المجموعة الثالثة:
س1: اذكر الأدلّة الدالة على بيان الله تعالى للقرآن.
من الأدلّة الدالة على بيان الله تعالى للقرآن ما يلى :
1- قوله تعالى : {إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه}
2- - قوله تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً} أي بيانا وتفصيلا، ومن ذلك بيان الله لما أنزل في القرآن.
3- قوله تعالى: {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين} مفصلا: أي مبينا.
4- قوله تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراطٍ مستقيمٍ}
5- قوله تعالى: {حم . والكتاب المبين} في مطلع سورتي الزخرف والدخان، وهذا إقسام من الله تعالى بالقرآن بصفة من أظهر صفاته وهو أنه قرآن مبين؛ يبين بعضه بعضاً، ويبين للناس بيانا مفصلا ما يحتاجون إليه ليهتدوا إلى صراط الله المستقيم وينالوا رضوانه وثوابه، ويسلموا من سخطه وعقابه.
س2: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم القرآن لأصحابه؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم القرآن لأصحابه وذلك عن طريق أمور :
الأول : حفظ ألفاظه .
الثانى : معرفة وتعلم وتعقل معاني القرآن .
الثالث :الإهتداء بالقرآن إلى إلى صراط الله المستقيم.
ومن الأدلة على ذلك :
· ما رواه البخارى في التاريخ الكبير وابن ماجه في سننه من حديث جندب بن عبد الله البجلي قال: « كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلَّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا».
· ما رواه الإمام أحمد وابن جرير الطبري وابن سعد في الطبقات عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات؛ فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل).
· فى الصحيحين من حديث مسروق بن الأجدع الهمداني قال: ذُكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو، فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود - فبدأ به -، وسالم، مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب».
س3: ما هي طرق الصحابة رضي الله عنهم في تعلم التفسير وتعليمه؟
كان للصحابة رضي الله عنهم عدة طرق في تعلم التفسير وتعليمه من أبرزها ما يلى :
1- طريقة الإقراء والتعليم ، ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة وابن جرير من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن) ، وما ذكره مالك في الموطّأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر «مكث على سورة البقرة، ثماني سنين يتعلمها».
2- طريقة القراءة والتفسير ، من ذلك ما رواه أبو عبيد وصححه ابن كثير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن مسعود: " أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرؤوا، وفسر لهم" ).
3- طريقة السؤال والجواب ، ومن أمثلة ذلك ما رواه ابن جرير من طريق الأسود بن هلالٍ المحاربي، قال: قال أبو بكرٍ: " ما تقولون في هذه الآية: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قال: فقالوا " ربنا الله ثم استقاموا من ذنبٍ، قال: فقال أبو بكرٍ: " لقد حملتم على غير المحمل، قالوا: ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إلهٍ غيره ".
4- طريقة التدارس والتذاكر ، ومن ذلك ما رواه مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).
5- تصحيح الخطأ الشائع في فهم الآية ، ومن أمثلة ذلك ما رواه الإمام أحمد عن قيس بن أبي حازم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب فقال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها الله: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا المنكر بينهم فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه".
6- الرد على من تأوّل تأولاً خاطئاً في القرآن ، ومن أمثلة ذلك ما رواه النسائى فى السنن الكبرى عن ابن عباسٍ، أن قدامة بن مظعونٍ، شرب الخمر بالبحرين فشهد عليه ثم سئل فأقر أنه شربه، فقال له عمر بن الخطاب: ما حملك على ذلك، فقال: لأن الله يقول: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناحٌ، فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا، وعملوا الصالحات}، وأنا منهم أي من المهاجرين الأولين، ومن أهل بدرٍ، وأهل أحدٍ، فقال: للقوم أجيبوا الرجل فسكتوا، فقال لابن عباسٍ: أجبه، فقال: إنما أنزلها عذرًا لمن شربها من الماضين قبل أن تحرم وأنزل: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ} من عمل الشيطان، حجةٌ على الباقين ثم سأل من عنده عن الحد فيها، فقال علي بن أبي طالبٍ: إنه إذا شرب هذي، وإذا هذي افترى فاجلدوه ثمانين).
7- الدعوة بالقرآن ، من ذلك ما رواه الحاكم فى مستدركه وصححه عن أبي وائل، قال: حججت أنا وصاحب لي، وابن عباس على الحج، فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها؛ فقال صاحبي: يا سبحان الله، ماذا يخرج من رأس هذا الرجل، لو سمعت هذا الترك لأسلمت).
8- مناظرة المخالفين وكشف شبههم ، كما في مناظرة ابن عباس للخوارج .
