فَصْلٌ
(وإنِ ادَّعَتِ) المُطَلَّقَةُ (انْقِضَاءَ عِدَّتِها في زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُها)؛ أي: عِدَّتِها (فيه, أو) ادَّعَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِها (بِوَضْعِ الحملِ المُمْكِنِ, وأَنْكَرَهُ)؛ أي: أَنْكَرَ المُطَلِّقُ انقضاءَ عِدَّتِها, (فقولُها)؛ لأنَّه أَمْرٌ لا يُعْرَفُ إلاَّ مِن قِبَلِها، فقُبِلَ قولُها فيه، (وإنِ ادَّعَتْهُ)- أي: انْقِضَاءَ العِدَّةِ- (الحُرَّةُ بالحَيْضِ في أقلَّ مِن تِسْعَةٍ وعِشْرِينَ يوماً ولَحْظَةٍ)، أو ادَّعَتْهُ أَمَةٌ في أقلَّ مِن خمسةَ عَشَرَ ولَحْظَةٍ, (لم تُسْمَعْ دَعْوَاها)؛ لأنَّ ذلكَ أقلُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ انقضاءُ العِدَّةِ فيهِ، فلا تُسْمَعُ دَعْوَى انْقِضَائِها فيما دُونَه، وإنِ ادَّعَتِ انْقِضَاءَها في ذلكَ الزمنِ, قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ، وإلاَّ فلا؛ لأنَّ حَيْضَها ثلاثُ مَرَّاتٍ فيهِ, يَنْدُرُ جِدًّا، (وإنْ بَدَأَتْه)؛ أي: بَدَأَتِ الرَّجْعِيَّةُ مُطَلَّقَها (فقالَتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي). وقد مَضَى ما يُمْكِنُ انْقِضَاؤُها فيه، (فقالَ) المُطَلِّقُ: (كُنْتُ رَاجَعْتُكِ). فقولُها؛ لأنَّها مُنْكِرَةٌ، ودَعْوَاهُ للرَّجْعَةِ بعدَ انْقِضَاءِ العِدَّةِ لا تُقْبَلُ إلاَّ بِبَيِّنَةِ أنَّه كانَ رَاجَعَهَا قبلُ، وكذا لو تَدَاعَيَا معاً، ومَتَى رَجَعَتْ, قُبِلَ؛ كجَحْدِ أَحَدِهِما النِّكاحَ، ثمَّ يَعْتَرِفُ بهِ، (أو بَدَأَهَا بهِ), بَدَأَ الزوجُ بقولِهِ: كُنْتُ رَاجَعْتُكِ. (فأَنْكَرَتْهُ) وقالَتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ. (فقولُها)؛ قالَه الخَرَقِيُّ.
قالَ في الواضِحِ: في الدَّعاوَى نَصٌّ عليه. وجَزَمَ به أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وصاحبُ المنورِ، والمذهَبُ في الثانيةِ القولُ قولُه؛ كما في (الإنصافِ)، وصَحَّحَهُ في الفروعِ وغيرِهِ، وقَطَعَ به في الإقناعِ والمُنْتَهَى.