بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الأولى:
1. بيّن الطريق إلى العلم بأنّه لا إله إلا الله، واستدلّ بآية على وحدانية الله تعالى وفسّرها بإيجاز.
خلق الله تعالى العباد ليعرفوه ويعبدوه عبادة توحيد، وقد فسّر جملة من المفسّرين قوله تعالى : (وما خلقتُ الجنّ والإنس إلا ليعبدون) أي ليعرفون، ليوحّدون، والعلم بالتوحيد ضرورة تتعيّن على الثقلين، مما يحتم عليهم معرفة الطريق المفضي إلى العلم ب(لا إله إلا الله) ليسلكوها ويعملوا بمقتضاها، وجمّاع أمور هذه الطريق :
- التعرف على الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، وتدبرها التدبّر المفضي إلى إفراده بالعبودية، والتأله له سبحانه بالعمل بمراضيه لأنه لا يستحق ذلك سواه.
- العلم بربوبيته، فهو المنفرد سبحانه بالأمر والحكم والقيومية والتدبير والرزق والخلق، ومعرفة ذلك تثمر توحيد القصد، وإفراد الوجهة في العبادة.
- العلم أن كل ما بالخلق من نعمة ظاهرة أو باطنة فهي منه سبحانه، مما يجعل قلوبهم متعلقة به وحده عز وجلّ.
- ما يراه العباد من فضل وإحسان لأوليائه الموحدين، ومن عقوبة لأعدائه المشركين يدفعهم للفرار إليه وحده سبحانه والتأله له وحده عز وجل.
- معرفة هوان وضعف ونقص كل ما يُعبد من دونه سبحانه من أوثان أو أنداد، فهي بدورها فقيرة إليه لا تملك لنفسها ضرا أو نفعا، فكيف تمله لغيرها، والمتأمل في هذا الأمر يدرك كمال قدرة الله تعالى وكمال علمه وغناه عن الخلائق.
- اتفاق الكتب السماوية على هذا الأصل العظيم، فكل الشرائع وكل الأنبياء قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون إلى توحيد الله تعالى.
- اتفاق العلماء الراسخين الربانيين على ذلك.
- آيات الله تعالى الدالة على وحدانيته، وآثار أسمائه وصفاته التي تتجلى في صنعته سبحانه وإبداعه.
- شرعه المحكم الحكيم، الذي تضمن كمال العدل والخير للخلق أجمعين، يدلّ على أنه المستحق للعبادة وحده دون سواه.
- تدبر القرآن العظيم الشاهد على ربوبيته وألوهيته، فإنه المورد الأعظم لمعرفة الله تعالى وتوحيده.
قال المولى عز في علاه:
بسم الله الرحمن الرحيم (قل هو الله أحد. الله الصمد. لم ياد ولم يولد. ولم يكن له كفؤا أحد.)
سورة الإخلاص من أعظم السور التي عرّفت بالخالق سبحانه، يقول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام :
(قل) يا محمد قولا جازما متضمنا للإيمان بالله وتعظيمه والخضوع له.
(هو الله أحد) : أي الذي لا يشاركه أحد في صفاته وأسمائه وأفعاله وربوبيته وألوهيته.
(الله الصمد) : السيّد الذي تقصده الخلائق وتفزع إليه كلها فيقضي حاجاتها دون أن ينقص ذلك من ملكه شيئا.
(لم يلد ولم يولد) : لأنه غني سبحانه عن الصاحبة والولد.
(ولم يكن له كفؤا أحد) : وهذه الآية شبيهة قوله تعالى (ليس كمثله شيء) فهو سبحانه متفرد في أسمائه وصفاته وأفعاله، لا مثيل له جل وعلا.
2. تحدّث عن أصل الإيمان بالملائكة مبيّنا أدلة تقريره وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
الإيمان بالملائكة أصل من أصول الإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ) متفق عليه، والإيمان هو الاعتقاد الجازم الذي لا يدخله أدنى شك، والملائكة كائنات غيبية أخبرنا الله تعالى بوجودها وأخبرنا بمهامّها، قال تعالى : (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء)، وقال تعالى : (وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون).
فهم الوسائط بين الله تعالى وعباده في تبليغ وحيه، وهم الوسائط في تدبيراته القدرية، وكل منهم وكّله الله تعالى بعمل يقوم به مما بسطه الله لنا في كتابه وأخبرنا به نبيه صلى الله عليه وسلم.
