المجموعة الرابعة:
س1. اذكر ثلاثة أحاديث ضعيفة في فضل سورة الفاتحة وبيّن سبب ضعفها وحكم متنها.
المرويات التي تروى بأسانيد ضعيفة في فضل سورة الفاتحة على ثلاثة أنواع :
الأول : متون صحيحة المعنى لا نكارة فيها ولكن وردت بأسانيد ضعيفة , وهناك من الأدلة الصحيحة ما يغني عنها , ولكن قد تصحح إذا كانت الأسانيد غير شديدة الضعف .
مثاله : حديث عبادة بن الصامت مرفوعاً: «أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها منها بعوض»
تفرد بهذا الحديث ( محمد بن خلاد عن أشهب عن ابن عيينة ) , وحمد بن خلاد مختلف فيه , وقد احترقت كتبه فأصبح يحدث من حفظه ويروي بالمعنى , فيقع في بعض حديثه ما ينكر عليه .
الثاني : ما يتوقف في معناه , فلا ينفى ولا يثبت إلا بدليل صحيح , وهذا النوع يرد حكما لضعف إسنادها , ولكن لاينفى المتن ولا يثبت , ولكن إن ثبت لأحد من أهل العلم وجه من وجوه الاستدلال المعتبرة حكم على المتن بالنفي أو الاثبات .
مثاله : حديث العلاء بن المسيّب، عن فضيل بن عمرٍو، عن علي بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه أنّه سئل عن فاتحة الكتاب، فقال: ثنا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ تغيّر لونه، وردّدها ساعةً حين ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال: (أنها نزلت من كنزٍ تحت العرش).
فالحديث روي من طرق بهذا الأسناد وهو منقطع ؛ ففضيل بن عمرو لم يدرك علي بن أبي طالب .
وقد صحّ من حديث حذيفة بن اليمان وحديث أبي ذرٍّ رضي الله عنهما أنّ الذي نزل من تحت العرش خواتيم سورة البقرة.
الثالث : ما يكون في متنه نكارة أو مخالفة لما صح من النصوص , أو مجازفة بكلام عظيم لا يحتمل من ضعفاء الرواة .
مثاله : حديث سليمان بن أحمد الواسطي عن علي بن الحسين الأحول، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ أم القرآن وقل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن» .
وروي بإسناد آخر عن سليمان بن أحمد عن صلة بن سليمان الأحول عن ابن جريج به.
وسليمان بن أحمد الواسطي متروك الحديث .
س2: هل نزلت سورة الفاتحة مرتين؟
اختلف في نزول سورة الفاتحة إلى أقوال ؛ فمنهم من قال نزلت بمكة , ومنهم من قال نزلت بالمدينة , ومنهم من قال نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة .
وهذا القول الأخير ضعيف غير صحيح ؛ إذا ورد هذا القول عن الحسين بن فضل البجلي , ونسب هذا القول إليه الواحدي في البسيط فقال : (وقال الحسين بن الفضل: سميت مثاني؛ لأنها نزلت مرتين اثنتين؛ مرة بمكة في أوائل ما نزل من القرآن، ومرة بالمدينة) .
ونسبه إليه البغوي في معالم التنزيل فقال : (وقال الحسين بن الفضل: سميت مثاني لأنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة كل مرة معها سبعون ألف ملك).
وذكر هذا القول بعدهم الكرماني والزمخشري وابن كثير وغيرهم من غير نسبة لأحد .
وذكر الشوكاني أن هذا القول على إرادة الجمع بين القولين القائلين بأن الفاتحة نزلت بمكة أو بالمدينة .
وقال الشيخ عبدالعزيز الداخل معلقا : والقول بتكرر النزول لا يصحّ إلا بدليل صحيح يُستند إليه , وفي النفس من نسبته إلى الحسين بن الفضل شيء.
س3: عدّد خمسة من الأسماء الثابتة لسورة الفاتحة مع بيان أدلتها.
1 – فاتحة الكتاب .
دليلها : حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ).
2 – أم القرآن .
دليلها : حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم ) .
3 – أم الكتاب .
دليلها : حديث حبيب المعلم، عن عطاء قال: قال أبو هريرة: ( في كل صلاة قراءة فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم، أسمعناكم، وما أخفى منا، أخفيناه منكم، ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل ).
4 – السبع المثاني .
دليلها : حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم ) .
5 – القرآن العظيم .
دليلها : أحاديث أبي هريرة وأبيّ بن كعب وأبي سعيد بن المعلّى: ( { الحمد لله رب العالمين } هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ) .
س4: بيّن معنى الاستعاذة وأقسامها.
الاستعاذة : هي طلب العوذ وهو اللجوء إلى من بيده العصمة من شر ما يستعاذ منه , والاعتصام به .
والاستعاذة تنقسم إلى قسمين :
الأول : استعاذة العبادة : وهي ما يقوم في قلب المستعيذ من أعمال تعبدية تجاه المستعاذ به من خوف ورجاء ورهبة , وقد يصاحبها دعاء وتذلل .
حكمها : هذه الاستعاذة عبادة ولا يجوز صرفها لغير الله , فمن صرفها لغير الله فهو مشرك .
الثاني : استعاذة التسبب : وهي ما يستخدمه المستعيذ من أسباب يعصم بها من شر ما يخافه , من غير أن يقوم بقلبه أعمال تعبدية للمستعاذ به .
حكمها : وهي استعاذة جائزة ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ستكون فِتَن، القاعِدُ فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من السَّاعي، مَنْ تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وَجَدَ مَلْجأ أو مَعاذا فَلْيَعُذْ به ) .
س5: بيّن المراد بهمز الشيطان ونفخه ونفثه.
الهمز : الموتة .
النفخ : الكبر .
النفث : الشعر .
س6: بيّن وقت الاستعاذة لقراءة القرآن؛ هل هي قبل القراءة أو بعدها؟
اختلف في الاستعاذة قبل القراءة أم بعدها على أقوال راجعة إلى تفسير معنى الآية (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) , على أقوال :
الأول : أنه إذا أردت القراءة فاستعذ بالله , وهو قول جمهور أهل العلم ؛ فالعرب تطلق الفعل على مقاربته , كما في حديث دخول الخلاء .
الثاني : أنه إذا استعذت بالله فاقرأ القرآن , وهو قول أبو عبيدة معمر بن المثنى , على تقدير أن الآية فيها تقديم وتأخير .
الثالث : إذا قرأت فاجعل مع قراءتك الاستعاذة , وهو قول ثعلب .
وهذه الأقوال الثلاثة متفقة على أن الاستعاذة تكون قبل قراءة القرآن .
الرابع : إذا فرغت من القراءة فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم , وهذا القول روي عن أبي هريرة , ونسب إلى مالك , وحمزة الزيات القارئ , وأبي حاتم , وداود الظاهري .
ولكن لا تصح نسبة هذا القول إلى هؤلاء .
ونقل ابن الجزري الإجماع على أن الاستعاذة تكون قبل القراءة فقال : ( هو قبل القراءة إجماعاً ولا يصح قولٌ بخلافه، عن أحد ممن يعتبر قوله، وإنما آفة العلم التقليد ) .
والله أعلم