ذِكرُ بعض الفضائل الواردة في شأن المعوّذتين:
منها: أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان لا ينام حتّى يقرأهما ويمسح بالرّيق الّذي قرأ فيه ما استطاع من جسده, بدليل حديث عائشة رضي الله تعالى عنها كما جاء ذلك في صحيح البخاريّ أنّها قالت: (كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا أوى إلى فراشه نفث في كفّيه بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وبالمعوّذتين جميعًا ثمّ يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده).
ومنها: أنّه كان صلّى اللّه عليه وسلّم يتعوّذ بهما. فقد روى أبو سعيدٍ الخدريّ -رضي الله تعالى عنه- قال: (كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يتعوّذ من الجانّ وعين الانسان حتّى نزلت المعوّذتان, فلمّا نزلتا أخد بهما وترك ما سواهما).
ومنها: أنّه كان صلّى الله عليه وسلّم يستشفي بهما ويُرقي بهما أهله, كماثبت ذلك عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- كما في صحيح مسلم, قالت: (كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوّذات, فلمّا مرض مرضه الّذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنّها كانت أعظم بركة من يدي).
ومنها: ما جاء في صحيح مسلم من حديث عقبة بن عامر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال له: " ألم تَرَ آيات أُنزِلت اللّيلة لم يُرَ مثلهنّ قطّ؟ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)".
ومنها: ما جاء عنه أيضُا -أي: عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه- أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال له: " لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)". فعدّهما صلّى الله عليه وسلّم من أبلغ ما نزل. وفي رواية: "يا عقبة! اقرأ بـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) فانّك لن تقرأ سورة أحبّ إلى الله عزّ وجلّ وأبلغ عنده منها, فان استطعت أن لا تفوتك فافعل"
ومنها: أنّه عدّهما صلّى الله عليه وسلّم من خيار سور القرآن, فقد قال لعقبة بن عامر:"يا عُقَيب! ألا أعلّمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما النّاس؟" فذكرهما له -يعني المعوّذتين-.
ومنها: أنّه أمره -أي: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه- أن يقرأ هما في الصّباح كما في المساء, فقال له:"كيف رأيت يا عُقيب؟! اقرأ بهما كلّما نمت وكلّما قمت".
ومنها: أنّه كان صلّى الله عليه وسلّم يصلّي بهما أحيانًا كما جاء في بقيّة الحديث المتقدّم.
ومنها: أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- جعلهما من أفضل ما يُتعوّذ به من جميع الشّرور, فقد قال لعقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه-: "يا عقبة, تعوّذ بهما, فما تعوّذ متعوّذ بمثلهما", وقال في حديث آخر: "ما تعوّذ النّاس بأفضل منهما".
ومنها: أنّهما من أفضل ما نزل من السّماء, فلم ينزل مثلهنّ -فضلًا على أن ينزل أفضل منهنّ- في جميع الكتب؛ التّوراة والزّبور والانجيل والقرآن, فقد جاء عن عقبة بن عامرٍ -ضي الله تعالى عنه -أيضًا, أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال له:"يا عقبة بن عامرٍ! ألا أعلّمك سُوَرًا ما أُنزلت في التّوراة ولا في الزّبور ولا في الانجيل ولا في الفرقان مثلهنّ؟! لا يأتين عليك ليلة الّا قرأتهنّ فيها: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)".
ومنها: أنّهما تكفيان من كلّ شرٍّ صباحًا ومساءً, فقد قال صلّى الله عليه وسلّم: "(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) والمعوّذتين حين تصبح وحين تمسي ثلاثًا تكفيك من كلّ شيءٍ".
ومنها: أنّ كان صلّى الله عليه وسلّم ربّما قرأ بهما في الوتر.
وكلّ ما ورد من أحاديث فانّما هو دِلالة على فضل أو فضائل المعوّذتين, بل فضلهما أكبر ممّا ذُكر, وانّما اقتصرت هنا على ما تيسّر من ذلك, والّا فالمقام أطول في عدّ فضائلهما.
هذا, وان كان من خطأ أو تقصير أو سهو أو نسيان فانّما هو من نفسي ومن الشّيطان, وما كان من صوابٍ فمن الله وحده, ولا حول ولا قوّة الّا بالله العليّ العظيم.
ونرجو من الاخوة الأفاضل ممّن وجد خطأً أو زيادةً أو نقصانًا ممّا يستدعي التّنبيه أن ينبّهنا على ذلك مأجورًا مشكورًا.