تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)}
قائمة المسائل الواردة فى السورة:
المسائل التفسيرية:
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ" 1
· المنادى ك س ش
· المأمور به 1 ك
· معنى التزمل ك س
· المراد ب"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ" ك
· سبب مخاطبته بهذا الوصف س ش
· متى حصل له هذا الوصف س ش
قوله تعالى: "قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا" 2
· المأمور به 2 ك س ش
· المراد بالقيام س ش
· مقدار القيام ك ش
· لماذا خص الصلاة من العبادات س
· لما خص الليل بالقيام س
· لماذا لم يأمره بقيام الليل كله س
· استجابته للأمر ك
· حكم قيام الليل فى حقه ك
قوله تعالى: " نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا" 3
· اعراب "نصفه" ك
· تفصيل القدر المطلوب قيامه ك س ش
· عود الضمير فى "منه" س
· الحكمة من التخيير ك
· حكم قيام الليل ش
قوله تعالى: "أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا" 4
· القدر المطلوب قيامه ك س س
· عود الضمير فى "عليه" س
· المراد بالترتيل ك ش
· فائدة الترتيل ك س ش
· صفة قراءته –صلى الله عليه وسلم- ك
· أدلة ثواب الترتيل ك
قوله تعالى: "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا" 5
· علاقة الآية بما قبلها س ش
· معنى "نُلقى" س ش
· المراد ب"القول" س ش
· وصفه بالثقيل س ش
· المراد ب"قَوْلًا ثَقِيلًا" ك
قوله تعالى: "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا" 6
· المراد ب "ناشئة" ك س ش
· الحكمة من تخصيص الليل بالقيام ك س ش
· سبب شدتها ش
قوله تعالى: "إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا" 7
· علاقة الآية بما بعدها ك س
· المراد ب"سَبْحًا طَوِيلًا" ك س ش
· علة عدم تخصيص النهار بالقيام س ش
قوله تعالى: "وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا" 8
- المراد ب"وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ" ك س ش
· المراد ب"التبتل" ك س ش
· وقت التبتل ك
· مرجع الضمير فى "إليه" س
قوله تعالى: "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" 9
· معنى "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ "ك س
· نوع "ال" فى "المشرق والمغرب"ك س
· معنى "لا إله إلا هو" س
· علاقة توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية ك س
· علاقة الخبر"رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ" بالأمر "فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" ك س ش
· معنى "وكيلا" س ش
قوله تعالى: "وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا" 10
· المخاطب ك
· علاقة الآية بما قبلها س
· فائدة الصلاة خصوصا والذكر عموما س
· معمول الصبر1 ك س ش
· معمول الصبر 2 س
· الفاعل فى "يقولون" ك س
· المراد بالهجر س
· المراد بالهجر الجميل ك س ش
· متى كان هذا الأمر ش
المسائل الإستطرادية:
· حكم قيام الليل ودليله ك
· صفة قيام النبى –صلى الله عليه وسلم- ك
· أدلة ثواب الترتيل ك
· صفة قراءة النبى –صلى الله عليه وسلم- ك
خلاصة أقوال المفسرين فى كل مسألة:
المسائل التفسيرية:
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ" 1
المنادى هو الرسول –صلى الله عليه وسلم-، ذكره ابن كثير والسعدى والأشفر.
· معنى التزمل
التزمل هو التغطى بالثياب فى الليل، حاصل قول ابن كثير والسعدى.
· المراد ب ""يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ"
ورد فى المراد ب "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ" قولان:
القول الأول: يا أيّها النّائم المزمل فى ثيابه أو قطيفة، وهو حاصل أقوال ابن عبّاسٍ، والضّحّاك، والسّدّيّ، وقتادة، وإبراهيم النخعى، ذكر ذلك ابن كثير.
القول الثانى: يا محمد، زمّلت القرآن، وهو مروى عن ابن عبّاسٍ، كما ذكر ابن كثير.
