أبدأ مستعينة بالله تعالى الإجابة على المجموعة الثانية.
أولا الفوائد السلوكية لسورة الزلزلة :
(بسم الله الرحمان الرحيم. إذا زلزلت الأرض زلزالها . و أخرجت الأرض أثقالها . و قال الإنسان ما لها)
- الإيمان بيوم البعث و ما سيقع فيه من أهوال عظام، و العمل لذلك اليوم.
- معرفة الله تعالى بأسمائه و صفاته الدالة على قدرته كالقهار القدير القوي، و أنه سبحانه لا يعجزه شيء، و التعبد لله تعالى بها.
([color="rgb(255, 140, 0)"]يومئذ تحدث أخبارها . بأن ربك أوحى لها[/color])
- الإيمان الجازم بتصرف الله تعالى المطلق في مُلكه و مِلكه، و انصياع جميع المخلوقات لأوامره سبحانه .
[color="rgb(255, 140, 0)"](يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره[/color]):
- الإستعداد للوقوف بين يدي الواحد القهار، و الحياء منه سبحانه أن يقره بمعاصيه .
-امتناع الظلم في حق الله تعالى، و محاسبته لعباده عن كل صغيرة و كبيرة.. فلا يستهن أحد بطاعة و لو صغرت و لا يحقرن أحد صغائر الذنوب.
1- فسر قوله تعالى :
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} البينة.
([color="rgb(255, 140, 0)"]و ما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة[/color]) : أي أن أهل الكتب المنزلة على الأمم من قبلنا لم يتفرقوا بسبب عدم وجود حجج بيّنة توضح لهم طريق الهداية، بل اختلفوا لمّا جاءهم من الله الهدى، و أقام عليهم الحجج، فتحزبوا أحزابا و تفرقوا، و زاد اختلافهم عند بعثة رسول الله صلى الله عليه و سلم، فمنهم من آمن به و منهم من كفر، رغم أن الكتب السماوية كلها كانت تدعو لأصل واحد.
[color="rgb(255, 140, 0)"](و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة[/color] ) :
أي أن الله تعالى أمرهم في كتابه أن يوحدوه تعالى في عبادتهم و يُفردوه بها، و أن لا يجعلوا له أندادا، و أمرهم أن يكونوا على الحنيفية السمحة، التي هي دين الإسلام، و أن يؤدوا الصلوات في أوقاتها و بشروطها و أركانها، و يؤتوا حق الفقراء، و هذه هي الملة المعتدلة المستقيمة.
المعنى الإجمالي للآيات : يخبرنا الله عز و جل في كتابه أن أهل الكتاب اختاروا الشقاق و الفرقة و الاختلاف برغم الآيات البينات التي أرسلها سبحانه لهم، و التي تحثهم على التوحد و الاجتماع و الاتفاق، كيف لا و هي كلها من مشكاة واحدة و تدعو لأصل واحد ، ثم إنه سبحانه أمرهم بإفراد العبادة له سبحانه، و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة، و هما عبادتان جليلتان خصهما تعالى لعظم شأنهما، و ذلك الذي دعاهم إليه و أمرهم به هي الملة المعتدلة المستقيمة، التي ارتضاها الله لعباده و جعلها طريقا لجنته و رضوانه.
2. حرّر القول في المسائل التالية:
1: هل ليلة القدر متنقلة أم متعينة؟
أورد ابن كثير قولين للسلف في كون ليلة القدر متعينة أم متنقلة :
- القول الأول : أنها متعينة لا تنتقل، و هو قول الإمام الشافعي.
و استدل لهذا القول بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، الذي رواه البخاري عن عبادة بن الصّامت، قال: (خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة".
قال ابن كثير : وجه الدلالة منه: أنها لو لم تكن معيّنة مستمرة التعيين لما حصل لهم العلم بعينها في كل سنة، إذ لو كانت تنتقل لما علموا تعيينها إلا ذلك العام فقط، اللّهم إلا أن يقال: إنه إنّما خرج ليعلمهم بها تلك السّنة فقط.
[color="rgb(0, 100, 0)"]-القول الثاني[/color] : أنها متنقلة ، تنتقل في العشر الأواخر، و هذا القول مروي عن أبي قلابة، و ذهب إليه مالك و الثوري و أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهويه، و أبو ثور و المزني و أبو بكر بن خزيمة و غيرهم.
و استدل بما ثبت في الصحيحين ، عن عبد الله بن عمر، أن رجالا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السّبع الأواخر من رمضان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السّبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر".
وفيهما أيضاً عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" ولفظه للبخاريّ.
قال ابن كثير عن هذا القول : و هو الأشبه و الله أعلم.
2: المراد بأسفل سافلين.
أورد ابك كثير في تفسيره قولين للسلف في المراد بأسفل سافلين :
-[color="rgb(0, 100, 0)"]القول الأول[/color] : أي إلى النار، قاله مجاهد و أبو العالية و الحسن و ابن زيد و غيرهم.
و اختاره السعدي و نقله الأشقر في أحد قوليه.
[color="rgb(0, 100, 0)"]-القول الثاني[/color] : أي إلى أرذل العمر، و ذهب إلى هذا القول ابن عباس و عكرمة، و اختاره ابن جرير، و ذكره الأشقر.
و رجح ابن كثير القول الأول بقوله : ولو كان هذا (أي القول الثاني) هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك؛ لأنّ الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد : ثم بعد هذا الحسن والنّضارة مصيره إلى النار إن لم يطع الله ويتّبع الرسل.
3. استدلّ لما يلي مع بيان وجه الدلالة:
أ: صفة البصر لله تعالى.
قال الله تعالى في سورة العلق :( ألم يعلم بأن الله يرى)
ووجه الدلالة عن ذلك أن الله تعالى يرى و يسمع ما يفعل هذا الناهي المكذِّب و أنه سبحانه سيجازيه في الآخرة على أفعاله أتمّ الجزاء.
ب: وقوع البعث.
يقول الله تعالى في سورة الزلزلة : ( و أخرجت الأرض أثقالها) و قال تعالى (يوم يصدر الناس أشتاتا ليُروا أعمالهم) .
ووجه الدلالة أن ربنا تعالى يخبرنا بما سيقع يوم المعاد من أهوال يذهل منها الانسان و أنه سيرجع إليه تعالى فيُريه أعماله و يحاسبه عليها.
ج: فضل القرآن.
قال الله تعالى في سورة البينة : ( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة. فيها كتب قيمة)
ووجه الدلالة أن هذا القرآن العظيم مكتتب في الملإ الأعلى في صحف مطهرة من الشرك و الشبهات بل داعية الى الحق و الهدى.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.