اذكر الفوائد التي استفدتها من قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} الآية.
من الفوائد المستفادة من قصة الذين خرجوا من ديارهم.. الآية
1) من قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين.. الآية" نستفيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو نبي حقا، مرسل من الله إلى الناس، لأن إخبار النبي الأمي صلى الله عليه وسلم لمشركي العرب واليهود والنصارى بقصص لا يدفع بصحتها، ولم تعلم إلا من كتاب لدليل على أن النبي يوحى إليه من ربه، مما يدل على صدق نبوته.
2) من قوله تعالى: "الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت" نستفيد أنه: لن يغني حذرٌ من قدرٍ وأنّه، لا ملجأ من اللّه إلّا إليه.
3) من قوله تعالى: "فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم" نستفيد أن: الإنسان قد يعامل بنقيض قصده إن لم يثق بربه، فهؤلاء فرّوا من الوباء طلبًا لطول الحياة فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعًا في آنٍ واحدٍ.
4) الآية في قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين خرجوا.. الآية" جاءت توطئة للأمر بالقتال، مما يدل على أن سنن الله لا تحابي أحدا، فقد تلت هذه الآية آية أمر المؤمنين بالقتال وعدم الجزع من الموت طالما كان جهادا في سبيل الله، لئلا يشبهوا القوم الذين هربوا من الموت فجاءهم. فالله يضرب الأمثال ويذكر القصص للاعتبار وعدم مشابهة من ضل من الأقوال.
5) من قوله تعالى: "فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم" نستفيد أن من أسماء الله "الرب" الذي يربي عباده بما يجريه عليهم من الأحداث والأقدار لعلهم يعتبروا بها. فهؤلاء قد أراهم الله بأعينهم عاقبة معتقدهم وسلوكهم، فأراهم البصيرة التي لا غاية بعدها.
6) من قوله تعالى: "فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم" نعلم أن الموت والإحياء إنما هو بأمر الله وحده المحيي المميت.
7) من قوله تعالى: "خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت" نستفيد أن الإيمان بالله والثقة به وبحكمته ومعرفة أسمائه وصفاته تبعث على الاطمئنان وتزيل الخوف والجزع والاضطراب.
8) من قوله تعالى: "إن الله لذو فضل على الناس" نعلم أن الله هو المتفضل على عباده على الحقيقة، في جميع النعم الظاهرة والباطنة.
9) من قوله تعالى: "إن الله لذو فضل على الناس" نعلم أن من رحمة الله على عباده أنه يتفضل عليهم بأن يريهم الآيات الباهرة والحجج القاطعة والدلالات الدامغة على ما يزيد إيمانهم به، ويعيدهم إلى الطريق المستقيم لئلا ينالوا العقاب الأليم يوم القيامة.
10) من قوله تعالى: "ولكن أكثر الناس لا يشكرون" نعلم أن الاحتجاج بالكثرة ليس بالضرورة أن يكونوا هم على الحق، بل كثيرا ما جاء في القرآن أن الحض على أن يكون العبد مع القلة إن كانت على الحق، وألا يكن مع الكثرة التي على الباطل.
11) من قوله تعالى: "إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون" نعلم أن نعم الله يجب أن تقابل بالشكر.
2. أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الرابعة:
1. حرّر القول في المراد بالصلاة الوسطى.
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمحافظة على الصلوات كلها عامة، بإقامتها في أوقاتها وبجميع شروطها، وذكر تعالى الصّلاة الوسطى ثانية وقد دخلت قبل في عموم قوله الصّلوات لأنه قصد تشريفها وإغراء المصلين بها. ذكره ابن عطية.
قال ابن كثير: يأمر اللّه تعالى بالمحافظة على الصّلوات في أوقاتها، وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها.
الأدلة والشواهد:
- كما ثبت في الصّحيحين عن ابن مسعودٍ قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّ العمل أفضل؟ قال: "الصّلاة على وقتها". قلت: ثمّ أيٌّ؟ قال: "الجهاد في سبيل اللّه". قلت: ثمّ أيٌّ؟ قال: "برّ الوالدين". قال: حدّثني بهنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولو استزدته لزادني. ذكره ابن كثير.
وقال الزجاج: واللّه قد أمر بالمحافظة على جميع الصلوات إلا أن هذه الواو إذا جاءت مخصصة فهي دالة على الفضل للذي تخصصه.
- كما قال: عز وجل: {من كان عدوّا للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال} فذكرا مخصوصين لفضلهما على الملائكة. ذكره الزجاج.
إلا أن العلماء اختلفوا في تحديدها إلى أقوال، ولازال التنازع موجودا فيها من زمن الصحابة وإلى الآن كما ذكر ابن كثير.
قال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن بشّارٍ وابن مثنّى، قالا حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدّث عن سعيد بن المسيّب قال: كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مختلفين في الصّلاة الوسطى هكذا، وشبّك بين أصابعه.
** وإن اختلاف العلماء كان على أقوال يمكن اختصارها إلى:
القول الأول: صلاة العصر على اعتبارها الوسطى في الترتيب بين الصلوات الفرائض، حيث قبلها صلاتا نهار وبعدها صلاتا ليل. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وروي هذا القول أيضا عن عمر وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي أيوب وأبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخدري، وسمرة بن جندب وابن عباس، وفي مصحف عائشة، وفي إملاء حفصة، وأم حبيبة وأم سلمة، وقاله الحسن البصري وعبيدة وإبراهيم النخعي وزر بن حبيش وسعيد بن جبير وابن سيرين وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل وغيرهم، وهو مذهب أحمد بن حنبل، وذكره الزجاج وابن عطية، وقال ابن عطية أنه قول جمهور الناس، وقال التّرمذيّ والبغويّ، رحمهما اللّه: وهو قول أكثر علماء الصّحابة وغيرهم، وقال ابن المنذر: وهو الصحيح عن أبي حنيفة، وقال القاضي الماورديّ: والشافعي وهو قول جمهور التّابعين. وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ: وهو قول أكثر أهل الأثر. ذكره ابن كثير
وقال: ابن عطية: ومن روى «وصلاة العصر» فيتناول أنه عطف إحدى الصفتين على الأخرى وهما لشيء واحد. كما تقول جاءني زيد الكريم والعاقل.
الأدلة والشواهد:
- وفي مصحف عائشة رضي الله عنها «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر»، وهو قولها المروي عنها. ذكره ابن عطية.
- وفي إملاء حفصة أيضا «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر». ذكره ابن عطية.
- وروي عن ابن عباس أنه قرأ «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر» على البد. ذكره ابن عطية.
- وروى هذا القول سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وتواتر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الأحزاب «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا»، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كنا نرى أنها الصبح حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر. فعرفنا أنها العصر». ذكره ابن عطية.
القول الثاني: صلاة الغداة أي الصبح، على أن الوسطى هي في الترتيب. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال ابن عطية: لأنها قبلها صلاتا ليل يجهر فيهما، وبعدها صلاتا نهار يسر فيهما.
قال ابن كثير: هي وسطى باعتبارٍ أنّها لا تقصر، وهي بين صلاتين رباعيّتين مقصورتين. وتردّ المغرب.
وقال مالك: ذلك بأن الصبح لا تجمع إلى غيرها، وصلاتا جمع قبلها وصلاتا جمع بعدها. ذكره ابن عطية.
وحكى هذا القول: مالك في الموطأ عن علي بن أبي طالب (وقال وذلك رأيي)، وجابر بن عبد الله، وابن عباس وأبو العالية وعطاء، وعكرمة، وعبد الله بن شداد، والربيع بن أنس، وجماعة من الصحابة، وقوى مالك.
وقال ابن كثير: ورواه ابن جريرٍ، عن عبد اللّه بن شدّاد بن الهاد أيضًا وهو الّذي نصّ عليه الشّافعيّ.
الأدلة والشواهد:
- وقال هشيمٌ، وابن عليّة، وغندر، وابن أبي عديٍّ، وعبد الوهّاب، وشريك وغيرهم، عن عوفٍ الأعرابيّ، عن أبي رجاءٍ العطارديّ قال: صلّيت خلف ابن عبّاسٍ الفجر، فقنت فيها، ورفع يديه، ثمّ قال: هذه الصّلاة الوسطى الّتي أمرنا أن نقوم فيها قانتين. رواه ابن جريرٍ. ورواه أيضًا من حديث عوفٍ، عن خلاس بن عمرٍو، عن ابن عبّاسٍ، مثله سواءً.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الوهّاب، حدّثنا عوفٌ، عن أبي المنهال، عن أبي العالية، عن ابن عبّاسٍ: أنّه صلّى الغداة في مسجد البصرة، فقنت قبل الرّكوع وقال: هذه الصّلاة الوسطى الّتي ذكرها اللّه في كتابه فقال: {حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين}. ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقد احتج الشافعي بأن القنوت عنده في صلاة الصبح.
