5/1257 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قَوْماً قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ قَوْماً يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا؟ فقَالَ: ((سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قَوْماً قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ قَوْماً يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)؛ أَيْ: عِنْدَ ذَكَاتِهِ، ( أَمْ لا؟ فقَالَ: سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). تَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ: "إِنَّ قَوْماً حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ "، وَهِيَ هُنَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِ: " قَالَتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ "، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ زِيَادَةُ: " وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ "، وَالْحَدِيثُ قَدْ أُعِلَّ بِالإِرْسَالِ، وَلَيْسَ بِعِلَّةٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا عَرَفْتَ غَيْرَ مَرَّةٍ، سِيَّمَا وَقَدْ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ، وَلا يَتِمُّ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَلْزَمُ أَنْ يَعْلَمُوا التَّسْمِيَةَ فِيمَا يُجْلَبُ إلَى أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا مَا ذَبَحَهُ الأَعْرَابُ مِن الْمُسْلِمِينَ؛ لأَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا التَّسْمِيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لأَنَّ الْمُسْلِمَ لا يُظَنُّ بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلاَّ الْخَيْرُ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلافُ ذَلِكَ.
وَيَكُونُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ: ((سَمُّوا)) إلَخْ مِن الأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، وَهُوَ جَوَابُ السَّائِلِ بِغَيْرِ مَا يَتَرَقَّبُ، كَأَنَّهُ قالَ: الَّذِي يُهِمُّكُمْ أَنْتُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَتَأْكُلُوا مِنْهُ، وَهَذَا يُقَرِّرُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ، إلاَّ أَنْ نَحْمِلَ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّلامَةِ.
وَأَمَّا مَا اشْتُهِرَ مِنْ حَدِيثِ: ((الْمُؤْمِنُ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، سَمَّى أَمْ لَمْ يُسَمِّ))، وَإِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الإِحْيَاءِ: إنَّهُ صَحِيحٌ، فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: إنَّهُ مُنْكَرٌ، لا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَن الصَّلْتِ السَّدُوسِيِّ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلالٌ، ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ))، فَهُوَ مُرْسَلٌ، وَإِنْ كَانَ الصَّلْتُ ثِقَةً، فَالإِرْسَالُ عِلَّةٌ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقْبَل الْمَرَاسِيلَ. وَقَوْلُنَا فِيمَا تَقَدَّمَ: إنَّهُ لَيْسَ الإِرْسَالُ عِلَّةً، نُرِيدُ إذَا أَعَلُّوا بِهِ حَدِيثاً مَوْصُولاً، ثُمَّ جَاءَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى مُرْسَلاً.