المجموعة الأولى:
السؤال الأول: بيّن الدلائل على كمال القرآن وحسن أسلوبه وقوّة تأثيره.
قال تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: فهذا القرآن تبيان لكل شيء ،فجميع علم الأصول والأحكام ،والآداب ،والأخلاق بينها القرآن ، جمع القرآن الكمال في ألفاظة ومعانيه ، فألفاظه واضحة ، وأحكامه مفسرة ، من أحسن الأحكام ومفسرة للعباد ،، ومعانيه كلها حق ويقين ،وأخباره كلها حق وعدل وصدق ، قال تعالى :( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
ولكمال كتاب الله جمع بين بين المتقابلات ،مثل قوله تعالى :{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]
فجمع بين زاد سفر الدنيا، وزاد سفر الآخرة بالتقوى.
وكذلك قوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]
جمع لهم بين نعيم الظاهر بالنضرة والحسن والبهاء ونعيم الباطن بكمال الفرح والسرور.
وكذلك قوله في صفة نساء الجنة: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن: 70]
فوصفهن بجمال الباطن بحسن الخلق الكامل، وجمال الظاهر بأنهن حسان الوجوه وجميع الظاهر.
وذكر السير المعنوي في مواضع عدة ، مثاله قوله تعالى :(فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 89]
فالروح اسم جامع لنعيم القلب، والريحان اسم جامع لنعيم الأبدان، وجنة نعيم تجمع الأمرين.
وكذلك قوله :( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} [النحل: 30]
3]السؤال الثاني: بيّن بإيجاز الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية. الأسباب هي :
-أهمها الإيمان بالله والعمل الصالح .
-والتوكل على الله حق توكله وحسن الظن به سبحانه ، قال تعالى :({وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] .
-تقوى الله ، ومخافته ، وتكرار الدعاء ، واللجوء له عند كل كرب وهم ، قال تعالى :{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87 - 88]
-الإحسان إلى الخالق ، والإحسان إلى خلقه ،سبب لإدراك فضله وإحسانه ، عاجلاً غير آجل ، قال تعالى :(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]
-الإستغفار والتوبة ، والإنابة ، سبب لمحو الخطايا ، قال تعالى :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] .
-وجعل الله الصبر سببا وآلة تدرك بها الخيرات، ويستدفع بها الكريهات، قال تعالى :(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] .
-شكر النعمة ، وحمد الله عليها سبباً لزيادتها ، قال تعالى :({لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]
-طاعة الله سبحانه ومحبته تكمن بإتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى :(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] .
-العدل في جميع الأمور ،وبه تصلح الأمور ،وبضده يفسد ، قال تعالى :( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٧] .
- التفكر في آيات الله المتلوة، وآياته المشهودة، والمقابلة بين الحق والباطل بحسن فهم وقوة بصيرة، قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29
-حسن الخلق ، ومقابلة الإساءة بالإحسان ، قال تعالى :( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] .
-التحرز والبعد عن الموبقات والمهلكات ، وعدم تجاوز حدود الله ، قال تعالى :(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] .
-الدعوة إلى الله ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والدعوة على بصيرة ،قال تعالى :( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .
السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. التبصرة والتذكرة
أن التبصرة هي العلم بالشيء والتبصر فيه ، فالتفكر في آيات الله المتلوه ، وتدبرها ، والتفكر في خلق الله في السموات والأرض ،فعرف ماتفكر به فهذا التبصر ..
والتذكرة هي العمل بالعلم اعتقادا وعملا ، فإن كان اعتقادا وإيمانا صدقه بقلبه وأقرَّ به واعترف، وإن اقتضى عملا قلبيا أو قوليا أو بدنيا عمل به، وهذا هو التذكر وهو التذكرة ..
2. العلم واليقين
اليقين هو العلم الثابت الراسخ التام المثمر للعمل القلبي والعمل البدني.
ومراتبه ثلاث :
١-علم اليقين، وهي العلوم الناتجة عن الأدلة والبراهين الصادقة الخبرية، وهي العلوم الحاصلة عن خبر الله وخبر رسوله وأخبار الصادقين .
٢- عين اليقين ، وهي مشاهدة المعلومات بالعين حقيقة، كما طلب الخليل إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، فأراه الله ذلك بعينه ..
٣-حق اليقين ، وهي المعلومات التي تحقَّق بالذوق، كذوق القلب لطعم الإيمان، والذوق باللسان للأشياء المحسة ..
العلم هو ماقد يكون ضرورياً ،يحتاج إلى علمه ، من غير تفكر وزيادة نظر .
وقد يكون نظرياً يحتاج لذلك .
وهو مراتب أعلاها خبر الله وخبر رسوله ،فهو الحق والصدق ، فيه من البيان العظيم ، والتفصيل لجميع العلوم النافعة .
