المجموعة الأولى:
س1: اكتب عن سيرة اثنين من التابعين مبيّنا ما استفدته من دراستك لسيرتهما.
زر بن حبيش الأسدي
من المخضرمين الذي عاش في الجاهلية والإسلام ،لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم ، كان عمره عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أربعين سنة ، رحل إلى الكوفة ولازم عبد الله بن مسعود وكان من خاصة تلاميذه ، وكان من أعرب الناس وكان ابن مسعود يسأله عن العربية ، نقل عن ابن مسعود علما غزيرا ، كان حريصا على طلب العلم فحل إلى المدينة على كبر سنه ليلقى أصحاب رسول الله فيها ، ولازم أبي بن كعب . عن عاصم، عن زر قال: خرجت في وفد من أهل الكوفة، وايم الله إن حرضني على الوفادة إلا لقاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما قدمت المدينة أتيت أبيّ بن كعب، وعبد الرحمن بن عوف، فكانا جليسيَّ وصاحبيَّ، فقال أبيٌّ: يا زرّ ما تريد أن تدع من القرآن آية إلا سألتني عنها). رواه ابن سعد.
عمر طويلا ومات سنة 82هـ قبل وقعة الجماجم، وله من العمر 127سنة .
فوائد من سيرة زر بن حبيش الأسدي
1) الحرص على تعلم العربية وأثرها في تحصيل علوم القرآن والانتفاع به .
2) حرص السلف على جمع العلوم والانتقال بين العلماء والرحلة في طلبه مع شدة ما يلاقونه في سبيله .
3) شدة رغبة الصحابة في بذل العلم وأدائه ،قال أبيٌّ: يا زرّ ما تريد أن تدع من القرآن آية إلا سألتني عنها .
سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي
ولد في الدينة في خلافة عمر وسمع عنه شيئا يسيرا لصغر سنه
وجده هو حزن جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما اسمك؟ قال: حزن، قال: بل أنت سهل.
طلبه للعلم وتصدره :
تتلمذ على يد الصحابة وجمع منهم علما غزيرا لنجابته وقوة حفظه وشدة رغبته في تحصيل العلم ، فنقل عن ابن عباس وابن عمر وجالس سعد بن أبي وقاص وعامة علمه أخذه من زيد بن ثابت رضي الله عنه وأبي هريرة ونقل عنه علما عظيما وكان زوج ابنته ، واسمه لازم اسمه في أسانيد كثير من الروايات ، ودخل على بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وسألهم ،ولعل تصدره فالفقه وولعه به جعله يحرص على جمع كثير من المسائل التي قضى وحكم بها عمر رضي الله عنه حتى قيل عنه : " سعيد بن المسيب راوي عمر " وغالب ما يروي في التفسير من مسائل الأحكام .
كان محبوبا عند الصحابة مقدما عندهم على غيره، وقد تصدر للفتوى بوفرة منهم ، وربما سأله ابن عمر عن بعض شأن أبيه لما كان عليه من علمه بشأنه وأمره ،
َقَال علي بْن المديني: لا أعلم فِي التابعين أحدا أوسع علما من سَعِيد بْن المُسَيَّب، نظرت فيما روى الزُّهْرِيّ وقتادة ويحيى بْن سَعِيد وعبد الرحمن بْن حرملة، فإذا كل واحد منهم لا يكاد يروي ما يرويه الأخر ولا يشبهه، فعلمت أن ذلك لسعة علمه، وكثرة روايته، وإذا قال سَعِيد: مضت السنة، فحسبك بِهِ. قال علي: وهو عندي أجل التابعين.
كان لا يسمع شيئا إلا وعاه قلبه ، قوي الذاكرة ، قال : سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوْكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَأَلَنِي.
كان معظما للعلم موقرا للحديث دخل عليه رجل في مرضه فسأله عَنْ حَدِيثٍ، فَقَالَ: «أَقْعِدُوني» فَأَقْعَدُوهُ قَالَ: «إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُحَدِّثَ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ»
دينه وعبادته :
كان صواما يسرد الصوم ، قواما ، كثير الصلاة بالليل ، قال عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ العَبَّاسِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يُذَكِّرُ, وَيُخَوِّفُ, وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ .
حريصاً معظما للصلاة يقول عن نفسه : : "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة، لمحافظته على الصف الأول، وقيل إنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة "
شديد الورع والتقوى والخوف على ما هو عليه من كثرة العبادة كان يكثر أن يقول في مجلسه : " اللهم سلم سلم "
كان على صلابة في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم ، عزيز النفس لا يقبل العطايا من بيت مال المسلمين لأنه يرى أن عنده ما يكفيه وكانت نفسه أهون ما تكون عليه في الله .
فوائد من دراسة سيرة الإمام سعيد بن المسيب :
1) من أجل الاعمال التي يحرص عليها السلف هي طلب العلم ، فحملهم هذا العلم على تعظيم الله وتقواه وعلى طول العبادة والقيام والصيام
2) أهانوا الدنيا فعاشوا فيها عيشا طيبا وخلفوا ورثا عظيما وذكرا كريما
3) تغليب جانب الخوف لدى السلف على شدة سعيهم وبذلهم وجهادهم في طلب رضا الله .
4) العلم بالله كان سببا في ثبات السلف في الفتن والأزمات .
................................................................
س2: كيف بدأ تدوين التفسير؟
قام علم التفسير وتدوينه على أصلين :
الأصل الأول: نقل أقوال أئمة التفسير المتقدمين ومروياتهم ، كأن يُسأل التابعي عن مسألة فيجيب بما علم من أقوال الصحابة الذين ادركهم أو ما نقلوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كبار الصحابة ، وقد كان لابن مسعود تلاميذ من التابعين نقلوا للأمة عامة علمه مثل : عبيدة السلماني ، وابن مسروق ، وزر بن حبيش ، والأسود وعلقمة ، وكذلك ابن عباس فكان من تلاميذه الذين نقلوا علمه مجاهد ومولاه عكرمة وسعيد بن الجبر وغيرهم ، وكان لزيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي بن كعب في المدينة نقلوا لنا علمهم .
الأصل الثاني : ما يجيب به أئمة المفسرين بأداء المعنى بألفاظ من عنده بحسب علمه ، إما بما بلغه من العلم عن رسول الله أو صحبته ، وإما بمعرفته بأحوال النزول أو بحسب معرفته بأساليب العربية وتراكيبها معاني ألفاظها .
ولم يكن تدوين قد عرف في عهد الصحابة ، وإنما يروون من حفظهم وعلمهم ، وأول من بدأ بتدوين التفسير صحابة ابن عباس مثل مجاهد قال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباسٍ عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباسٍ: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله). رواه ابن جرير.وسعيد بن الجبير قال مندل بن علي العنزي: حدثني جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: (كنت أجلس عند ابن عباسٍ فأكتب في الصحيفة حتى تمتلئ..). رواه الدارمي. ،وكان لهم صحف خاصة .
وأول ما ابتدأ التدوين الفعلي للتفسير كان في المنتصف الثاني للقرن الأول ،و كان على أنواع :
1) ما دونه تلاميذ الصحابة من التابعين من أقوال علمائهم من الصحابة ومن أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التفسير كما فعل أصحاب ابن عباس وبعض أصحاب ابن مسعود .
2) ما دونه تلاميذ التابعين مثل تلاميذ سعيد بن الجبيروأصحاب عكرمة وزيد بن أسلم وتلاميذ نافع مولى ابن عمر .
3) ما دون من الإسرائليات التي نقلت ممن لديهم علم بالكتاب مثل وهب بن منبه وكعب الاحبار .
............................................................
س3: هل الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل يسوّغ الرواية عمّن عرف عنه الكذب في نقل أخبارهم؟
لا ، فالإذن عام يدخله القيود في أمور :
1) عدم مخالفة ما جاء في الكتاب والسنة
2) أن لا يكون المتن فيه نكارة ، فإن كانت القصة مقبوله في أصلها تدخلها النكارات ردت النكارات .
3) صحة السند ، فلا يكون النقل ممن عرف بالكذب والأباطيل مثل ما يرويه الكلبي ومقاتل من أخبار بني إسرائيل لم تثبت صحة نقلها ممن عرف علمه بالكتاب مثل وهب بن منبه وكعب الأحبار .
فإن توفرت فيه هذه القيود كان حكمه حكم الإسرائليات التي أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحديث عنهم ، وعدم التسليم بصحتها كما قال رسول الله عليه وسلم : " «لا تصدقوهم , ولا تكذبوهم» , وقولوا: {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}). رواه عبد الرزاق"
..................................................................
س4: عدد أنواع ما بلغنا من الإسرائيليات على وجه الإجمال.
1) ما قصه لنا الله من أخبارهم في القرآن الكريم ، والتصديق به واجب لأنه متن التصديق بالقرآن ، وما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم من أخبارهم والتصديق به أيضا واجب لأنه مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : ( إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون )
2) ما أخبر به أهل الكتاب في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، فما صدقه النبي نصدقه وما كذبه به نكذبه وما سكت عنه فلم يصدقه ولم يكذبه فعلنا ذلك ، وقد وردت الآثار في كل هذه الأحوال ، كما في صحيح البخاري من حديث إبراهيم النخعي عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حَبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد: أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون}). ، وعن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: إن اليهود تقول: إذا جاء الرجل امرأته مجباة جاء الولد أحول، فقال: «كذبت يهود» فنزلت {نساؤكم حرث لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم}).وأما في النوع الثالث جاءه رجل من اليهود، فقال: يا محمد، هل تتكلم هذه الجنازة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله أعلم ".
قال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم)).
في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد من طريق حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار».
3) ما كان يحدّث به بعض الصحابة الذين قرؤوا كتب أهل الكتاب، ومنهم: عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
4) ما كان يُروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يقرؤوا كتب أهل الكتاب، لكن لهم رواية عمّن قرأها؛ ككعب الأحبار، وغيره.فإن صرحوا في الأخذ من هؤلاء فحكمها حكم الإسرائليات المعروف ، وإن لم يصرحوا فينظر إلى المتن فإن لم يكن فيه نكارة فعادة المفسرين التساهل في روايته ، وقد يروون بالأسانيد التي فيها ضعف محتمل إن لم يكن في المتن نكارة .
ولدراسة الإسرائيليات المروية عن الصحابة يُنظر أول ما ينظر في نكارة المتن؛ فإن كان المتن منكراً، نظر في الإسناد فإن كان الإسناد ضعيفاً حكم ببطلان نسبته إلى الصحابي الذي روي عنه،
5) ما رواه بعض التابعين ممن قرأ كتب أهل الكتاب
ومنهم: كعب بن ماتع الحميري، ووهب بن منبّه اليماني، ونوف بن فضالة البكالي، وتبيع بن عامر .
5) ما يرويه التابعي من الإسرائليات ، والقاعدة الضابطة فيه مثل التعامل مع الإسرائليات التي ذكرت عن الصحابة . والتعامل معها بالنظر في صحة المتن ونكارته وصحة السند وضعفه
6) ما يرويه بعض من لا يتثبّت في التلقّي؛ فيكتب عن الثقة والضعيف السدّي الكبير إسماعيل بن أبي كريمة، والضحاك بن مزاحم، وعطاء الخراساني، ومحمد بن إسحاق بن يسار.
وهؤلاء لا يتعمّدون الكذب، وهم أهل صدق في أنفسهم، ولهم صلاح وعناية بالعلم، لكنّهم وقعوا في آفة عدم التثبّت .
7) ما يرويه بعض شديدي الضعف والمتّهمين بالكذب مثل الكلبي ومقاتل
8) ما يرويه أصحاب كتب التفسير المشتهرة مثل ابن جرير وابن أبي حاتم