تمهيد:
من أصول التفسير البياني المعينة على فهم القرآن معرفة دلائل تراكيب الجمل؛ فتراكيب الجمل الاسمية والفعلية وما فيها من إضافة وقلب، وتقديم وتأخير، وتعريف وتنكير، وذكر وحذف، وفصل ووصل، وإضمار وإظهار، وإيجاز وإطناب، والتفات وإضراب، وحمل على اللفظ وحمل على المعنى، وغير ذلك من مباحث تراكيب الجمل في القرآن لها دلائلها البديعة الباهرة، التي تدلّ مَن وقف عليها وتفطّن لها على عظمة هذا القرآن وإعجاز بيانه.
وهذه المباحث مع ما تقدّم من دلائل المفردات وما يأتي من دلالات الأساليب هي قطب رحى التفسير البياني، وميدان فرسانه، يصولون فيه ويجولون، ويبحثون وينقّبون، ويُعيدون ويُبدئون ليستخرجوا من كنوز القرآن وبدائع معانيه ولطائف دلائله ما لا ينقضي كثرة، ولا يخلق بالتكرار، ولا تزيده المدارسة إلا تجدداً واستنارة.
وإحكام طالب العلم معرفةَ أصول هذه المباحث، واطّلاعه على قدر كافٍ من أقوال أهل العلم فيها، وتدرّبه على بحث مسائلها، ومحاكاة أمثلتها بإشراف علمي من أعظم ما يعينه على سلوك سبيل التمكّن في هذا العلم الجليل، وهو باب واسع لاستخراج الفوائد القرآنية، والأوجه التفسيرية، ومن فُتح له في هذا الباب أمكنه أن يستخرج من الآية الواحدة جملة من الفوائد العجيبة.
وسأذكر – بعون الله تعالى - خلاصات نافعة لبعض هذه المباحث مقرونة بأمثلتها يكتسبُ بها الطالب تصوّرَ المراد، وتُطَرِّقُ له السبيل إلى محاكاة تلك الأمثلة، والله المستعان، وبه التوفيق.