س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى:( ليسوا سواء )
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
ثانيا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
: تخريج الأقوال.ثالثا
: توجيه الأقوال.رابعا
: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.خامسا
المراجع:
: التفاسير الأصلية ، تفسير عبدالرازق وتفسير أبو حاتم الرازي ، تفسير ابن جرير ، تفسير البغوي ، تفسير النسائي ، والواحدي المرتبة الاولى
ومن دواوين السنة ، السنن الكبرى للنسائي، ومجمع الزوائد للهيثمي
المرتبة الثانية:التفاسير البديلة ، تفسير ابن كثير ،وابن حجر ، والسيوطي ،وفتح القدير للشوكاني
التفاسير الناقلة :ابن عطية ، أبو السعود ،ابن عاشور
التفاسير اللغوية : معانى القرآن للفراء،الزجاج، الكشاف ،مشكل القرآن لمكى بن أبي طالب، ابن عاشور ،الدر المصون.
كتب أسباب النزول:العجاب في بيان الأسباب لابن حجر ، المحرر في أسباب النزول ، ومن المحققين الصحيح المسند في أسباب النزول لمقبل الوادعي
كتب الوقف والابتداء:إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري ، والمكتفى لأبي عمرو الداني ، وعلل الوقوف للسجاوندي ، والأشموني في كتابه منار الهدى.
المسألة الأولى:
تصنيفها ، مسألة تفسيرية ، علوم القرآن ،أسباب النزول.
اختلف في سبب النزول على قولين.
١/ لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قالت أحبار اليهود: ما آمن لمحمد إلا شرارنا ولو كانوا من أخيارنا لما تركوا دين آبائهم ، قاله ابن عباس ، ومقاتل
٢/ نزلت الآية في صلاة العتمة يصليها المسلمون ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها. قاله ابن مسعود .
التخريج:
قول ابن عباس : رواه ابن جرير ، حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّدٌ: ثنا إسحاق، وحدّثني محمّدٌ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسيد بن عبيدٍ ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام ومنحوا فيه قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ وتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك: ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ،، ورواه الهيثمي ورواه الطبراني ورجاله ثقات.
قول مقاتل : لم أجد له تخريج.
قول ابن مسعود : رواه ابن جرير ،. والنسائي في السنن الكبرى ، قال : أخبرنا محمّد بن رافعٍ، حدّثنا أبو النّضر، حدّثنا أبو معاوية، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ، قال: أخّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلةً صلاة العشاء، ثمّ خرج إلى المسجد فإذا النّاس ينتظرون الصّلاة، فقال: أما إنّه ليس من هذه الأديان أحدٌ يذكر الله هذه السّاعة غيركم " قال: وأنزلت هذه الآية {ليسوا سواءً من أهل الكتاب} ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ، والنسائي.
توجيه القول:
أن الضمير عائد على أفعال أهل الكتاب من قتل وعناد وكفر وتكبر ، وأنها عامة فيهم ، وأستثنى وخص المسلمون الصالحون على ماكانوا عليه من استقامة وصلاح
الدراسة والترجيح:
واختار الإمام أبو جعفر بن جرير : "قول ابن مسعود "حيث قال بعد ذكره جملة من الأقوال غير أن الأولى بتأويل الآية قول من قال عني بذلك – تلاوة القرآن في صلاة العشاء لأنها صلاة لا يصليها أحد من أهل الكتاب فوصف الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يصلونها دون أهل الكتاب الذين كفروا بالله ورسوله.
وقال مقبل الوادعي : لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم.
وذكر الوادعي صحة الحديث الأول فقال : (الحديث حسن كما قال الشوكاني [1 /375] نقلا عن السيوطي ، وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد: 1 /312]: رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم في الإحتجاج به اختلاف ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في "موارد الظمآن": ص91 ، وابن جرير ج4 ص55 ، وأبو نعيم في "الحلية "ج4 ص187 ، وأبو يعلى في "المقصد العلي " ج1 ص276.
والراجح أن جميع أسباب النزول صحيحة ،فهي من اختلاف التنوع لاتضاد بينهما ، فظاهر الآية يحتمله تقدير القولين ،كما ورد في كتاب "الصحيح المسند من أسباب النزول" للعلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن الوادعي .
المسألة الثانية :
علام يعود الضمير في قوله ( ليسو سواء )
* قيل على أهل الكتاب من اليهود والنصارى ،قاله ابن عباس وقتادة وابن جريج.
* وقيل عائد على اليهود وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو قول ابن مسعود والسدي.
التخريج :
قول ابن عباس :رواه ابن جرير ، حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّدٌ: ثنا إسحاق، وحدّثني محمّدٌ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسيد بن عبيدٍ ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام ومنحوا فيه قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ وتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك: ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ،،
قول قتادة :رواه ابن جرير قال: حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة:"ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة" يقول: ليس كل القوم هلك، قد كان لله فيهم بقية .
قول ابن جريج :رواه الطبري وابن ابي حاتم عن طريق الحجاج, حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌّ، قال: قال ابن جريجٍ: {أمّةٌ قائمةٌ} عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سلامٍ أخوه، وسعية، ومبشّرٌ،وأسيدٌ وأسدٌ ابنا كعبٍ
وقول أنه عائد على اليهود وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو قول ابن مسعود والسدي.
التخريج :
قول ابن مسعود : رواه ابن جرير حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن الحسن بن يزيد العجليّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّه كان يقول في قوله: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} قال: لا يستوي أهل الكتاب، وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. ورواه وابن أبي حاتم الرازي وابن كثير وذكره احمد بن حنبل في مسنده .
ورواه النسائي في السنن الكبرى ،قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال: ((إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله تعالى في هذه الساعة غيركم)) قال: فأنزلت هذه الآيات: {لَيسوا سَواءً ، وذكره عبدالرزاق ، والواحدي والسيوطي في تفاسيرهم .
قول السدي :رواه ابن جرير وابن أبي حاتم الرازي وقالوا : حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس هؤلاء اليهود كمثل هذه الأمّة الّتي هي قائمةٌ، وذكره ابن كثير في تفسيره .
توجيه القول :
القول الأول: مرجع الضمير لأهل الكتاب، وهو يشمل مؤمنهم وكافرهم
فمحمل وظاهر هذه الآيات يشير إلى أهل الكتاب ، وما حدث منهم من تكبر وعصيان وكفر ، واعتداء وقتل للأنبياء ، والقرآن الكريم إذا أشار إلى العصاة والكفرة منهم ، استثنى منهم من كانوا على الصلاح والإستقامة , وذكرهم واثنى عليهم ،كقوله : (ومن أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون )، وغيرها من الآيات .
القول الثاني : أنه عائد على اليهود وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو قول ابن مسعود والسدي .
فقول ابن مسعود ،كما رواه ابن جرير والنسائي عن طريق عاصم بن زر ، وهو متكلم في حفظه وضبطه .
قال مقبل الوادعي : الحديث حسن كما قال الشوكاني نقلا عن السيوطي لأن عاصما في حفظه شيء .
وإن أعتبر بصحة السند عن ابن مسعود ، فالمؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، مشهود لهم بقيام الليل ، وأهل الكتاب المؤمن منهم ،اثنى عليهم سبحانه وتعالى ،بعد ماذكر سوء أفعالهم وكفرهم وتكبرهم ، بقوله ومن أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون )، فظاهر الآية دلالة صلاح المؤمن منهم واستقامته .
قال ابن جرير : ( معنى ذلك أنّهم غير متساوين، أي : ليسوا متعادلين، ولكنّهم متفاوتون في الصّلاح والفساد والخير والشّرّ.
وقال ابن عطية : يكون الكتاب على هذا اسم جنس لكتب الله وليس للعهد ، فمعنى هذا ، الصالح من الأمم وأن تعددوا فهم أمة قائمة وإن خص أمة محمد صلى الله عليه وسلم بهذا ، والله أعلم
والراجح من ذلك ، فالأقوال المروية عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما ، كما صح في تخريجهما ، جميعها تحمل نفس معنى مرجع الضمير وتعول إليه ، فبذلك لاتعارض في المعنيين ، وإن رجح ابن جرير القول الأول بقوله : وقد بيّنّا أنّ أولى القولين بالصّواب في ذلك قول من قال: قد تمّت القصّة عند قوله: {ليسوا سواءً} عن إخبار اللّه بأمر مؤمني أهل الكتاب، وأهل الكفر منهم، وأنّ قوله: {من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} خبرٌ مبتدأٌ عن مدح مؤمنيهم، ووصفهم بصفتهم، على ما قاله ابن عبّاسٍ، وقتادة، وابن جريجٍ.
المسألة الثالثة :. .
تصنيف المسألة ،تفسيرية ، علوم القرآن الوقف والإبتداء
الاختلاف في الوقف على قوله ليسو سواء
1. قيل الوقف تام ، ذكره أبو بكر الأنباري ،وأبو عمرو الداني ، والأشموني والزجاج ،ومن المفسرين ابن جرير والبغوي وابن عطية والكشاف وابن حيان والسمين الحلبي وغيرهم .
2. وقيل لا وقف فيها ذكره أبو عبدالله السجاوندي ولم ينسبه ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن ، ومن المفسرين ابن جرير والبغوي .
الدراسة والنقد والترجيح :
فالراجح والله أعلم ،الوقف تام ، فمعني الآية لايستوى المؤمن منهم من الفاسق ، فهي بيان الفرق بينهم ، بعد ماذكر فاسقهم استئنفت الآية لذكر صالحهم ومؤمنهم
قال محمد الأشموني في تفسيره 'منار الهدى
( ليسوا سواء (تام) على أنَّ الضمير في ليسوا لأحد الفريقين وهو من تقدم ذكره في قوله :(منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) ،أي ليس الجميع سواء أي ليس من آمن كمن لم يؤمن وترتفع أمة بالابتداء والجار والمجرور وقبله الخبر وهذا قول نافع ويعقوب والأخفش وأبي حاتم وهو الأصح :
وقال البغوي ::وهو وقف لأنه قد جرى ذكر الفريقين من أهل الكتاب في قوله تعالى ( منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) ، ثم قال سبحانه : ( ليسوا سواء ....) يقصد بهم ''المؤمنين والفاسقون ''