فَصْلٌ: تُحْكَى الجملةُ الفعليَّةُ بعدَ القولِ, وكذا الاسميَّةُ, وسُلَيْمٌ يُعْمِلونَه فيها عَمَلَ (ظَنَّ) مُطْلقاً، وعليهِ يُرْوَى قولُه:
193- تَقُولُ هَزِيزَ الرِّيحِ مَرَّتْ بِأَثْأَبِ([1]) بالنَّصْبِ, وقولُه:
194- إِذَا قُلْتُ أَنِّي آئِبٌ أهْلَ بَلْدَةٍ([2]) بالفتحِ([3]), وغَيْرُهم يَشْتَرِطُ شُرُوطاً, وهي كونُه مُضارِعاً، وسَوَّى بهِ السِّيرَافِيُّ (قُلْتَ) بالخطابِ، والكُوفِيُّ (قُلْ)، وإسنادُه للمُخاطَبِ, وكونُه حالاً، قالَه الناظِمُ, وَرُدَّ بقَوْلِه:
195- فَمَتَى تَقُولُ الدَّارَ تَجْمَعُنَا([4]) والحَقُّ أنَّ مَتَى ظَرْفٌ لـ (تَجْمَعُنا), لا لـ تَقُولُ, وكونُه بعدَ استفهامٍ بحرفٍ أو باسمٍ, سَمِعَ الكِسَائِيُّ: (أَتَقُولُ لِلْعِمَيانِ عَقْلاً). وقالَ:
196- * عَلامَ تَقُولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عَاتِقِي *([5]) قالَ سِيبَوَيْهِ والأخْفشُ: وكونُهما مُتَّصِلَيْنِ, فلو قُلْتَ: (أَأَنْتَ تَقُولُ) فالحِكَايَةُ. وخُولِفَا, فإنْ قَدَّرْتَ الضميرَ فاعِلاً بمَحْذوفٍ، والنَّصْبَ بذلك المَحْذوفِ جازَ اتِّفاقاً, واغْتَفَرَ الجميعُ الفصلَ بظرفٍ أو مجرورٍ أو مَعْمولِ القولِ, كقولِه:
197- أَبَعْدَ بُعْدٍ تَقُولُ الدَّارَ جَامِعَةً([6]) وقولِه:
198- أُجَهَّالاً تَقُولُ بَنِي لُؤَيٍّ([7]) قالَ السُّهَيلِيُّ: وأنْ لا يَتَعَدَّى باللامِ؛ كـ (تَقُولُ لِزَيْدٍ عَمْرٌو مُنْطَلِقٌ).
وتَجوزُ الحكايةُ معَ استيفاءِ الشُّروطِ نَحْوَ: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ}([8]) الآيةَ. في قِرَاءَةِ الخِطَابِ, ورُوِيَ: *عَلامَ تَقُولُ الرُّمْحُ* بالرفْعِ.
([1])193-هذا عَجُزُ بَيْتٍ مِنَ الطَّويلِ، وصَدْرُه قولُه:
*إِذَا مَا جَرَى شَأْوَيْنِ وَابْتَلَّ عِطْفُهُ*
والبيتُ في وَصْفِ فَرَسٍ، وهو من قصيدةٍ لامْرِئِ القيسِ بنِ حُجْرٍ الكِنْدِيِّ، وأَوَّلُها قولُه:
خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى أُمِّ جُنْدَبٍ = لِنَقْضِيَ حَاجَاتِ الفُؤَادِ المُعَذَّبِ
اللغةُ: (شَأْوَيْنِ) مُثَنَّى شَأْوٍ – بفَتْحِ الشينِ وسكونِ الهمزةِ – وهو الشَّوْطُ والطَّلْقُ، تَقولُ: جَرَى الفَرَسُ شَأْواً، تُرِيدُ شَوْطاً، ومنه قالوا: فلانٌ لا يُدْرَكُ شَأْوُهُ، يُرِيدُونَ أنَّه سَبَّاقٌ فِي المَكْرُمَاتِ، لا يُجارِيهِ أَحَدٌ ولا يُبارِيهِ, (عِطْفُهُ) - بكَسْرِ العينِ وسكونِ الطاءِ المُهْملَةِ –: جَانِبُه، وأَرَادَ من قولِه: (ابْتَلَّ عِطْفُهُ) أنَّه عَرِقَ, (هَزِيزَ الرِّيحِ) دَوِيُّها عندَ هُبوبِها, (أَثْأَبِ) اسْمُ جنسٍ جَمْعِيٌّ, وَاحِدَتُه أَثْأَبَةٌ، وهي الشَّجَرَةُ، والرِّيحُ إذا مَرَّتْ بالشجرةِ سَمِعْتَ دَوِيَّهَا عَالِياً.