· سبب مخاطبته بهذا الوصف
تذكيرا له بما أَلْقَى اللَّهُ عليه من الثَّبَاتَ والأنس يجبريل حال متابعة الوَحْيُ عليه، حتى بَلَغَ مبْلَغاً ما بَلَغَه أحَدٌ مِن الْمُرْسَلينَ، فسُبحانَ اللَّهِ! ما أَعْظَمَ التفاوُتَ بينَ ابتداءِ نُبُوَّتِه ونِهَايَتِها، حاصل كلام السعدى والأشقر .
حينما اعتراه من انزعاج ورعدة أول أمره لما جاءه جبريل بالوحى، فأتى أهله وهو تُرعد فرائصه، فقالَ: "زَمِّلُونِي دَثِّرُونِي " ذكر ذلك السعدى والأشقر.
قوله تعالى: "قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا" 2
أن يترك التّزمّل وينهض للعباداتِ الْمُتَعَلِّقَةِ به و منها القيام لربّه عزّ وجلّ بالصلاة فى الليل، حاصل كلام ابن كثير والسعدى والأشقر.
الصلاة بالليل، حاصل قول السعدى والأشقر.
الليلَ كُلَّه إلاَّ يَسِيراً منه، حاصل كلام ابن كثير والأشقر.
· لماذا لم يأمره بقيام الليل كله
مِن رَحْمَتِه تعالى، ذكره السعدى.
- لماذا خص الصلاة من العبادات
لكونها أشرف العبادات، ذكره السعدى.
لكونه آكَدِ الأوقاتِ وأفْضَلِها، ذكره السعدى.
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممتثلًا ما أمره اللّه تعالى به من قيام اللّيل، ذكره ابن كثير.
- حكم قيام الليل فى حقه (الأمر للوجوب أو الندب)
كان واجبًا عليه وحده، ثم صار تطوعا، كما قال تعالى: "ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا" الإسراء: 79، ذكر ذلك ابن كثير.
قوله تعالى: " نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا" 3
بدل من الليل، ذكره ابن كثير.
- تفصيل القدر المطلوب قيامه
أن يقوم نصف اللّيل أو بنقصانٍ قليلٍ، بأنْ يكونَ الثُّلُثَ ونحوَه، حاصل كلام ابن كثير والسعدى والأشقر.
على النصف، أى: أو انقص من النصف قليلا، ذكره السعدى.
لرفع الحرج عليه، ذكره ابن كثير.
قوله تعالى: "أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا" 4
نصف اللّيل بزيادةٍ قليلةٍ أو نقصانٍ قليلٍ، فيكونُ الثُّلُثَيْنِ ونحوَها، كأنه قالَ: قُمْ ثُلُثَيِ الليلِ، أو نِصْفَه أو ثُلُثَهُ، حاصل أقوال ابن كثير والسعدى والأشقر.
· عود الضمير فى "عليه"
على النصف، أى: أو زد على النصف، ذكره السعدى.
والترتيلُ هو قراءته على تمهّلٍ، بحيث يُبَيِّنَ جميعَ الحروفِ ويُوفِيَ حَقَّها مِن الإشباعِ دُونَ تَنَطُّعٍ وَتَقَعُّرٍ في النُّطْقِ، حاصل كلام ابن كثير والأشقر.
· فائدة الترتيل
يكون عونًا على فهم القرآن، ويَحْصُلُ به التدَبُّرُ والتفَكُّرُ، وتحريكُ القلوبِ به، والتعَبُّدُ بآياتِه والتَّهَيُّؤُ والاستعدادُ التامُّ له، حاصل قول ابن كثير والسعدى والأشقر.
قوله تعالى: "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا" 5
ما كانَ بهذا الوصْفِ حَقيقٌ أن يُرَتَّلَ ويُتَفَكَّرَ فيما يَشْتَمِلُ عليه، والتَّهَيُّؤُ والاستعدادُ التامُّ له، حاصل قول السعدى والأشقر.
نُوحِي إليكَ، ذكره السعدى والأشقر.
القرآن، ذكره السعدى والأشقر.
العظيمةَ مَعانِيهِ الجليلةَ أَوصافُه، ثَقيلٌة فَرائضُه وحُدودُه، وحَلالُه وحَرامُه، لا يَحْمِلُه إلا قلْبٌ مؤيَّدٌ بالتوفيقِ، ونفْسٌ مُزَيَّنَةٌ بالتوحيد، حاصل قول السعدى والأشقر.
- المراد ب"قَوْلًا ثَقِيلًا"
ورد فى المراد ب" قَوْلًا ثَقِيلًا" أقوالا:
القول الأول: العمل به، قول الحسن وقتادة، ذكره ابن كثير
القول الثانى: ثقيلٌ وقت نزوله؛ من عظمته، قول زيد بن ثابتٍ: أنزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفخذه على فخذي، فكادت ترض فخذي.
عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول اللّه، هل تحسّ بالوحي؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أسمع صلاصيل، ثمّ أسكت عند ذلك، فما من مرّةٍ يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تفيض"رواه أحمد.
عن عائشة: أنّ الحارث بن هشامٍ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: "أحيانًا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عنّي وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثّل لي الملك رجلًا فيكلّمني فأعي ما يقول". قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلّى اللّه عليه وسلّم في اليوم الشّديد البرد، فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصّد عرقًا هذا لفظه. رواه البخارى.
عن عائشة قالت: إن كان ليوحى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على راحلته، فتضرب بجرانها. رواه أحمد.
عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته، وضعت جرانها، فما تستطيع أن تحرّك حتّى يسرّى عنه. رواه ابن جرير مرسلا ،الجران: هو باطن العنق.
واختار ابن جريرٍ أنّه ثقيلٌ من الوجهين معًا، واستدل بقول عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: "كما ثقل في الدّنيا ثقل يوم القيامة في الموازين". ذكر ذلك ابن كثير.
قوله تعالى: "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا" 6
الأقوال فى المراد ب" ناشئة":
القول الأول: نشأ: قام بالحبشة، قول ابن عباس
القول الثانى: نشأ: إذا قام من النوم للصلاة من اللّيل بعد العشاء ، فاللّيل كلّه ناشئةٌ ، قول عمر، وابن عبّاسٍ، وابن الزّبير ومجاهد، وأبو مجلز، وقتادة، وسالمٌ وأبو حازمٍ، ومحمّد بن المنكدر، وغير واحد، ذكره ابن كثير، وكذلك ذكر السعدى والأشقر.
· الحكمة من تخصيص الليل بالقيام
لأن الشواغل تقل، والأصواتَ فيها هادئةٌ، والدنيا ساكنةٌ، فيكون أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهّمها لتواطأ القلْبُ واللسانُ على القرآن، فيحصيلِ مَقصودِ القرآنِ، حاصل أقوال ابن كثير والسعدى والأشقر.
واستدل ابن كثير بما رواه أبو أنّ أنس بن مالكٍ قرأ هذه الآية: "إن ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئًا وأصوب قيلًا" فقال له رجلٌ: إنّما نقرؤها {وأقوم قيلا} فقال له: إنّ أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحدٌ.
لأنها أثْقَلُ على المصلِّي مِن صلاةِ النهارِ؛ لأنَّ الليلَ للنومِ، ذكره الأشقر.
قوله تعالى: "إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا" 7
· علاقة الآية بما قبلها
لما خص الله تعالى الليل بالقيام دون النهار، بين فى هذه الآية علة ذلك، ذكره ابن كثير والسعدى.
· علة عدم تخصيص النهار بالقيام
علل ذلك بأن النهار وقت المعاش ولغط الأصوات، وانتشار النّاس وانشغالهم، وإقبالهم وإدبارهم، وذهابهم ومجيئهم، مما يُوجِبُ اشتغالَ القلْبِ، وعَدَمَ تَفَرُّغِه التفَرُّغَ التامَّ، حاصل قول ابن كثير والسعدى، والأشقر.
- المراد ب"سَبْحًا طَوِيلًا"
ورد فى المراد ب"سَبْحًا طَوِيلًا" قولان:
القول الأول: الفراغ للحوائج والنّوم، قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وعطاء بن أبي مسلمٍ، وأبو العالية، ومجاهدٌ، وابن مالكٍ، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، وسفيان الثّوريّ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ذكره ابن كثير، وكذلك ذكر السعدى والأشقر.
القول الثانى : تطوّعًا كثيرًا، قاله السدىّ، ذكره ابن كثير.
قوله تعالى: "وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا" 8
- المراد ب"وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ"
أكثر من ذكره بأنواع الذكر كلها، ليلا و نهارا، حاصل أقوال ابن كثير والسعدى والأشقر.
حاصل الأقوال فى المراد ب" وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا"
انقطع إليه، وتفرّغ له مُنشغلا بعبادته والتماس ما عنده، مجتهدا مخلصا له، وذلك بالانفصالُ بالقلْبِ عن الخلائقِ، والاتِّصافُ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ وكلِّ ما يُقَرِّبُ إليه ويُدْنِي مِن رِضاهُ، حاصل قول ابن زيد، و ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والضّحّاك، والسّدّيّ، وابن جرير مستشهدا بالحديث المروى: " أنّه نهى عن التّبتّل، يعني: الانقطاع إلى العبادة وترك التّزوّج"، ذكر ذلك ابن كثير، وكذلك ذكر السعدى والأشقر.
· وقت التبتل
إذا فرغت من أشغالك، وما تحتاج إليه من أمور دنياك، كما قال: {فإذا فرغت فانصب} [الشّرح:7] أي: إذا فرغت من مهامّك فانصب في طاعته وعبادته، لتكون فارغ البال. قاله ابن زيدٍ بمعناه أو قريبٍ منه، ذكره ابن كثير.
· مرجع الضمير فى "إليه"
إلى الله تعالى، أى: تبتل إلى الله تعالى، ذكره السعدى.
قوله تعالى: "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" 9
- معنى "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ "
المالك المتصرّف في المشارق والمغارب وما يكونُ فيها مِن الأنوارِ، وما هي مَصْلَحَةٌ له مِن العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ، فهو رَبُّ كلِّ شيءٍ وخالِقُه ومُدَبِّرُه، حاصل كلام ابن كثير والسعدى.
- نوع "ال" فى "المشرق والمغرب"
للجِنسٍ فتشمَلُ الْمَشارِقَ والْمَغارِبَ كلَّها، ذكره ابن كثير، والسعدى.
لا مَعبودَ إلاَّ وَجهُه الأَعْلَى، الذي يَستحِقُّ أنْ يُخَصَّ بالْمَحَبَّةِ والتعظيمِ والإجلالِ والتكريمِ، ذكره السعدى.
- علاقة توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية
لكونه المالك المتصرف الخالق المدبر فهو المستحق للعبادة وحده، حاصل كلام ابن كثير والسعدى.
- علاقة الخبر "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ" بالأمر "فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا"
أى: إذا عَرفتَ أنه المخْتَصُّ بالرُّبوبيَّةِ الذي يَستحِقُّ أنْ يُخَصَّ بالْمَحَبَّةِ والتعظيمِ والإجلالِ والتكريمِ فأفردته بالعبادة فأفرده بالتّوكّل، كما قال في الآية الأخرى: "فاعبده وتوكّل عليه" وكقوله: "إيّاك نعبد وإيّاك نستعين"وآياتٌ كثيرةٌ في هذا المعنى، فيها الأمر بإفراد العبادة والطّاعة للّه، وتخصيصه بالتّوكّل عليه، حاصل أقوال ابن كثير والسعدى والأشقر.
· معنى "وكيلا"
حافِظاً قائما ومُدَبِّراً لأمورِك كلِّها وعَوِّلْ عليه في جميعِها، حاصل قول السعدى والأشقر.
قوله تعالى: "وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا" 10
رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، ذكره ابن كثير.
لَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بالصلاةِ خُصوصاً وبالذكْرِ عُموماً، وذلك يُحَصِّلُ للعبْدِ مَلَكَةً قَوِيَّةً في تَحَمُّلِ الأثقالِ، وفِعْلِ الثقيلِ مِن الأعمالِ، أمَرَه بالصَّبْرِ، ذكره السعدى.
· فائدة الصلاة خصوصا والذكر عموما
بهما يُحَصِّلُ للعبْدِ مَلَكَةً قَوِيَّةً في تَحَمُّلِ الأثقالِ، وفِعْلِ الثقيلِ مِن الأعمالِ، ذكره السعدى.
الصّبر على الأَذَى والسَّبِّ والاستهزاءِ الذى يناله ممن كذّبه من المعاندون له من سفهاء قومه، ولا يجزع من ذلك، حاصل قول ابن كثير والسعدى والأشقر.
· معمول الصبر 2
الصبر على أمْرِ اللَّهِ، لا يَصُدُّه عنه صادٌّ، ولا يَرُدُّه رادٌّ، ذكره السعدى.
من كذبه من المعانِدونَ له من سفهاء قومه، حاصل قول ابن كثير والسعدى.
· المراد بالهجر
الإعراضِ عنهم وعن أقوالِهم التي تُؤْذِيهِ، ذكره السعدى.
الْهَجْرُ حيثُ اقْتَضَتِ الْمَصلَحَةُ، وهو الّذي لا جَزَعَ فيه ولا عتاب معه، ولا أَذِيَّةَ فيه، فلا تَشتغلْ بِمُكَافَأَتِهم، وجِدَالِهم بالتي هي أحسَنُ، حاصل أقوال ابن كثير والسعدى والأشقر.
· متى كان هذا الأمر.
كانَ قَبلَ الأمْرِ بالقتالِ، ذكره الأشقر.
المسائل الإستطرادية:
-قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: وهذا حين كانت صلاة اللّيل فريضةً، ثمّ إنّ اللّه منّ على العباد فخفّفها ووضعها، وقرأ: {قم اللّيل إلا قليلا} إلى آخر الآية، ثمّ قال: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي اللّيل} حتّى بلغ: {فاقرءوا ما تيسّر منه} [اللّيل نصفه أو ثلثه. ثمّ جاء أمرٌ أوسع وأفسح وضع الفريضة عنه وعن أمّته] فقال: قال: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 49] وهذا الّذي قاله كما قاله، ذكره ابن كثير.
-عن عائشة قالت: كنت أجعل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حصيرًا يصلي عليه من اللّيل، فتسامع النّاس به فاجتمعوا، فخرج كالمغضب -وكان بهم رحيمًا، فخشي أن يكتب عليهم قيام اللّيل-فقال: "أيّها النّاس، اكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإنّ اللّه لا يملّ من الثّواب حتّى تملّوا من العمل، وخير الأعمال ما ديم عليه". ونزل القرآن: {يا أيّها المزّمّل (1) قم اللّيل إلا قليلا (2) نصفه أو انقص منه قليلا (3) أو زد عليه} حتّى كان الرّجل يربط الحبل ويتعلّق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهرٍ، فرأى اللّه ما يبتغون من رضوانه، فرحمهم فردّهم إلى الفريضة، وترك قيام اللّيل. رواه ابن جرير وابن أبى حاتم، وضعفه ابن كثير
عن سماك الحنفيّ، سمعت ابن عبّاسٍ يقول: أوّل ما نزل: أوّل المزّمّل، كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان، وكان بين أوّلها وآخرها قريبٌ من سنةٍ. رواه ابن أبى حاتم، وابن جرير، وذكره ابن كثير.
عن أبي عبد الرّحمن قال: لمّا نزلت: {يا أيّها المزّمّل} قاموا حولًا حتّى ورمت أقدامهم وسوقهم، حتّى نزلت: {فاقرءوا ما تيسّر منه} قال: فاستراح النّاس. رواه ابن جرير وكذا قال الحسن البصريّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ عن سعد بن هشامٍ قال: فقلت -يعني لعائشة-: أخبرينا عن قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: ألست تقرأ: {يا أيّها المزّمّل}؟ قلت: بلى. قالت: فإنّها كانت قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، حتّى انتفخت أقدامهم، وحبس آخرها في السّماء ستّة عشر شهرًا، ثمّ نزل. رواه ابن أبى حاتم،
وقال معمر، عن قتادة: {قم اللّيل إلا قليلا} قاموا حولًا أو حولين، حتّى انتفخت سوقهم وأقدامهم فأنزل اللّه تخفيفها بعد في آخر السّورة.
عن سعيد بن جبيرٍ قال: لمّا أنزل اللّه تعالى على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها المزّمّل} قال: مكث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على هذه الحال عشر سنين يقوم اللّيل، كما أمره، وكانت طائفةٌ من أصحابه يقومون معه، فأنزل اللّه عليه بعد عشر سنين: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي اللّيل ونصفه وثلثه وطائفةٌ من الّذين معك} إلى قوله: {وأقيموا الصّلاة} فخفّف اللّه تعالى عنهم بعد عشر سنين. رواه ابن جرير وابن أبى حاتم. ذكره ابن كثير.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يا أيّها المزّمّل قم اللّيل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا [أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا} فأمر اللّه نبيّه والمؤمنين بقيام اللّيل إلّا قليلًا] فشقّ ذلك على المؤمنين، ثمّ خفّف اللّه عنهم ورحمهم، فأنزل بعد هذا: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض} إلى قوله: {فاقرءوا ما تيسّر منه} فوسّع اللّه -وله الحمد-ولم يضيّق، ذكره ابن كثير،
-كان فرضا فى أول الأمر ثم نُسخ الحكم فى حق الصحابة فقط، ذكره الأشقر، واستدل بما رواه أحمدُ, ومسلِمٌ, عن سعْدِ بنِ هِشامٍ قالَ: قلتُ لعائشةَ: أنْبِئِينِي عن قِيامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قالتْ: ألسْتَ تَقرأُ هذه السورةَ:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قلتُ: بلى. قالتْ: فإنَّ اللهَ افْتَرَضَ قِيامَ الليلِ في أوَّلِ هذه السورةِ فقامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وأصحابُه حَوْلاً، حتى انْتَفَخَتْ أقْدَامُهم، وأَمْسَكَ اللهُ خاتِمَتَها في السماءِ اثْنَيْ عشرَ شَهْراً، ثم أَنزلَ التخفيفَ في آخِرِ هذه السورةِ، فصارَ قِيامُ الليلِ تَطَوُّعاً مِن بعدِ فَرْضِه.
- صفة قيام النبى –صلى الله عليه وسلم-
والدّليل عليه ما رواه الإمام أحمد عن سعيد بن هشامٍ: أنّه طلّق امرأته ثمّ ارتحل إلى المدينة ليبيع عقارًا له بها ويجعله في الكراع والسّلاح، ثمّ يجاهد الرّوم حتّى يموت. فلقي رهطًا من قومه فحدّثوه أنّ رهطًا من قومه ستّةً أرادوا ذلك على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "أليس لكم فيّ أسوة ؟ " فنهاهم عن ذلك، فأشهدهم على رجعتها، ثمّ رجع إلينا فأخبرنا أنّه أتى ابن عبّاسٍ فسأله عن الوتر فقال: ألّا أنبّئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: نعم قال: ائت عائشة فاسألها ثمّ ارجع إليّ فأخبرني بردّها عليك. قال: فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها؛ إنّي نهيتها أن تقول في هاتين الشّيعتين شيئًا، فأبت فيهما إلّا مضيًا. فأقسمت عليه، فجاء معي، فدخلنا عليها فقالت: حكيمٌ؟ وعرفته، قال: نعم. قالت: من هذا معك؟ قال: سعيد بن هشامٍ. قالت: من هشامٌ؟ قال: ابن عامرٍ. قال: فترحّمت عليه وقالت: نعم المرء كان عامرٌ. قلت: يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قالت: فإنّ خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان القرآن. فهممت أن أقوم، ثمّ بدا لي قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قلت: يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألست تقرأ هذه السّورة: {يا أيّها المزّمّل}؟ قلت: بلى. قالت: فإنّ اللّه افترض قيام اللّيل في أوّل هذه السّورة، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه حولًا حتّى انتفخت أقدامهم، وأمسك اللّه خاتمتها في السّماء اثني عشر شهرًا، ثمّ أنزل اللّه التّخفيف في آخر هذه السّورة، فصار قيام اللّيل تطوّعًا من بعد فريضةٍ. فهممت أن أقوم، ثمّ بدا لي وتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قلت: يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن وتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: كنّا نعدّ له سواكه وطهوره، فيبعثه اللّه لما شاء أن يبعثه من اللّيل، فيتسوّك ثمّ يتوضّأ ثمّ يصلّي ثماني ركعاتٍ لا يجلس فيهنّ إلّا عند الثّامنة، فيجلس ويذكر ربّه تعالى ويدعو [ويستغفر ثمّ ينهض وما يسلّم. ثمّ يصلّي التّاسعة فيقعد فيحمد ربّه ويذكره ويدعو] ثمّ يسلّم تسليمًا يسمعنا، ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالسٌ بعد ما يسلّم. فتلك إحدى عشرة ركعةً يا بنيّ. فلمّا أسنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأخذه اللّحم، أوتر بسبع، ثم صلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلّم، فتلك تسعٌ يا بنيّ. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى صلاةً أحبّ أن يداوم عليها، وكان إذا شغله عن قيام اللّيل نومٌ أو وجع أو مرضٌ، صلّى من النّهار ثنتي عشرة ركعةً، ولا أعلم نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ القرآن كلّه في ليلةٍ، ولا قام ليلةً حتّى أصبح، ولا صام شهرًا كاملًا غير رمضان. فأتيت ابن عبّاسٍ فحدّثته بحديثها، فقال: صدقت، أما لو كنت أدخل عليها لأتيتها حتّى تشافهني مشافهةً. رواه أحمد ومسلم، وذكره ابن كثير.
- صفة قراءته –صلى الله عليه وسلم-
-قالت عائشة: كان يقرأ السّورة فيرتّلها، حتّى تكون أطول من أطول منها، ذكره ابن كثير.
-عن أنسٍ: أنّه سئل عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: كانت مدًّا، ثمّ قرأ {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} يمدّ بسم اللّه، ويمدّ الرّحمن، ويمدّ الرّحيم. رواه البخارى، ذكره ابن كثير.
-عن أمّ سلمة: أنّها سئلت عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: كان يقطّع قراءته آيةً آيةً، {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العالمين الرّحمن الرّحيم مالك يوم الدّين} (الدليل 3)رواه أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ. ذكره ابن كثير.
1- عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتّل كما كنت ترتّل في الدّنيا، فإنّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقرؤها، رواه أحمد، أبو داود، والتّرمذيّ والنّسائيّ، ذكره ابن كثير.
2- جاء في الحديث: "زيّنوا القرآن بأصواتكم"، و "ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن"، و "لقد أوتي هذا مزمار من مزامير آل داود" يعني: أبا موسى، فقال أبو موسى: لو كنت أعلم أنّك كنت تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرًا. ذكرها ابن كثير.
3- عن ابن مسعودٍ أنّه قال: لا تنثروه نثر الرّمل ولا تهذّوه هذّ الشّعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السّورة. ( أدلة ثواب الترتيل 5) رواه البغويّ، ذكره ابن كثير.
4- حدّثنا عمرو بن مرّة: سمعت أبا وائلٍ قال: جاء رجلٌ إلى ابن مسعودٍ فقال: قرأت المفصّل اللّيلة في ركعةٍ. فقال: هذًّا كهذّ الشّعر. رواه البخارى، ذكره ابن كثير.