بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة
* الفوائد السلوكية المستخرجة من الآيات:
{فلينظر الإنسان مم خلق*خلق من ماء دافق*يخرج من بين الصلب والترائب}:
- التأمل والاعتبار والاستدلال وإعمال عبادة التفكر في الأنفس والملكوت، وكيف دارت دورة الإنسان الذي هو ابن الماء في الحياة، وهذا هو بعض ما لله في الإنسان، حتى يعلم أنّ من أنشأه قادر على إعادته وجزائه، ليستيقظ الكافر والعاصي ويزداد الذين آمنوا إيمانا، فيعمل ليوم الإعادة والجزاء، ويسلك مسالك الهدى، ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته أن يراه.
- إحياء عبادة التواضع والانكسار لله الصمد، وفي ذلك عِزُّ الإنسان وشرفُه، فمن تواضع لله رفعه، ومن عرف نفسه عرف ربه.
{إنه على رجعه لقادر}
- إعمار القلب بالإيمان واليقين بمن قدر على البداءة والإنشاء، قادر على الإعادة والإحياء مرة أخرى، وإلى الحياة بعد الموت، وإلى التجدد بعد البلى، وهو أهون عليه سبحانه وتقدس، فيأخذ نفسه بصالح الأعمال والأخلاق، ويعدل بها عن سبل الشر، فإن عين الرقيب لا تغفل عنه في حال من الأحوال، ثم إلى ربك المرجع والمآل.
{يوم تبلى السرائر}
- الاجتهاد والسعي في إصلاح طوية الإنسان، فصلاح العلانية تابع لصلاح السر، وأن تكون لك خبيئة بينك وبين خالقك حتى تجد يوم تكشف المكنونات، وترفع الحجب عما كان يخفيه الإنسان في دنياه من عقائد ونيات وغيرهما مايسره .
-------------------------------
§ قائمة المسائل:
المسائل التفسيرية:
· المقسم به. ك ، ش
· المراد بالطارق. ك ، س ، ش
· علة تسمية النجم بالطارق. ك ، س ، ش
· معنى الثاقب، ووصفه بذلك. ك ، س ، ش
· جواب القسم. س ، ش
· المراد بحافظ. ك ، س ، ش
· متعلق حافظ. ك ، س ، ش
{والسماء والطارق}
· المقسم به:
السماء والكواكب النيرة, ذكره ابن كثير والأشقر.
{وما أدراك مالطارق}
· المسألة الأولى: المراد بالطارق:
هو {النجم الثاقب} ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
· المسألة الثانية: علة تسمية النجم بالطارق:
سمّي النّجم طارقاً؛ لأنّه إنّمايُرى باللّيل ويختفي بالنّهار. قاله قتادة وغيره، أورده ابن كثير وذكره السعدي والأشقر.
واستدل ابن كثير بالحديث الصحيح: (نهى أن يطرقالرّجلُ أهلَه طروقاً). أي: يأتيهم فجأةً باللّيل، وفي الحديث الآخر المشتمل علىالدّعاء: (إلاّ طارقاً يطرق بخيرٍ يا رحمن).
{النجم الثاقب}
· معنى الثاقب، ووصفه بذلك:
للمفسرين في معنى الثاقب أقوال:
1: المضيء، قاله ابن عباس. أورده ابن كثير وذكره السعدي ووصفه بالذي يثقبُ نُورُهُ، فيخرقُ السماواتِ، والأشقر ووصفه كَأَنَّهُ يَخْتَرِقُبِشِدَّةٍ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ.
2: يثقب الشّياطين إذا أرسل عليها، قال به السدي. أورده ابن كثير.
3: مضيءٌ محرقٌ للشّيطان، وبه قال عكرمة. أورده ابن كثير.
4: وقيلَ:إنَّهُ زُحل،الذي يخرقُ السماواتِ السبعِ وينفذُ فيها، فيرى منهَا. أورده السعدي.
والأقوال متقاربة الدلالة فيكون مجموعها: الثاقب نجم مضيء يخرق السماوات وظلمتها من شدة نوره ويخرق الشياطين إذا أصابها فيحرقها. وهذا حاصل قول ابن عباس والسدي وعكرمة، ذكره ابن اكثير والسعدي والأشقر.
وقال السعدي: والصحيح أنَّهُ اسمُ جنسٍ يشملُ سائرَالنجومِ الثواقبِ.
{إن كل نفسٍ لمَّا عليها حافظٌ}
وفيها ثلاث مسائل:
· المسألة الأولى: جواب القسم:
قوله تعالى: {إن كل نفس لما عليها حافظ}. ذكره السعدي والأشقر.
· المسألة الثانية: المراد بالحافظ:
1: هو الله عز وجل. ذكره الأشقر.
2: هم الملائكة، ذكره ابن كثير مستدلا بطريق الإشارة بقوله تعالى: {له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وذكره السعدي والأشقر.
