تطبيقات الدرس السادس:
2. معنى التكوير في قول الله تعالى: {إذا الشمس كوّرت}
الأقوال في معنى التكوير :
القول الأول :الاضمحلال والذهاب ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك .
وهذا القول مبني على لازم معناه اللغوي ، فمن معانيها اللغوية هو التجميع واللف ، فعندما تجمع وتلف يقتضي ذلك ذهاب النور .
قال الخليل أحمد :
أي: [جمع] ضوؤها [ولف كما تلف العمامة] .
القول الثاني : الجمع والالتفاف ، وهو حاصل قول ابن عباس والزجاج وغيرهم .
القول الثالث :الرمي ، وهو قول أبي صالح وربيع بن خيثم .
الراجح :
أن هذه الأقوال كلها صحيحة وتحتملها اللغة .
فجمعها ولفها يقتضي ذهاب نورها ويقتضي إلقاها .
3: معنى "الغاسق" في قول الله تعالى: {ومن شرّ غاسق إذا وقب}
الأقوال في معنى غاسق :
القول الأول :الليل ، وهو قول قتادة وابن عباس والحسن والقرظي ومجاهد .
وهذا القول مبني على المعنى اللغوي للغاسق ، فغسق في اللغة هو أول الليل كما ذكر ذلك الجوهري ، وغاسق : الليلُ إذا غاب الشفق ، كما ذكر ذلك الخليل أحمد والجوهري وغيرهم .
وقد ذكر ابن فارس أن الغين والسين والقاف أصل صحيح يدل على الظلمة .
القول الثاني : القمر ، وهو قول عائشة .
وهذا القول مبني على الحديث الصحيح ، ولكن هذا مبني على مقتضى دخول القمر أنه يظلم الليل ، وقال بعضهم أن الحديث نبه عن خسوف القمر ، فعند الخسوف يسود .
قال ابن فارس في تهذيب اللغة :
قَالَ القُتَيبِيُّ: يُقَال للقمر إِذا كَسَف: دخل فِي ساهُورِه، وَهُوَ الْغَاسِق إِذا وَقب وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة، وَأَشَارَ إِلَى الْقَمَر، فَقَالَ: (تعوَّذي بِاللَّه من هَذَا، فَإِنَّهُ الْغَاسِق إِذا وَقب) : يُرِيد يسودّ إِذا كسف، وكلّ شيءٍ اسودّ فقد غسق.
القول الثالث :كوكب ، وهو قول أبو هريرة وابن زيد وابن شهاب .
وهذا القول مبني على الشر الحاصل بسقوط الثريا والنجم ، كما قال تعالى : ( والنجم إذا هوى ) .
الراجح :
أن الأقوال كلها تحتملها المعنى ولكن دون تخصيص ، لأنه صحيح لدلالته اللغوية واحتمال اللفظ ، ومن جهة أخرى جاءت النصوص الصحيحة ما يؤكد ذلك ، فقال تعالى : {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل}، وهذا يثبت أن الغسق هو الليل .
وأما للقمر فقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه أخرجه الترمذي (3366)، وأحمد (25844)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10137) عن أبي سلمة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر فقال يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب.
فالليل والنهار آيتين من آيات الله فالتحذير من الليل ليس لذاته بل لما يظهر فيه من الشرور ، فقد جاء في الحديث :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جنح الليل فكفوا صبيانكم حتى تذهب ساعة من الليل، ثم خلوا سبيلهم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، وأغلقوا أبوابكم واذكروا اسم الله عز وجل، فإن الشياطين لا تفتح مغلقا وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله عز وجل، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله عز وجل، ولو أن تعرضوا عليه بعود)).
أما القول الثالث فقد جاءت نصوص أيضا تذكر ما قد يحصل منها إذا سقط ( والنجم إذا هوى ) ( وإذا الكواكب انتثرت ) ، وغالبا ترى هذه النجوم أو الكواكب واضحا إلا بالليل .
4: معنى النحر في قول الله تعالى: {فصلّ لربّك وانحر}
الأقوال في معنى النحر :
القول الأول :يختص بشدة الحرص على الصلاة :
وهذا القول مبني على أحد معانيها اللغوية وهي شدة الحرص .
قال الخليل أحمد : إذا تَشاحَّ القَوم على أمر قيل: انتَحَروا وتَناحَروا من شِدَّة حِرصِهم.
واختلفوا فيه على قولين :
1) وضع اليدين في الصلاة بوضع اليمين على الشمال ، وهو قول علي وأبي القموص .
وهذا القول بعض مقتضى المعنى ، فمقتضى شدة الحرص على الصلاة هو الحرص على كيفيتها أيضا ، ومنها وضع اليدين في الصلاة كما دلت عليه السنة .
3) استقبال القبلة بنحرك ، وهو قول الخليل أحمد وذكره ابن جرير و نسب إلى أبو الأحوص ذكره الماوردي .
وهذا القول مبني على أحد معانيها اللغوية أيضا ، وهو الاستقبال .
قال الخليل أحمد : وهذه الدارُ تَنْحَر تلك الدار إذا استَقْبَلَتْها.
4) رفع اليدين في الصلاة إلى موضع النحر ، وهو قول علي وأبي جعفر .
القول الثاني : نحر البدن ، وهو قول مجاهد والحجاج وسعيد بن جبير وعطاء وابن عباس والحكم وأنس وعكرمة والحسن وقتادة وابن زيد
وهذا القول مبني على معناه اللغوي أيضا ، فالنحر هو الذبح .
