المجموعة الثانية:
س1: كيف نكشف شبهة من احتج بحديث أسامة (أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله) على أن من قال كلمة التوحيد بلسانه لا يُكفر ولا يقتل وإن صرف بعض العبادات لغير الله تعالى.
أولا: قتل أسامة -رضي الله عنه- الرجل لأنه ظن أنه قال كمة التوحيد هربا من القتل , فبين له النبي-عليه الصلاة والسلام- أن من قالها وجب الكف عنه , وبجمع هذا الحديث مع باقي الأحاديث مثل قوله عليه الصلاة والسلام:(أمرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا.......إلى أن قال (إلا بحقها) , وقوله:(من بدل دينه فاقتلوه) , فدل هذا على أن كلمة التوحيد دليل على العصمة وليست عاصمة , فإذا قالها من يُشك بقوله إياه خوفا : يترك ثم ينظر في حاله إن استقام عليها أو لا , لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} إلى قوله: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} , فأمر بالتبين في شأن من قالها والتثبت من استقامته عليها.
ثانيا: أمر النبي عليه الصلاة والسلام- بقتل الخوارج مع كونهم أعبد الناس ويقولون كلمة التوحيد , ومع ذلك قال:(أينما لقيتموهم فاقتلوهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد).
ثالثا: قاتل أبويكر-رضي الله عنه- بني حنيفة بعد موت النبيصلى الله عليه ةسلم- مع كونهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, لكنهم منعوا الزكاة , وقد جادل في قتالهم عمر واحتج بقولهم لكلمة التوحيد , فأجابه أبو يكر:( والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى البي-صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليه).
رابعا : الجميع يقر بأن من جحد الصلاة أو الزكاة أو أنكر البعث كفر , ومن جحد التوحيد ونقضه أعظم كفرا مممن جحد الصلاة أو البعث , للك اتفق العلماء أن الكفر قد يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد.
خامسا: قاتل النبي-صلى الله عليه وسلم- اليهود مع كونهم يقولون لا إله إلا الله , لكنها لم تنفعهم لكفرهم , فقاتلهم واستباح دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
س2: كيف نكشف شبهة من احتج بشفاعة الأنبياء يوم القيامة على جواز الاستشفاع والاستغاثة بالموتى.
أولا: نحن لا ننكر جواز الاستغاثة بالحي الحاضر القادر على ما طُلب منه , لذلك كان الصحابة يذهبون للنبي-صلى الله عليه وسلم- وبطلبون منه الدعاء وأمورا أخرى.
ثانيا: حديث الشفاعة مكانه يوم القيامة , فالطلب من الأنبياء يكون بعد أن يحي الله الجميع ويبعث الناس برد أرواجهم إلى أجسادهم , وقد سمى الله ذلك حياة في قوله:{ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} , فشتان بين الطلب من الأحياء والطلب من الأموات , بعد الحديث عليهم لا لهم , فالطلب من الأنبياء يوم القيامة لا يعد شركا لأنه طلب منهم وهم أحياء حاضرون فيما يقدرون عليه.
ثالثا: الاستغاثة عبادة لكونها دعاء طلب وسؤال , وسؤال الغير بما لا يقدر عليه إلا الله : شرك أكبر , وقد قال عليه الصلاة والسلام:(وإذا سألت فاسأل الله) وقال تعال:{وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}.
رابعا: الصحابة رضوان الله عليهم- لم يذهبوا لقبر النبي-صلى الله عليه وسلم- ليستغيثوا به أو لينزلوا به حوائحجهم , ولا حتى لطلب الدعاء منه بعد موته , بل أنكروا على من قصد دعاء الله عند قبره -صلى الله عليه وسلم فكيف بدعائه نفسه!!
خامسا : أثبت الله -سبحانه وتعالى-شفاعة الأنبياء يوم القيامة فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري من حديث الشفاعة :(...فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة, وشفع النبيون, وشفع المؤمنون...) الحديث , أما الاستغاثة بالموتى وسؤالهم فقد منع عنه كما بينا في الأدلة السابقة.
