المجموعة الأولى:
س1: اشرح معنى تكفّل الله بجمع القرآن وحفظه.
قال تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
والذكر باتفاق المفسرين هو : " القرآن "
فبين سبحانه أنه هو الحافظ له بينما قال في سورة المائدة عن التوراة : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكمُ بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله ) . فنسب الحفظ لهم .
والمراد بالحفظ : حفظه من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان وتكفل بجمعه وتدوينه وتسخير من يقوم بذلك وتيسيره وجعل رواته يبلغون حد التواتر القطعي الثبوت في كل مصر , بحفظه في الصدور والسطور لا يختلفون في شئ منه ولا يكذب بعضهم بعضا .
وقال تعالى : ( إنا علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه )
وكان رسول الله إذا نزل عليه الوحي يعالج شدة وكان يحرك لسانه مخافة أن ينسى أوله وفي ذلك نزل قوله تعالى : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به * إنا علينا جمعه وقرآنه ) كما جاء في الصحيحين عن ابن عباس .
وفي معنى : ( جمعه وقرآنه )
1) عن ابن عباس : " جمعه في صدرك وتقرأه "
2) وذكر البخاري في ذلك : " جمع بعضه إلى بعض , ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) أي : ما جمع فيه فاعمل بما أمرك الله وانته عما نهاك الله.
س2: تحدث بإيجاز عن مراحل التأليف في جمع القرآن
روى أهل الحديث في صحاحهم وسننهم ومسانيدهم مرويات كثيرة من الأحاديث والآثار في شان جمع القرآن , ثم اهتم شراح الحديث بشرح هذه الأحاديث والآثار وتخريجها , كالطحاوي والخطابي والنووي وابن حجر .
وبعض المفسرين بينوا بعض مسائل جمع القرآن في بداية تفاسيرهم كالقرطبي وابن كثير وابن عاشور .
وكذا علماء رسم المصاحف اعتنوا بهذا الباب فأخرج أبو عبيد في كتابه فضائل القرآن آثاراً في هذا , وكتب أبي داود السجستاني في كتابه المصاحف مسائل مهمة في هذا الموضوع .
وروى صاحب كتاب تاريخ المدينة أثاراً كثيرة في هذا الموضوع , لأن جمع القرآن كان في عهد أبي بكر وعثمان خلفاء المدينة وجزء من تاريخها .
ولما ظهر التأليف المفرد لعلوم القرآن كان هذا الباب وهذا المبحث من أهم الفصول , كما فعل علم الدين السخاوي ( ت : 643 )في كتابه " جمال القراء " ,
وبدر الدين الزركشي ( ت :795 ) في كتابه " البرهان في علوم القرآن "
وجلال الدين السيوطي ( ت: 911) في كتابه "الإتقان في علوم القرآن "
وفي القرن السابق القرن الرابع عشر عندما تطاول بعض المستشرقين والمنافقين للطعن في حجية القرآن , أفرد العلماء في التأليف في ذلك وزادوا في تحريره والعناية بهذا الموضوع , فكان كتاب " تاريخ القرآن " للمفسر الهندي عبد الحميد الفراهي , وكتاب " تاريخ القرآن الكريم " لمحمد طاهر الكردي
وكتاب " مناهل العرفان " للمؤلف محمد عبد العظيم الزرقاني "
ولعلماء عصرنا هذا عناية حسنة بهذا الباب من قبل علماء علوم القرآن منهم الشيخ فهد الرومي في كتابه " دراسات في علوم القرآن "
والشيخ مساعد الطيار في كتابه " المحرر في علوم القرآن "
وفي التأليف المفرد جهود مثمرة منها :
كتاب " جمع القرآن حفظاً وكتابة " للدكتور علي العبيد
وكتاب " جمع القرآن في عهد الخلفاء الراشدين " للشيخ فهد الرومي وكتاب يحمل الاسم نفسه للشيخ عبد القيوم السندي
.
س3: ما المراد بتأليف القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
المراد بهذا هو جمع الآيات وضمها إلى موضعها في السورة التي يعينه النبي صلى الله عليه وسلم , إذ أن من المعلوم أن بعض السور ذوات العدد لم تكتمل آياتها إلا خلال سنوات من نزولها , والأحاديث مبينة لذلك لا إختلاف بين العلماء في ذلك ,ومما روي في ذلك حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد , فكان إذا نزل عليه الشئ دعا بعض من يكتب له فيقول : " ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " , وإذا أنزلت عليه الآيات قال : " وإذا أنزلت عليه الآيات قال ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " , وإذا أنزلت عليه الآية قال : " ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه : بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع , إذ قال : " طوبى للشام "
قيل : ولم ذلك يا رسول الله ؟
قال : " إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها "
رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والترمذي .
وكان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مؤلفاً على ماهي المصاحف اليوم في صدور الصحابة ومكتوباً في اللخاف والرقاع لكن لم يكن مجموعاً بين دفتين , ذلك أن الوحي ما زال يتنزل على النبي عليه الصلاة والسلام في حياته فينسخ ما ينسخ ويزاد فكان جمعه في مصحف مظنة اختلاف ومشقة , كما أن القرآن محفوظاً بحياة النبي معصوما أن ينسى منه شئ , وبعد انقطاع الوحي لم يكن بد من جمعه وحفظه وتدوينه .
س4: عرّف بثلاثة من كتاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم
1) خالد بن سعيد بن العاص الأموي القرشي كان من السابقين للإسلام ولما زاد أذى قريش عليه وعلى من معه من المؤمنين هاجر مع عم رسول الله جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة بإذن رسول الله وقدم عام خيبر معه , وكان شجاعاً جميلاً فصيحاً وهو الذي ولى نكاح خالته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم ,وأول صاحب لواء عقد لحرب المرتدين , وحارب الروم في الشام تحت قيادة خالد بن الوليد .
تقول عنه ابنته أنه خامس من دخل في الإسلام , وأنه أول من كتب بسم الله الرحم الرحيم .
2) علي بن أبي طالب رضي الله عنه , مكانته معروفة في الإسلام ابن عم رسول الله وزوج ابنته فاطمة كان له سبقه في الدين مع أبي بكر وخديجة رضي الله عنهم , كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي كتب له صلح الحديبية , ومن أعلم الصحابة في كتاب الله له روايات في التفسير تدل على فطنته وسعة علمه .
3) أبو المنذر أبي بن كعب الخزرجي النجاري الأنصاري , من كتاب رسول الله وكان يكتب له الوحي وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليهنك العلم أبا المنذر "
س5: هل كان الصحابة رضي الله عنهم يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن؟
كان الصحابة يعرضون قرائتهم على النبي صلى الله عليه وسلم فيثني عليهم ويجيزهم بالإقراء وتعليم الناس .
وكان ربما يختلف الإثنان في بعض الحروف فيقرئان على رسول الله فيحسن قراءة كل منهما , وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعارض بالقرآن في كل رمضان وإني عرضت فالعام الذي قبض فيه مرتين فأنبأني أني محسن "
ذكر البغوي في شرح السنة : قال عبد الرحمن السلمي : " قرأ زيد بن ثابت على رسول الله في العام الذي توفاه الله مرتين, وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت , لأنه كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه , وشهد العرضة الأخيرة "
قال ابن الجزري: (القراءات التي تواترت عندنا عن عثمان وعنه [أي عن عليّ بن أبي طالب] وعن ابن مسعود وأبيّ وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم لم يكن بينهم فيها إلا الخلاف اليسير المحفوظ بين القراء)ا.هـ.
وقد تقدّم قوله: (كانت قراءة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرءون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه)ا.ه.
وهو القائل: (حدثني الذين كانوا يقرءوننا عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم العشر فلا يجاوزنها إلى عشر أخرى، حتى يتعلموا ما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا)ا.هـ.
وقال الذهبي في معرفة القراء الكبار: (وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن عبيد الله المقرئ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا أبي حدثنا حفص بن عمر عن عاصم بن بهدلة وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب الثقفي، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، أنهم قرءوا على أبي عبد الرحمن، وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان رضي الله عنه عامَّة القرآن، وكان يسأله عن القرآن وكان وليَ الأمرَ فشقَّ عليه، وكان يسأله عن القرآن فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس؛ فعليك بزيد بن ثابت؛ فإنه يجلس للناس ويتفرَّغ لهم ولست أخالفه في شيء من القرآن)ا.هـ.
وروى حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: « عُرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات؛ فيقولون: إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة». رواه البزار والروياني والحاكم واللفظ له وصححه ووافقه الذهبي، وحسَّن الحافظ ابن حجر إسناده.