والإيمان بالملائكة له أثر كبير في قلب المسلم، فيزيده ذلك معرفة بربه وتعظيما وحبا له، فهو يرى في خلق الملائكة قوة وقدرة خالقه، وعنايته به أن صرّفهم ليقوموا بحفظهم، ويرى مدح الله تعالى لهم في كتابه فيتطلع إلى التشبه بعبادتهم.
وقد ظهر من ينكر هذا الأصل العظيم، من الزنادقة الذين أولوا وحرّفوا الكلم عن مواضعه، ونفوا وجود الملائكة متأولين ظاهر القرآن بالفلسفة التي عبثت بعقولهم، وهذا من التكذيب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يُنكر المعلوم من الدين بالضرورة إلا جاهل ضال.
فنقول لهم :
الإيمان بالملائكة أصل تواتر به الكتاب وتواترت به السنة، وهو من الإيمان بالغيب ، وقد تلقاه الصحابة رضي الله عنهم بالقبول والتصديق، وتبعم في ذلك التابعون وأتباعهم، ولم يظهر ضلال قولكم هذا إلا بعد الاعراض عن منهج السلف والاشتغال بما لا ينفع، ومن أدلة وجود الملائكة في القرآن :
قوله تعالى : (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع)
ومن السنة : حديث جبريل العظيم الذي جاء يعلم فيه الناس دينهم، والذي يعده العلماء أصلا من أصول الدين.
والأدلة كثيرة في ذلك.
3. فسّر قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
هذه الآية العظيمة تقررما يجب على المؤمن التحلي به من جميل الأخلاق، وما يجب عليه من حقوق تجاه الخلق، فقد أمره ربه سبحانه بأخذ العفو، وذلك بالتجاوز عن التقصير، وعدم تكليف أخيه المسلم ما لا يطيق، والشكر له بما حسن من القول والعمل، والتواضع والاحترام والتناصح في الخير.
وأمره كذلك بالأمر بالعرف، ويتضمن إحسان القول والعمل والخلق وما يقتضيه من بذل النصح والتذكير بالخير وصلة الأرحام وبر الوالدين وتعاون على البر والتقوى ونهي عن المنكر إلى غير ذلك.
ثم أمر الله تعالى عبده بالإعراض عن الجاهلين، وهذا من الابتلاء الذي قد يناله العبد في طريق سيره إلى الله تعالى، أن يُبتلى بمن يؤذيه ، فأمره ربه بعدم ردّ الإساءة والعفو والمغفرة خاصة عند القدرة، والإعراض الدال على سمو خلق المسلم في معاملاته، وقد كان هذا مما يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وقد قال يوما لعقبة بن عامر رضي الله عنه: (صل من قطعك واعف عمن ظلمك واعط من حرمك).
4. اذكر ثلاثة آيات دالة على الأمر بالجهاد في سبيل الله وبيّن الحكمة مشرعية الجهاد، وآدابه ، وأسباب النصر.
قال الله تعالى : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) الأنفال 39
وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا) الأنفال 45
وقال عز من قائل : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم). الأنفال 60 .
والحكمة من مشروعية الجهاد ردّ العدوان، ومقاومة من يقف في طريق الدعوة، فقد أمر الله تعالى عباده بتبليغ دينه إلى الناس كافة، وفي كل زمان وُجد من أهل المصالح من يمنع وصول نور الله تعالى للعباد، وفي كل زمان وُجد من يؤذي المؤمنين ويصدّهم عن عبادة الله وحده، فأمر الله تعالى بالجهاد حفظا للدين، وحرصا على النفوس المؤمنة.
ومن آداب الجهاد في سبيل الله، أن يكون القائد رحيما برعيته، مشاورا لها في أمور الحرب، حريصا على وحدة الصف وعدم الخصام، عادلا في قسمة الغنائم، كما يجب على الجيوش أن تلتزم طاعة القائد وذلك لتوحيد الكلمة وتقوية الصف المسلم.
أما أسباب النصر، فتكمن في الإخلاص أولا، ثم اتفاق القلوب واجتماع الكلمة، والثبات والصبر عند لقاء العدو، والأخذ بأسباب القوة، فمتى رأى الله تعالى من عباده عزما وحرصا على إعلاء كلمته جاء النصر بمدد من عنده عز وجل.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.