قال المؤلفون: (2- وفصاحةُ الكلامِ: سلامتُه منْ تَنافُرِ الكلماتِ مجتمعةً، ومنْ ضَعْفِ التأليفِ، ومن التعقيدِ، معَ فصاحةِ كلماتِهِ.
فالتنافُرُ: وصفٌ في الكلامِ يُوجِبُ ثِقَلَه على اللسانِ، وعُسْرَ النطْقِ بهِ، نحوُ:
في رَفْعِ عرْشِ الشَّرْعِ مثلُكَ يَشْرَعُ ...... وليسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ
كريمٌ متى أمدَحْهُ أمدحْهُ والوَرَى ....... معي وإذا ما لُمْتُهُ لُمْتُهُ وَحْدِي
وضَعْفُ التأليفِ: كونُ الكلامِ غيرَ جارٍ على القانونِ النحويِّ المشهورِ، كالإضمارِ قبلَ الذكْرِ لَفْظًا ورُتْبَةً في قولِه:
جَزَى بنُوهُ أَبَا الغِيلانِ عنْ كِبَرٍ ..... وحُسْنِ فِعْلٍ كما يُجزَى سِنِمَّارُ
والتعقيدُ: أنْ يكونَ الكلامُ خَفِيَّ الدلالةِ على المعنى المرادِ.
والخفاءُ إمَّا منْ جهةِ اللفظِ، بسببِ تقديمٍ أوْ تأخيرٍ أوْ فَصْلٍ، ويُسمَّى تعقيدًا لفظِيًّا، كقولِ المتنبِّي:
جَفَخَتْ وهم لا يَجْفَخُونَ بها بهم ...... شِيَمٌ على الحسَبِ الأغَرِّ دلائلُ
فإنَّ تقديرَه: جَفَخَتْ بهم شِيَمٌ دلائلُ على الحسَبِ الأغرِّ، وهم لا يَجفخونَ بها.
وإمَّا منْ جهةِ المعنى بسببِ استعمالِ مَجازاتٍ وكِناياتٍ، لا يُفْهَمُ المرادُ بها، ويُسَمَّى تَعقيدًا معنويًّا، نحوُ قولِكَ: (نَشَرَ الْمَلِكُ أَلْسِنَتَه في المدينةِ)، مُريدًا جواسيسَه، والصوابُ:(نَشَرَ عيونَه). وقولِه:
سأطلبُ بُعدَ الدارِ عنكم لِتَقْرَبُوا ....... وتَسْكُبُ عينايَ الدموعَ لتَجْمُدا
حيث كَنَّى بالجمودِ عن السرورِ، معَ أنَّ الجمودَ يُكَنَّى بهِ عن البُخْلِ وقتَ البكاءِ.