المجموعة الأولى:
1: بيّن المقصد العام لرسالة ابن تيمية رحمه الله.
المقصد العام لرسالة ابن تيمية: بيان أفضلية الدين الإسلامي على غيره من الأديان.
2: هل يصحّ أن يقال إن الكفر والمعاصي واقعة باختيار الله؟
قبل الإجابة على هذا السؤال الملغوم، يجب أن يحتكم السائل إلى سؤاله من حيث مراده ومعناه، فنقول: قبل أن تسأل عن وقوع المعاصي هل هي باختيار الله أم لا، يجب أن تفسر معنى الاختيار هنا، هل هو الاختيار بمصطلح المتكلمين، والذي يراد به المشيئة والإرادة؟ أم الاختيار بالمعنى الذي تعرفه العرب وتعارف الناس عليه في القرآن والسنة، والذي يدل على الاصطفاء والمحبة، كقوله تعالى :(ولقد اخترناهم على علم على العالمين)؟ فإن كان المراد الثاني، فقطعا تكون الإجابة لا، إذ إن الله لا يرتضي الظلم وما قبح من العمل، أما إن كان المراد الأول، فتكون الإجابة نعم، إذ كل شيء يجري في هذا الكون تحت إرادة الله ومشيئته العامة :(وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ولا يقتضي ذلك أن حصول المعصية بإذن الله وتقديره رضاه به، بل حصوله تحت إذنه ومشيئته وعلمه، ولا يستحب استعمال مفردة الاختيار عند وصف حصول معصية من مخلوق، لما يدل عليه هذا اللفظ من الاستحباب والاستحسان والاصطفاء، وليس هذا مما ينطبق على المعصية حين تحصل تحت مشيئة الله وبإذنه العام لما سنه في هذا الكون من سنن قدرها لحكمة.
3: اذكر ما لاحظته من جوانب الإحسان والقوة العلمية في رسالة ابن القيّم رحمه الله، مع التمثيل.
لابن القيم أسلوب بديع في كتابة رسائله العلمية، ومن أبرز جوانب القوة في رسالته هذه عدة نقاط، نذكرها كالتالي:
أولا: نقله لأقوال السلف بتوسع، مما يثري الرسالة ويقدح في الذهن الاستنباطات من تلك النقولات والاستفادة منها، وهذا ملحوظ من بداية رسالته حين ذكر أقوال السلف في تفسير الآية.
ثانيا: بعد ذكر الأقوال يدلف إلى جمعها في ذهنه وتحليلها ومن ثم يخرج لك عصارة هذه الأقوال، فمن الأقوال ما يختلف معناها أو لفظها، لكنها تتفق في النتيجة، وتحليله لهذه الأقوال وفرزها في ذهنه ثم اقتصاره على الأقوال المتعارضة التي تختلف في مبناها ومنشئها ومرادها يدل على ما يملكه من ملكة نقدية وعقلية تحليلية، يستنتج بها الخلاصة ويفرز ما اختلف حقا في باطنه، لا مجرد الاختلاف الظاهري، وهذا يتضح من قوله: " وعلى الأول يكون {على علم} حالا من الفاعل ....." إلى ما ختم به توضيح الأقوال.
ثالثا: من نفس الاقتباس الذي ذكرت آنفا، يتبين لك معرفته للنحو والإعراب، وأهمية ذلك في معرفة منشأ الأقوال ومكمن اختلافها، وهذه ملكة ضرورية يحتاج إليها المفسر، لا سيما أنه يتعامل مع قرآن نزل بلغة العرب، ففهم ألفاظه وتفسيرها مبني على معرفة جيدة بتلك اللغة وقواعدها.
رابعا: "فانتظمت الآية - على هذا القول - إثبات القدر والحكمة..." في الاقتباس السابق يتبين لك حرصه على رفع الإشكالات وتبيين الشبه، وإزالة الإشكال لا سيما إذا كان يمس العقيدة أمر ليس بالهين في قدره، ويحتاج لذهن صاف لمعرفة مواطن الإشكال ومعالجتها معالجة صحيحة، وهذه مما اتضحت من خلال رسالته -رحمه الله-.
خامسا: من نفس الاقتباس السابق يتضح لك ربطه للتفسير بالعقيدة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على معرفته بالعقيدة وفهمه لأبرز مواضيعها، وهذا واضح بين في كل رسالته، فأخذه ورده على أهل الكلام وبيان شبههم ودحضها يدل على معرفة بينة بقولهم وبالأقوال المعارضة لهم، وهذا جانب قوة لأي مفسر إذ إن القرآن بلا شك يتقاطع بل هو منهل العقيدة وأمور الشريعة وأحكامها.
سادسا: "...فهو سبحانه أضله على علمه بأحواله التي تناسب ضلاله وتقتضيه وتستدعيه" من الاقتباس السابق يتبين لك ربطه كذلك لتفسير الآية بعلم الأسماء والصفات، وفهمه وتشربه لهذا الباب، إذ إن حسن تبريره لموضوع استشكل على غيره بربطه بعلم الله وحكمته فيه شفاء وجواب للباحث عن رفع الاستشكال.
سابعا: استشهاده بالآيات والدلائل التي تقوي قوله، وتبين تشابه معاني القرآن إذ لو وردت في آية بشكل صريح، فإنها ترد في الأخرى وتستنتج بمفهوم خطابها، وذلك كقوله: "كما قال:{فَمَنْ يُرِدِ اولَّه...".
ثامنا: سعة اطلاعه مع قوة ربطه لمتشابه الآيات في الدلالة أو المعنى، إذ أنه هنا: "ويشبه هذا إن لم يكن بعينه قوله: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا..." أتى بآيات أخر ليساند المعنى الذي أراد إيصاله في الآية التي قام بتفسيرها، وبهذا تقوى شوكة القول الذي يدعو إليه.
تاسعا:"وجوابه أن يقال: ما تعنون بالاختيار؟..." حسن فهمه لسؤال السائل، وعدم وقوعه في فخ الأسئلة المريبة التي توقعك في إجابة مشتبهة.
عاشرا: حسن محاجته للخصم، واستعمال أسلوب المجاراة وذلك كقوله :"فإن قيل" وهو ما يعرف بـ"الفنقلة" وهو أسلوب حسن في الأخذ والرد وتبيين الحجة وقطع الاستشكال.
هذا بعض ما تميز به في رسالته -رحمه الله-، ويلاحظ أن أبرز مقومات قوته توسعه، ومعرفته للأقوال، وسعة اطلاعه على أصناف من العلوم والتي تزيد من رجاحة قوله، وتثري بحثه، وتوسع من أفقه، وحسن استنباطه وما يملكه من ملكة عقلية في قوة الاستشهاد والنقد والاستنباط.
والحمدلله رب العالمين..