فصلٌ
(إذَا اسْتَوْفَى) المُطَلِّقُ (ما يَمْلِكُ من الطلاقِ)؛ بأنْ طَلَّقَ الحُرُّ ثلاثاً, والعبدُ اثْنَتَيْنِ, (حَرُمَتْ عليهِ حتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ) غيرُه بِنِكَاحٍ صحيحٍ؛ لقولِهِ تعالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}. بعدَ قولِهِ: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ}. (في قُبُلٍ)، فلا يَكْفِي العَقْدُ ولا الخَلْوَةُ ولا المباشرةُ, دونَ الفَرْجِ، ولا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الزوجِ الثانِي، فيَكْفِي (ولو) كانَ (مُرَاهِقاً), أو لم يَبْلُغْ عَشْراً؛ لِعُمُومِ ما سَبَقَ، (ويَكْفِي) في حِلِّها لِمُطَلِّقِها ثلاثاً, (تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ) كلِّها مِن الزوجِ الثاني، (أو قَدْرِها معَ جَبٍّ)؛ أي: قَطْعِ الحَشَفَةِ؛ لِحُصُولِ ذَوْقِ العُسَيْلَةِ بذلكَ (في فَرْجِها)؛ أي: قُبُلِها (معَ انْتِشَارٍ، وإنْ لم يُنْزِلْ)؛ لِوُجُودِ حقيقةِ الوَطْءِ، (ولا تَحِلُّ) المُطَلَّقَةُ ثلاثاً (بِوَطْءِ دُبُرٍ, و) وَطْءِ (شُبْهَةٍ, و) وَطْءٍ في (مِلْكِ يَمِينٍ, و) وَطْءٍ في (نِكاحٍ فاسدٍ)؛ لقولِهِ تعالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}.
(ولا) تَحِلُّ بِوَطْءٍ (في حَيْضٍ ونِفَاسٍ وإحرامٍ وصِيَامِ فَرْضٍ)؛ لأنَّ التحريمَ في هذهِ الصورِ المَعْنِيِّ فيها لِحَقِّ اللهِ تعالَى، وتَحِلُّ بِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ لِمَرَضٍ أو ضِيقِ وَقْتِ صلاةٍ أو في مَسْجِدٍ ونحوِهِ، (ومَنِ ادَّعَتْ مُطَلَّقَتُه المُحَرَّمَةُ)- وهي المُطَلَّقَةُ ثلاثاً (وقد غَابَتْ) عنه- (نِكَاحَ مَن أَحَلَّها) بِوَطْئِهِ إِيَّاها، (و) ادَّعَتِ (انْقِضَاءَ عِدَّتِها مِنه)؛ أي: مِن الزوجِ الثانِي، (فله)؛ أي: للأوَّلِ (نِكَاحُها إنْ صَدَّقَها) فيما ادَّعَتْهُ، (وأَمْكَنَ) ذلكَ؛ بأنْ مَضَى زَمَنٌ يَتَّسِعُ له؛ لأنَّها مُؤْتَمَنَةٌ على نفسِها.