18-{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} أيْ: وأُوحِيَ إليَّ أنَّ المساجِدَ مُخْتَصَّةٌ باللهِ. قالَ سعيدٌ: قالتِ الْجِنُّ: كيف لنا أنْ نَأتيَ المساجِدَ ونَشهدَ معك الصلاةَ ونحن نَاؤُونَ عنك؟ فنَزلتْ. وقيلَ: المساجدُ كلُّ البِقاعِ؛ لأن الأرضَ كلَّها مَسْجِدٌ.
{فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} أيْ: لا تَطْلُبوا العونَ فيما لا يَقْدِرُ عليه إلا اللهُ، مِن أحَدٍ مِن خَلْقِه, كائناً ما كان، فإنَّ الدعاءَ عِبادةٌ.
19- {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ} وهو النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ, {يَدْعُوهُ} أيْ: يَدْعُو اللهَ ويَعْبُدُه، وذلك ببَطْنِ نَخلةَ كما تَقَدَّمَ.
{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أيْ: كادَ الجنُّ يَكونونَ على رسولِ اللهِ لِبَداً متراكمينَ، مِن ازدحامِهم عليه لسماعِ القرآنِ منه. وقيلَ: المرادُ: تَلَبَّدَتِ الإنسُ والجنُّ، على هذا الأمْرِ ليُطْفِئُوهُ, فأَبَى اللهُ إلا أنْ يَنْصُرَه ويُتِمَّ نُورَه.
20-{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُوا رَبِّي} وأَعْبُدُه، {وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} مِن خَلْقِه. سببُ نزولِها أنَّ كُفَّارَ قُريشٍ قالوا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: إنك جِئتَ بأمْرٍ عظيمٍ، وقد عادَيْتَ الناسَ كلَّهم، فارجِعْ عن هذا فنحن نُجِيرُكَ.
21-{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} أيْ: لا أَقْدِرُ أنْ أَدْفَعَ عنكم ضَرًّا ولا أَسُوقَ إليكم خَيْراً في الدنيا أو الدِّينِ.
22-{قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} أيْ: لا يَدفَعُ عَنِّي أحَدٌ عذابَه إنْ أَنْزَلَه بي.
{وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أيْ: مَلجأً ومَعْدِلا ًوحِرْزاً.
23-{إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} أيْ: إلاَّ أنْ أُبَلِّغَ عن اللهِ وأعمَلَ برِسالاتِه، فآخُذَ نفْسِي بما آمُرُ به غَيْرِي، فإنْ فَعلتُ ذلك نَجوتُ، وإلا هَلَكْتُ.
24-{فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا} جُنداً يَنْتَصِرُ به، {وَأَقَلُّ عَدَداً} أَهُمْ أَمِ المؤمنونَ.