- وقال أيضًا: حدّثنا محمّد بن عيسى الدّامغانيّ، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قال: صلّيت خلف عبد اللّه بن قيسٍ بالبصرة صلاة الغداة، فقلت لرجلٍ من أصحاب رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، إلى جانبي: ما الصّلاة الوسطى؟ قال: هذه الصّلاة. ذكره ابن كثير.
- وقال أيضًا: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا ابن عتمة، عن سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن جابر بن عبد اللّه قال: الصّلاة الوسطى: صلاة الصّبح. ذكره ابن كثير.
القول الثالث: هي صلاة الظهر، فيكون معنى: الوسطى أي الفضلى. ذكره ابن عطية وابن كثير.
وهو قول: زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر، وقاله عمرو بن الزبير وعبد الله بن شداد الهاد، ورواية عن أبي حنيفة.
قال ابن عطية: واحتج قائلو هذه المقالة بأنها أول صلاة صليت في الإسلام.
الأدلة والشواهد:
- روي أنها كانت أشق الصلوات على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت تجيء في الهاجرة. ذكره ابن عطية.
- قال أبو داود الطّيالسيّ في مسنده: حدّثنا ابن أبي ذئب، عن الزبرقان - يعني ابن عمرٍو -عن زهرة -يعني ابن معبدٍ -قال: كنّا جلوسًا عند زيد بن ثابتٍ، فأرسلوا إلى أسامة، فسألوه عن الصّلاة الوسطى، فقال: هي الظّهر، كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، يصلّيها بالهجير. ذكره ابن كثير.
القول الرابع: هي صلاة المغرب، فتكون الوسطى لتوسطها بعدد الركعات. ذكره ابن عطية وابن كثير.
قاله قبيصة بن ذؤيب، ورواه ابن جرير، كما رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وقال ابن كثير: في إسناده نظر.
واحتج من قال بهذا القول:
- وذلك لتوسطها في عدد الركعات ليست ثنائية ولا رباعية. ذكره ابن عطية.
- فقبلها صلاتا سر وبعدها صلاتا جهر. ذكره ابن عطية.
القول الخامس: هي صلاة العشاء الآخرة، فتكون الوسطى لأنها قبلها صلاتان وبعدها صلاتان. حكاه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، وذكره ابن عطية.
قال ابن عطية: تجيء في وقت نوم، وهي اشد صلاة على المنافقين، صلاة العشاء الآخر ويستحب تأخيرها، وذلك شاق فوقع التأكيد في المحافظة عليها، وأيضا فقبلها صلاتان وبعدها صلاتان.
قال ابن كثير: اختاره عليّ بن أحمد الواحديّ في تفسيره المشهور.
القول السادس: هي صلاة لم يعينها الله، فهي في جملة الخمس غير معينة، كليلة القدر في ليالي العشر، فعل الله ذلك لتقع المحافظة على الجميع، قاله نافع عن ابن عمر وقاله الربيع بن خثيم. ذكره ابن عطية.
قال ابن كثير: وأبهمت فيهنّ، كما أبهمت ليلة القدر في الحول أو الشّهر أو العشر. ويحكى هذا القول عن سعيد بن المسيّب، وشريحٍ القاضي، ونافعٍ مولى ابن عمر، والرّبيع بن خيثم، ونقل أيضًا عن زيد بن ثابتٍ، واختاره إمام الحرمين الجوينيّ في نهايته.
القول السابع: هي صلاة الجمعة، فتكون وسطى بمعنى فضلى، لما خصت به من الجمع والخطبة وجعلت عيدا، ذكره ابن حبيب ومكي. ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثامن: هي الصلوات الخمس المكتوبة. قاله بعض العلماء وذكره ابن عطية.
قال ابن كثير: رواه ابن أبي حاتمٍ عن ابن عمر، وفي صحّته أيضًا نظرٌ والعجب أنّ هذا القول اختاره الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ النّمري، إمام ما وراء البحر، وإنّها لإحدى الكبر، إذ اختاره -مع اطّلاعه وحفظه -ما لم يقم عليه دليلٌ من كتابٍ ولا سنّةٍ ولا أثرٍ.
- واحتج من قال بهذا القول: بأن "الصلوات" قبلها تعم الفرض والنفل، ثم خص الفرض بالذكر في "الوسطى". ذكره ابن عطية.
كما جاء عن أهل التفسير عدة أقوال ذكرها ابن كثير: وهي أنها صلاة الجماعة، وقيل صلاة الخوف، وقيل: صلاة عيد الفطر أو عيد الأضحى، وقيل: الوتر، وقيل: الضحى.
وضعفها كلها ابن كثير، وقال: وإنّما المدار ومعترك النّزاع في الصّبح والعصر. وقد ثبتت السّنّة بأنّها العصر، فتعيّن المصير إليها.
- وقد روى الإمام أبو محمّدٍ عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ الرّازيّ في كتاب "فضائل الشّافعيّ" رحمه اللّه: حدّثنا أبي، سمعت حرملة بن يحيى التّجيبيّ يقول: قال الشّافعيّ: كلّ ما قلت فكان عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خلاف قولي ممّا يصحّ، فحديث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أولى، ولا تقلّدوني. وكذا روى الرّبيع والزّعفرانيّ وأحمد بن حنبلٍ، عن الشّافعيّ. وقال موسى أبو الوليد بن أبي الجارود، عن الشّافعيّ: إذا صحّ الحديث وقلت قولًا فأنا راجعٌ عن قولي وقائلٌ بذلك. فهذا من سيادته وأمانته، وهذا نفس إخوانه من الأئمّة.
ومن هاهنا قطع القاضي الماورديّ بأنّ مذهب الشّافعيّ، رحمه اللّه، أنّ صلاة الوسطى هي صلاة العصر، وإن كان قد نصّ في الجديد وغيره أنّها الصّبح، لصحّة الأحاديث أنّها العصر، وقد وافقه على هذه الطّريقة جماعةٌ من محدّثي المذهب، وللّه الحمد والمنّة. ومن الفقهاء في المذهب من ينكر أن تكون هي العصر مذهبًا للشّافعيّ، وصمّموا على أنّها الصّبح قولًا واحدًا. قال الماورديّ: ومنهم من حكى في المسألة قولين.
2. بيّن الحكم في فَطم الرضيع قبل تمام الحولين.
حدد تعالى الحولين كمدة زمنية في رضاع المولود، فقال ابن عطية: أن ذلك لكل مولود ونسبه لجمهور المفسرين، وذكر أيضا قول ابن عباس أنه للمولود الذي يمكث في البطن ستة أشهر، فإن مكث سبعة أشهر فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرا، فإن مكث ثمانية أشهر فرضاعه اثنان وعشرون شهر، فإن مكث تسعة أشهر فرضاعه أحد وعشرون شهرا.
قال ابن عطية، وكأن هذا القول انبنى على قوله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا". لأن ذلك حكم على الإنسان عموما.
وإن مدة الحولين الكاملين هي الأكمل في حق الولد، وجعلها تعالى على التخيير لمن أراد أن يتمهما، أما الزيادة عن الحولين فقد ذكر ابن كثير: أنها ربّما ضرّت الولد إمّا في بدنه أو عقله، وقد قال سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة: أنّه رأى امرأةً ترضع بعد الحولين. فقال: لا ترضعيه.
وقد أباح تعالى فطامه قبل الحولين بشروط، هي:
- أن يكون القرار على اتفاق بين الأبوين دون انفراد أحدهما به.
- أن لا يقع الضرر بالولد، فإن رأت الأم استغناء ولدها عن اللبن قبل انتهاء مدة الحولين فلا جناح عليها في فطامه.
- أما إن عرض للأم ما يعوق إتمام الرضاع مدة الحولين، فجاز للأب حينها أن يسترضع لولده من غير أمه من ترضعه مقابل الأجر.
قال قتادة: إذا سلمتم ما أتيتم من إرادة الاسترضاع، أي سلم كل واحد من الأبوين ورضي وكان ذلك عن اتفاق منهما وقصد خير وإرادة معروف من الأمر. ذكره ابن عطية.
فانظر إلى رحمة الله بهذا المخلوق الضعيف، فقد منع انفراد أحد الأبوين باستبداده بالقرار من غير مشاورة الآخر، وفي هذا احتياط للطفل كما قال الثوري، حيث حجر على الوالدين في تربية طفلهما وأرشدهما إلى ما يصلحه ويصلحهما. ذكره ابن كثير.
الأدلة والشواهد:
كما قال في سورة الطّلاق: {فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ وأتمروا بينكم بمعروفٍ وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى. ذكره ابن كثير.