بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة العاشرة
س1: ما معنى الرب ؟ وما أنواع الربوبية؟
بيان معنى (الرب): الرب هو الاسم الجامع لجميع معاني الربوبية ، ومنه الخلق والملك والتدبير.
والرب إذا أطلق يُراد به الخالق، فالرب هو الخالق لكل شيء سواه، والدليل قوله تعالى:( ألا له الخلق والأمر) .
ويُراد به المالك، فالخالق لابد أن يكون مالكا، والدليل قوله تعالى:( إن لنا للآخرة والأولى)، فهو المالك للدنيا والآخرة بما فيهما من مخلوقات وجمادات وعجماوات.
ومن كان خالقا ومالكا، فهو المدبر لشؤون خلقه المصرف لأمورهم، المربي لهم بما فيه صلاحهم، ولا تجتمع هذه المعاني إلا في الله سبحانه وتعالى.
وإن ظن الخلق أنهم بصناعتهم للشيء أنهم خالقون له، وإن ظن الخلق أنهم يملكون الأموال والأولاد والبيوت والكنوز وأنها مُلك لهم، وإن ظن الخلق أنهم هم المصرفون أمورهم، المتحكمون في دنياهم.
ومن كان خالقا مالكا مدبرا لشؤون خلقه، استحق أن تصرف له العبادة وحده، فالرب هو المعبود حقا.
أما عن أنواع الربوبية: فهى نوعان:
1.ربوبية عامة : تكون بالخلق والملك والتدبير، وهذه عامة لجميع المخلوقات.
2.ربوبية خاصة ولا تكون إلا لأوليائه، فهو يربيهم تربية خاصة بما يُجري عليهم من أقدار ليستخرج منهم عبودية الشكر والصبر، فينالوا الدرجات العلى، وهو الولي لهم بالنصرة، الحفيظ لهم، الموفق لهم بهداية العمل.
س2:ما هو العهد العظيم الذي بين العبد وربه؟
العهد العظيم هو التوحيد، فمن شهد بأنه لا معبود بحق إلا الله، استلزم ذلك منه العمل بهذه الشهادة، ليوفي العهد، ومن وفى فله الجنة، ومن غدر فله النار.
والشهادة تقتضي إخلاص العبادة لله وحده.
ويأبى عدو الإنسان أن يتركه يوفي بعهده، فيتربص له ويزين ويوسوس له ليخرجه عن الوفاء بذلك العهد.
وانظر في قوله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان)، وانظر إلى بلاغة القرآن العزيز، فقد نهى الله تعالى عن اتباع خطوات الشيطان، فمن نظر في لفظة (خطوة) وجد أنها المراد بها الشيء اليسير،
فالشيطان يوسوس للعبد بأمر هين يسير فإذا اتبعه، أعقبه الشيطان بالوسوسة لشيء آخر، وهكذا فإنها سلسلة لا تتناهى من الخطوات الشيطانية المفضية لغضب الله وسخطه، فالذنوب مبدؤها الشيء الحقير الذليل.
وهكذا يُستدرج العبد، حتى يخرج من ملة الإسلام، نسأل الله العافية.
والحفظ من الشيطان يكون بصدق اللجوء لله، ودوام ذكره، والاستعانة به وحده، وكلما كان العبد أرغب في الوفاء بعهده مع الله كلما كانت سرايا الشياطين عليه أشد، إلا من صدق الالتجاء والعون فإن الله كافيه وحافظه.
فعلى العبد مجاهدة الشيطان، وعدم تتبع سبله، فإن لم يكن عبدا لله ، فسيكون حتما عبدا للشيطان، ومن عبد الشيطان فقد نقض عهد الله.
س3: اذكر درجات الناس في خوف العبادة.
1.الدرجة الأولى: السابقون المقربون، أعلى الدرجات.
وهم المسارعون في الخيرات، قاموا بالواجبات، وتجملوا بالمستحبات، تقربا لله عز وجل، وتجنبوا المحرمات بل والمكروهات، طمعا في ثوابه،
وقامت في قلوبهم محبة الله وتعظيمه وخشيته، ومع عبادتهم ومسارعتهم للخير، فإنهم يخافون ألا تُقبل أعمالهم، ليس سوء ظن بالله، بل لما قام في قلوبهم من تعظيم لله، ويقين بفقر النفس وضعفها،
وهؤلاء قال تعالى واصفا إياهم :( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون* والذين هم بآيات الله يؤمنون* والذين هم بربهم لا يشركون* والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلين راجعون* أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون).
2.الدرجة الثانية: المتقون المقتصدون .
وهم الذين اقتصر عملهم على فعل الواجبات، واجتناب المحرمات، خوفا من الله عز وجل.
3.الدرجة الثالثة:المفرطون.
