المجموعة الرابعة:
س1: بين عقيدة أهل السنة والجماعة في ولاة الأمور.
(قال شيخ الإسلام حمه الله :(وَيَرَوْنَ إِقامَةَ الحَجِّ والجِهَادِ والجُمَعِ والأعْيادِ معَ الأمَراءِ أَبْراراً كانُوا أَو فُجَّاراً)
فعقيدة أهل السنة والجماعة في ولاة الأمور هي:
- السمع والطاعة لولاة الأمور برهم وفاجرهم ما أمروا بطاعة , فإن امروا بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}
قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود :(نَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُوراً تُنْكِرُونَهَا)، قالوا: فما تأمُرُنا؟ قال: (تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ).
- إقامة الحج معهم , والأعياد والجمع معهم , والصلاة خلفهم مهما كانت حالهم ما لم يكفروا كفرا بواحا , وقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- عن أمراء يأخرون الصلاة عن وقتها , ومع ذلك قال لصحابه:(صَلُّوا الصَّلاة لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلاتكُمْ مَعَهُ نَافِلَة).
- الجهاد معهم , قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه أبو هريرة :(الجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَراًّ كَانَ أَوْ فَاجِراً) رواه ابو داود.
- عدم منابذتهم أو الخروج عليهم , ولو ظلموا وجاروا , ولو كانوا فساقا , جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه :(إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِياً مُجْدَعَ الأَطْرَافِ).
وقال عليه الصلاة والسلام- فيما رواه مسلم:(مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) , وقال (مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً).
وغيرها الكثير من النصوص التي تمنع الخروج على ولاة الأمور , وإنما كان ذلك حرصا على اجتماع الكلمة وعدم الافتراق , وهذا مما خالف فيه النبي عليه الصلاة والسلام اهل الجاهلية , كذلك حفظا للدماء والأعراض والأموال , ولما في وجوده من إقامة أمر الدنيا والدين , وتحقيق مصالح العباد .
وقد جاء عن علي رضي الله عنه قوله: إنَّ النَّاسَ لا يُصلِحُهم إلاَّ إمامٌ بَرٌّ أو فاجِرٌ، إنْ كان فاجِراً عَبَدَ المؤمنُ رَبَّه، وحُمِلَ الفاجِرُ فيها إلى أجَلِه.
وقال بعضهم :(سِتُّونَ سنةً مع إمامٍ جائرٍ خيرٌ من ليلةٍ واحدةٍ بلا إمامٍ).
- الحرص على نصحهم كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث :(الدين النصيحة ) ومنه قوله ( لعامة المسلمين وخاصتهم) , والتزام الضوابط الشرعية في هذا , ومناصحة الأمير الأصل فيها أن تكون سرا منعا لإثارة الفتن .
س2: هل تقدم عائشة رضي الله عنها على خديجة رضي الله عنها في الفضل؟
ذهب بعض أهل العلم إلى تفضيل عائشة رضب الله عنها على سائر نساء النبي-عليه الصلاة والسلام- لماجا جاء في الحديث المتفق عليه من قول النبي-عليه الصلاة والسلام-(كَمُلَ مِنَ الرجالِ كَثِير وَلَم يَكمل مِنَ النِّساءِ إِلا مَرْيَمُ بَنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضل عَائِشَةَ عَلَى النسَاءِ كَفَضلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطعَامِ) فقد دل الحديث على فضل عائشة رضي الله عنها ،
وقال بعض أهل العلم كالموفق وابن حجر أن الحديث ليس صريحا في تفضيل عائشة -رضي الله عنها- وقالوا بأن خديجة-رضي الله عنها- أفضل من عائشة .
والصواب عدم التفضيل والاعتراف بالفضل لكليهما وما اختصت به كل منهما عن الأخرى .
فخديجةُ -رضي الله عنها- بان فضلها في أول الإسلام , فهي أول من آمن به مطلقا , وقد قامت بنصرة النبي-عليه الصلاة والسلام- وبذل المال والعون والمساندة في سبيل نصرته وتثبيته , وهذا الفضل مما لا يمكن لأي شخص أن يتحصل عليه .
كما إنها أم أغلب أولاده , وكانت الوحيدة التي تغار منها عائشة رضي الله عنهما- لمكانتها من النبي عليه الصلاة والسلام.
