س1: ما حكم من وقف في القرآن؟
فالواقفة على ثلاثةِ أصناف:
فمنهم جهميةٌ يستترون بالوقف ففي حقيقة أمرهم يقولون: بخلق القرآن ، وينكرون على من يقول القرآن غير مخلوق وهؤلاء لا شك في كفرهم.
وصنفٌ من يقول بالوقف وهو شاكٌ في إن كان كلام الله مخلوق أم غير غير مخلوق فهؤلاء على إحدى أمرين فإما أن يكونوا على علم والحجة مُقامة عليهم فهؤلاء غير مؤمنين حقيقة بكلام الله تعالى؛ لأنَّ الإيمان يقتضي التصديق، والشك منافٍ للتصديق الواجب؛ فالشاك غير مؤمن. وإما أن يكون جاهلاً وقد يُعذر لجهله، ومن عُرضت له شبهة قد يُعذر بسبب شبهته حتى تقوم عليه الحجة، وقد قال الإمام أحمد _رحمه الله_ : من كان منهم جاهلا ليس بعالم فليسأل وليتعلم.
أما الصنف الثالث: فهم طائفة من أهل الحديث؛ قالوا بالوقف ولكنهم ينكرون على من يقول: إن القرآن مخلوق، ولا يعتقدون أن كلام الله غير مخلوق.
وقد قال سُئل فيهم الإمامُ أحمد: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟
فقال:ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيءٍ لا يتكلمون؟.
الحاصل أن فتنة القول بوقف القرآن فتنة عظيمة وشبهة يجب درؤها.
س2: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
فقد كانت فتنتها أعظم وأطول مدى من فتنة
الوقف؛ فإنها استمرّت قروناً من الزمان وجرى بسببها محن وخصومات ومناظرات، وشقاق ونزاع.
وعلى ذلك فقد اختلف مواقف القائلين بلفظية القرآن:
الموقف الأول: هم الجهمية المستترون بالقول بلفظية القرآن ؛ فهم يقولون بخلق القرآن ويستترون باللفظ، وهم نظير الجهمية المستترة بالوقف.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غير جارٍ على أصول الجهمية ، فيقولون: إن القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقا وهذا هو عينُ قول الجهمية لو تحققنا.
الموقف الثالث: فهو يعود لرجل يُدعى بداود الأصبهاني الظاهري وقد أخذ القول بخلق القرآن لكنه أخذها على مذهبه وطريقته؛ فقال: إن الذي في اللوح المحفوظ : فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس فمخلوق.
واشتهر عنه أنه قال : (القرآن محدَث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق لكنها ليست بمعنى الخلق كما وردت في القرآن وإنما الشيء الجديد
لذلك نفوا صفة الكلام عن الله وقد سُمع من الظاهري أنه قال: القرآن مُحدَث، ولفظي بالقرآن مخلوق.
الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقا لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين سواء من قال : لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
وهؤلاء اعتقدوا في القرآن ما اعتقده الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم في أنه كلام الله تعالى غير مخلوق.
الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق وهم يريدون أن القرآن غير مخلوق وقد أخطأوا في استعمال هذه العبارة أي أن اللفظ بالقرآن غير مخلوق ؛ لأنها فيها التباس فبما أنَّ أفعال وأصوات العباد مخلوقة فقد أُفهم عند البعض أنَّ القرآن المسموع غير مخلوق مالم ينطق به العبد أو يتلوه فإذا صار كذلك كان مخلوقا.
وأهل هذا الموقف من أهل السنة قد أرادوا أن القرآن غير مخلوق وظنوا أنهم بذلك قطعوا الطريق على الجهمية إلا أنهم في حقيقة الأمر قد أخطأوا خطأً كبيرا في استعمال هذه العبارة.
الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ، فهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر وقالوا: إن الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ لأن معنى اللفظ الطرح والرمي ، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن، فيجعلون سبب كراهة القول باللفظ لأن معناه الطرح والرمي ومنهم من ينكر تكلم الله بالصوت.
الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
س3: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
سبب ظهور بدعة ابن كلاب أنه أراد الرد على المعتزلة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية فأداه ذلك إلى التسليم ببعض أصولهم الفاسدة وبذلك خرج بقول بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، وأحدث أقوالاً لم تكن تعرف في الأمّة.
وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.
قال ابن خزيمة: (كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره).
س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
أولا : أن فيها التلبيس والتوهيم. فمسألة اللفظ للتلبيس لقول القائل :لفظي بالقرآن مخلوق بين الأمرين:
الأمر الأول:قد يريد به ملفوظه وهو كلام الله الذي تلفّظ به فهذا يوفق قول الجهيمة الذين يقولون بخلق القرآن.
الأمر الثاني: وقد يريد به فعلَ العبد الذي هو القراءة والتلفّظ بالقرآن
فهذا قول "لفظي بالقرآن" سبب اختلاف الناس من قول إلى عدة أقوال وسبب لوقع فتنة بين أصحاب الإمام أحمد والإمام البخاري والناس كانوا بشدة الحاجة إلى البيان والتوضيح بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وليس بحاجة إلى أكثر تلبيس الذي يفتن العامة ولا يبين للناس الحق.
الثاني: إنه كان يدخلون على الناس الشبهات وزخرف القول.