وهم ممن ظلم نفسه، وهم الذين معهم أصل الإيمان، لكنه إيمان ضعيف لا يكفي ليحملهم على القيام بكل الواجبات فيتركون بعضها، وخوفهم من الله متأرجح لا يكفي ليردعهم عن ترك بعض الذنوب.
وهم مستحقون للعذاب، إلا أن يشاء الله في أمرهم شيئا كأن يأذن فيهم بالشفاعة.
4. الدرجة الرابعة: المفرطون الغلاة.
وهم القانطون من رحمة الله اليأسون أن ينالوا رحمته،الذين تكالبت عليهم ذنوبهم وأهلكهم الشيطان بوسوسته بأنه لا توبة لهم.
5.الدرجة الخامسة: المشركون .
وهم خارج دائرة الإسلام، ارتكبوا نواض الإسلام فأُخرجوا منه، وقد صرفوا العبادة لغير الله، وهم خالدون في النار.
س4: بيّن فضل التوكل على الله وحده لا شريك له.
أولا نعرف التوكل: فهو طلب الوكالة من الوكيل، فهو الضامن للأمر المقيم له.
ومعنى توكيل الله: أي تفويض الأمر له سبحانه، فحين تقول ( وأفوض أمري إلى الله) ، فإنك تتوكل عليه أن يتولى تدبير أمرك بما فيه الخير الذي لا تعلمه أنت.
والتوكل عبادة قلبية مشتملة على عبادات أخرى تقوم في قلب العبد، من صدق اللجوء لله، وحسن الظن به، والتذلل له وحده، والانكسار بين يديه، والتعلق به وحده.
فالعبرة بما قام في القلب، والله أعلم بالصادقين.
ولما كان التوكل ( عبادة ) كان شأنه شأن العبادات الأخرى لا يجوز صرفها إلا لله وحده.
وفضل التوكل على الله ورد فيه نصوص كثيرة، نذكر منها:
1.قوله تعالى:( وتوكل على الحي الذي لا يموت)، فمن فطن لدلالة هذه الآية، واقتران التوكل باسم الله الحي وتأكيد ذلك بقوله ( الذي لا يموت)،صرف كل شأنه لمولاه، و تلمس رضاه،
وحفظ قلبه من التشتت، وفر من الخلق الذين لا يملكون له نفعا ولا ضرا، بل لا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا، فكان أسعد الناس حالا ومآلا.
2.وقوله تعالى:( وعلى الله توكلوا إن كنتم مؤمنين) فربط بين التوكل والإيمان، فمن كان مؤمنا حقا كان متوكلا على الله وحده، وقد وعد الله عباده المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر.
3.وقال تعالى ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه): أي كافيه همه، فلا يكون للعبد هما يشغله عن عبادة الله، ولا يصيبه حزن من أذى يصيبه في هذه الدنيا، وهو سبحانه ( نعم الوكيل) الذي لا يخيب من تعلق به ورجاه.
4.و يكفي أن تدخل في زمرة من أحبهم الله، قال تعالى:( فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)، ومن أحبه الله وضع له القبول في الأرض وصار ممن تتردد أسماؤهم في السماء.
ونخلص إلى أن من توكل على الله بصدق، حصل له من السكينة والطمأنينة ما ييجعله في نعيم في هذه الدنيا المكدرة.
س5: عرّف كلا من الاستعانة والاستعاذة والاستغاثة ، واذكر دليل كلا منها.
الاستعانة: طلب الإعانة لتحصيل منفعة، و يقال هى طلب المحبوب.وهى أعمهم.
والدليل: ( إذا استعنت فاستعن بالله) ، فالعبد لا يطلب العون إلا من الله وحده، كما قال تعالى: ( إلياك نعبد وإياك نستعين).
فالاستعانة عبادة لا تصرف إلا لله عز وجل، و لا يمنع ذلك الاستعانة بالخلق لأداء مهام معينة أو القيام بخدمات، إن خلا ذلك من التعلق القلبي بهم، وانفرد القلب بتعلقه بالله وحده، صار جائزا.
الاستعاذة: طلب الإعاذة من شر يتوقع حدوثه.
وهى أن يطلب العبد الاستعذة بالله من شرور الإنس والجن، وكل ما يخاف.
الدليل: (قل أعوذ برب الفلق* من شر ما خلق... ) الآيات، وقوله تعالى: ( قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس* من شر الوسواس الخناس...* الآيات
ففي المعوذتين يستعيذ العبد بالله من شرور الإنس والجن، وفي بيان فضلهما أنهما يُقرآن دبر الصلوات وعند النوم.
الاستغاثة:طلب الإغاثة بسبب شر أو أذى واقع، وهى أخصهم.
والدليل: ( إذا تستغيثون ربكم فاستجاب لكم)، فلا يقدر على دفع المكروه عن العبد إلا الله.
الحمد لله رب العالمين