(أ)
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على أشرف الأولين والآخرين سيدنا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم باحسان الى يبوم الدين , أما بعد :
أثر وأهمية علم السلوك للمؤمن
علم السلوك من أنفع العلوم وأجلها ,وهو مدار اهتمام لأولي العلم قديما وحديثا .
, فبه يعرف المؤمن سلوك الطريق القويم والنهج السديد , الموصل الى رضا الله تعالى وجنة النعيم ,
فيعرف عوائق الطريق , واشواكه من مكائد الشياطيين بأنواعهم , وطغيان النفس وعللها , ومنه الكِبر الذي هو أشدها , والعٌجب والغرور الذي هو من نواتج الركون الى الدنيا .
وكيف يتعامل مع ذنوبه , او يتوب من المعاصي والآثام ويتبرأ الى لله تعالى منها , فبعلم السلوك يعرف المؤمن والمسلم كيف يسير في حياته .
2: اذكر بعضا من آثار المعاصي ومضارها على العبد. [ما لا يقل عن سبعة مضار]
"أحدها: عِلْمُ العبدِ بقُبْحِها ورذالتها ودناءتها، وأنَّ الله إنما حرَّمها ونهى عنها صيانةً وحمايةً عن الدنايا والرذائل، كما يَحْمِي الوالدُ الشفيق ولده عمَّا يضرُّه، وهذا السبب يحمِل العاقل على تركها ولو لم يُعَلَّقْ عليها وعيدٌ بالعذاب"
(فعلم العبد بدنو وسفلية مكانها ومكانتها وآثارها , مما يعينه على اجتنابها باذن الله تعالى .)
السبب الثاني: الحياءُ من الله سبحانه فإنَّ العبدَ متى علم بنظَرِه إليه ومقامه عليه، وأنَّه بمرأى منه ومسمع، وكان حَيِيًّا استحيا من ربّه أن يتعرَّضَ لمساخِطِه.
(ان يستحضر مراقبة الله تعالى له , وان يستحي من الله تعالى الذي لم يجعل معصيته في صالح عباده)
السبب الثالث: مراعاةُ نِعَمِهِ عليك وإحسانه إليك؛ فإنَّ الذنوب تزيلُ النِّعَم ولا بدَّ؛ فما أذنب عبدٌ ذنبا إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب ذلك الذنب؛ فإنْ تاب وراجعَ رجعتْ إليه أو مثلها، وإنْ أصرَّ لم ترجعْ إليه، ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة حتى تسلبه النِّعَمَ كلَّها، قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
(المعاصي هي من كفر النعم , والنعم ينبغي ان تٌحفَظ بالشكر لله تعالى )
وأعظم النِّعَم الإيمانُ، وذنب الزنا والسرقة وشرب الخمر وانتهاب النهبة يزيلها ويسلبها.
وقال بعض السلف: (أذنبتُ ذنباً فحُرِمْتُ قيام الليل سنة)
وقال آخر: (أذنبتُ ذنباً فحُرِمْتُ فهمَ القرآن).
وفي مثل هذا قيل:
إذا كنت في نعمةٍ فارْعَها ... فإنَّ المعاصِي تزيلُ النِّعَمْ
وبالجملة فإنَّ المعاصي نار النعم، تأكلُها كما تأكلُ النارُ الحطَبَ، عياذا بالله من زوال نعمته وتحوّل عافيته.
السبب الرابع: خوفُ الله وخشيةُ عقابه، وهذا إنما يثبت بتصديقه في وَعْدِهِ ووعيده، والإيمانِ به وبكتابه وبرسوله، وهذا السببُ يقوَى بالعلم واليقين، ويضعُفُ بضَعْفِهما، قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}
وقال بعض السلف: (كفى بخشية الله علماً، والاغترار بالله جهلا).
(فمن آمن بالله وانقاد لأوامره عليه أن يخشى عقابه وعذابه سبحانه , وان لا يوغل في الذنوب , ولا يسلك سبيل العصيان .)
السبب الخامس: محبة الله وهي أقوى الأسباب في الصبر عن مخالفته ومعاصيه؛ فإنَّ المحبَّ لِمَنْ يحبُّ مطيعُ، وكلما قَوِيَ سلطانُ المحبَّةِ في القلب كان اقتضاؤُه للطَّاعَةِ وترك المخالفة أقوى، وإنما تصدُرُ المعصيةُ والمخالفةُ من ضعف المحبَّةِ وسلطانِها، وَفَرْقٌ بينَ من يَحْمِلُه على ترك معصية سيِّدِه خوفُه من سَوْطِهِ وعقوبتِه، وبينَ من يحمِلُه على ذلك حبُّه لسيِّدِه، وفي هذا قال عمر: (نِعْمَ العبدُ صُهيبٌ! لو لم يَخَفِ الله لم يَعْصِهْ) يعني أنه لو لم يخفْ من الله لكان في قلبه من محبَّةِ الله وإجلاله ما يمنعه من معصيته؛ فالمحبُّ الصادق عليه رقيب من محبوبه يرعى قلبَه وجوارحه، وعلامةُ صِدْقِ المحبَّة شهودُ هذا الرقيبِ ودوامُه.
وههنا لطيفة يجب التنبُّه لها: وهي أن المحبَّة المجرَّدَةَ لا توجب هذا الأثر ما لم تقترن بإجلال المحبوب وتعظيمه؛ فإذا قارنها بالإجلال والتعظيم أوجبت هذا الحياء والطاعة، وإلا فالمحبة الخالية عنهما إنما توجب نوعَ أُنْسٍ وانبساطٍ وتذكُّرٍ واشتياق، ولهذا يتخلف عنها أثرها وموجبها، ويفتش العبد قلبَه فيرى نوعَ محبَّةٍ للهِ ولكن لا تحمله على ترك معاصيه، وسبب ذلك تجرّدها عن الإجلال والتعظيم فما عَمَرَ القلبَ شيء كالمحبة المقترنة بإجلال الله وتعظيمه، وتلك من أفضل مواهب الله لعبده أو أفضلها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
السبب السادس: شَرَفُ النفس وزكاؤها وفضلها وأنَفَتها وحميَّتُها أن تختارَ الأسبابَ التي تحطُّهَا وتَضَعُ من قَدرِها، وتخفض منزلتَها وتحقِّرُها، وتسوِّي بينها وبينَ السفلة.
(كلما اقتربت النفس من باريها وخالقها سبحانه وتعالى كلما ازدادَ شرفها وارتفع قدرها , وان لم يتبين ذلك لغيره من أهل الدنيا ,
ومن اقترابها منه ومحبته , اجتناب المعاصي .)
السبب السابع: قوَّةُ العلمِ بسوءِ عاقبةِ المعصيةِ وَقُبْحِ أثَرِها والضررِ الناشيء منها:من سواد الوجه، وظلمة القلب وضيقه وغمِّه، وحزنه وأَلَمِه وانحصاره، وشدَّةِ قَلَقِهِ واضطرابه، وتمزُّقِ شَمْلِه وضعفه عن مقاومة عدوه، وتَعَرِّيهِ من زينته، والحَيرَةِ في أمرِه، وتخلي وليِّه وناصِرِه عنه، وتولّي عدوِّه المبينِ له، وتواري العلمِ الذي كان مستعدّا له عنه، ونسيان ما كان حاصلا له أو ضعفه ولا بدّ، ومرضه الذي إذا استحكم به فهو الموت ولا بدّ؛ فإن الذنوب تميت القلوب.
(الشقاء المرافق للمعصية أشد وأنكى من اللذة العاجلة التي تصاحبها )
3: حُجُب قلب العبد عن ربه تنشأ من أربعة عناصر هي:
أ:....الدنيا والتعلق بها..........................................ويُحارب بـ..... الزهد فيها واخراجها من قلبه.......................................
ب: الشيطان............................................ويُحارب بـ....ترك الاستجابة لداعي الهوى الذي هو مفتاح للشيطان........................................
ج:.....الهوى.......................................ويُحارب بـ.........تحكيم الأمر المطلق والوقوف معه بحيث لا يبقى معه هوى فيما يفعله ويتركه...................................
د:...النفس..........................................ويُحارب بـ.......قوة الاخلاص للباري سبحانه وتعالى .....................................