الْمَنسوبونَ إلَى خِلافِ الظاهِرِ
(945) ونَسَبُوا لعَارِضٍ كالْبَدْرِي نَزَلَ بَدْراً عُقْبَةَ بنِ عَمْرِو
(946) كذلكَ التَّيْمِي سُليمانُ نَزَلْ تَيْمًا، وخالِدٌ بحذَّاءٍ جَعَلْ
(947) جَلوسَهُ، ومِقْسَمٌ لَمَّا لَزِمْ مَجْلِسَ عبدِ اللَّهِ مَولاهُ وُسِمْ
قد يُنْسَبُ الراوي إلَى نِسبةٍ مِن مَكانٍ أو وَقْعَةٍ بهِ أو قَبيلةٍ أو صَنْعَةٍ وليْسَ الظاهِرُ الذي يَسْبِقُ إلَى الفهْمِ مِن تلك النِّسبةِ مُراداً بل لعارِضٍ عَرَضَ مِن نُزولِهِ ذلك المكانَ أو تلك القبيلةَ، أو نحوِ ذلك، ومثالُهُ: أبو مسعودٍ البدريُّ واسْمُهُ عُقبةُ بنُ عَمْرٍو الأنصاريُّ الْخَزْرَجِيُّ صاحبُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فإنه لم يَشْهَدْ بَدْراً في قولِ أكثَرِ أهْلِ العلْمِ، وهو قولُ ابنِ شِهابٍ ومُحَمَّدِ بنِ إسحاقَ والواقديِّ ويحيَى بنِ مَعِينٍ وإبراهيمَ الحربيِّ، وبه جَزَمَ السَّمْعَانِيُّ.
وأمَّا البُخارِيُّ فعَدَّهُ في الصحيحِ ممن شَهِدَ بَدْراً وروَى في صحيحِهِ حديثَ عُروةَ بنِ الزُّبيرِ: " أخَّرَ الْمُغيرةُ بنُ شُعبةَ العصْرَ وهو أميرُ الكوفةِ، فدَخَلَ عليه أبو مسعودٍ عُقبةُ بنُ عمرٍو الأنصاريُّ جَدُّ زَيْدِ بنِ حسَنٍ شَهِدَ بَدْراً... " الحديثَ.
وقالَ شُعْبَةُ عن الحكْمُ: كان أبو مسعودٍ بَدْرِيًّا.
وقالَ مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ: شَهِدَ أُحُداً وما بعدَها ولم يَشهدْ بَدْراً. قالَ: وليسَ بينَ أصحابِنا في ذلك اختلافٌ.
وقالَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ: لا يَصِحُّ شُهودُهُ بَدْراً. انتهَى
وذكَرَ إبراهيمُ الحربيُّ أنه إنما نُسِبَ لذلك لأنه كان سَاكِناً ببَدْرٍ، وقد شَهِدَ العَقبةَ مع السبعينَ، وكان أصْغَرَ مَن شَهِدَها.
ومِن ذلك سليمانُ بنُ طُرخانَ التيميُّ أبو الْمُعْتَمِرِ، قالَ البخاريُّ في التاريخِ: يُعْرَفُ بالتَّيْمِيِّ، كان يَنزِلُ بني تَيْمٍ وهو مولَى ابنِ مُرَّةَ، وروَى السمعانيُّ أنَّ ابنَهُ المعتَمِرَ قالَ لهُ: يا أبتِ تَكْتُبُ" التيْمِيَّ" ولستَ بالتَّيْمِيِّ؟ قالَ: تَيْمِيُّ الدارِ.
وروَى الأَصْمَعِيُّ عن ابنِهِ الْمُعْتَمِرِ قالَ: قالَ أبي: إذا كتبْتَ فلا تكتُب" التيميَّ" ولا تكتُب" الْمُرِّيَّ" فإنَّ أبي كان مُكَاتِباً لبُجيرِ بنِ حُمرانَ، وإنَّ أمي كانت مَولاةً لبني سُليمٍ، فإن كان أدَّى الكتابةَ فالولاءُ لبَنِي مُرَّةَ وهو مُرَّةُ بنُ عَبَّادِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ قيسٍ، فاكتُب" القَيْسِيَّ" ، وإنْ لم يكنْ أدَّى الكتابةَ فالولاءُ لبني سُليمٍ وهم مِن قَيْسِ عِيلانَ، فاكتُب" القَيْسِيَّ" .
ومِن ذلك: أبو عمرٍو الأوزاعيُّ، وفيروزٌ الْحِمْيَرِيُّ، وإبراهيمُ بنُ يَزيدَ الْخُوزِيُّ، وأبو خالِدٍ الدَّالانيُّ، وعبدُ الملِكِ بنُ سُليمانَ العَرْذَمِيُّ، ومُحَمَّدُ بنُ سِنانٍ العَوَقِيُّ بالقافِ وفتْحِ الواوِ، وأبو سعيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وإسماعيلُ بنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، نزَلَ كلٌّ منهم فيما نُسِبَ إليه.
ومِن ذلك: أحمدُ بنُ يوسفَ السُّلَمِيُّ شيخُ مسْلِمٍ، كانت أمُّهُ منهم وحفيدُهُ أبو عمرِو بنُ نُجيدٍ، وأبو عبدِ الرحمنِ السُّلَمِيُّ سَبْطُ ابنِ نُجيدٍ المذكورِ، وقريبٌ مِن ذلك خالدٌ الْحَذَّاءُ وهو خالِدُ بنُ مِهرانَ، واختُلِفَ في سببِ انتسابِهِ لذلك فقالَ يَزيدُ بنُ هارونَ فيما حكاهُ البخاريُّ في (التاريخِ): ما حَذَا نَعْلاً قطُّ إنما كان يَجلِسُ إلَى حَذَّاءٍ فنُسِبَ إليهِ.
وكذلك قالَ مُحَمَّدُ بنُ سعْدٍ: لم يكنْ بحَذَّاءٍ، ولكنْ كان يَجْلِسُ إليهم.
قالَ: وقالَ فهْدُ بنُ حَيَّانَ: لم يَحْذُ خالِدٌ قطُّ، وإنما كان يقولُ: احْذُ علَى هذا النحوِ، فلُقِّبَ الْحَذَّاءَ.
وقَريبٌ منه أيضاً مِقْسَمٌ مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ هو مولَى عبدِ اللَّهِ بنِ الحارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، قالَهُ البُخاريُّ وغيرُهُ، وقيلَ له: مولَى ابنِ عبَّاسٍ للزومِهِ لهُ، ومِن ذلك يَزيدُ الفقيرُ كانَ يَشكُو فِقَارَ ظَهْرِهِ.