فهرسة مسائل القسم السابع من دروس جمع القرآن : عدد سوره
== عدد سور القرآن في مصحف ابن مسعود
*عدد سور القرآن في مصحفه
قال ابن الجوزي في فنون الأفنان: " وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسقط المعوذتين، فنقصت جملته سورتين عن جملة زيد" انتهى كلامه.
-وعليه فإن عدد سور القرآن في مصحفه كانت مائة واثنتا عشرة سورة.
*سبب ترك ابن مسعود لعد المعوذتين من القرآن
وهذه المسألة هي لأنه كان يراهما من الأدعية التعوذات وليستا من القرآن، فالأمر فيهما كما قال سفيان:
(يحكهما: المعوذتين، وليسا في مصحف ابن مسعود، كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ بهما الحسن والحسين، ولم يسمعه يقرؤهما في شيء من صلاته؛ فظن أنهما عوذتان، وأصرَّ على ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن، فأودعوهما إياه).
- وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه بالإبهام؛ فقال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، ح وحدثنا عاصم، عن زر، قال: سألت أبي بن كعب، قلت: يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا، فقال أبيّ: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «قيل لي فقلت» قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).
*ترك عدهما كان قبل الجمع العثماني
-وهذا كان منه رضي الله عنه قبل الجمع العثماني وقبل أن يقيم مصحفه على المصحف الإمام الذي أمر به عثمان بن عفان وأجمع الصحابة على اتخاذه مصحفاً إماماً وتركِ القراءة بما خالفه. ووقوعُ بعض الخطأ من أفرادٍ من القرّاء قبل انعقاد الإجماع على مصحف إمامٍ مشتهرٍ بين الناس جائز الوقوع، ولا عصمة للأفراد، وإنما العصمة لإجماعهم، وقد يخطئ المخطئ وهو معذور مأجور، إذا كان هذا هو مبلغ اجتهاده، فلا يعاب بمثل هذا الخطأ ابن مسعود ولا غيره من القرّاء.
*من الأدلة على ثبوت قرآنيتهما
وقد صحت الأحاديث بثبوت كونهما من القرآن ومنها
حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أعلّمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟ "قال: قلت: بلى يا رسول الله !قال: فأقرأني {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ بربّ الناس} ). رواه الإمام أحمد والنسائي وابن خزيمة
*رجوع ابن مسعود عن ترك عدهما
-والذي يظهر أن ابن مسعود قد رجع إلى ما أجمع عليه الصحابة ويدل على هذا أمران:
أحدهما: ثبوت القراءة عنه بالأسانيد التي يروي بها القراء عنه ما يوافق قراءة العامة وفيها المعوذتان.
والآخر: ما نقل عن أصحابه الآخذين عنه من إثباتهم لهما كالذي رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي أنه قال: قال: قلت للأسود: من القرآن هما؟ قال: «نعم»، يعني: المعوذتين والأسود بن يزيد من خاصّة أصحاب ابن مسعود.
وعلى هذا فيقال إن عدد سور القرآن في مصحف ابن مسعود في نهاية الأمر آل إلى عدد سور مصحف العامة الذي أجمع عليه الصحابة وهي مائة وأربع عشرة سورة.
== مصحف أبي بن كعب
*عدد سور مصحف أبي بن كعب رضي الله عنه
قال ابن الجوزي في فنون الأفنان: (جملة سوره على ما ذكر عن أبي بن كعب رضي الله عنه مائة وست عشرة سورة.) انتهى كلامه .
*سبب زيادة مصحف أبي بن كعب
هو أنه كان فيه سورتان هما سورة الخلع، وسورة الحفد
قال ابن الجوزي في المصدر السابق: (فنقصت جملته سورتين عن جملة زيد. وكان أبي بن كعب يلحقهما [أي المعوذتين] ويزيد إليهما سورتين، وهما الحفدة والخلع.
إحداهما: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ...)، وهي سورة الخلع. والأخرى: (اللهم إياك نعبد ...)، وهي سورة الحفد.
فزادت جملته على جملة زيد سورتين) انتهى كلامه مختصرا.
*الكلام على هاتين السورتين
إن القول بوجود هاتين السورتين في مصحف أبي بن كعب رضي الله عنه مبنيّ على ظنّ صحة نسبة تلك المصاحف إلى أبيّ، وهو خطأ بيّن، لما صحّ من أنّ مصحف أبيّ قبضه عثمان، وأنّ عثمان أمر بكلّ مصحف أو صحيفة فيها قرآن أن تحرق،
ولم يكن لأبيّ أن يخالف أمر أمير المؤمنين،
ولو نازعه في ذلك لاشتهر أمره كما اشتهر أمر منازعة ابن مسعود ثم رجوعه إلى امتثال أمر الخليفة الراشد عثمان بن عفان في ذلك.
-وعلى هذا فإن مصحف أبي غير موجود لأنه تم إحراقه لما طلب أمير المؤمنين عثمان بن عفان بإحراق ما سوى المصحف الإمام،
وأما ما ذكره المتأخّرون عن زمن الجمع العثماني فلا تُحمل على ما في مصحف أبيّ بن كعب الذي كتبه لنفسه؛ فذاك قد قبضه عثمان، وما اطّلعوا عليه إنما هو من مصاحف منسوبة إلى أبيّ بن كعب، ومن دلائل ذلك اختلاف الألفاظ في هاتين السورتين، في الروايات التي يوردونها.
والخلاصة:
أنه ولو ثبت أنها كانت في مصحفة فتكون مما كان قبل الجمع العثماني وتكون من المنسوخ لإجماع الصحابة على ترك قراءتهما ويؤول أمر مصحف أبي ابن كعب إلى ما في المصحف الإمام الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه ووافق عليه الصحابة.
== عدد سور القرآن في مصحف زيد وفي جمع أبي بكر وعثمان رضي اللهم عنهم أجمعين.
*عدد سوره
عدد السور في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر الصديق، والذي جمع على عهد عثمان بن عفان هو مائة وأربع عشرة سورة
-قال الزركشي: ( واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس.
وقال مجاهد: وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما.
قال ابن الجوزي في فنون الأفنان: ( أما سوره فقال أبو الحسين بن المنادي: جميع سور القرآن؛ في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين؛ مائة وأربع عشرة سورة، فيهن الفاتحة والتوبة والمعوذتان، وذلك هو الذي في أيدي أهل قبلتنا.) انتهى كلامه
-وقال الزركشي أيضا في البرهان: (قال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ: عدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة.)
-وقال أيضا ناقلا الاتفاق: (واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس.( انتهى كلامه
*القول بأن عددها ثلاث عشرة ومائة سورة وسبب ذلك والرد عليه
وقيل أن عدد سور القرآن مائة وثلاث عشرة والسبب في ذلك هو جعل الأنفال وبراءة سورة واحدة .
قال السيوطي في الدر المنثور: ( أخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة.)
وأما الرد عليه فمن وجوه منها:
-أن الصحابة أجمعوا على فصلهما بسطر في المصحف الإمام مما يشير إلى أنها ليسا سورة واحدة.
-ومنها: ورود الإثار والأقوال عن أهل العلم بأنهما سورتان منفصلتان.
-ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى كل منهما باسم غير الأخرى.
-ومنها: ما ذهب إليه جماعة من أن ترك البسملة في أول براءة هو لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف كما في المستدرك عن ابن عباس قال: (سألت علي بن أبي طالب لِمَ لَمْ تكتب في براءة "بسم الله الرحمن الرحيم"؟. قال: لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف). وقيل غير هذا
وفي الدر المنثور للسيوطي قوله: (وأخرج أبو الشّيخ عن أبي رجاءٍ قال: سألت الحسن عن الأنفال وبراءة أسورتان أو سورةٌ؟ قال: سورتان.)
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.