المعنَى: يَصِفُ الفَرَسَ بأنَّه سَرِيعُ الجَرْيِ شَديدُه، يَشُقُّ الجوَّ شَقًّا، حتَّى لَتَظُنُّهُ عندَما يَشْتَدُّ جَرْيُه رِيحاً مَرَّتْ بشَجَرةٍ.
الإعرابُ: (تَقولُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ بمعنَى تَظُنُّ مَرْفُوعٌ؛ لتَجَرُّدِه من الناصبِ والجازمِ, وعلامةُ رَفْعِه الضمَّةُ الظاهرةُ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُستَتِرٌ فيهِ وُجوباً، تقديرُه: أنتَ, (هَزِيزَ) مَفْعولٌ أَوَّلُ لتَقُولُ، مَنْصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، وهو مُضافٌ, و(الرِّيحِ) مضافٌ إليهِ, (مَرَّتْ) مَرَّ: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، والفاعلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جَوازاً تَقْدِيرُه: هي, يَعودُ إلى الرِّيحِ, (بأثْأَبِ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بمَرَّ، والجملةُ من الفعلِ الماضي وفاعلِه في مَحَلِّ نصبٍ, مفعولٌ ثانٍ لتَقُولُ.
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (تَقولُ) حَيْثُ استعْمَلَه بمعنَى تَظُنُّ من غَيْرِ أنْ يَتقَدَّمَهُ استفهامٌ، ونَصَبَ فيهِ مفعوليْنِ: أحَدُهما قولُه: (هَزِيزَ الرِّيحِ), وثانيهِما: جملةُ (مَرَّتْ بأثْأَبِ), والذين يُجْرُونَهُ هذا المُجرَى بغيرِ قَيْدٍ هم بَنو سُلَيْمٍ من بينِ العربِ كَافَّةً، وأمَّا غيرُهم فيَتَقَيَّدُونَ بقُيودٍ ذَكرَها المُؤَلِّفُ كغيرِه من النُّحاةِ.
([2])194-هذا صَدْرُ بَيْتٍ من الطويلِ، وعَجُزُه قولُه:
*وَضَعْتُ بِهَا عَنْهُ الوَلِيَّةَ بِالهَجْرِ*
والبيتُ من كَلِمةٍ للحُطَيْئَةِ يَصِفُ بَعِيرَه بالسرعةِ، ومثلُه في المعنَى قَوْلُ حُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ:
إِذَا القَوْمُ قَالُوا: وِرْدُهُنَّ ضُحَى غَدٍ = تَوَاهَقْنَ حَتَّى وِرْدُهُنَّ طُرُوقُ
تَوَاهَقْنَ: تَبَارَيْنَ في السَّيْرِ، وأرادَ أسْرَعْنَ، وطُرُوقُ: هو الوُرودُ لَيْلاً.
اللغةُ: (قُلْتُ) معناها ههنا: ظَنَنْتُ, (آئِبٌ) اسْمُ الفَاعِلِ مِن (آبَ يَؤُوبُ) إذا رَجَعَ، والعادةُ أنْ يَرْجِعَ الإنسانُ من عَمَلِه آخرَ النهارِ، وفي أَوَّلِ الليلِ، وأرادَ هنا من الأَوْبِ وَقْتَهُ الذي ذَكَرْنا, (الوَلِيَّةَ) - بفتحِ الواوِ وكسرِ اللامِ، بعدَها ياءٌ مُثنَّاةٌ مُشدَّدَةٌ – وهي البِرْذَعَةُ، وقيلَ: ما يُوضَعُ تَحْتَها، والبِرْذَعَةُ تُوضَعُ تحتَ رَحْلِ البَعِيرِ, (بالهَجْرِ) - بفتحِ الهاءِ وسكونِ الجيمِ هنا –: نِصْفُ النهارِ عندَ اشتدادِ الحَرِّ، ومثلُه الهَاجِرَةُ، وأصْلُه: الهَجَرِ بتحريكِ الجيمِ، ولكنَّه سَكَّنَها حِينَ اضْطُرَّ.
المعنَى: يَقُولُ: إذا ظَنَنْتُ أَنَّنِي أَصِلُ بَلْدَةً عندَ آخرِ النهارِ، وفي أوَّلِ الليلِ, وقَدَّرْتُ للمسافةِ التي بَيْنِي وبينَها هذا الوقتَ فإِنِّي أَصِلُ البلدةَ في نِصْفِ النهارِ عندَ شِدَّةِ الحرِّ، ولا أحتاجُ للوقتِ الباقي بعدَ ذلك، وهذا بسَببِ سُرعةِ بَعيرِي ونَجابَتِه.
الإعرابُ: (إذا) ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ من الزمانِ، مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ بوَضَعْتُ الآتي, (قُلْتُ) فِعْلٌ ماضٍ بمعنى ظَنَنْتُ مَبْنِيٌّ على فَتْحٍ مُقدَّرٍ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، وتاءُ المتكلِّمِ فاعلُه, (أَنِّي) أنَّ: حَرْفُ تَوْكيدٍ ونصبٍ، وياءُ المُتكلِّمِ اسْمُه, (آئِبٌ) خَبَرُ أَنَّ، وفي (آئِبٌ) ضَمِيرٌ مستترٌ هو فَاعِلُه؛ لأنَّه اسْمُ فَاعِلٍ, (أهْلَ) مَفْعولٌ بهِ لآئِبٍ؛ لإشرابِه معنى وَاصِلٍ أو مُدْرِكٍ، وأهْلَ مُضافٌ, و(بَلْدَةٍ) مُضافٌ إليه، وأَنَّ معَ ما دخَلَتْ عليهِ في تأويلِ مَصْدَرٍ سَدَّ مَسَدَّ مَفْعولَيْ قالَ الذي بمعنَى ظَنَّ، وجُملةُ قالَ وفَاعِلِه ومفعوليْهِ في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ إِذَا إليها, (وَضَعْتُ) فِعْلٌ وفَاعِلٌ, (بِهَا، عَنْهُ) جارَّانِ ومَجْرورانِ يَتعَلَّقانِ بوضَعَ، والضميرُ المجرورُ مَحَلاًّ بالباءِ يعودُ إلى البلدةِ، والضميرُ المجرورُ مَحَلاًّ بعَنْ يَعودُ إلى البَعِيرِ الموصوفِ, (الوَلِيَّةَ) مفعولٌ به لوَضَعَ, (بالهَجْرِ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بوضَعَ.
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (قُلْتُ أَنِّي آئِبٌ) حَيْثُ أَجْرَى قُلْتُ مُجْرَى ظَنَنْتُ، ولم يَحْكِ بهِ الجملةَ التي بعدَه، والدليلُ على ذلكَ أنَّ الروايةَ وَرَدَتْ في هذا البيتِ بفتحِ همزةِ (أَنِّي), ولو أنَّه قَصَدَ الحكايةَ لكَسَرَ الهمزةَ؛ كما ورَدَتْ مكسورةً في نحوِ قولِه تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ}.
فلَمَّا فَتَحَ الهمزةَ عَلِمْنَا أنَّه عَامَلَ قُلْتُ مُعامَلَةَ (ظَنَنْتُ) مِن قِبَلِ أنَّ الهمزةَ تُفْتَحُ بعدَ ظَنَنْتُ، نحوَ قولِه تعالى: {وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا}. وقولِه سبحانَه: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} وغيرِ مَا ذَكَرْنَا مِمَّا لا يُحْصَى من الشواهدِ، والشيءُ إذا تَضَمَّنَ معنَى الشيءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ، نعني: أنَّه لَمَّا تَضَمَّنَ قالَ معنَى ظَنَّ- ومن حُكْمِ ظَنَّ أنْ تُفْتَحَ الهمزةُ بعدَه- فُتِحَتِ الهمزةُ بعدَ قالَ، هذا معَ قَصْدِهم إلى التفرقةِ بينَ (قالَ) التي تُقْصَدُ بها الحكايةُ و(قالَ) التي يُرادُ بها معنَى ظَنَّ، فَافْهَمْ ذلك واحْرِصْ عليه، واللهُ المسؤولُ أنْ يَنْفعَكَ به.
([3]) أي بفتحِ هَمْزَةِ (أَنِّي).
([4])195-هذا عَجُزُ بَيْتٍ من الكاملِ، وصَدْرُهُ قولُه:
*أَمَّا الرَّحِيلُ فَدُونَ بَعْدِ غَدٍ*
وهذا البيتُ من كلامِ عُمَرَ بنِ أبي رَبِيعَةَ المَخْزُومِيِّ، وهو مِن شَواهِدِ سِيبَوَيْهِ.
