0) وسئل أيضاً: عن حكم الاجتماع عند القبر والقراءة؟ وهل ينتفع الميت بالقراءة أم لا؟
فأجاب بقوله : هذا العمل من الأمور المنكرة التي لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وهو الاجتماع عند القبر والقراءة.
وأما كون الميت ينتفع بها فنقول: إن كان المقصود انتفاعه بالاستماع فهذا منتفٍ ، لأنه قد مات وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له) . فهو وإن كان يسمع إذا قلنا بأنه يسمع في هذه الحال فإنه لا ينتفع ، لأنه لو انتفع لزم منه ألا ينقطع عمله ، والحديث صريح في حصر انتفاع الميت بعمله بالثلاث التي ذكرت في الحديث.
وأما إن كان المقصود انتفاع الميت بالثواب الحاصل للقارئ ، بمعنى أن القارئ ينوي بثوابه أن يكون لهذا الميت ، فإذا تقرر أن هذا من البدع فالبدع لا أجر فيها (كل بدعة ضلالة) كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن تنقلب الضلالة هداية ، ثم إن هذه القراءة في الغالب تكون بأجرة ، والأجرة على الأعمال المقربة إلى الله باطلة ، والمستأجر للعمل الصالح إذا نوى بعمله الصالح - هذا الصالح من حيث الجنس وإن كان من حيث النوع ليس بصالح كما سيتبين إن شاء الله - إذا نوى بالعمل الصالح أجراً في الدنيا ، فإن عمله هذا لا ينفعه ولايقربه إلى الله ولا يثاب عليه لقوله - تعالى - : {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون . أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}. فهذا القارئ الذي نوى بقراءته أن يحصل على أجر دنيوي نقول له : هذه القراءة غير مقبولة ، بل هي حابطة ليس فيها أجر ولا ثواب وحينئذ لا ينتفع الميت بما أهدي إليه من ثوابها لأنه لا ثواب فيها ، إذاً فالعملية إضاعة مال، وإتلاف وقت ، وخروج عن سبيل السلف الصالح - رضي الله عنهم - لا سيما إذا كان هذا المال المبذول من تركة الميت وفيها حق قصر وصغار وسفهاء فيأخذ من أموالهم ما ليس بحق فيزاد الإثم إثماً. والله المستعان .