كان الإمام أحمد يحذر الناس حذرا شديدا على حيل الجهمية وما يدخلون عليهم من الشبه وزخرف القول ونهاهم عن الدخول في علم الكلام لأن الناس الذي يدخل غي علم الكلام للرد عليهم ينهى عن استعمال عباراتهم لأنهم يلبسون بالألفاظ مجملة أو يخطؤون في استعمال عبارة "أن اللفظ بالقرآن غير مخلوق" فغلب عليهم المراد به.
ثالثا: أن هذه الفتة كانت طريقا يتستر بها الجهمية والمعتزلة وأتباعهم.
فإن فرحت طائفة من الجهمية بهذه المقالة؛ فقالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، ومنهم من قال: القرآن بألفاظنا مخلوق لأنها أخف شناعة عند العامة وأقرب إلى قبول العامّة من التصريح بقولهم بإن القرآن مخلوق.
رابعا: إنه سبب الكفر بين الأمة.
لقد اشتد تحذير العلماء من هذه الفتة إلى أن قال الإمام أحمد: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو كافر".
وقال عبد الله بن الإمام أحمد أنه سأل أبوه فقال: إن قوما يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة؟ فقال له: هم جهمية وهم شر ممن يقف".
خامسا: فيه إنكار على الوحي من الله المنزلة على رسوله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام.
فالذين يقولون أن القرآن مخلوق فإنهم يزعمون أن جبريل تكلم بمخلوق وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمخلوق. فإنهم ينكرون الوحي من الله, فعقابهم سوف يكون شديدة.
سادسا: الفتنة كان لها ذيوع وانتشار كثير في عصر الإمام أحمد وبعده بقرون، وقد اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل. و بلأسف كلههم يظنون أنهم على الصحيح.
كقول الشراك أنه قال: إن القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقا. فهذا الكلام يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
وكما قول الرجل الذي قال في القرأن: كلام الله ليس بمخلوق ولكن لفظي هذا به مخلوق؟
و الخلاصة ما نرى أنه سبب وقع الناس في البدع, وخالفوا منهج أهل السنة والجماعة, واختلاف بين أصحاب, وسبب الغلط على بعض أهل الحديث وسبب للشر العظيم في الأمة وسبب وقع كثيرا من الناس في الكفر.
س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
فسبب شهرة أبي الحسن الأشعري أنه كانت تحيك في نفسه أسئلة لا يجد لها جواباً شافياً فيتحيّر فيها، ويسأل الجبّائيَّ فلا يجد عنده ما يشفيه، حتى ناظره في مسائل انقطع عنها الجبّائيّ؛ وتبيّن للأشعري فساد قول المعتزلة، وأدرك أنّهم موّهوا على الناس وفتنوهم.
فأصابته حيرة شديدة احتبس بسببها عن الناس خمسة عشر يوماً، ثم دخل جامع البصرة يوم الجمعة واعتلى المنبر، وأعلن للناس توبته من الاعتزال، والتزامه قول أهل السنة؛ وعزمه على الانتصار لها، والردّ على المعتزلة، وكان قد امتلأ غيظاً من المعتزلة بسبب تمويههم على الناس بشبهات تبيّن له بطلانها وفسادها وقبح مؤدّاها، وضياع شطر من عمره في أباطيلهم.
لكنّه كان متبحّراً في علم الكلام، قليل البضاعة في علوم السنّة؛ بصيراً بعلل أقوال المعتزلة وتناقضهم وتهافت أقوالهم، وأعجبته طريقة ابن كلاب؛ لقربها من فهمه وإدراكه؛ وكان يرى أنّ ابن كلاب متكلّم أهل السنّة، والمحاجّ عنهم؛ فانتهج طريقته واستدرك عليه فيها، وزاد فيها، واجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده، وإفحامه لعدد من أكابرهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية؛ حتى أحرجهم وصار بعضهم يتجنّب المجالس التي يغشاها الأشعري؛ فعظّمه بعض الناس لذلك، وعدّوه منافحاً عن السنّة، مبطلا لقول خصوم أهل السنة من المعتزلة.
أما موقف أهل السنة منه فقد اختلف في شأنه أهل العلم؛ فمنهم من قال إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة، ومنهم من ذهب إلى أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يخل من أخطاء في تفاصيل مسائل الاعتقاد.
وعلى كلّ حال فإنّ أتباعه بقوا على طريقته الأولى، بل زادوا في أخذهم بالطرق الكلامية، ولم يزل الانحراف يزداد شيئاً فشيئا حتى عظمت الفتنة بالأشاعرة فيما بعد.
قال ابن تيمية: (ويوجد في كلام أبي الحسن من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذي أخذ أبو الحسن طريقَه، ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا يوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبراً صار في الأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل هذا هذا المآل؛ فالسعيد من لزم السنة)ا.هـ.
الحاصل أنهم أنكروا عليه طريقته.
س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟
س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟
س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟
س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟
1.الالتزام بعقيدة ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم من السلف الصالح في القرآن الكريم بلا زيادة ولا نقصان.
2.عدم الخوض في علم الكلام أو اعتباره كأداة استدلال في أمور الشريعة ؛ فيخطئ من حيث أراد أن يصيب وينحرف عن جادة الطريق وهو لا يعلم.