اللغةُ: (الرَّحِيلُ) الارتحالُ ومُفارَقَةُ دِيارِ الأَحِبَّةِ, (دُونَ بَعْدِ غَدٍ) أي: قبلَ بعدِ الغدِ، فإِمَّا اليومَ وإِمَّا غداً, (فمَتَى تَقُولُ الدَّارَ تَجْمَعُنَا) يُرِيدُ: أيَّ وَقْتٍ بحَسَبِ ظَنِّكَ، وما يَتَرَجَّحُ عندَكَ تَجْمَعُنا فيهِ دَارٌ وَاحِدَةٌ؟ وليسَ الاستفهامُ على حقيقتِه، ولكنَّه يَسْتَبْعِدُ ذلك.
الإعرابُ: (مَتَى) ظرفُ زمانٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نَصْبٍ بتَقُولُ، وسيأتي في بيانِ الاستشهادِ بَحْثٌ طَرِيفٌ فيه, (تَقُولُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ بمعنَى تَظُنُّ، وفاعِلُه ضَمِيرٌ مُستَتِرٌ فيهِ وُجوباً تَقْدِيرُه: أنتَ, (الدَّارَ) مَفْعولٌ بهِ أوَّلُ لتَقُولُ، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ, (تَجْمَعُنَا) تَجْمَعُ: فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعِلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جَوازاًً تَقْدِيرُه: هِيَ, يَعودُ إلى الدارِ، ونَا: مَفْعولٌ به، والجملةُ من الفعلِ المضارعِ وفاعلِه ومفعولِه في مَحَلِّ نصبٍ, مَفْعولٌ ثانٍ لتَقُولُ.
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (تَقُولُ الدَّارَ تَجْمَعُنَا) حيثُ استعمَلَ تقولُ بمعنَى تَظُنُّ، ونَصَبَ به مفعوليْنِ: أحَدُهما: قولُه: (الدَّارَ), والثاني: جُمْلَةُ (تَجْمَعُنا), ولم يَقْصِدْ بهِ الحكايةَ؛ لأنَّه لو قَصَدَ الحكايَةَ لرفَعَ (الدَّارَ) بالابتداءِ، وكانَتْ جُمْلَةُ (تَجْمَعُنا) في مَحَلِّ رفعٍ, خَبَراً.
وكانَتْ جُمْلَةُ المبتدأِ وخَبَرِه في مَحَلِّ نصبٍ، مَقْولَ القَوْلِ، لكنَّه لَمَّا نصَبَ (الدَّارَ) عَلِمْنَا أنَّه أرادَ مِن تَقُولُ معنَى تَظُنُّ, فنَصَبَ به.
و(تَقُولُ) في هذا البيتِ لَيْسَتْ للزمانِ الحاضِرِ، ولكنَّها للزَّمانِ المُستَقْبَلِ، وإنْ كانَتْ بمعنَى تَظُنُّ، فدَلَّ ذلك أنه لا يُشْتَرَطُ في استعمالِ تقولُ بمعنَى تَظُنُّ أنْ يَكُونَ زَمَانُه الحالَ.
قالَ أبو حَيَّانَ: (وفِيهِ رَدٌّ على مَن اشترطَ الحالَ؛ لأنَّه لم يَسْتَفْهِمْهُ عن ظَنِّهِ في الحالِ أَنَّ الدارَ تَجْمَعُه وأحبابَه، بل اسْتَفْهَمَهُ عن وُقوعِ ظَنِّه، لا عن ظَنِّه في الحالِ) اهـ كلامُه. وقالَ اللقانيُّ: (مَتَى ظَرْفٌ لتَقُولُ، فهي استفهامٌ عن حَاصِلٍ) اهـ.
قالَ أبو رَجَاءٍ - غَفَرَ اللهُ له ولوَالِدَيْهِ -: (جَرَى الشيخانِ أبو حَيَّانَ واللقانيُّ على أَنَّ (مَتَى) ظَرْفُ زَمَانٍ مُتَعَلِّقٌ بتَقُولُ)، وبَنَيَا الردَّ على هذا، والذي صَحَّ عندَنا من أقوالِ العلماءِ أنَّ ما ذهَبَ إليهِ ابنُ مالكٍ من اشتراطِ كونِ تقولُ بمعنَى تَظُنُّ للزمانِ الحاضِرِ هو المُسْتَقِيمُ، ولا دَلِيلَ لمَن خالفَه في هذا البيتِ من وجهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّا لا نُسَلِّمُ أنَّ (مَتَى) ظَرْفٌ مُتعَلِّقٌ بقولِه: تَقولُ. بل هو مُتعَلِّقٌ بقَوْلِه: تَجْمَعُنا. والمُسْتَبْعَدُ هو الجَمْعُ بينَه وبينَ أحِبَّتِه، وليسَ المُسْتَبْعَدُ ظَنَّ الجَمْعِ بينَه وبينَهم، فالمعنَى أَتَظُنُّ أنَّ الدارَ تَجْمَعُنا فيما يُسْتَقْبَلُ من الأزمنةِ، وليسَ المرادُ في أيِّ وَقْتٍ تَظُنُّ أنَّ الدارَ تَجْمَعُنا، ووُقوعُ (تَقولُ) بعدَ الاستفهامِ لا يَسْتلزِمُ أنْ يَكونَ هو المُستفهَمَ عنه.