ولا تعارض، فحِفْظُ الْمَلائِكَةِمِنْ حِفْظِه الله تعالى؛ لأَنَّهُ بِأَمْرِهِ.
· المسألة الثالثة: متعلق حافظ:
1: الآفات، ذكره ابن كثيره مستدلا بقوله: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}.
2: الأعمال، ذكره السعدي والأشقر. ومعلوم بمجوع الأدلة أن الملائكة هم المسجلة والحافظة لأعمال بني آدم لعرضها يوم الجزاء.
--------------------------------------
§ تحرير أقوال المفسرين في المراد بقوله تعالى: {وشاهدٍ ومشهودٍ} :
تباينت أقوالُ المفسرين في المراد بالشاهد والمشهود، حيث بلغت اثنا عشر قولا:
القول الأول: شاهد: يوم الجمعة، ومشهود: يوم عرفة
الدليل: عن أبي هريرة -موقوفًا-وعلي –مرفوعا- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ({واليوم الموعود}: يوم القيامة،{وشاهدٍ}: يوم الجمعة، وما طلعت شمسٌ ولا غربت على يومٍ أفضل من يوم الجمعة، وفيهساعةٌ لا يوافيها عبدٌ مسلمٌ يسأل اللّه فيها خيراً إلاّ أعطاه إيّاه، ولا يستعيذفيها من شرٍّ إلاّ أعاذه، {ومشهودٍ}: يوم عرفة).
وعن أبي مالكٍ الأشعريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّهعليه وسلّم: ((اليوم الموعود: يوم القيامة، وإنّ الشّاهد: يوم الجمعة، وإنّالمشهود: يوم عرفة، ويوم الجمعة ذخره اللّه لنا)).
وعن سعيد بنالمسيّب –مرسلًا- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ سيّد الأيّام يومالجمعة، وهو الشّاهد، والمشهود يوم عرفة)).
وقال البغوي: عليه الأكثرون. أورده ابن كثير.
القول الثاني: الشّاهد: هو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمشهود: يوم القيامة. قاله ابن عبّاسٍ ثمّ قرأ: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ}. وبه قال الحسن والثوري، أورده ابن كثير.
الدليل: وعن سماكٍ قال: سأل رجلٌ الحسن بن عليٍّ عن: {وشاهدٍومشهودٍ}. قال: سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عمر وابن الزّبير فقالا: يومالذّبح ويوم الجمعة، فقال: لا. ولكنّ الشّاهد: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم. ثمّقرأ: {فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاءشهيداً}، والمشهود: يوم القيامة،ثمّ قرأ: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ}.
القول الثالث: الشّاهد: ابن آدم، والمشهود: يوم القيامة. قاله مجاهدٌ وعكرمةوالضّحّاك. أورده ابن كثير.
القول الرابع: الشّاهد: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمشهود: يوم الجمعة. قاله عكرمة أيضاً. أورده ابن كثير.
القول الخامس: الشّاهد: اللّه، والمشهود: يوم القيامة. قاله ابن عبّاس. أورده ابن كثير.
القول السادس: الشاهد: الإنسان. والمشهود: يوم الجمعة. قاله ابن عباس.
قال ابن جريرٍ: وقال آخرون: المشهود: يوم الجمعة،ورووا حديث أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((أكثروا عليّ من الصّلاة يوم الجمعة؛ فإنّه يومٌ مشهودٌ تشهدهالملائكة)). وأورده ابن كثير.
القول السابع: الشّاهد: يوم عرفة، والمشهود: يوم القيامة. قاله ابن عباس ومجاهد، وأورده ابن كثير.
القول الثامن: الشاهد: يوم الذّبح. والمشهود: يوم عرفة. قاله الثوري، وأورده ابن كثير.
القول التاسع: الشّاهد: اللّه. والمشهود: نحن. قاله سعيد بن جبيرٍ وتلا: {وكفى باللّه شهيداً}. حكاه البغويّ، وأورده ابن كثير.
القول العاشر:يشمل هذا كلَّ منِ اتصفَ بهذا الوصفِ أي: مُبصِر ومُبْصَر، وحاضِر ومحضورٍ، وراءٍومَرئي. ذكره السعدي.
القول الحادي عشر: الشَّاهِدِ: مَنْ يَشْهَدُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الخلائقِ، والمشهود: مَا يَشْهَدُ بِهِ الشَّاهِدُونَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ، مِن الجرائمِ الفظيعةِ الَّتِي فَعَلُوهَا بالشهودِ أَنْفُسِهِمْ،وَهُمْ كُلُّ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَمَا فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ. ذكره الأشقر.
القول الثاني عشر: الشاهدُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، يَشْهَدُ عَلَى كُلِّ عَامِلٍ بِمَا عَمِلَ فِيهِ، والمشهودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ، يَشْهَدُ النَّاسُ فِيهِ مَوْسِمَ الْحَجِّ، وَتَحْضُرُهُ الْمَلائِكَةُ. ذكره الأشقر.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين