عناصر الباب الأول:
1- الجمع بين الآيات الثلاثة الواردة في نزول القرآن.
2- الأدلة على أن ليلة القدر في رمضان.
3-معنى نزول القرآن في ليلة القدر في رمضان .
4- الأدلة على نزول القرآن في رمضان.
5- الأقوال الثلاثة في المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر وذكر الآثار الدالة على كل قول وأقوال المفسرين .
- أنه ابتديء إنزاله فيها.
- أنه أنزل فيها جملة.
- أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
6- السر في إنزال القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
7- نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا هل كان بعد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟.
8-شبهة والرد عليها من وجهين والشبهة هي:
- قال تعالى: ( إنا أنزلناه في ليلة القدر) ، هل هذه الآية من جملة القرآن الذي نزل جملة أم لا؟ لأنه إن لم تكن منه فلا يكون القرآن نزل جملة ، وإن كانت منه فما وجه صحة هذه العبارة؟
9- السر من نزول القرآن إلى الأرض منجماً ، ولماذا لم ينزل جملة كسائر الكتب؟.
10- أول ما نزل من القرآن.
11- آخر ما نزل من القرآن .
12-الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن .
13- معارضة جبريل للنبي بالقرآن في كل سنة مرة وفي العام الذي قبض فيه مرتين.
14- ذكر من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
15- تحقيق القول في عدد حملة القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وإقامة الأدلة على كثرتهم.
16- تأويل الأدلة التي فيها حصر حملة القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بعدد أربعة.
17- على فرض أن من أكمل القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أربعة فقد حفظ أجزائه خلق كثير من الصحابة مما يثبت تواتره.
18- ذكر من سماهم الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام أهل القرآن من الصحابة.
19- أنواع ما نسخ من القرآن وأمثلة ذلك.
- ما نسخت تلاوته وبقى حكمه كآية الرجم والرضاع.
- ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولاً نسخت بالآية التي ذكر فيها ( أربعة أشهر).
- ما نسخت تلاوته وحكمه.
20- كتابة وتأليف القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جمعه بإشارة أبي بكر وعمر ، ثم نسخ ذلك في مصاحف زمن عثمان رضي الله عنهم أجمعين.
21- ذكر ما قاله القاضي أبو بكر الطيب عن مصحف عثمان في كتاب الانتصار للقرآن.
22- ذكر عدد كتاب الوحي.
23- الدليل على أن الأصل في القرآن التلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إجابة السؤال الثاني:حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة اختلافاً شديداً وكثر في ذلك كلام المصنفين ،وأهم ماورد من أقوال في الأحرف السبعة كالتالي:
القول الأول:
قالوا إنها سبع لغات من لغات العرب متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه نزل بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن ،ووكذلك سائر اللغات ، فيختلف اللفظ على حسب اللغة والمعنى واحد ، ودليل هذا ما قاله ابن مسعود "إني سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"، وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل"، ثم فسره ابن سيرين فقال: في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة)، وفي قراءتنا: {صيحة واحدة}، فالمعنى فيهما واحد .
ذكر هذا القول أبو عبيد القاسم بن سلام ، وغيره من أهل العلم.
وأصحاب هذا القول اختلفوا في تحديد اللغات السبعة على أقوال:
1- قال أبو حاتم السجستاني، لغة قريش وهذيل وتميم وأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر.
2- قال البعض خمس بلغة هوازن وحرفان لسائر لغات العرب، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ربي في هوازن ونشأ في هذيل .
3- قال البعض هذه اللغات كلها في مضر ؛ واحتجوا قول عثمان رضي الله عنه : نزل القرآن بلسان مضر، وقبائل مضر تستوعب سبع لغات.
4- قالت طائفة سبع لغات من قريش فحسب.
5- قيل المراد بالسبعة التوسعة لا الحصر.فقد جاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنهما قالا: " نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب".
6- قيل خمس لغات في أكناف هوازن: لسعيد وثقيف وكنانة وهذيل وقريش ، ولعتان على جميع ألسنة العرب.
قال:أبو القاسم الهذلي:"وليس الشرط أن تأتي سبع لغات في كل حرف، بل يجوز أن يأتي في حرف وجهان أو ثلاثة أو أكثر، ولم تأت سبعة أحرف إلا في كلمات يسيرة، مثل: "أف" بالضم والفتح والكسر مع التنوين وبغير تنوين مع الحركات الثلاث وبالسكون."
القول الثاني:
أن الأحرف السبعة هي في اختلاف اللفظ واتحاد المعنى نحو : أقبل وتعال وهلم، وأنكر أصحاب هذا القول أنها سبع لغات ، لأنه لو كان كذلك لم ينكر الصحابة بعضهم على بعض في أول الأمر؛ فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي مكي، وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا منهما بغير ما يعرفه من لغته، وقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم .
وعلى هذا القول فإن الذي في أيدي الناس من الأحرف السبعة التي جاءت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم هو حرف واحد ، حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان رضي الله عنه المصاحف.
القول الثالث:
أن الأحرف السبعة هي سبعة أنحاء وأصناف من المعاني ، فمنها زاجر ، ومنها ، آمر ، ومنها حلال، ومنها حرام ، ومنها محكم ، ومنها متشابه، ودليل هذا القول: حديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
ولكن كما قال ابن عبد البر هذا حديث لم يثبت ، فأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد.
وإن صح الحديث فمعناه أنها أوجه من معاني القرآن ، أو سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه وأصنافه، أي أن الله أنزله من هذه الأصناف ، ولم يقتصر على صنف واحد بخلاف الإنجيل فكله مواعظ وأمثال، وليس المراد ما ورد في حديث السبعة أحرف الآخر من نزول القرآن .
القول الرابع:
قال قوم : السبعة أحرف منها ستة مختلفة الرسم ، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان رضي الله عنهم، نحو الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، نحو (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي)، (وجاءت سكرة الحق بالموت)، (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (والعصر ونوائب الدهر)، (وله أخ أو أخت من أمه)، (وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنا كتبناها عليك)، و(إن كانت إلا زقية واحدة)، و(كالصوف المنفوش)، و(طعام الفاجر)، و(إن بوركت النار ومن حولها) وغيرذلك من النظائر ، فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف، وبقي من القراءات ما وافق المرسوم، فهو المعتبر، إلا حروفا يسيرة اختلف رسمها في مصاحف الأمصار، نحو (أوصى) و(وصى)، و {من يرتد}و(من يرتدد)، و(من تحتها) و(تحتها) وكأن الصحابة رضوان الله عليهم أسقطوا ما فهموا نسخه بالعرضة الأخيرة التي عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعرضها النبي -صلى الله عليه وسلم- على جبريل عليه السلام، ورسموا ما سوى ذلك من القراءات التي لم تنسخ.
القول الخامس:
قال جماعة من أهل العلم أن الأحرف السبعة هي في صفة التلاوة ، وحاولوا استخراج سبعة أحرف من هذه القراءات المشهورة .
- فقال بعضهم وجدت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة هي:
1- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهرُ لكم} , (أطهرَ لكم)، {ويضيقُ صدري} (ويضيقَ صدري) بالرفع والنصب فيهما.
2- ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعَدَ بين أسفارنا) و {ربنا باعِدْ بين أسفارنا}.
3- ومنها ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي.
4- ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش}و(كالصوف المنفوش)،
5- ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود".
6- ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق}"وجاء سكرة الحق بالموت"،
7- ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
مع العلم أنه لا يقرأ من ذلك بما خالف خط المصحف،مما يدل على أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة إلا حرف واحد، وهو صورة مصحف عثمان، وما دخل فيها مايوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف.
وأما ما اختلف فيه القراء من الإمالة والفتح والإدغام والإظهار والقصر والمد والتشديد والتخفيف وشبه ذلك، فهو من النوع الأول لأن القراءة بما يجوز منه في العربية، كما روي عن أئمة وثقات، ولأن كله موافق للخط ، وإلى هذه الأقسام في معاني السبعة ذهب جماعة من العلماء، وهو قول ابن قتيبة، وابن شريح، وغيرهما.
-وقال آخرون: إن الاختلاف الواقع في القرآن، يجمع ذلك سبعة أوجه:
1- الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه".
2- والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل}و"لا تقبل".
3- والإعراب، كقوله تعالى: "المجيدِ" و {المجيدُ}.
4-والتصريف، كقوله تعالى: "يعرُشون" و {يعرِشون}.
5-والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكنِ الشياطين" {ولكنَّ الشياطين}.
6-واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار.
7-وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك.
وقال غيرهم أقوال أخرى وجميعها متقاربة.
وعند التحقيقنجد أن هذه الطرق المذكورة في بيان وجود السبعة أحرف في هذه القراءات كلها ضعيفة، إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، فمن الممكن تعيين غير ذلك مثل صلة الميم ، وهاء الضمير ، والإدغام والإظهار، والمد والقصر، والإمالة وتركها، وغيرذلك والله أعلم.
الراجح:
والله أعلم أن السبعة أحرف هي لغات شعوب من العرب سبعة ، والآثار تدل على ذلك ، فالرخصة بالأحرف كانت من رسول الله والعرب ليس لهم يومئذ كتاب يعتبرونه ولا رسم يعتبرون صورته .
فمعنى حديث الأحرف السبعة أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم في إبدال ألفاظ القرآن بما يؤدي معناها، أو يقاربه من حرف واحد إلى سبعة أحرف، ولم يلزمهم المحافظة على حرف واحد؛ لأنه نزل على أمة أمية لم يعتادوا الدرس والتكرار وحفظ الشيء على لفظه مع كبر أسنانهم واشتغالهم بالجهاد والمعاش، فرخص لهم في ذلك، ومنهم من نشأ على لغة يصعب عليه الانتقال عنها إلى غيرها، فاختلفت القراءات بسبب ذلك كله، ودلنا ما ثبت في الحديث من تفسير ذلك بنحو: هلم، وتعال، على جواز إبداله باللفظ المرادف، ودلنا ما ثبت من جواز {غفورا رحيما}موضع {عزيزا حكيما}على الإبدال بما يدل على أصل المعنى دون المحافظة على اللفظ، فإن جميع ذلك ثناء على الله سبحانه، ثم لما رسمت المصاحف هجر من تلك القراءات ما نافى المرسوم، وبقي ما يحتمله، ثم بعض ما يحتمله خط المصحف اشتهر وبعضه شذت روايته.
إجابةالسؤال الثالث:هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
القراءات السبعة هي بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن ، وذلك لأن الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن على ضربين:
1- الأول:
زيادة كلمة ونقص أخرى، وإبدال كلمة مكان أخرى، وتقديم كلمة على أخرى، وذلك نحو ما روي عن بعضهم: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج)، وروي عن بعضهم: (حم سق)، (إذا جاء فتح الله والنصر)، فهذا الضرب وما أشبهه متروك لإجماع الأمة على اتباع المرسوم في المصحف.
2- النوع الثاني:
ما اختلف القراء فيه من إظهار، وإدغام، وروم، وإشمام، وقصر، ومد، وتخفيف، وشد وإبدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب.
فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة.
فثبت بهذا: أن هذه القراءات التي نقرؤها، هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن، استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة وترك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفته لمرسوم خط المصحف؛ إذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن.
وصارت هذه القراءات المستعملة في وقتنا هذا هي ما تبقى لنا من الأحرف السبعة؛ بسبب ما رواه سلف الأمة رضوان الله عليهم من جمع الناس على هذا المصحف، لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف وتكفير بعضهم لبعض.
إجابة السؤال الرابع:بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
المصاحف كانت خالية من التشكيل ، والنقط ، وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه، فاحتملت التأويل لذلك اختلف القراء ، وكان لكل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف معلمون من الصحابة ، كأبي موسى الأشعري بالبصرة ، وعبد الله بن مسعود بالكوفة، ومعاذ وأبي الدرداء بالشام ، فانتقل هؤلاء المعلمون عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم من مصاحفهم ، أما غير ذلك فثبتوا على ما تعلموه من رسول الله مما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم دليل على تركه ، فمن هنا اختلف القراء.
إجابة السؤال الخامس:ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
شروط القراءة الصحيحة ثلاثة:
1- موافقة خط المصحف ولو احتمالاً.
2- صحة الإسناد أي صحة النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3- الفصاحة في لغة العرب.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة فالقراءة صحيحة معتبرة.
فما خالف هذه الشروط حكم عليها بأنها قراءة شاذة وضعيفة ، وبعضه أقوى من بعض، ولا تجوز القراءة بها لخروجها عن إجماع المسلمين وعن الوجه الذي ثبت به القرآن وهو التواتر ، حتى لو وافقت العربية وخط المصحف ، لأنها جاءت من طريق الآحاد، ولا تجوز القراءة بها في الصلاة .
إجابة السؤال السادس:تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.
الأهم والأولى من حفظ القرآن ، وسرعة سرده ، وتحرير النطق بألفاظه ، والاهتمام بمخارجه، هو فهم معانيه والتفكر فيه ، والعمل بمقتضاه ،والوقوف عند حدوده ، وهذا لا يكون إلا بتدبره وفهمه ، فالتدبر فرع المعنى ، فكيف يتدبر من لايفهم الكلام.
وقد دلت الأحاديث والآثار عن السلف على ذلك :
-في تفسير قوله تعالي: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) قال ابن عباس : يتبعونه حق اتباعه.
- وروي أن رجلا أتى أبا الدرداء بابنه فقال: با أبا الدرداء، إن ابني هذا جمع القرآن، فقال: ((اللهم اغفر، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاعه)).
- وروي عنه مرفوعا وموقوفا: ((اقرءوا القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه)).
- وقدقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
- وعن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
فقد تكون آية واحدة سبباً في إحياء القلب ، فعندما يفقه العبد الآية وتلامس قلبه يجب عليه الوقوف عندها وتكرارها ففي هذا حياة للقلب ، وليس الشأن أن يقرأ كثيراً بلا فقه، بل الشأن كل الشأن التدبر والفهم والتأثر بالقرآن ، ثمرة هذا التأثر العمل به، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.
- سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن -أو أحسن قراءة- فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).
أما الثمرة التي تترتب على فهم القرآن وتدبره:
الثمرة بالتأكيد هي العمل به وإقامة حدوده ، وخشية الله عز وجل في السر والعلن ، ففي القرآن يتعرف العبد على معبوده ، وعلى أسمائه وصفاته ، وكيف يعامل أولياءه ، وكيف يعامل أعداءه ، فتحصل له الذكرى ، وينمو في قلبه حب الله والخوف منه والرجاء فيه ،ويشعر بالاستغناء بالله ، وتحل السكينة في قلبه ، كما أن مصاحبة القرآن بفهم وتدبر تنير القلب ، وتجعل العبد يعيش اليقين والإيمان الحقيقي .
وأدلة ذلك كثيرة:
-فعن الحسن البصري قال: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان، لا علم لهم بتلاوته، ولم ينالوا الأمر من أوله. قال الله عز وجل: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، أما تدبر آياته، اتباعه والعمل بعلمه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كله، فما أسقط منه حرفا، وقد والله أسقطه كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نفس واحد، والله ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة، متى كانت القراء تقول مثل هذا، لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء.
- وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون.
- وقال الفضيل بن عياض: ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد من الخلق حاجة، إلى الخليفة فمن دونه، وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه"..
----------