والقراءة في كتب الوعظ والزهديات والرقائق تأسن النفس، ولذلك فإن القراءة مثلاً في ذكر الموت، وزيارة المقابر، وأخبار المحتضرين، وحسن الخاتمة، وسوء الخاتمة، هذا أمر لا بد منه، وإلا فقد يقسو قلب طالب العلم من حيث لا يشعر.
وقال أحد طلاب العلم: طالب العلم ينبغي ألا ينقطع عن المواعظ و ملينات القلوب، فالنفس ربما تثقل عند طلب العلم فتحتاج إلى الترويح والاستماع للرقائق وغيرها .
وقال آخر: والعلماء والمفكرون وطلبة العلم أحوج ما يكونون للموعظة، فهي تهذيب للنفس، وترويض لكبريائها وشططها، تدفع المرء للتجرد في البحث عن الحق، والصدق في التماس الدليل الصحيح، وفي الترجيح بين الأقوال، فلا يتيه به الهوى في دركات التعصب والاعتداد بالنفس وبطر الحق، خاصة في زمن الفتن وانتشار الأهواء والشبهات.
هذه دعوة لأن يذكر بعضنا بعضا، وننتقي من المواعظ والرقائق ما تلين بها قلوبنا وتزكو بها نفوسنا، وأرجو أن تكون من الدعوة إلى الله، ولعل موعظة تدمع لها العيون وتترك أثرا في القلوب، فيكون بها الأجر العظيم بإذن الله تعالى.
اللهم إنا نعوذ بك من عين لا تدمع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يُسمع، ومن علم لا ينفع.