9- إجابة السائلين عن التفسير ، من ذلك ما رواه الامام أحمد فى فضائل الصحابة قال : قال عطاء بن أبي رباح: «ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس كانوا يجيئون أصحاب القرآن فيسألونه، ثم يجيء أهل العلم فيسألونه، ثم يجيء أصحاب الشعر فيسألونه»
10- الأجتهاد بالرأى ، وذلك مثل اجتهاد أبي بكر رضي الله عنه في تفسير الكلالة؛ فإنه قد روي عنه من طرق متعددة أنه قال: «إني قد رأيت في الكلالة رأيا، فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يكن خطأ فمني والشيطان، والله منه بريء؛ إن الكلالة ما خلا الولد والوالد»
س4: بيّن طبقات المفسرين في عصر التابعين.
يمكن تقسيم طبقات المفسرين في عصر التابعين إلى أربعة أقسام :
الأولى :طبقة أئمة أهل التفسير الذين جمعوا الرواية والدراية :وهؤلاء عامّتهم من الأئمة الثقات، وهم أكثر من يروى عنهم التفسير في كتب التفسير المسندة التي بين أيدينا، ولهم أقوال في التفسير ولهم مرويات عن الصحابة وعن كبار التابعين، على تفاضل بينهم في الرواية والدراية، ومن هؤلاء الأئمة ،محمد بن الحنفية، وعَبيدة السلماني ، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رجاء العطاردي، وسعيد بن المسيب،ومحمد بن سيرين، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومحمد بن المنكدر وغيرهم الكثير .
وأصحاب هذه الطبقة والتى تليها هم عماد علم التفسير في عصر التابعين.
الثانية : طبقة ثقات نقلة التفسير :وهم من الأئمة الذين رووا تفاسير الصحابة وكبار التابعين، وأدّوها كما سمعوها، ولا تكاد تُحفظ لهم أقوال في التفسير منسوبة إليهم إلا قليلاً، وإنما كانت أكثر عنايتهم بالتفسير روايته عمّن سبقهم، وكانت روايتهم مما يحتجّ به في الجملة ، ومن هؤلاء سعيد بن نمران، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وحسان بن فائد، وأربدة التميمي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري ، وغيرهم .
الثالثة :المفسّرون المتكلّم فيهم :هم الذين تنقل عنهم الأقوال في التفسير، ولهم مرويات فيه، وهم متكلّم فيهم عند أهل الحديث ، وكلام الأئمة النقّاد في أهل هذه الطبقة له أسباب منها ما يتعلّق بالعدالة كالاتهام بالكذب في حقّ بعضهم، ومنه ما يتعلّق بالضبط ككثرة الخطأ في مروياتهم وتحديث بعضهم عن المجاهيل وكثرة الإرسال والتدليس، أو روايتهم لبعض الأخبار المنكرة المخالفة لروايات الثقات .
وهذه الطبقة على ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : من يترجّح قبول مروياتهم بشرط عدم مخالفة الثقات، وتعتبر أقوالهم في التفسير، ومنهم: أبو صالح مولى أمّ هانئ، والسدي الكبير.
ومعنى اعتبار الأقوال في التفسير أن يُنظر فيها فإن كان لها وجه صحيح في الاستدلال قُبلت، وإن تبيّن فيها خطأ رُدَّت، وإن لم تُعرف صحتها ولم يتبيّن خطؤها فيتوقّف فيها وتجعل عهدتها على قائلها.
الصنف الثاني: من لا يحتجّ بهم إذا تفرّدوا في جانب المرويات لضعفهم، وتعتبر أقوالهم في التفسير، ومنهم: شهر بن حوشب، وعطية العوفي، وشرحبيل بن سعد المدني.
الصنف الثالث: المتروكون لاتّهامهم بالكذب أو غلوّهم في البدعة، ومنهم: الحارث بن عبد الله الهمداني، وجابر الجعفي.
الرابعة :طبقة ضعفاء النقلة:وهم الذين غلبت المناكير على مروياتهم، وكثرت أخطاؤهم في الرواية فحذّر منهم الأئمة النقّاد، وقد يكون منهم من هو صالح في نفسه لكنّه لا يقيم الحديث من كثرة ما يخطئ فيه، ويكون منهم من هو متّهم بالكذب؛ فهم ليسوا على درجة واحدة في الضعف، فمنهم من تعتبر روايته فتقبل بتعدد الطرق، ومنهم من لا تعتبر روايته.
- فمن الضعفاء الذين تُعتبر رواياتهم في التفسير إذا سلمت من النكارة والمخالفة: علي بن زيد بن جدعان، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعاصم بن عبيد الله العدوي.
- ومن المتروكين الذين لا تعتبر رواياتهم: أبان بن أبي عياش، ويزيد بن أبان الرقاشي، وعبد الله بن يزيد الدالاني، والأصبغ بن نباتة التميمي، وأبو هارون العبدي، وأبو المهزم التميمي.