3. الخوف والخشية
فالخوف : يكون من مكروه متوقّع ، ويكون من ضعف الخائف ،وهو ذعر ،وانفعال يحصل بتوقع مافيه هلاك أو ضرر أو أذى ، وقد نهى الله سبحانه عن خوف أولياء الشيطان ، وأمر بالخوف منه وحده سبحانه .
الخشية : تكون من عظم المخشي والخوف يكون من قصر الخائف وإن لم يكن المُخوف عظيماً.
والخشية مبنية على تعظيم المخشيّ منه، ومعرفة قدره ، وكمال سلطانه ،لقولِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ..
لذا فالخشية أخص وأعظم من الخوف ، مثاله ، إذا خفت من شخص لاتدري هل هو قادر عليك أم لا فهذا خوف ، أما إذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذا خشية ، والله أعلم
السؤال الرابع: أجب عما يلي:
أ- بيّن أنواع المعية وما يقتضيه كل نوع.
١/المعية العامة ، أي معهم بعلمه وإحاطته ، وهي عامة للمؤمن والكافر ،وهي معية اطلاع وإحاطة ،وتأتي في سياق المجازاة والمحاسبة ، قال تعالى :({مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة: 7
٢/المعية الخاصة ، تقتضي العناية من الله والنصر والتأييد والتسديد بحسب قيام العبد بذلك الوصف الذي رتبت عليه المعية ،قال تعالى :(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]
وقال تعالى :(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] ..
ب- ما هي أسباب الطغيان وما عاقبته؟
أسبابه : طغيان الرئاسة والملك ، وطغيان المال والغنى ، فهما يدفعان صاحبهما إذا استعلى إلى الكبر والغرور ،والبغي على الخلق ، قال تعالى :({إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى - أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:٦-٧).. عاقبته : استغناء الله عنهم ، ونزع بركته ..
السؤال الخامس مثّل لعطف الخاص على العام، وبيّن فائدته.
قال تعالى :( {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4] وهو جبريل.
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238
لتأكيده وشرفه ، ومايترتب عليه من الثمرات الطيبة ..
السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه لا يهدي القوم الظالمين، ولا يهدي القوم الفاسقين.
يبين الله سبحانه أنه من حق عليه العذاب ، لعناده وكبره ، هو من لم يكتب الله سبحانه وتعالى هدايته ، وأنهم لايصلحون للهداية ، ووصفوا بالظلم والفسق لتجبرهم وعنادهم ، لعلمه سبحانه بظاهر أحوالهم ، وكبرهم وتجبرهم ، فطبع الله على قلوبهم ، فلا يرون الخير ابداً .
2. ورد في آيات من القرآن ذكر الخلود في النار على ذنوب وكبائر ليست بكفر وقد تقرر في نصوص أخرى أنَّ كلَّ مسلم يموت على الإسلام موعود بدخول الجنة.
هذه الآيات قد اتفق السلف على تأويلها وردها إلى هذا الأصل المجمع عليه بين سلف الأمة، وأحسن ما يقال فيها إن ذكر الخلود على بعض الذنوب التي دون الشرك والكفر أنها من باب ذكر السبب، وأنها سبب الخلود إذا لم يمنعها مانع .
والإيمان مانع للخلود ، فتنزل هذه النصوص على الأصل المشهور، وهو أنه لا تتم الأحكام إلا بوجود شروطها وأسبابها وانتفاء موانعها .
مثاله ،قوله تعالى ( وأحاطت به خطيئته ) ، فكما هو معلوم الخطايا التي دون الكفر ، لاتحيط بصاحبها ،بل لا بد أن يكون معه إيمان يمنع من إحاطتها ..
كذلك ،قوله تعالى :(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14]
فالمعصية تطلق على الكفر وعلى الكبائر وعلى الصغائر، ومن المعلوم أنه إذا دخل فيها الكفر زال الإشكال.
السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
في هذه الآية أمر صريح من الله سبحانه ، بوجوب الأكل والشرب ، وهي عبادة إذا امتثل العبد بها ، فمفهوم هذا الآية ،الأصل في الأكل والشرب الإباحة ، مالم ينزل نص صريح بتحريمه ،
(ولاتسرفوا ) ،فيها نهي عن الإسراف ، وتمقيت له ، والأمر بالإقتصاد في المأكل والمشرب ، وأن السرف يضر الدين والعقل والبدن .
( إنه لايحب المسرفين ) ، في هذه الآية إثبات صفة المحبة لله، وأنها تتعلق بما يحبه الله من الأشخاص والأعمال والأحوال ، وفيها مقت الله للمسرف ، ودليل على محبته للمقتصدين الغير مسرفين .
فهذه الآية جمعت أموراً كثيرة ،نافعة في الدين وفي المال وفي البدن وفي الحال .