الوَجْهُ الثاني: سَلَّمْنَا أنَّ (مَتَى) مُتَعَلِّقٌ بتَقُولُ، ولَكِنَّا لا نُسَلِّمُ أنَّه إذا تَعَلَّقَ مَتَى بتَقُولُ كَانَ ذلكَ مُسْتلزِماً أَنْ يَكُونَ تَقُولُ للمُسْتقبَلِ لا للحاضرِ؛ إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (مَتَى) مُتَعَلِّقاً بـ( تَقولُ ), وهو معَ ذلكَ للحَاضِرِ, وبيانُ ذلكَ أنَّ القَوْلَ بمعنَى الظَّنِّ مِمَّا يَخْفَى على غيرِ مَن قامَ هو بهِ حُصولَهُ ووَقْتَهُ، فيُمْكِنُ أنْ يَقَعَ الاستفهامُ عن حُصولِه أو عن وَقْتِه، ويُجابُ بما يُحَدِّدُ الزَّمَنَ الذي يَحْصُلُ فيهِ, أو ببيانِ أنَّه حَاصِلٌ الآنَ فِعْلاً، ألسْتَ تقولُ: متَى يَحْصُلُ عندَك ظَنٌّ أَنَّنِي مُلاقٍ أَحِبَّتِي! فتُجابُ أنَّ الظنَّ حَاصِلٌ فِعْلاً! وفي هذا القَدْرِ كِفَايَةٌ.
([5])196-هذا صَدْرُ بَيْتٍ من الطويلِ، وعَجُزُه قولُه:
*إِذَا أَنَا لَمْ أَطْعَُنْ إِذَا الخَيْلُ كَرَّتْ*
والبيتُ من كلمةٍ لعَمْرِو بنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيِّ، رَوَاهَا أبو تَمَّامٍ في دِيوانِ الحَمَاسةِ.
اللغةُ: (عَلامَ) كَلِمةٌ مُؤَلَّفَةٌ من حَرْفٍ واسْمٍ، فالحَرْفُ على، والاسْمُ ما الاستفهاميَّةُ, وقدْ حُذِفَتْ أَلِفُها كما تَحْذِفُها مِن كُلِّ جَارٍّ، نَحْوَ قَوْلِه تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا}, وقولِه جَلَّ ذِكْرُه: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}, وقولِه سُبْحانَه: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}. للفَرْقِ بينَ الموصولةِ والاستفهماميَّةِ. والاستفهامُ هنا عن سَبَبِ الظنِّ المُعَبَّرِ عنه بتَقُولُ، ومِن هنا تَعْلَمُ أنَّه لا فَرْقَ بينَ أَنْ يَكُونَ المُسْتَفْهَمُ عنه هو الظَّنَّ, وأنْ يَكُونَ المُسْتفهَمُ عنه شَيْئاً يَتَّصِلُ بالظنِّ؛ كسَبَبِه ووَقْتِه وحُصولِه, (تَقُولُ)؛ أي: تَظُنُّ, (يُثْقِلُ عَاتِقِي) رُوِيَ في مكانِه: (يُثْقِلُ كَاهِلِي), (أَطْعُنْ) تَقولُ: طَعَنَ فُلانٌ فُلاناً بالرُّمْحِ يَطْعَُنُه – مِثْلُ مَنَعَ يَمْنَعُ أَوْ نَصَرَ يَنْصُرُ – طَعْناً، إذا ضَرَبَهُ به، فهو طَاعِنٌ، والآخَرُ مَطْعُونٌ أو طَعِينٌ، فأمَّا طَعَنَ فلانٌ علَى فُلانٍ فمِن بَابِ فَتَحَ ومَنَعَ، لا غَيْرُ, ومعناهُ جَرَحَهُ ونالَ من عِرْضِه.
المعنَى: بأيِّ حُجَّةٍ أحْمِلُ السلاحَ إذا كُنْتُ لا أُقاتِلُ بهِ الأقرانَ عندَ اشتدادِ البَأْسِ، يُرِيدُ أنَّه إِنَّما يَتَكَلَّفُ مُؤْنَةَ حَمْلِ السلاحِ؛ ليَضْرِبَ به أعداءَه ويَنالَ مِنهم.
الإعرابُ: (عَلامَ) على: حَرْفُ جَرٍّ، ومَا: اسْمُ استفهامٍ مَبْنِيٌّ على سكونِ الألفِ المَحْذوفةِ للتَّفْرِقَةِ بينَ الخَبَرِ والاستخبارِ في مَحَلِّ جَرٍّ، والجَارُّ والمجرورُ مُتعَلِّقٌ بتَقولُ, (تَقُولُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفَاعِلُه ضَمِيرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ وُجوباً، تقديرُه: أنت, (الرُّمْحَ) مَفْعولٌ أَوَّلُ لتَقُولُ مَنْصُوبٌ بالفتحةِ الظاهِرَةِ, (يُثْقِلُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفَاعِلُه ضَمِيرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جَوازاً, تَقْدِيرُه: هو, يَعودُ إلى الرُّمْحِ، والجُمْلَةُ من الفِعْلِ المضارعِ وفاعلِه في مَحَلِّ نصبٍ, مَفْعولٌ ثَانٍ لتَقُولُ, (عَاتِقِي) عَاتِق: مَفْعُولٌ بهِ ليُثْقِلُ، مَنْصوبٌ بفتحةٍ مُقَدَّرةٍ على ما قبلَ يَاءِ المُتكَلِّمِ، وعَاتِق مُضافٌ, وياءُ المُتكلِّمِ مُضافٌ إليه.
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (تَقُولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عَاتِقِي) حَيْثُ استعمَلَ فيهِ (تَقُولُ) بمعنَى تَظُنُّ، ونَصَبَ به مفعوليْنِ: أحَدُهما: قولُه: (الرُّمْحَ), وثانيهما: جُمْلَةُ (يُثْقِلُ عَاتِقِي) على مَا تَبَيَّنَ لكَ مِن الإعرابِ.
والدليلُ على ذلكَ أنَّ الرِّوايَةَ جَاءَتْ بنَصْبِ الرُّمْحِ بالفتحةِ الظاهرةِ، ولَوْ لَمْ يَكُنْ (تَقُولُ) بمعنَى تَظُنُّ لَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرُّمْحُ مَرْفوعاً على أنَّه مُبْتَدَأٌ, وتَكُونَ جُمْلَةُ (يُثْقِلُ عَاتِقِي) في مَحَلِّ رفعٍ خَبَرَ المُبْتدأِ، وتَكُونَ جُمْلَةُ المبتدأِ والخبَرِ في مَحَلِّ نصبٍ مَقْولَ القَوْلِ؛ لأنَّ القَوْلَ لا يَنْصِبُ اسماً مُفْرداً مَتَى كانَ المَقْصودُ بهِ الحكايةَ، وإنَّما يَنْصِبُ الجُملةَ أو ما يُؤَدِّي مَعْنَى الجملةِ، فأنتَ تَقولُ: (قُلْتُ: إِنَّ مُحَمَّداً قَائِمٌ), أو: (قُلْتُ: مُحَمَّدٌ قَائِمٌ). ولا تَقُولُ: (قُلْتُ مُحَمَّداً قَائِماً)، فتَنْصِبُ مُحَمَّداً وقَائِماً بقُلْتُ, إِلاَّ إذا كُنْتَ قَدْ أجْرَيْتَها مُجْرَى ظَنَنْتُ؛ كما هي لُغَةُ سُلَيْمٍ.
([6])197-هذا صَدْرُ بَيْتٍ من البَسِيطِ، وعَجُزُه قولُه:
*شَمْلِي بِهِمْ أَمْ تَقُولُ البُعْدَ مَحْتوماً؟*
ولَمْ أَعْثُرْ لهذا البيتِ على نِسْبَةٍ إلى قائِلٍ مُعَيَّنٍ، ولا عَثَرْتُ لَهُ علَى سَوابِقَ أو لَواحِقَ تَتَّصِلُ به.
اللغةُ: (جَامِعَةً) اسْمُ فَاعِلٍ، فِعْلُه جَمَعَتْ تَجْمَعُ جَمْعاً، والجَمْعُ ضِدُّ التفريقِ, (شَمْلِي) الشَّمْلُ – بفتحِ الشينِ وسُكونِ الميمِ –: يُطْلَقُ على ما تَفَرَّقَ، وعلى ما اجْتَمَعَ، تَقولُ: جَمَعَ اللهُ شَمْلَكُمْ. تُرِيدُ ضَمَّ ما تَفَرَّقَ من أمْرِكُم، وتَقولُ: فَرَّقَ اللهُ شَمْلَكُمْ. تُرِيدُ فَرَّقَ ما اجْتَمَعَ من أَمْرِكُمْ, (مَحْتُوماً) اسْمُ مَفْعولٍ، فِعْلُه حَتَمَ اللهُ الأمْرَ يَحْتِمُه – من بَابِ ضَرَبَ – أي: قَضَاهُ وأَوْجَبَهُ.
المعنَى: لَقَدْ تَفَرَّقْنَا، وتَباعَدَتْ دِيارِي عن دِيَارِ أَحِبَّتِي، فهل تَظُنُّ أَنَّنَا سَنَلْتَقِي مَرَّةً أُخْرَى، وتَجْمَعُنا دَارٌ وَاحِدَةٌ؟ أَمْ تَظُنُّ أنَّه قَدْ قُضِيَ علينا بالفِراقِ أَبَدَ الأبيدِ؟!
الإعرابُ: (أَبَعْدَ) الهمزةُ حَرْفُ استفهامٍ، بعدَ: ظَرْفُ زَمَانٍ مَنْصوبٌ بتَقولُ، أو بـ(جَامِعَةً)، وهو مُضافٌ, و(بُعْدٍ) مُضافٌ إليهِ, (تَقُولُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ بمعنَى تَظُنُّ, مَرْفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيهِ وُجوباً تَقْدِيرُه: أنتَ, (الدَّارَ) مَفْعولٌ أَوَّلُ لتَقُولُ، مَنْصُوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ, (جَامِعَةً) مَفْعولٌ ثانٍ مَنْصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ أيضاً، وفي (جَامِعَةً) ضَمِيرٌ مُستتِرٌ جَوازاً تَقْدِيرُه: هي, يَعودُ إلى الدارِ, وهو فَاعِلُه, (شَمْلِي) شَمْل: مَفْعولٌ بهِ لـ(جَامِعَةً)، منصوبٌ بفتحةٍ مُقدَّرَةٍ على ما قَبْلَ ياءِ المُتكلِّمِ، وهو مُضافٌ, وياءُ المُتكلِّمِ مُضافٌ إليهِ, (بِهِمْ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بـ(جامعةً), (أَمْ) حَرْفُ عَطْفٍ, (تَقُولُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ بمعنَى تَظُنُّ مَرْفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفَاعِلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيهِ وُجوباً تَقْدِيرُه: أنتَ, (البُعْدَ) مَفْعولٌ أوَّلُ لتَقُولُ مَنْصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ, (مَحْتوماً) مَفْعولٌ ثَانٍ لتَقُولُ مَْنصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ أيضاً.
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (تَقُولُ الدَّارَ جَامِعَةً), وكذلكَ قَوْلُه: (تَقُولُ البُعْدَ مَحْتُوماً). وإِنْ لَمْ يَكُنِ المُؤلِّفُ قدْ أنْشَدَه، حيثُ استعمَلَ في كلِّ واحدةٍ من هاتيْنِ العبارتيْنِ (تَقولُ) بمعنَى تَظُنُّ، فنَصَبَ بهِ مفعوليْنِ: أحَدُهما في العبارةِ الأُولَى: قَوْلُه: (الدَّارَ), وثانيهما فيها: قولُه: (جَامِعَةً). والأوَّلُ في العبارةِ الثانيةِ: قولُه: (البُعْدَ), والثاني فيها: قولُه: (مَحْتُوماً). وقدِ اتَّضَحَ ذلكَ في إعرابِ البيتِ غَايَةَ الاتِّضاحِ.
وهذا البيتُ مِن أقْوَى ما يُسْتَدَلُّ به على إجراءِ القَوْلِ مُجْرَى الظَّنِّ، والسرُّ في هذا أنَّ المفعوليْنِ اللذَيْنِ نَصَبَهما (تَقولُ) في كلِّ وَاحِدَةٍ من العبارتيْنِ مَنْصوبانِ لَفْظاً، وقدْ عَلِمْتَ أنَّ القَوْلَ إذا قَصَدْتَ بهِ الحكايةَ لَمْ يَنْصِبْ إِلاَّ الجُمَلَ، أوما يُؤَدِّي مُؤدَّاها، وإذا لَمْ يَصِحَّ أنْ تَقْصِدَ به في هذا البيتِ الحكايةَ لِمَا ذَكَرْنَا؛ وَجَبَ أنْ يَكُونَ بمعنَى الظَّنِّ؛ إِذْ لا ثَالِثَ لهذيْنِ المَعْنَيَيْنِ.
([7])198-هذا صَدْرُ بَيْتٍ من الوَافِرِ، وعَجُزُه قولُه:
*لَعَمْرُ أَبِيكَ أَمْ مُتَجَاهِلِينَا*
وهذا البيتُ للكُمَيْتِ بنِ زَيْدٍ الأَسَدِيِّ.
اللغةُ: (أُجَهَّالاً) الجُهَّالُ: جَمعُ جَاهِلٍ، ويُرْوَى في مكانِه: (أَنُوَّاماً), وهو جَمْعُ نَائِمٍ, (بَني لُؤَيٍّ) أرادَ بهم جُمهورَ قُرَيْشٍ وعَامَّتَهم؛ لأنَّهم جَمِيعاً يَنْتَهِي نَسَبُهم إلى لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ، وهو أبو قُرَيْشٍ كُلِّها, (مُتَجَاهِلِينَا) المُتجاهِلُ: الذي يَتصَنَّعُ الجَهْلَ ويَتكَلَّفُه، وليسَ به جَهْلٌ، والذين رَوَوْا في صدرِ البيتِ: (أَنُوَّاماً) يَرْوُونَ هنا (مُتناوِمِينَا) والمُتناوِمُ: الذي يَتَصَنَّعُ النَّوْمَ.
المَعْنَى: أتَظُنُّ قُرَيْشاً جَاهِلِينَ حينَ اسْتَعْمَلُوا في وَلاياتِهِم اليَمَنِيِّينَ، وآثَرُوهم على المُضَرِيِّينَ، أم تَظُنُّهم عَالِمِينَ بحقيقةِ الأمرِ، مُقَدِّرِينَ سُوءَ النَّتائِجِ، غيرَ غَافِلِينَ عَمَّا يَنْبَغِي العَمَلُ به، ولكنَّهم يَتصَنَّعونَ الجَهْلَ ويَتَكلَّفونَ الغَفْلةَ لمآربَ لهم في أنْفُسِهم؟
الإعرابُ: (أُجَهَّالاً) الهمزةُ للاستفهامِ، جُهَّالاً: مَفْعولٌ ثَانٍ مُقَدَّمٌ على عاملِه وعلى المفعولِ الأَوَّلِ, (تَقُولُ) فِعْلٌ مُضارِعٌ، وفَاعِلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيهِ وُجوباً تَقْدِيرُه: أنتَ, (بَنِي) مَفْعولٌ أوَّلُ لتَقُولُ، وهو مُضافٌ، و(لُؤَيٍّ) مُضافٌ إليهِ, (لَعَمْرُ) اللامُ لامُ الابتداءِ، عَمْرُ: مُبْتدَأٌ، والخبَرُ مَحْذوفٌ وُجوباً، وعَمْرُ مُضافٌ وأَبِي مِن (أَبِيكَ) مُضافٌ إليهِ، وأَبِي مُضافٌ, والكافُ ضَمِيرُ المُخاطَبِ مُضافٌ إليهِ, (أَمْ) عاطفةٌ, (مُتجاهِلِينَا) مَعْطوفٌ على قولِه: (جُهَّالاً).
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (أُجَهَّالاً تَقُولُ بَنِي لُؤَيٍّ) حَيْثُ أعْمَلَ (تَقُولُ) عَمَلَ (تَظُنُّ), فنَصَبَ به مفعوليْنِ: أحَدُهما: قَوْلُه: (جُهَّالاً), والثاني: قولُه: (بَنِي لُؤَيٍّ) معَ أنَّه فَصَلَ بينَ أداةِ الاستفهامِ – وهي الهمزةُ – والفِعْلِ، بفَاصِلٍ – وهو قَوْلُه: (جُهَّالاً) – وذلكَ لأنَّ هذا الفَصْلَ لا يَمْنَعُ الإعمالَ؛ لأنَّ الفَاصِلَ مَعْمولٌ للفِعْلِ؛ إذْ هو مفعولٌ ثَانٍ للفِعْلِ، كما عَرَفْتَ.
([8]) سورة البقرةِ، الآية:140.