(وَالْأُصُولِيُّ) أَيْ الْمَرْءُ الْمَنْسُوبُ إلَىالْأُصُولِ أَيْ الْمُلْتَبِسُ بِهِ (الْعَارِفُ بِهَا) أَيْ بِدَلَائِل الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةِ (وَبِطُرُقِ اسْتِفَادَتِهَا) يَعْنِي الْمُرَجِّحَاتِ الْمَذْكُورِ مُعْظَمُهَا فِي الْكِتَابِ السَّادِسِ (وَ) بِطُرُقِ (مُسْتَفِيدِهَا) يَعْنِي صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ السَّابِعِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِشُرُوطِ الِاجْتِهَادِ وَبِالْمُرْجِحَاتِ أَيْ بِمَعْرِفَتِهَا تُسْتَفَادُ دَلَائِلُ الْفِقْهِ أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ دَلَائِلِهِ التَّفْصِيلِيَّةِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا وَبِصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ أَيْ بِقِيَامِهَا بِالْمَرْءِ يَكُونُ مُسْتَفِيدًا لِتِلْكَ الدَّلَائِلِ أَيْ أَهْلًا لِاسْتِفَادَتِهَا بِالْمُرَجِّحَاتِفَيَسْتَفِيدُ الْأَحْكَامَ مِنْهَا وَلِتَوَقُّفِ اسْتِفَادَةِ الْأَحْكَامِ مِنْهَا الَّتِي هِيَ الْفِقْهُ عَلَى الْمُرَجِّحَاتِ.وَصِفَاتُ الْمُجْتَهِدِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ ذَكَرُوهَا فِي تَعْرِيفِي الْأُصُولِ الْمَوْضُوعِ لِبَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْفِقْهُ مِنْ أَدِلَّتِهِ لَكِنَّ الْإِجْمَالِيَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ دُونَ التَّفْصِيلِيَّةِ لِكَثْرَتِهَا جِدًّا وَمِنْ الْمُرَجِّحَاتِ صِفَاتُ الْمُجْتَهِدِ وَأَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ كَمَا عَلِمْت لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأُصُولِ وَإِنَّمَا تُذْكَرُ فِي كُتُبِهِ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَتِهِ عَلَى مَعْرِفَتِهَا ; لِأَنَّهَا طَرِيقٌ إلَيْهِ قَالَ وَذِكْرُهَا حِينَئِذٍ فِي تَعْرِيفِ الْأُصُولِيِّ كَذِكْرِهِمْ فِي تَعْرِيفِ الْفَقِيهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْفِقْهُ مِنْ شُرُوطِ الِاجْتِهَادِ حَيْثُ قَالُوا الْفَقِيهُ الْمُجْتَهِدُ وَهُوَ ذُو الدَّرَجَةِ الْوُسْطَى عَرَبِيَّةً وَأُصُولًا إلَى آخِرِ صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ وَمَا قَالُوا الْفَقِيهُ الْعَالِمُ بِالْأَحْكَامِ هَذَا كَلَامُهُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ فِي أَنَّ الْمُرَجِّحَاتِ وَصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ طَرِيقٌ لِلدَّلَائِلِ الْإِجْمَالِيَّةِ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ كَمَا قَالَ مِنْ إسْقَاطِهَا مِنْ تَعْرِيفَيْ الْأُصُولِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ بِأَنَّهَا طَرِيقٌ لِلدَّلَائِلِ التَّفْصِيلِيَّةِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ سَرَى إلَيْهِ مِنْ كَوْنِ التَّفْصِيلِيَّةِ جُزْئِيَّاتِ الْإِجْمَالِيَّةِ وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ تَوَقُّفَ التَّفْصِيلِيَّةِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهَا الْمُفِيدُ لِلْأَحْكَامِ عَلَى أَنَّ تَوَقُّفَهَا عَلَى صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهَا لِلْمَرْءِ لَا مَعْرِفَتِهَا.
وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُسَمَّى الْأُصُولِيِّ مَعْرِفَتُهَا لَا حُصُولُهَا كَمَا تَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ. وَبِالْجُمْلَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّ مَعْرِفَةَ الدَّلَائِلِ الْإِجْمَالِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ وَصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ الْمَعْقُودِ لَهَا الْكِتَابَانِ الْبَاقِيَانِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْأُصُولِ فَالصَّوَابُ مَا صَنَعُوا مِنْ ذِكْرِهَا فِي تَعْرِيفَيْهِ كَأَنْ يُقَالَ أُصُولُ الْفِقْهِ دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ وَطُرُقُ اسْتِفَادَةِ وَمُسْتَفِيدِ جُزْئِيَّاتِهَا وَقِيلَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْرِيفِ الْأُصُولِيِّ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الْمُتَقَدِّمُ: الْفَقِيهُ: الْمُجْتَهِدُ، وَكَذَا عَكْسُهُ الْآتِي فِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ فَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ الْمَاصَدَقَ أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ هُوَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ وَالْعَكْسُ لَا بَيَانُ الْمَفْهُومِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلُ فِي التَّعْرِيفِ ; لِأَنَّ مَفْهُومَهُمَا مُخْتَلِفٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ تَعْرِيفَيْ الْفِقْهِ وَالِاجْتِهَادِ فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ مَا قَالُوا الْفَقِيهُ الْعَالِمُ بِالْأَحْكَامِ أَيْ إلَخْ لِذَلِكَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَهُ تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا.