9/703 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِن البَيْتِ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَّيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْهُ)؛ أَي: ابْنِ عَبَّاسٍ، (قَالَ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِن البَيْتِ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَّيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ). اعْلَمْ أَنَّ لِلْبَيْتِ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ:
الرُّكْنُ الأَسْوَدُ، ثُمَّ اليَمَانِيُّ، وَيُقَالُ لَهُمَا: اليَمَانِيَانِ؛ بِتَخْفِيفِ اليَاءِ، وَقَدْ تُشَدَّدُ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمَا: اليَمَانِيَانِ؛ تَغْلِيباً؛ كَالأَبَوَيْنِ وَالقَمَرَيْنِ. وَالرُّكْنَانِ الآخَرَانِ يُقَالُ لَهُمَا: الشَّامِيَّانِ. وَفِي الرُّكْنِ الأَسْوَدِ فَضِيلَتَانِ:
أَحَدُهما: كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وَالثَّانِيَةُ: كَوْنُهُ فِي الحَجَرِ.
وَأَمَّا اليَمَانِيُّ فَفِيهِ فَضِيلَةٌ: كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ.
وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ هَاتَيْنِ الفَضِيلَتَيْنِ؛ فَلِهَذَا خُصَّ الأَسْوَدُ بِسُنَّتَيِ التَّقْبِيلِ وَالاسْتِلامِ لِلْفَضِيلَتَيْنِ.
وَأَمَّا اليَمَانِيُّ فَيَسْتَلِمُهُ مَنْ يَطُوفُ وَلا يُقَبِّلُهُ؛ لأَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَاحِدَةً، وَاتَّفَقَت الأُمَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِلامِ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَّيْنِ، وَاتَّفَقَ الجَمَاهِيرُ عَلَى أَنَّهُ لا يَمْسَحُ الطَّائِفُ الرُّكْنَيْنِ الآخَرَيْنِ.
قَالَ القَاضِي: وَكَانَ فِيهِ -أَيْ: فِي اسْتِلامِ الرُّكْنَيْنِ الآخَرَيْنِ- خِلافٌ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَانْقَرَضَ الخِلافُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لا يُسْتَلَمَانِ، وَعَلَيْهِ حَدِيثُ البَابِ.