وعائشة كان لها الفضل والسبق في نشر العلم الذي أخذته عن النبي عليه الصلاة والسلام , فقد كانت أفقه النساء , حتى كان بعض أكابر الصحابة يستفتونها ويأخذون العلم عنها إن أشكل عليهم شيئا , وقد ثبت بأنها أحب النساء إلى النبي عليه الصلاة والسلام, فقد جاء في الصحيحِ عن عمرِو بنِ العاصِ, قال: قلت: يا رسولَ اللَّهِ، أيُّ النساءِ أحب إليكَ؟ قال: (عائشة)...الحديث.
س3: هل الصحابة تغفر ذنوبهم؟
أهل السنة والجماعة لا يعتقدون عصمة أحد غير النبي-عليه الصلاة والسلام- ولا يدعون عصمة الصحابة من الكبائر , لكن الله سبحانه وعد بالمغفرة وتكفير السيئات لمن تاب أو لمن حصل له ما يحصل من مكفرات الذنوب.
والصحابة-رضوان الله عليهم- هم أولى الناس بذلك لما لهم من سبق في التصديق والإيمان والجهاد والنصرة , ولما لهم من شرف الصحبة التي لا يدركها غيرهم, مع اختلاف درجاتهم وتفاضلهم , لكن لهم من أسباب المغفرة ومحو الشيئات أعظم نصيب , والله يحب التوابين ويحب المتطهرين , ولقد جاء عن النبي-عليه الصلاة والسلام- قوله في حاطب بن أبي بلتعة : (فقد غُفِرَ له الذَّنْبُ العظيمُ بِشُهودِه بدراً) , وقال عن عثمان لما جهز جيش العسرة:(مَا ضَر عثمَان مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ), وقال :(لاَ يَدخل النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)، وقال في أصحابه :(لاَ يُدْرِكَنَّ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ صَاعَكُمْ وَلاَ مُدَّكُمْ), وقال:((خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)), وقال تعالى فيهم: {وَكُـلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} , وقال عن الرماة الذين عصوا الأمر في أحد:{وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ} .
وقد قال عليه الصلاة والسلام:(التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ) , فمن تاب تاب الله عليهم , وهم أكثر الناس امتثالا لأمر الله .
وقال:(اتبع السيئة الحسنة تمحوها) فهم -رضي الله عنهم- لهم من الحسنات الكثيرة التي لا يدركها غيرهم ما يمحو الله به ما صدر عنهم .
كذلك ما حصل لهم من كروب وابتلاءات يكفر الله بها عنهم , كما قال عليه الصلاة والسلام:(مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبْ وَلاَ غَمٍّ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ).
وغيرها من المكفرات التي تزيل الذنب وأثره , ويغفر الله بها لعبده.
أما الأمور التي اجتهدوا فيها , فمن أصاب منهم فلها أجرين , ومن أخطأ فله أجر واحد , كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام:(إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ).
س4: عرف البدعة مع بيان أقسامها.
البدعة لغة : ما عمل على غير مثال سابق.
البدعة اصطلاحا: تعبد الله بما لم يشرع , أو يقال هي ما لم يدل عليه دليل شرعي.
أقسام البدع:
بدع اعتقادية : وتشمل الاعتقادات المخالفة لما جاء به النبي عليه الصلاة السلام , كقول الجبرية , وقول القدرية النفاة , وغيرهم مما يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام:(سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثِلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةٌ) قالوا: مَن هي يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: (مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي).
بدع عملية: وهي عبادة الله بما لم يشرع , فمن خالف هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- وتعبد الله بما لم يشرع , أو حرم حلالا أو أحل حراما : فهو مبتدع .
وليست جميع البدع على درجة واحدة , فهناك بدع مكفرة وهناك بدع مفسقة , وهناك بدع هي من جنس الصغائر.
س5: دلل على أن أهل السنة والجماعة يدينون بالنصيحة للأمة.
جاء في حديث تميم الداري من قول النبي عليه الصلاة والسلام:(الدين النصيحة) قالها ثلاثا , فلما سالو لمن؟ قال :(لِلَّهِ ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلِمِينَ وعامتهم).
فهذا الحديث فيه حصر للدين في النصيحة لما يترتب عليها من قيام مصالح الدين وتحقيقها.
وقال أيضا:( إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له).
وقال :( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).