س3: متى يحتاج إلى إقامة الحجة على المعيّن للحكم بكفره؟
- إذا كان الأمر يتعلق بحكم خفي غير ظاهر , ولم يكن من المسائل المعلومة من الدين بالضرورة والتي لا عذر مسلم بجهلها كونها يترتب عليه صحة إسلامه : كمعرفة وجوب الصلاة وتحريم الزنا , فإذا لم يكن من المسائل الظاهرة احتيج لإقامة الحجة على المعين.
- إذا كان المعين حديث عهد بشرك.
- إذا كان المعين نشأ في بادية بعيدة لا يتوصل فيها إلى العلم أو العلماء.
س4: بيّن ما استفدته من قصّة ذات أنواط في مسائل التوحيد.
- إن السالم من سلمه الله , فالمسلم غير معصوم من جهل الشرك والوقوع فيه , بما فيهم العلماء , وهذا مما يوجب الخوف ويوجب الدعاء بدعاء إبراهيم الخليل :{واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}.
- الحاجة الماسة لدراسة تفصيلية للتوحيد , فلا يظن الجاهل أن أمره واضح مكتفيا بالدراسة الإجمالية له .
- الحاجة إلى معرفة أمور الجاهلية وما كان عليه حالهم , كما قال حذيفة رضي الله عنه:(وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني) , ونحن أولى بالخوف منه.
- المسلم إذا قاده اجتهاده إلى أن يقع في الشرك دون قصد منه ونبه على الخطأ فتنبه : فهو معذور.
- إن الشرك من الأمور التي ينبغي للمسلم أن يعظم الخطب فيها , ويغلظ في النهي عنه.
- الحرص على مخالفة المشركين بكافة اصنافهم.
س5: اشرح قول المؤلف رحمه الله: (لا خِلافَ أَنَّ التَّوْحِيدَ لابُدَّ أَنْ يَكُونَ بِالقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالعَمَلِ)
اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد , والتوحيد هو الإيمان فلا بد أن يكون بالقلب والقول واللسان.
- فلا بد أن يقر ويعترف بقلبه بتوحيد الله , ويحصل لديه اليقين والقبول, ويكون مع هذا مخلصا لله فيه , فإذا فقد الإخلاص وقع في الشرك , فلو قالها وجاء بعمل الظاهر : لم يكن مؤمنا حتى يأتي بعمل القلب , فالمنافق قالها وعمل لكن دون إخلاص أو إقرار قلب وهو مع هذا في الدرك الأسفل من النار.
- ولا بد أن يقولها بلسانه مع الاستطاعة , فلن ينفعه اعتقادها دون قولها باللسان , فعم النبي-صلى الله عليه سلم- اعتقد بأفضلية دين الإسلام وأقر بقلبه بصدق النبي-صلى الله عليه وسلم- لكنه استكبر عن قولها فمات على كفره فهو في النار.
- ولا بد من الإتيان بالأعمال الظاهر اللازمة لقول كلمة التوحيد , فإن لم يفعل لم يكون من أهلها ويكون قد فقد ركنا من أركان الإيمان ولم يعمل بالتوحيد اللازم الذي أمر به الدين.
لذلك فسر السلف الشهادة بأنها اعتقاد ونطق وإعلام وإخبار, فلا يصح إسلام عبد حتى يأتي بالقدر المجزئ من الإيمان والذي هو الإيمان بأركان الإيمان, ويأتي بالقدر المجزئ من الإحسان والذي هو الإخلاص , وهذا بالاتفاق.
ومما يؤكد ذلك كفر البعض بكلمة قالوها في حالة المزاح , فلم يعذرهم الله سبحانه بل قال لهم: ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) , فإن كان هذا حال من تكلم بكلمة الكفر مازحا : فكيف بمن تكلم بها أو جاء بالكفر خوفا من نقص مال أو جاه أو طلبا له , كما قال تعالى:( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ...) الآية , فلم يعذر إلا المكره مع اطمئنان قلبه.