قال الخليل أحمد : والنَّحْر: ذَبْحُكَ البعيرَ بطَعْنةٍ في النَّحْر، حيثُ يبدو الحُلْقُوم من أعلى الصَّدْر، ونَحَرْتُه أنحَرْه نَحْراً.
وقال الجوهري : والمَنحَرُ أيضاً: الموضع الذى ينحر فيه الهدى وغيره.
الراجح :
القول الثاني هو الأرجح لأن السياق لا تحتمل القول الأول ، ولأن الواو هنا عاطفة للتفريع ، وفي سياق الآية في قوله ( لربك ) دليل على الامر بالصلاة له وحده ، ثم عطفه بالأمر بالنحر له وحده ، وهذا كقوله تعالى :( قل إن صلاتي ونسكي ومحاي ومماتي لله رب العالمين ) ، وقد جاءت نصوص أخرى تذكر الذبح لله في أداء المناسك أيضا كالحج ، فقال تعالى : ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
وعند قوله ( فانحر ) يكون إيماء على بطلان النحر لغير الله كالصلاة .
تطبيقات الدرس السابع:
بيّن المراد بالمفردات التاليات:
(1) المحروم في قول الله تعالى: {والذين في أموالهم حق معلوم . للسائل والمحروم}
القول الأول : المحارف ، الذي ليس له سهم ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وإبراهيم وسعيد بن المسيب وغيرهم .
القول الثاني : الفقير المتعفف ، وهو قول قتادة والزهري .
القول الثالث : الذي ذهب زرعه وثمره وماله ، وهو قول ابن زيد وزيد بن أسلم .
القول الخامس : هو المملوك ، وهو قول نسب إلى عبد بن حميد وذكره الماوردي .
القول السادس : هو الكلب ، وهو قول نسب إلى عمر بن عبد العزيز وذكره الماوردي .
القول السابع : من وجبت نفقته من الأنساب لأنه حرم كسب نفسه ، وهو قول ذكره الماوردي .
الراجح :
أن كل الأقوال صحيحة وتشمله ، فكل محروم لك حق في إعطاءه من المال ، وكلها أمثلة على المحروم .
3) ناشئة الليل
القول الأول : قيام النفس بعد النوم ، وهو قول ابن زيد
ناشئة : السَّحَابَةَ الَّتِي تَتَنَشَّأُ مِنَ الْأُفُقِ بَعْدَ صَحْوٍ
وفي مقاييس اللغة : النَّشْءُ وَالنَّشَأُ: أَحْدَاثُ النَّاسِ. وَنَشَأَ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ. وَالنَّاشِئُ: الشَّابُّ الَّذِي نَشَأَ وَارْتَفَعَ وَعَلَا.
القول الثاني : ساعات الليل ، واختلفوا فيه على كقولين :
الأول : ساعات الليل كلها ، وهو قول ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك .
وهذا القول مبني على أنها لغة أهل الحبشة ، فاذا قام الرجل يقال نشأ.
الثاني : القيام بعد العشاء وليس قبله ، وهو قول أي مجلز وأبو رجاء وقتادة والحسن .
الثالث : ما بين المغرب والعشاء ، وهو قول علي بن حسين وعبادة بن كثير
القول الثالث : العبادة نفسها وصلاة الليل ، وهو قول الحسن وغيرهم
الراجح :
أن كل ما كان بالليل يصلح أن يقال عنه ناشئة ، سواء أول الليل أو كله ولكن القول الأول أقرب للسياق ، لدلالته اللغوية ولأن النصوص الصحيحة ثبتت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام من الليل ثم يقوم .
تطبيقات الدرس الثامن:
(2) سبيلاً في قول الله تعالى: {فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً}
في نصبه وجهان :
الوجه الأول : أنه مفعول به
أوجه الثاني : منصوب باسقاط الخافض .
فالقول في معناه :
القول الأول : كسبيل ،وهو بأي طريق من الطرق ، وهو قول ذكره أبو حيان وأبو عادل
وهذا القول من جهة انتصاب سبيلا على اسقاط الخافض
القول الثاني :التوصيل إلى النشوز إن كانت طائعة ، وهو قول ذكره أبو حيان
وهذا القول مبني على أن ( عليهن ) يرجع فيه الكلام في الضمير إلى الطاعة وهو لأقرب مذكور .
الراجح : أن كل الأقوال تصح معناها لأن سبيلا نكرة فتعم النهي عن كل أذى من قول أو فعل ,
(4) مرجع الضمير في "به" في قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}
القول الأول : عائد على الكتاب ، وهو قول ذكره ابن عطية
القول الثاني : عائد على جزء من الكتاب ، وهو قول ذكره ابن عطية أيضا .
القول الثالث : عائد على الكتمان ، وهو قول ذكره الزجاج وابن جرير و ابن عطية أيضا .
تطبيقات الدرس التاسع:
-استخرج دلالات الصيغة الصرفية مما يأتي:
4:: دلالات الجمل الاسمية في قول الله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون (75) قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون (76)،}
أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه : هنا جملة استفهام لغرض الاستهزاء .
( إنا بما أرسل به مؤمنون ) : جيء في الجواب على الذين استضعفوا بالجملة الإسمية للدلالة على الثبوت وأن الإيمان متمكن منهم .
إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ : تدل على ثبوتهم على الكفر .
5. دلالة اسم الفاعل في قول الله تعالى: {إنّ الله بالغ أمره}
بالغ : صيغة مبالغة للدلالة على المبالغة والكثرة ، فهو منفذ أحكامه وقضاءه على خلقه ، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره .