دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > سِيَر أعلام المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 11:54 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

اسمها ونسبها وكنيتها
هي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشية التيمية رضي الله عنها وأرضاها.
وقد تقدّم الكلام على نسب أبيها رضي الله عنهما.

وأمّا كنية عائشة فهي أمّ عبد الله، كما كناها النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال معمر بن راشد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (كل نسائك لها كنية غيري!
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتني بأم عبد الله)).
فكان يقال لها "أم عبد الله" حتى ماتت ولم تلد قط). رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة.
- وقال أبو معاوية الضرير، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة عن عائشة قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقلت: (يا رسول الله! كنيت نساءك فاكنني).
قال: (( اكتني بابن أختك عبد الله )). رواه ابن سعد.
- وقال أنس بن عياض الليثي، عن هشام بن عروة، عن عبّاد بن حمزة أنَّ عائشة قالت: يا نبي الله ألا تكنيني؟!
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اكتني بابنك عبد الله بن الزبير)). فكانت تكنى بأم عبد الله. رواه ابن سعد.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 12:10 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

أسرتها
أبوها أفضل الأمّة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقدّ تقدّمت سيرته ولله الحمد.
وأمّها أمّ رَوْمان الكنانية، واختلف في اسمها؛ فقيل: زينب، وقيل: دعد.
- قال مصعب بن عبد الله الزبيري في "نسب قريش": (أمّ رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة).
والخلاف في تسمية آبائها كثير، وقول مصعب الزبيري فيه نظر لأنه ثبت في الصحيحين في خبر أضياف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعنها أنه قال لها: (يا أخت بني فراس ما هذا؟).
وفراس أخو الحارث وهما ابنا غنم بن مالك بن كنانة؛ فإما أن تكون من بني فراس بن غنم، وإما أن يكون أبو بكر نسبها إلى أشهر الأخوين.
- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (تقدَّم أنَّ أمَّ رَومان من ذرية الحارث بن غنم وهو أخو فراس بن غنم فلعلَّ أبا بكر نسبها إلى بني فراس لكونهم أشهر من بني الحارث، ويقع في النسب كثير من ذلك، وينسبون أحياناً إلى أخي جدّهم أو المعنى يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أنَّ الحارث أخو فراس؛ فأولاد كلّ منهما إخوة للآخرين لكونهم في درجتهم، وحكى عياض أنَّه قيل في أمّ رومان: إنها من بني فراس بن غنم لا من بني الحارث، وعلى هذا فلا حاجة إلى هذا التأويل).
- وقال أبو عمر ابن عبد البر: (والخلاف من أبيها إلى كنانة كثير جداً، وأجمعوا أنها من بني غنم بن مالك بن كنانة).
- وقال الواقديّ: (كانت أمّ رومان الكنانية تحت عبد اللَّه بن الحارث بن سخبرة بن جرثومة الأزديّ، وكان قد قدم مكة فحالف أبا بكر قبل الإسلام، وتوفي عن أمّ رومان بعد أن ولدت له الطّفيل، ثم خلف عليها أبو بكر).
وقد اختلف في وفاة أمّ رومان على أقوال أقربهما قولان:
أحدهما: أنها ماتت سنة تسع للهجرة، ويُروى حديث فيه مقال في شهود النبي صلى الله عليه وسلم دفنها.
- قال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن القاسم بن محمد، قال: لما دُلّيَت أم رَومان في قبرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سرَّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أمّ رومان)). رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو نعيم في معرفة الصحابة.
وهذا حديث مرسل، وعليّ بن زيد بن جدعان ضعيف الحديث.

والآخر: أنها ماتت في خلافة عثمان.
وقد رجّح البخاري بقاءها بعد النبي صلى الله عليه وسلم بزمن، واحتجّ برواية مسروق عنها، ومسروق إنما قدم المدينة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- قال أبو وائل شقيق بن سلمة: حدثني مسروق بن الأجدع قال: حدّثتني أمّ رومان وهي أمّ عائشة رضي الله عنهما قالت: بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل...) فذكرت حديث الإفك. وهو في صحيح البخاري وغيره.

ولعائشة من الإخوة:
1: عبد الرحمن، وهو شقيقها وأكبر أولاد أبي بكر، أسلم بعد الهجرة.
2: وعبد الله، وأمّه قُتيلة بنت عبد العزى ، أصيب بسهم يوم الطائف فمرض منه حتى مات بالمدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له ولد ثم انقرض عقبه.
3: ومحمد، وأمّه أسماء بنت عميس، ولدت به في حجّة الوداع، ونشأ في حجر عليّ بن أبي طالب، وفي خلافة عليّ

ولها من الأخوات:
1: أسماء، وهي أكبر بنات أبي بكر، وأمّها قُتيلة، وهي شقيقة عبد الله، وقد تزوجها الزبير بن العوام وأنجبت له: عبد الله، والمنذر، وعروة.
2: وأمّ كلثوم، وأمّها حبيبة بنت خارجة بن زيد الخزرجية، وُلدت بعد موت أبيها، وتزوّجها طلحة بن عبيد الله، وأنجبت له: زكريا وعائشة.
ثم خلف عليها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، فولدت له: عثمان، وإبراهيم، وموسى.

ولعائشة أخ من أمّها أسنّ منها هو الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 12:12 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مولدها ونشأتها
وُلدت عائشة رضي الله عنها قبل الهجرة بنحو ثمان سنين، وذلك بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين؛ فقد صحّ في صحيح مسلم وغيره من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، ومن طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة، أنها كانت بنت ثمان عشرة حين مات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من العام الحادي عشر بعد الهجرة.
- قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: (ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس، فقد ثبت في الصّحيح أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم تزوجها وهي بنت ست، وقيل سبع، ويجمع بأنها كانت أكملت السّادسة ودخلت في السّابعة).

وقد نشأت عائشة رضي الله عنها بمكة في كنف أبويها وهما مسلمان، وشهدَت ما لقيا من أذى مشركي قريش، وعرَفَتْ قوة الصحبة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
- قال الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (لم أعقل أبويَّ إلا وهما يدينان الدين، ولم يمرّ علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلاً بكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن؛ فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين). رواه البخاري من هذا الطريق، ورواه عبد الرزاق، وأحمد، وإسحاق بن راهويه من طريق معمر عن الزهري عن عروة بنحوه.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:39 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

إسلامها وهجرتها
وُلدت عائشة رضي الله عنها مسلمة، ولم تعقل أبويها إلا وهما على الإسلام، وهاجرت مع بنات النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبي بكر بصحبة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه على المشهور في كتب السير.
- قال محمد بن عمر الواقدي: حدثنا موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن ريطة، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة أنها سُئلت: متى بنى بك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالت: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة خلَّفنا وخلَّف بناته؛ فلما قدم المدينة بعث إلينا زيد بن حارثة، وبعث معه أبا رافع مولاه، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر، يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظهر، وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الديلي ببعيرين أو ثلاثة، وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر يأمره أن يحمل أهله أمي أمّ رومان وأنا وأختي أسماء امرأة الزبير، فخرجوا مصطحبين؛ فلما انتهوا إلى قديد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة ثلاثة أبعرة، ثم رحلوا من مكة جميعاً؛ وصادفوا طلحة بن عبيد الله يريد الهجرة بآل أبي بكر، فخرجنا جميعاً وخرج زيد بن حارثة وأبو رافع بفاطمة وأمّ كلثوم وسودة بنت زمعة، وحمل زيد أم أيمن وأسامة بن زيد، وخرج عبد الله بن أبي بكر بأمّ رومان وأختيه، وخرج طلحة بن عبيد الله، واصطحبنا جميعا حتى إذا كنّا بالبيض من مِنَى نفر بعيري وأنا في مَحَفَّة معي فيها أمي، فجعلت أمي تقول: وابنتاه! واعروساه! حتى أُدرك بعيرنا وقد هبط من لفت؛ فسلَّم الله عز وجل، ثم إنا قدمنا المدينة فنزلتُ مع عيال أبي بكر، ونزل آل رسول الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبني المسجد وأبياتاً حول المسجد، فأنزل فيها أهله، ومكثنا أياماً في منزل أبي بكر). رواه ابن سعد في الطبقات، والحاكم في المستدرك.
- وقال الزبير بن بكار الأسدي: حدثني محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: (لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلَّفنا وخلَّف بناته، فلما استقر بالمدينة بعث زيد بن حارثة، وبعث معه أبا رافع مولاه، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها من أبي بكر يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظهر، وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الدؤلي ببعيرين أو ثلاثة، وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر أن يحمل أهله أمَّ أبي بكر وأمَّ رومان وأنا وأخي وأسماء امرأة الزبير، فخرجوا مصحبين حتى انتهوا إلى قديد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة درهم ثلاثة أبعرة، ثم دخلوا مكة جميعاً، فصادفوا طلحة بن عبيد الله يريد الهجرة، فخرجنا جميعاً، وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة بنت زمعة، وحمل زيدٌ أمَّ أيمن وولدها أيمن، وأسامة، واصطحبنا حتى إذا كنا بالبيض من نمر نفر بعيري وأنا في محفة معي فيها أمي، فجعلت أمي تقول: وابنتاه واعروساه، حتى إذا أُدرك بعيرنا وقد هبط من الثنية ثنية هرشا فسلّم الله، ثم إنا قدمنا المدينة، فنزلت مع عيال أبي بكر، ونزل آل النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبني المسجد وأبياتاً حول المسجد، فأنزل فيها أهله). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن زبالة أخباري متروك الحديث من بابة الواقدي.
- وقال خليفة بن خياط: حدثنا بكر بن سليمان عن ابن إسحاق، ووهب بن جرير، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: «نزل أبو بكر على حبيب بن إساف أخي بلحارث بن الخزرج بالسنح» ، ويقال: «بل نزل على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي بني الحارث بن الخزرج». رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال محمد بن عمر الواقدي، عن موسى بن يعقوب قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: «نزل أبو بكر على خارجة بن زيد بن أبي زهير وتزوج ابنته، ولم يزل في بني الحارث بن الخزرج بالسنح حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه ابن سعد في الطبقات.
والسُّنح أصلها جمع سانح، مثل بازل وبُزل، وهي هنا اسم موضع في عوالي المدينة.
- قال ياقوت الحموي: (وهي منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، وبينها وبين منزل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ميل).
وقولها: ( حتى إذا كنا بالبيض من مِنَى) لا أعرف موضعاً في مِنَى ولا ما حولها يُسمَّى "البيض" إلا أن يكون المراد بالبيض أعلام الحَرم؛ فقد كانت من حجارة بيضاء اللون، وتُجمع على بيض.
وفسّره بعض المتأخرين بما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان بقوله: (بيض أيضاً من منازل بني كنانة بالحجاز، قال بديل بن عبد مناة الخزاعي يخاطب بني كنانة:

ونحن منعنا بين بيض وعتود ... إلى خيف رضوى من مجرّ القبائل
ونحن صبحنا بالتلاعة داركم ... بأسيافنا، يسبقن لوم العواذل).

وفي هذا التعيين نظر؛ لبعد موضعه جداً عن منى.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:40 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها
تزوّج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة في شوّال بعد السنة العاشرة من البعثة، وذلك قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث سنين، وهي بنت ستّ سنين، ودخل بها بعد الهجرة إلى المدينة في شوال في السنة الأولى أو الثانية من الهجرة، وقد بلغت تسع سنين.
- قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أريتك في المنام ثلاث ليال! جاءني بك الملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي، فأقول: إن يكُ هذا من عند الله يُمضه)). رواه البخاري ومسلم، وقد رواه عن هشام جماعة من الأئمة منهم: وهيب بن خالد، وحماد بن زيد، وأبو أسامة الكوفي، وأبو معاوية، ورواياتهم في الصحيحين وغيرهما بألفاظ متقاربة.
- وقال محمد بن بشر العبدي: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قالا: لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول الله ألا تزوج؟
قال: ((من؟)).
قالت: إن شئت بكراً، وإن شئت ثيباً؟
قال: ((فمن البكر؟)).
قالت: ابنة أحبّ خلق الله عز وجل إليك عائشة بنت أبي بكر.
قال: ((ومن الثيب؟)).
قالت: سودة بنت زمعة، آمنت بك، واتبعتك على ما تقول.
قال: ((فاذهبي فاذكريهما عليَّ)).
فدخلت بيت أبي بكر، فقالت: يا أمَّ رومان! ماذا أدخل الله عز وجل عليكم من الخير والبركة؟
قالت: وما ذاك؟
قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة.
قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي، فجاء أبو بكر، فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عز وجل عليكم من الخير والبركة؟ قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له.
قال: " ارجعي إليه فقولي له: ((أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي)).
فرجعت فذكرت ذلك له، قال: انتظري وخرج.
قالت أم رومان: إنَّ مطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد وعداً قط فأخلفه لأبي بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أمّ الفتى، فقالت: يا ابن أبي قحافة! لعلك مصبئ صاحبنا مدخله في دينك الذي أنت عليه إنْ تزوّج إليك.
قال أبو بكر للمطعم بن عدي: أَقَوْل هذه تقول.
قال: إنها تقول ذلك.
فخرج من عنده، وقد أذهب الله عز وجل ما كان في نفسه من عدته التي وعده فرجع، فقال لخولة: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعته فزوّجها إيّاه وعائشة يومئذ بنت ست سنين، ثم خرجت فدخلت على سودة بنت زمعة.
فقالت: ماذا أدخل الله عز وجل عليك من الخير والبركة؟
قالت: ما ذاك؟
قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه.
قالت: وددت، ادخلي إلى أبي فاذكري ذاك له، وكان شيخاً كبيراً قد أدركته السنّ، قد تخلّف عن الحج، فدخلت عليه، فحيته بتحية الجاهلية؛ فقال: من هذه؟
فقالت: خولة بنت حكيم.
قال: فما شأنك؟
قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة.
قال: كفء كريم، ماذا تقول صاحبتك؟
قالت: تحبّ ذاك.
قال: ادعها لي؛ فدعتها؛ فقال: أي بنية إنَّ هذه تزعم أنَّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبك، وهو كفء كريم، أتحبين أن أزوجك به؟
قالت: نعم.
قال: ادعيه لي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فزوجها إياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج، فجعل يحثي على رأسه التراب!
فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة.
قالت عائشة: (فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث من الخزرج في السنح).
قالت: (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل بيتنا واجتمع إليه رجال من الأنصار، ونساء فجاءت بي أمي وإني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي، فأنزلتني من الأرجوحة، ولي جُميمة ففرقتها، ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب، وإني لأنهَجُ حتى سَكَنَ من نَفَسي، ثم دخلتْ بي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ على سرير في بيتنا، وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم، وبارك لهم فيك.
فوثب الرجال والنساء، فخرجوا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا، ما نُحرت عليَّ جزور، ولا ذبحت عليَّ شاة، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دار إلى نسائه وأنا يومئذ بنت تسع سنين). رواه أحمد.
- وقال عبد الله بن نمير، عن الأجلح [بن عبد الله الكندي] عن عبد الله بن أبي مليكة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة إلى أبي بكر الصديق؛ فقال: يا رسول الله! إني كنت أعطيتها مُطعماً لابنه جبير فدعني حتى أسلَّها منهم؛ فاستسلّها منهم فطلّقها فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الله بن عمر بن أبان: حدّثنا أبو أسامة، عن الأجلح، عن ابن أبي مليكة، قال: «خطب النبي صلى الله عليه وسلم عائشة إلى أبي بكر وكان أبو بكر قد زوجها جبير بن مطعم فخلعها منه، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ست سنين، تركها ثلاث سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين». رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «تزوَّجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمرق شعري، فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين». رواه البخاري، ومسلم.
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: حدثني عبد الله بن معاوية، عن هشام بن عروة، أنَّ عروة كتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان: « ونكح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند متوفَّى خديجة عائشة رضي الله عنها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أريها في المنام ثلاث مرارٍ يُقال: هذه امرأتك عائشة، وكانت عائشة يوم نكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت ست سنين، ثم بنى بها وقدم المدينة وهي بنت تسع سنين». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «تزوَّجني النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ستّ سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين». رواه مسلم.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفَّت إليه وهي بنت تسع سنين ولُعَبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة». رواه مسلم.
- وقال أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة». رواه مسلم في الصحيح، وابن سعد في الطبقات.
- وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة، عن عائشة، قالت: «أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت تسع سنين، ومكثت عنده تسع سنين». رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: «تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأيّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني؟!!».
قال: «وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال». رواه عبد الرزاق، وابن سعد، وإسحاق بن راهويه، وأحمد، ومسلم، وغيرهم.
- قال أبو عاصم النبيل تلميذ سفيان الثوري: (إنما كره الناس أن يدخلوا النساء في شوال لطاعون وقع في شوال في الزمن الأول). رواه ابن سعد.
- وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن حسن، عن أسامة بن حفص، عن يونس، عن ابن شهاب قال: «تزوج عائشة بنت أبي بكر في شوال، وأعرس بها بالمدينة في شوال على رأس ستة عشر شهراً من مهاجره إلى المدينة». رواه الطبراني في المعجم الكبير، ومحمد بن حسن بن زبالة أخباريّ متروك الحديث من بابة الواقدي.
- وقال أبو عبد الله الذهبي: (دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال بعد بدر، ولها من العمر تسع سنين).
- - قلت: ( ظاهر ما ذكرته عائشة رضي الله عنها من سياق خبر زواجها يرجّح أنها زفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى، وما ذكره الذهبي إن كان مستنده ما ذكره ابن زبالة؛ فليس ممن يُركن إليه).
- وقال زيد بن الحباب بن الريّان: حدثني حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «لما تزوَّجني النبي صلى الله عليه وسلم سمَّنني أهلي بكل شيء فلم أسمن، فأطعموني القثاء والرطب فسمنت عليه أحسن السمن». رواه الطبراني في المعجم الكبير.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:44 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

بعض أخبارها في بيت النبوة
- قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: « كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه، فيسرّبهن إلي فيلعبن معي». رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري: حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: (يا رسول الله! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة).
وأنا ساكتة.
قالت: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «أي بنية! ألست تحبين ما أحب؟!» فقالت: بلى.
قال «فأحبّي هذه».
قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلن لها: ما نراك أغنيتِ عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إنَّ أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة؛ فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبداً.
قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأةً قطّ خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدَّق به، وتقرَّب به إلى الله تعالى، ما عدا سَوْرَةٍ من حدَّة كانت فيها، تسرع منها الفيئة.
قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مِرْطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالت: يا رسول الله! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة.
قالت: (ثم وقعت بي، فاستطالت عليَّ، وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طَرْفَه، هل يأذن لي فيها).
قالت: (فلم تبرح زينب حتى عرفتُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر).
قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتبسم إنها «ابنة أبي بكر». رواه مسلم والنسائي في السنن الكبرى، ورواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري؛ فذكر الحديث بنحوه.
- وقال إسرائيل بن يونس، عن جدّه أبي إسحاق السَّبيعي، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير، قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأذن له فدخل، فقال: يا ابنة أم رومان! وتناولها: أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
قال: فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها.
قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول لها يترضَّاها: « ألا ترين أني قد حِلْتُ بين الرجل وبينك».
قال: ثم جاء أبو بكر، فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها.
قال: فأذن له فدخل؛ فقال له أبو بكر: (يا رسول الله! أشركاني في سِلْمِكما كما أشركتماني في حربكما). رواه أحمد في المسند وفي فضائل الصحابة، والطبراني في المعجم الكبير، ورواه أبو داوود في سننه من طريق حجاج بن محمد المصيصي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه بنحوه.
- وقال ابن شهاب الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعذر أبا بكر من عائشة، ولم يخش النبي صلى الله عليه وسلم أن ينالها أبو بكر بالذي نالها، فرفع أبو بكر بيده فلطم في صدر عائشة، فوجد من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لأبي بكر: «ما أنا بمستعذرك منها بعد فعلتك هذه!». رواه معمر بن راشد في جامعه، ومن طريقه أحمد في فضائل الصحابة، وابن حبان في صحيحه.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى»
قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟
فقال: « أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت عليَّ غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم ».
قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله! ما أهجر إلا اسمك). رواه البخاري ومسلم.
- وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة، قالت: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد، «ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو». رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: «تقدموا» فتقدموا، ثم قال لي: «تعالي حتى أسابقك» فسابقته فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: «تقدموا» فتقدموا، ثم قال: «تعالي حتى أسابقك» فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك، وهو يقول: «هذه بتلك». رواه أحمد، وأبو داوود، والنسائي في السنن الكبرى، وغيرهم.


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:44 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

فضائلها ومناقبها
لعائشة رضي الله عنها فضائل كثيرة، ومناقب جليلة صحّت بها الأحاديث والآثار، فقد كانت أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي زوجته في الدنيا والآخرة، نزل الملَك عليه بصورتها قبل أن يتزوجها، ولم يتزوّج بكراً غيرها، ورأت جبريلَ عليه السلام، وأقرأها السلام، ولها فضل امتازت به على سائر النساء حتى شبّه النبي صلى الله عليه وسلم فضلها على النساء بفضل الثريد على سائر الطعام، ولم ينزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلّم وهو في لحاف امرأة من نسائه غيرها، وبرَّأها الله مما قُذفت به بآيات من القرآن الكريم لا تزال تتلى إلى أن يأتي أمر الله، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مسندته على صدرها، في يومها، ودُفن في حجرتها.
- قال عبد العزيز بن المختار: حدثنا خالد الحذاء، حدثنا أبو عثمان، قال: حدثني عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟
قال: «عائشة».
فقلت: من الرجال؟
فقال: «أبوها».
قلت: ثم من؟
قال: «ثم عمر بن الخطاب» فعدّ رجالاً). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن قيس بن أبي حازم قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل قال: قال عمرو بن العاص.
قلت: يا رسول الله! من أحبّ الناس إليك؟
قال: «عائشة».
قال: قلت: إنما أقول من الرجال؟
قال: «أبوها». رواه أحمد في فضائل الصحابة، والترمذي، وابن حبان، والحاكم في المستدرك.
- قال ابن شهاب الزهري: قال أبو سلمة: إن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: «يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام».
فقلت: (وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه البخاري ومسلم.
- وقال عبدة بن سليمان الكلابي، عن هشام بن عروة، عن صالح بن ربيعة بن هدير، عن عائشة قالت: أُوحيَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه فقمت فأجفت الباب فلما رُفِّه عنه؛ قال: ((يا عائشة! إنَّ جبريل يقرئك السلام)). رواه النسائي في السنن الكبرى.
- وقال شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإنَّ فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثني محمد بن جعفر [بن أبي كثير]، عن عبد الله بن عبد الرحمن [أبي طوالة]، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». رواه البخاري.
ورواه مسلم من طريق القعنبي عن سليمان بن بلال عن أبي طوالة به.
- وقال أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، ويومي، وبين سحري ونحري، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطبٌ، فنظر إليه، فظننتُ أنَّ له فيه حاجة، قالت: فأخذته فمضغته، ونفضته وطيَّبته، ثم دفعتُه إليه، فاستنَّ كأحسن ما رأيته مستناً قطّ، ثم ذهب يرفعه إليَّ فسقط من يده، فأخذت أدعو الله عز وجل بدعاء كان يدعو له به جبريل عليه السلام، وكان هو يدعو به إذا مرض، فلم يدعُ به في مرضه ذلك، فرفع بصره إلى السماء، وقال: « الرفيق الأعلى، الرفيق الأعلى»، يعني وفاضت نفسه، فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخرِ يومٍ من أيّام الدنيا). رواه أحمد، والبخاري.
- وقال وكيع بن الجراح، عن إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن مصعب بن إسحاق بن طلحة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت عائشة في الجنة كأني أنظر إلى بياض كفيها ليهوَّن بذلك علي عند موتي». رواه أحمد في فضائل الصحابة، ورواه ابن أبي شيبة من طريق أبي أسامة عن إسماعيل عن مصعب مرسلاً، ومصعب مجهول الحال، لكن للحديث طريق أخرى يُحسَّن بها.
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنه ليهوّن عليَّ الموتُ أن أريتكِ زوجتي في الجنة)). رواه الحسين بن الحسن المروزي في زوائده على كتاب الزهد لابن المبارك، والطبراني في المعجم الكبير.
- وقال أسباط بن محمد الكوفي، عن مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين، وقال: (إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد في الطبقات، والحاكم في المستدرك، الخرائطي في اعتلال القلوب.
- وقال عبد الوهاب بن عبد المجيد: حدثنا ابن عون، عن القاسم بن محمد أنَّ عائشة اشتكت؛ فجاء ابن عباس فقال: «يا أمَّ المؤمنين! تقدمين على فَرَطِ صِدْق، على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر». رواه البخاري.
- وقال محمد بن جعفر غندر: حدثنا شعبة، عن الحكم بن عتيبة قال: سمعت أبا وائلٍ قال: لما بعث عليٌّ عَمَّاراً والحسنَ إلى الكوفة ليستنفرَهم خطب عَمَّارٌ فقال: «إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها». رواه أحمد، والبخاري، وأبو يعلى، والبيهقي.
- وقال وكيع بن الجراح، عن أبيه، عن أبي إسحاق [السبيعي]، عن عريب بن حميد قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ فوقع في عائشة فقام عمار فقال: «اخرج مقبوحاً منبوحاً، والله إنها لزوجة رسول الله في الدنيا والآخرة». رواه أحمد في فضائل الصحابة.
- وقال إسرائيل بن يونس، عن جدّه أبي إسحاق السبيعي، عن عريب بن حميد قال: رأى عمارٌ يومَ الجملِ جماعةً، فقال: ما هذا؟
فقالوا: رجلٌ يسبُّ عائشةَ ويقع فيها.
قال: فمشى إليه عمار، فقال: (اسكت مقبوحاً! أتقع في حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنها لزوجته في الجنة). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن سعد في الطبقات، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة؛ فهلكت؛ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلَّوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم فقال: أسيد بن حضير: (جزاك الله خيرا؛ فوالله ما نزل بك أمرٌ قط إلا جعل الله لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركة). رواه البخاري، ومسلم.
- وقال حماد بن زيد: حدثنا هشام، عن أبيه، قال: كان الناس يتحرَّون بهداياهم يوم عائشة.
قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أمّ سلمة؛ فقلن: يا أم سلمة! والله إنَّ الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان، أو حيث ما دار.
قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم.
قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليَّ ذكرت له ذاك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: «يا أم سلمة! لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحيُ وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها». رواه البخاري ، والترمذي، والنسائي.
- وقال هشام بن عروة، عن عوف بن الحارث، عن رميثة، عن أمّ سلمة أنَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم كلمنها أن تكلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة وتقول له: «إنا نحبّ الخير كما تحب عائشة، فكلمته، فلم يجبها، فلما دار عليها، كلمته أيضاً، فلم يجبها».
وقلن: ما ردَّ عليك؟
قالت: «لم يجبني».
قلن: لا تدعيه حتى يردَّ عليك، تنظرين ما يقول.
فلما دار عليها الثالثة كلَّمته؛ فقال: «لا تؤذيني في عائشة، فإنه لم ينزل عليَّ الوحي، وأنا في لحاف امرأة منكن إلا في لحاف عائشة».
فقلت: (أعوذ بالله أنْ أسوءَك في عائشة). رواه أحمد، والنسائي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده، والطحاوي في شرح مشكل الآثار، وابن حبان، وعوف بن الحارث هو ابن الطفيل بن الحارث بن سخبرة الأزدي، والطفيل أخو عائشة لأمّها، ورُميثة أخت عوف.
- - قال أبو عبد الله الذهبي: (وهذا الجواب منه دالٌّ على أنَّ فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبّه لها، وأنَّ ذلك الأمرَ من أسباب حبّه لها).
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما كان في مرضه، جعل يدور في نسائه، ويقول: «أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟» حرصاً على بيت عائشة.
قالت عائشة: «فلما كان يومي سكن». رواه البخاري ومسلم، وزاد مسلم في رواية: (قالت: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري).
- وقال محمد بن بكار بن الريان البغدادي: حدثنا يوسف بن يعقوب بن الماجشون، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! مَن أزواجك في الجنة؟
قال: ((أما إنَّك منهن)).
قالت: (فخُيِّلَ إليَّ أنَّ ذاكَ أنَّه لم يتزوج بكراً غيري). رواه الطبراني في المعجمين الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك.
- وقال القاضي أبو يوسف، عن أبي حنيفة، عن عون بن عبد الله، عن عامر الشعبي، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (في سبع خصال ليست في أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:
= تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم بكراً، ولم يتزوج أحداً من نسائه بكراً غيري.
= ونزل جبريل إليه بصورتي قبل أن يتزوجني، ولم ينزل صورة أحد من نسائه غيري.
= ورأيتُ جبريلَ، ولم يره أحد من أزواجه غيري.
= وكنت من أحبّهن إليه نفساً ووالداً.
= وكان جبريل ينزل عليه بالوحي وأنا معه في شعاره، ولم يكن يأتيه وهو مع أحد من أزواجه غيري.
= ونزل فيَّ آيات من القرآن، كاد يهلك فيها فئام من الناس.
= ومات في يومي وليلتي، وبين سحري ونحري). رواه أبو يوسف في الآثار.
- وقال عبد الله بن بُزيع قاضي تستر، عن أبي حنيفة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أُعطيت سبعاً لم يعطها نساء النبي صلى الله عليه وسلم:
= كنت من أحبّ الناس إليه نفساً.
= وأحبّ الناس إليه أباً.
= وتزوَّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً ولم يتزوج بكراً غيري.
= وكان جبريل ينزل عليه بالوحي وأنا معه في لحاف، ولم يفعل ذلك لغيري.
= وكان لي يومين وليلتين، وكان لنسائه يوم وليلة.
= وأنزل في عذر من السماء، كاد أن يهلك بي فئام من الناس.
= وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري). رواه الطبراني في الكبير.
وروى أبو يعلى في مسنده من طريق عمر بن حفص عن أبي إسحاق الشيباني، عن علي بن زيد ابن جدعان، عن جدته، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لقد أعطيت تسعاً ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران..)، لكنّ عليّ بن زيد ابن جدعان ضعيف الحديث، وجدته لم أعرفها، إلا أن تكون العبارة قد تصحفت عن "عمّته" إلى "جدته"، وهي أمّ محمد، لها رواية، وقد اختلف فيها فقيل: عمّته، وقيل: امرأة أبيه.
ويحتمل أن تكون العبارة تصحّفت عن جدّه، وهو عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان، له رواية عن عائشة.
ويقوّي هذا الاحتمال أنَّ الحافظ المزي تعقّب صاحب الأطراف لما ذكر حديثاً فيه رواية علي بن زيد ابن جدعان عن جدته؛ فقال: (ذلك وهم منه، والصواب: جده عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان).
- وقال شعيب بن الحبحاب البصري: سمعت الشعبيَّ يحدّث عن مسروقٍ قال: كان إذا حدّث عن عائشة أمّ المؤمنين يقول: (حدثتني الصادقة بنت الصديق المبرأة كذا وكذا). رواه ابن سعد.
- وقال الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق أنه كان إذا حدث عن عائشة قال: (حدثتني المبرَّأة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله). رواه ابن سعد في الطبقات، والطبراني في المعجم الكبير، ولحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:44 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

علمها وفقهها
كانت عائشة رضي الله عنها أفقه النساء، لما حباها الله من منبت صدق، ومثوى مبارك في بيت النبوة، مع زكاة نفس، وطهارة قلب، وذكاء حادّ، وفطنة ونباهة، ونهمة في طلب العلم؛ فقد كانت لا تدع شيئاً لا تعرفه إلا سألت عنه، فتعلّمت من رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، وروت عنه فأكثرت وأطابت.
- قال داوود بن أبي هند، عن الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} قالت: فقلت: أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: " على الصراط " رواه الإمام أحمد ومسلم.
- وقال عفان بن مسلم الصفار: حدثنا القاسم بن الفضل، قال: قال الحسن: قالت عائشة: يا رسول الله! {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} أين الناس؟
قال: «إنَّ هذا لشيءٌ ما سألني عنه أحدٌ من أمّتي قبلَك، الناس على الصراط». رواه أحمد.
- وقال نافع بن عمر الجُمحي: حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسب عذب» قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} قالت: فقال: " إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك). رواه البخاري.
ورواه أبو داوود من طريق أبي عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله! إني لأعلم أشدَّ آية في القرآن؟
قال: «أية آية يا عائشة؟»
قالت: قول الله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به}.
قال: «أما علمت يا عائشة أنَّ المؤمن تصيبه النكبة، أو الشوكة فيكافأ بأسوإ عمله، ومن حوسب عذب»
قالت: أليس الله يقول: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}، قال: «ذاكم العرض، يا عائشة من نوقش الحساب عذب».
- وقال زياد بن الربيع اليحمدي البصري: حدثنا خالد بن سلمة المخزومي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً). رواه الترمذي.
- وقال محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «ما رأيت أحداً أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه في رأي إن احتيج إلى رأيه، ولا أعلم بآية فيما نزلت، ولا فريضة من عائشة»رواه ابن سعد.
- وقال عبد الله بن يوسف التنّيسي: حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: «ما رأيت امرأة كانت أعلم بطب، ولا بِفقهٍ، ولا بشعر من عائشة». رواه الطبراني في المعجم الكبير، ورواه أبو القاسم اللالكائي في السنة من طريق عمرو بن عبيد الله الأودي عن أبي معاوية به.
- وقال عبد الله بن معاوية الزبيري: حدثنا هشام بن عروة قال: كان عروة يقول لعائشة: يا أمتاه! لا أعجب من فقهك أقول: زوجة نبي الله وابنة أبي بكر!! ولا أعجب من علمك بالشعر وأيّام الناس أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو؟!! ومن أين هو؟!! أو ما هو؟!!
قال: فضربت على منكبه وقالت: أي عُريّة! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره أو في آخر عمره، وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه؛ فتنعت له الأنعاتَ، وكنت أعالجها له فمن ثَم). رواه أحمد في المسند، وأبو نعيم في معرفة الصحابة.
- وقال أبو مسعود أحمد بن الفرات الضبي: أخبرنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: ما رأيت أحداً أعلمَ بالطبِّ من عائشة رضي الله عنها؛ فقلت: يا خالة! ممن تعلمت الطب؟
قالت: (كنت أسمع الناسَ ينعَتُ بعضُهم لبعضٍ فأحفظه). رواه أبو بكر الآجري في الشريعة، وأبو نعيم الأصبهاني في الطبّ النبوي.
- وقال سعيد بن سليمان الضبّي، عن أبي أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لقد صحبت عائشة رحمها الله حتى قلت قبل وفاتها بأربع سنين أو خمس سنين: لو توفيت اليوم ما ندمت على شيء فاتني منها؛ فما رأيت أحدا قطّ كان أعلم بآية أنزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا أعلم بشعر ولا أروى له، ولا بيوم من أيام العرب، ولا بنسب، ولا بكذا، ولا بكذا، ولا بقضاء، ولا طبٍّ منها!!
فقلت لها: يا خالة! الطب من أين علمته؟
فقالت: (كنت أمرضُ فيُنعت لي الشيء، ويمرض المريض فيُنعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه).
قال عروة: (فلقد ذهب عامة علمها لم أسأل عنه). رواه أبو بكر الآجري في الشريعة.
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق أنه قيل له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟
فقال:(إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض). رواه ابن المبارك في الزهد، وابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك وغيرهم، ورواه الدارمي من طريق عقبة بن خالد السكوني عن الأعمش بنحوه.
ورواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ من طريق عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن الأعمش بنحوه.
- وقال أحمد بن يونس: حدثنا المعافى بن عمران، قال: حدثنا المغيرة بن زياد، عن عطاء [بن أبي رباح] قال: «كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامّة». رواه الحاكم في المستدرك، وفيه المغيرة بن زياد البجلي وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:45 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

فصاحتها ونبوغها
كانت عائشة رضي الله عنها فصيحة بليغة، صاحبة منطق سديد، وحجة قوية، وبراعة في الخطاب بما يقتضيه المقام، وكانت مع ذلك حافظة لكثير من أخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم، وكانت ربما حدَّثت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وآنسته ببعض طرائف أخبار العرب؛ كما حدثته بحديث أمّ زرع المشهور في الصحيحين وغيرهما.
- قال معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: قال معاوية: (تالله ما رأيتُ خطيباً أبلغ ولا أفضل من عائشة رضي الله عنها). رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني.
- وقال صالح بن كيسان، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، أنَّ معاوية دخل على عائشة رضي الله عنهما فلما خرج قام متكئا على ذكوان فقال: (والله ما رأيتُ خطيباً ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغَ ولا أفطنَ من عائشة رضي الله عنها). رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، والطبراني في المعجم الكبير.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني جابر بن إسماعيل، وغيره، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تقول: الشعر منه حسن ومنه قبيح، خذ بالحسن ودع القبيح، ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعارا، منها القصيدة فيها أربعون بيتا، ودون ذلك). رواه البخاري في الأدب المفرد.
- وقال الزبير بن بكار: حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: ما رأيت أحداً أروى للشعر من عروة!!
فقيل له: ما أرواك يا أبا عبد الله!!
فقال: (وما روايتي من رواية عائشة!! ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدَتْ فيه شعراً). رواه ابن عساكر.
- وقال إبراهيم بن سعد الزهري: أخبرني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عروة، قال: كانت عائشة أروى الناس للشعر، وكانت تنشد قول لبيد:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
يتغايرون خيانة وملاذة ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
ثم تقول: كيف بلبيد لو أدرك من نحن بين ظهرانيه؟
قال عروة: كيف بعائشة لو أدركت من نحن بين ظهرانيه). رواه أبو داوود في الزهد، والبيهقي في الزهد الكبير.
يتغايرون: أي يغير بعضهم على بعض.
- وقال معاوية بن عمرو ابن الكرماني، عن زائدة [بن قدامة الثقفي]، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، قال: «ما رأيتُ أحداً أفصحَ من عائشة». رواه أحمد في فضائل الصحابة، والترمذي في جامعه، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك.
- وقال خالد الحذاء، عن محمد بن سيرين، عن الأحنف بن قيس، قال: «سمعت خطبة أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم والخلفاء هلم جرا إلى يومي هذا، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من في عائشة رضي الله عنها». رواه الحاكم في المستدرك.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:57 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

صبرُها وعفّتها
صبرت عائشة رضي الله عنها صبراً حسناً على ما أصابها من الابتلاء في بيت النبوة، ونالها نصيب مما ابتلي به النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيح أن أشدّ الناس ابتلاء الأنبياء؛ فصبرت على قلة الزاد حتى كان ربما مرّ بها الشهر والشهران والثلاثة لا يوقد في بيتها نار لصنع طعام، وابتليت بحادثة الإفك فصبرت حتى أنزل الله براءتها، وأوذيت بالسحر مرتين؛ مرة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي أنه حُبس عنها سنة، ومرة بعد وفاته فمرضت منه مرضاً اشتدّ عليها حتى فرّج الله عنها، وحُلَّ عنها السحر، وأصابها أنواع من الابتلاء غير ذلك فصبرت صبراً جميلاً، ورفع الله شأنها.
- قال عاصم بن أبي النجود: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء؟
فقال: ((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل علي حسب دينه، فإن كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذاك، وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذاك)).
قال: ((فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي في الأرض وما عليه خطيئة)). رواه أحمد والدارمي وابن ماجه والترمذي والنسائي في الكبرى وغيرهم، وبوّب البخاري في صحيحه (باب أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل).
- قال معمر بن راشد، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر قال: (حُبس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة سنة، فبينا هو نائم أتاه ملكان؛ فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه؛ فقال أحدهما لصاحبه: سحر محمد؟
فقال الآخر: أجل، وسحره في بئر أبي فلان.
فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك السحر فأخرج من تلك البئر). رواه عبد الرزاق، لكنّه مرسل، وعطاء الخراساني يُضعَّف في الحديث.
- وقال أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري، عن أمّه عمرة بنت عبد الرحمن قالت: مرضت عائشة فطال مرضها؛ فذهب بنو أخيها إلى رجل فذكروا مرضها؛ فقال: إنكم لتخبروني خبر امرأة مطبوبة.
قال: فذهبوا ينظرون، فإذا جارية لها سحرتها، وكانت قد دبَّرتها، فسألتها فقالت: ما أردت مني؟
فقالت: أردت أن تموتي حتى أعتق.
قالت: فإنَّ لله عليَّ أن تباعي من أشد العرب ملكة؛ فباعتها وأمرت بثمنها أن يجعل في غيرها). رواه عبد الرزاق في مصنفه، والبخاري في الأدب المفرد، والدارقطني في سننه، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبرى.
ورواه الشافعي عن مالك عن أبي الرجال مختصراً.
- وقال عبد العزيز ابن أبي حازم، عن أبيه، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لعروة: « ابن أختي! إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار!!».
فقلت: يا خالة! ما كان يعيشكم؟
قالت: (الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم، فيسقينا). رواه البخاري، ومسلم.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني أبو صخر، عن ابن قسيط، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: «لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شبع من خبز، وزيت في يوم واحد مرتين». رواه مسلم.
- وقال يزيد بن كيسان: حدثني أبو حازم، قال: رأيت أبا هريرة يشير بإصبعه مراراً، يقول: (والذي نفس أبي هريرة بيده ما شبع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأهله، ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة، حتى فارق الدنيا). رواه مسلم.
- وقال أبو أسامة الكوفي: حدثنا هشام [بن عروة]، عن أبيه، عن عائشة قالت: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شَطْرَ شعير في رفٍّ لي، فأكلت منه حتى طال عليَّ، فكلته ففني». رواه البخاري ومسلم.
- وقال ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: (يا ابن أختي! كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة، وايم الله يا ابن أختي! إن كان ليمرّ على آل محمد صلى الله عليه وسلم الشهر، ما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من نارٍ إلا أن يكون اللُّحيم، وما هو إلا الأسودان: الماء والتمر، إلا أنَّ حولنا أهل دور من الأنصار جزاهم الله خيراً في الحديث والقديم، فكلَّ يومٍ يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزيرة شاتهم، يعني: فينال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اللبن، ولقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما في رفّي من طعام يأكله ذو كبد إلا قريب من شطر شعير، فأكلت منه حتى طالَ عليَّ لا يفنى، فَكِلْتُه ففني، فليتني لم أكن كِلْته، وايم الله لئن كان ضِجَاعه من أدم حشوه ليف). رواه أحمد.
- وقال منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت: «ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام برٍّ ثلاث ليالٍ تباعاً حتى قُبض». رواه البخاري ومسلم.
- وقال شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدّث عن الأسود، عن عائشة، أنها قالت: «ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم، من خبز شعير يومين متتابعين، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه أحمد، ومسلم.
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «إنْ كنَّا آل محمد صلى الله عليه وسلم لنمكث شهراً ما نستوقد بنار، إن هو إلا التمر والماء». رواه مسلم، وابن أبي شيبة.


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:58 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

زهدها وورعها
كانت عائشة رضي الله عنها على مرتبة عالية من الزهد والورع، ولم يغيّرها ما فتح لها من الرزق الكثير في زمن الخلفاء الراشدين وما بعده؛ فكانت ربما تصدّقت بما يأتيها من مالٍ، وبقيت على حالها ترقَع قميصها وتأكل مما يتيسّر لها من يسير الطعام.
- قال وكيع بن الجراح: حدثنا الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، قال: «كانت عائشة تقسم سبعين ألفاً، وهي تَرْقَع دِرْعَها ». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة قال: (رأيتُها تصدَّق بسبعين ألفاً، وإنها لترقع جانب درعها). رواه ابن سعد.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق أبي أمامة عن الأعمش بنحوه، وزاد: (لترقع جانب درعها أو تنكّسه).
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا هشام بن عروة، عن محمد بن المنكدر، عن أمّ ذرة قالت: بعث ابنُ الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين يكون مائة ألف فدعت بطبق، وهي يومئذ صائمة؛ فجعلت تقسم في الناس.
قال: فلما أمست قالت: (يا جارية! هاتي فطري).
فقالت أم ذرة: يا أم المؤمنين! أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه؟!!
فقالت: (لا تعنفيني، لو كنتِ أذكرتِني لفعلت). رواه ابن سعد.
- وقال هشام بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن معاوية بن أبي سفيان بعث إلى عائشة، رضي الله عنها بمائة ألف، فقسمتها حتى لم تترك منها شيئا، فقالت بريرة: أنت صائمة، فهلا ابتعت لنا بدرهم لحما؟
فقالت عائشة: «لو أني ذكرت لفعلت». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال شعيب بن الحبحاب، عن أبي سعيد كثير بن عبيد رضيع عائشة، أنَّ داخلاً دخل على عائشة وهي تخيط نقبة لها؛ فقال: يا أمَّ المؤمنين! أليس قد أكثر الله الخير؟
قالت: (دعنا منك، لا جديد لمن لا خَلَقَ له). رواه ابن سعد.
- وقال يزيد بن هارون: أخبرنا ابن عون، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: (كانت أمُّ المؤمنين إذا تعوَّدَت خَلَقا لم تحبَّ أن تدعه). رواه ابن سعد.


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:58 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

سَمْتها وهديها
كانت عائشة رضي الله عنها على قدرٍ عالٍ من التعبّد، والمداومة على كثرة الصلاة، والصيام، والذكر، وتلاوة القرآن، والمسارعة في الخيرات، والنصيحة لأئمة المسلمين وعامّتهم، والتفقيه في الدين، وإفتاء المستفتين، وإنكار المنكر، وتعليم الخير، ورعاية الأيتام، وكانت قدوة صالحة للنساء في زمانها؛ ومعلّمة للرجال والنساء، فنفع الله بها الأمة نفعاً عظيماً.
- قال ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قطّ، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس؛ فيفرض عليهم). رواه مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال يوسف بن الماجشون، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جدته رميثة، قالت: أصبحت عند عائشة فلما أصبحنا قامت فاغتسلت، ثم دخلت بيتا لها فأجافت الباب، قلت: يا أم المؤمنين! ما أصبحت عندك إلا لهذه الساعة.
قالت: فادخلي.
قالت: فدخلت؛ فقامت؛ فصلَّت ثماني ركعات، لا أدري أقيامهنّ أطول أم ركوعهن أم سجودهن؟
ثم التفتت إليَّ فضربت فخذي، فقالت: (يا رميثة! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها، ولو نشر لي أبواي على تركها ما تركتها). رواه النسائي في السنن الكبرى.
- وعن زيد بن أسلم، عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات، ثم تقول: «لو نشر لي أبواي ما تركتهن». رواه مالك في الموطأ.
- وقال شعبة بن الحجاج: أخبرنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه (أنَّ عائشة كانت تصوم الدهر). رواه ابن سعد في الطبقات، والفريابي في كتاب الصيام.
- وقال حيوة بن شريح، عن أبي الأسود يتيم عروة، عن عروة (أن عائشة رضي الله عنها كانت تصوم الدهر في السفر والحضر). رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار، والبيهقي في السنن الكبرى.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، أن عبد الرحمن بن القاسم حدَّثه أنَّ أباه حدَّثه أنَّ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت «تصوم الدهر ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر». رواه الفريابي في كتاب الصيام.
- وقال وكيع، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها أنها «كانت تقرأ في رمضان في المصحف بعد الفجر؛ فإذا طلعت الشمس نامت». رواه الفريابي في فضائل القرآن.
- وقال ابن جريج: أخبرني عطاء [بن أبي رباح] حين منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، فأخبرني وقال: كيف تمنعهن الطواف؟
وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال.
قلت: أبعد الحجاب؟
قال: إي لعمري! أدركت لعمري بعد الحجاب.
قلت: كيف يخالطن الرجال؟
قال: لم يكن يفعلن، كانت عائشة تطوف حجزة من الرجال لا تخالطهم؛ فقالت امرأة معها: انطلقي بنا يا أم المؤمنين نستلم؛ فجذبتها، وقالت: «انطلقي عنك» وأبت أن تستلم.
وكنَّ يخرجن مستترات بالليل، فيطفن مع الرجال لا يخالطنهم.
قال: ولكنهنَّ إذا دخلن البيت سُترن حين يدخلن، ثم أُخرج عنه الرجال.
قال: وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير.
قلت: فما حجابها حينئذ؟
قال: هي في قبة لها تركية عليها غشاء لها، بيننا وبينها.
قال: (ولكن قد رأيت عليها درعاً معصفراً وأنا صبي). رواه عبد الرزاق في مصنفه.
ورواه الفاكهي في أخبار مكة من طريق محمد ابن جعشم الصنعاني عن ابن جريج بنحوه.
- وقال حجاج بن محمد المصيصي، عن ابن جريج قال: قال عطاء: كنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير.
قال: قلت: وما حجابها يومئذ؟
قال: (هي حينئذ في قبة لها تركية عليها غشاؤها بيننا وبينها، ولكن قد رأيت عليها درعاً معصفراً وأنا صبي). رواه ابن سعد.
- وقال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وأبوه، وعبيد بن عمير، والمسور بن مخرمة، وناس كثير، فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة، وأبو عمرو غلامها لم يعتق، فكان إمامَ أهلها محمد بن أبي بكر، وعروة، وأهلهما، إلا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، كان يستأخر عنه أبو عمرو.
قالت عائشة: «إذا غيبني أبو عمرو ودلاني في حفرتي فهو حر». رواه عبد الرزاق.
- وقال أبو معاوية: حدثنا يزيد بن زياد، عن عبيد بن أبي الجعد، عن عائشة قالت: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فقال: «اقسميها».
قال: وكانت عائشة إذا رجعت الخادم قالت: ما قالوا لك؟
فتقول: يقولون: بارك الله فيكم.
فتقول عائشة: (وفيهم بارك الله، نردّ عليهم مثل ما قالوا، ويبقى أجرنا لنا). رواه النسائي في السنن الكبرى.
- وقال سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري: أخبرني القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبّ الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّ».
قال: (وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته). رواه مسلم.
- وقال القاسم بن الفضل الحدّاني: حدثنا محمد بن علي قال: كانت عائشة تدَّان، فقيل لها: ما لك وللدَّين؟!
قالت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد كانت له نيّة في أداء دينه إلا كان له من الله عز وجل عونٌ» فأنا ألتمس ذلك العون). رواه أحمد، والبيهقي.
وفيه انقطاع لكن له شاهد.
- وقال طلحة بن شجاع الأزدي: حدثتني ورقاء بنت هداب، أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا خرج من منزله مرَّ على أمهات المؤمنين؛ فيسلّم عليهنَّ قبل أن يأتي مجلسه؛ فإذا انصرف إلى منزله مرَّ عليهن، وكان كلما مرَّ وجد على باب عائشة رجلاً جالساً؛ فقال له: «ما لي أراك هاهنا جالسا؟»
قال: حقّ لي أطلب به أم المؤمنين! فدخل عليها عمر.
فقال: لها: يا أم المؤمنين! ما لك في سبعة آلاف كفاية في كل سنة؟
قالت: بلى، ولكن عليَّ فيها حقوق، وقد سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان عليه دين يهمّه قضاؤه أو همّ بقضائه لم يزل معه من الله حارس؛ فأنا أحب أن لا يزال معي من الله حارس». رواه الطبراني في المعجم الأوسط.
- وقال ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى، قال: حدثتني مريم بنت إياس، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عندك ذريرة؟»
فقالت: نعم.
فدعا بها فوضعها على بثرة بين إصبعين من أصابع رجله، ثم قال: «اللهم مطفئ الكبيرة، ومكبّر الصغيرة، أطفئها عني» فطفئت). رواه النسائي في السنن الكبرى.
- - قال أبو الوليد الباجي في المنتقى: (وكانت عائشة - رضي الله عنها - كثيرة الاسترقاء، قال مالك في العتبية: بلغني أنها كانت ترى البثرة الصغيرة في يدها فتلح عليها بالتعويذ فيقال لها: إنها صغيرة فتقول إن الله عز وجل يعظم ما يشاء من صغير ويصغر ما يشاء من عظيم).
- - وقال أبو منصور الأزهري: (الذريرة فُتاتٌ من قَصَب الطِّيبِ الذي يـُجَاء به من بلاد الهند، يشبه قَصَب النُّشَّاب).


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 01:59 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

خوفها وخشيتها
كانت عائشة رضي الله عنها مع بلوغها مرتبة عالية في العلم، والتقوى، والتعبّد، والأعمال الصالحة الكثير عظيمة الخشية لله تعالى، بعيدة عن تزكية نفسها، بل كانت تكره أن يُثنى عليها وإذا سًلت عن حالها قالت: بخير إن اتّقيت.
- وقال هشام بن عروة: كان أبي يحدّث عن عائشة أنها قالت: (لوددت أني إذا متُّ كنت نسيا منسيا). رواه ابن وهب في جامعه، وابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي الدنيا في كتاب المتمنين.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا هشام بن المغيرة، حدثني يحيى بن عمرو [الهمداني]، عن أبيه عمرو بن سلمة أن عائشة قالت: (والله لوددتُ أني كنت شجرة، والله لوددت أني كنت مدرة، والله لوددت أن الله لم يكن خلقني شيئا قط). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي الدنيا في كتاب المتمنين.
- وقال محمد بن عبد الله الأسدي: حدثنا مسعر، عن حماد، عن إبراهيم قال: قالت عائشة: (يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال يحيى بن سعيد القطان، عن عمر بن سعيد النوفلي قال: أخبرني ابن أبي مليكة قال: استأذن ابن عباس على عائشة قبيل موتها وهي مغلوبة؛ فقالت: إني أخشى أن يُثني عليَّ!
فقيل لها: ابن عم رسول الله ومن وجوه المسلمين.
قالت: ائذنوا له.
فقال: «كيف تجدينك يا أمَّه؟»
قالت: بخير إن اتقيت.
قال: «فإنك بخير إن شاء الله، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكح بكراً غيرك، ونزل عذرك من السماء».
ودخل ابن الزبير خلافه، فقالت: (دخل ابن عباس فأثنى، وددت أني كنت نسياً منسياً). رواه أحمد في فضائل الصحابة، والبخاري في صحيحه.
- وقال معمر بن راشد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن ابن أبي مليكة، عن ذكوان مولى عائشة أنه استأذن لابن عباس على عائشة وهي تموت وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، فقال: هذا ابن عباس يستأذن عليك وهو من خير بنيك، فقالت: دعني من ابن عباس ومن تزكيته، فقال لها عبد الله بن عبد الرحمن: إنه قارئ لكتاب الله فقيه في دين الله، فأذني له ليسلم عليك، وليودعك.
قالت: فأذن له إن شئت.
قال: فأذن له فدخل ابن عباس ثم سلَّم وجلس؛ فقال: (أبشري يا أمَّ المؤمنين! فوالله ما بينك وبين أن يذهب عنك كل أذى ونصب - أو قال: وصب - وتلقي الأحبّة محمداً وحزبه، - أو قال: أصحابه- إلا أن يفارق روحك جسدك.
فقالت: وأيضاً؟
فقال ابن عباس: (كنتِ أحبَّ أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن ليحبّ إلا طيباً، وأنزل الله عز وجل براءتك من فوق سبع سموات؛ فليس في الأرض مسجدٌ إلا هو يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فاحتبس النبي صلى الله عليه وسلم في المنزل والناس معه في ابتغائها، أو قال: في طلبها حتى أصبح القوم من غير ماء، فأنزل الله عز وجل {فتيمموا صعيدا طيبا} الآية؛ فكان في ذلك رخصة للناس عامة في سببك؛ فوالله إنك لمباركة.
فقالت: (دعني يا ابن عباس من هذا! فوالله لوددت لو أني كنت نسياً منسياً). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وفي المسند.
- قال وكيع بن الجراح: حدثنا هارون بن أبي إبراهيم، عن عبد الله بن عبيد قال: استأذن ابن عباس على عائشة في مرضها الذي ماتت فيه؛ فأبت أن تأذن له فلم يزل بها حتى أذنت له فسمعها وهي تقول: «أعوذ بالله من النار».
قال: « يا أم المؤمنين! إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد أعاذكِ من النار، كنتِ أوَّل امرأة نزل عذرها من السماء». رواه أحمد في فضائل الصحابة.


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 02:00 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

حادثة الإفك
- قال ابن شهاب الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله مما قالوا، وكلٌّ حدثني طائفة من الحديث، وبعض حديثهم يصدّق بعضاً، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض الذي حدثني عروة عن عائشة رضي الله عنها أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً، لم يثقلهن اللحم، إنما تأكل العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه، وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب؛ فأممت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليَّ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطفَ الذي كنتُ أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول: «كيف تيكم؟» ثم ينصرف، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشرّ حتى خرجتُ بعدما نقهت، فخرجَتْ معي أم مسطح قِبَل المناصع، وهو متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتّخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأَمْرُنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط، فكنّا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت أنا وأمّ مسطح وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي، وقد فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح.
فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرا؟
قالت: أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟
قالت: قلت: وما قال؟
فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي، ودخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم - تعني سلَّم -، ثم قال: «كيف تيكم؟»
فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟
قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما.
قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت أبويَّ فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس؟
قالت: يا بنية هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر إلا كثرن عليها.
قالت: فقلت: سبحان الله!! أولقد تحدث الناس بهذا؟!!
قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله.
قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الودّ؛ فقال: يا رسول الله! أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله! لم يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك.
قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: «أي بريرة! هل رأيت من شيء يريبك؟».
قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيتُ عليها أمراً أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي ابن سلول، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجلٍ قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي».
فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: يا رسول الله! أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبتَ لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: كذبتَ لعمر الله لنقتلنَّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت.
قالت: فبكيتُ يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم.
قالت: فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع، يظنّان أنَّ البكاءَ فالقٌ كبدي.
قالت: فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي فاستأذنت عليَّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها فجلست تبكي معي.
قالت: فبينا نحن على ذلك، دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يوحَى إليه في شأني.
قالت: فتشهَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: «أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنَّ العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه».
قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة؛ فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال!
قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم!
فقلت لأمّي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم!
قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم!
قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السنّ لا أقرأ كثيراً من القرآن: (إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدَّقتم به فلئن قلت لكم: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة لا تصدّقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدّقني، والله ما أجد لكم مثلاً إلا قول أبي يوسف، قال:{فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}).
قالت: ثم تحوَّلت فاضطجعت على فراشي.
قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأنَّ الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحياً يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقرَ من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها.
قالت: فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العَرَق وهو في يوم شاتٍ، من ثقل القول الذي ينزل عليه.
قالت: فلما سُرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُرّي عنه وهو يضحك، فكانت أوَّل كلمةٍ تكلَّم بها: «أبشري يا عائشة! أما الله عز وجل فقد برَّأك».
فقالت أمي: قومي إليه!
قالت: فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل، فأنزل الله عز وجل: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه} العشر الآيات كلّها.
فلما أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال؛ فأنزل الله: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}.
قال أبو بكر: بلى والله إني أحبّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبداً.
قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: «يا زينب! ماذا علمت أو رأيت؟».
فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيراً.
قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك).
قال ابن شهاب: «فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط». رواه أحمد، والبخاري ومسلم.
- وقال صالح بن كيسان، عن الزهري قال: قال عروة: كانت عائشة تكره أن يسبَّ عندها حسان، وتقول: (فإنه قال:

فإنَّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء).
قال عروة: قالت عائشة: والله إنَّ الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: (سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت عن كنف أنثى قط).
قالت: (ثم قتل بعد ذلك شهيدا في سبيل الله). رواه البخاري ومسلم.
- وقال وكيع بن الجراح، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها: كانت تقرأ: [إذ تَلِقُونه بألسنتكم] وتقول: (الولق: الكذب).
قال ابن أبي مليكة: «وكانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها». رواه البخاري. - وقال عبد الله بن أبي بكر ابن حزم، عن عمرة، عن عائشة قالت: «لما أنزل الله براءتها حد النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء النفر الذين قالوا فيها ما قالوا». رواه عبد الرزاق. - قال أبو عبد الله الذهبي: (شأن الإفك كان في غزوة المريسيع سنة خمس من الهجرة، وعمرها رضي الله عنها يومئذ اثنتا عشرة سنة).


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 02:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

خروجها يوم الجمل
خرجت عائشة رضي الله عنها مع طلحة والزبير إلى العراق لتصلح بين المسلمين بعد فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، لكن جرت الأمور على غير ما خرجت له؛ ووقعت وقعة الجمل، وقتل حولها خلق كثير، وندمت ندامة شديدة على خروجها، وكان خروجها قدراً مقدوراً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها وأخبر بعض أصحابه بما سيكون من ذلك، ولمّا حمل هودجها إلى عليّ بن أبي طالب عاتبها على خروجها، ثم أحسن إليها، وجهّزها إلى المدينة.
- قال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب، قالت: أيّ ماء هذا؟
قالوا: ماء الحوأب.
قالت: ما أظنني إلا أني راجعة
فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون، فيصلح الله عز وجل ذات بينهم.
قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم: «كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟». رواه أحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى الموصلي، وابن حبان، والحاكم.
- قال وكيع بن الجراح، عن عصام بن قدامة البجلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيتكنَّ صاحبة الجمل الأدبب، يقتل حولها قتلى كثيرة، تنجو بعدما كادت)). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبزار في مسنده، والطحاوي في شرح مشكل الآثار، والبيهقي في دلائل النبوة.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم سلمة، قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض نسائه أمهات المؤمنين فضحكت عائشة؛ فقال: «انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت!».
ثم التفت إلى عليٍّ؛ فقال: «يا علي! إن وليتَ من أمرها شيئاً فارفق بها». رواه البيهقي في دلائل النبوة.
- وقال الفضيل بن سليمان النميري: حدثنا محمد بن أبي يحيى، عن أبي أسماء، عن أبي جعفر، عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ((إنه سيكون بينك وبين عائشة شيء)).
قال: أنا يا رسول الله؟!!
قال: ((نعم)).
قال: أنا من بين أصحابي؟
قال: ((نعم)).
قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟!
قال: ((لا، فإذا كان ذلك، فأبلغها إلى مأمنها)). رواه أبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار.
- وقال معمر بن راشد، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل، سمع حذيفة بن اليمان، يقول: «لو حدثتكم أن أمكم تغزوكم أتصدقوني؟»
قالوا: أوحق ذلك؟
قال: «حق». رواه نعيم بن حماد في الفتن، وقد مات حذيفة بعد عثمان بأربعين ليلة، قبل وقعة الجمل.
- وقال قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، قال: قالت لي عائشة، رضي الله عنها: «إني رأيتني على تلٍّ، وحولي بقر تُنحر».
فقلت لها: لئن صدقت رؤياك لتكونن حولك ملحمة.
قالت: «أعوذ بالله من شرّك! بئس ما قلت!».
فقلت لها: فلعلَّه إن كان أمراً سيسوءك!
فقالت: «والله لأن أخرّ من السماء أحبُّ إليَّ من أن أفعل ذلك». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال وكيع، عن جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: قالت عائشة: (وددت أني كنت غصنا رطبا ولم أسر مسيري هذا). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال جعفر بن عون: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة، قالت: «وددت أني ثكلت عشرةً مثل ولد الحارث بن هشام، وأني لم أسر مسيري الذي سرت». رواه البيهقي في دلائل النبوة.
- وقال سليمان بن عمر الرقي: أخبرنا إسماعيل بن علية، عن أبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو بن العلاء المازني، عن ابن أبي عتيق قال: قالت عائشة: إذا مرَّ ابن عمر فأرونيه.
فلما مرَّ ابن عمر قالوا: هذا ابن عمر!
فقالت: (يا أبا عبد الرحمن! ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟!)
قال: رأيت رجلاً قد غلب عليك، وظننت أنك لا تخالفينه يعني ابن الزبير.
قالت: (أما إنَّك لو نهيتني ما خرجت). رواه ابن عبد البر في الاستيعاب، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها).
- قال أبو عبد الله الذهبي: (ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة، وحضورها يوم الجمل، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ).
- وقال: (قد سقت وقعة الجمل ملخصة في مناقب علي، وإن عليا وقف على خباء عائشة يلومها على مسيرها.
فقالت: يا ابن أبي طالب، ملكت فأسجح؛ فجهزها إلى المدينة، وأعطاها اثني عشر ألفا، فرضي الله عنه وعنها).
- قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأمثال: (من أمثالهم في هذا قولهم: ملكت فأسجح.
وهذا يروى عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالته لعلي أبن أبي طالب رضي الله عنه يوم الجمل حين ظهر على الناس، فدنا من هودجها، ثم كلمها بكلام، فأجابته: " ملكت فأسجح " أي ظفرت فأحسن، فجهزها عند ذلك بأحسن الجهاز، وبعث معها أربعين امرأة، وقال بعضهم: سبعين، حتى قدمت المدينة).
- وقال عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى قال: حدثنا من سمع عائشة تقرأ: {وقرن في بيوتكن} فتبكي حتى تبل خمارها). رواه أحمد في الزهد، وأبو نعيم في حلية الأولياء.
- وقال يوسف بن أسباط: حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: ما ذكرت عائشة مسيرها قطّ إلا بَكَتْ حتى تبلَّ خمارها، وتقول: (يا ليتني كنتُ نسياً منسياً). رواه الخطيب البغدادي.


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 02:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مرضها ووفاتها
مرضت عائشة رضي الله عنها في آخر حياتها حتى أثقلها المرض، وماتت في رمضان من سنة 57هـ على الصحيح، ولها من العمر خمس وستون، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنها وعنه، ودفنت في البقيع، رضي الله عنها وأرضاها.
- قال مصعب بن عبد الله الزبيري: حدثني عبد الله بن معاوية، عن هشام بن عروة، أنَّ عروة كتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان: « وماتت عائشة أم المؤمنين ليلة الثلاثاء بعد صلاة الوتر، ودفنت من ليلتها بالبقيع لخمس عشرة ليلة خلت من رمضان، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، وكان مروان غائباً، وكان أبو هريرة يخلفه». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال أبو محمد هارون البربري، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: (أوصت عائشة أن لا تتبعوا سريري بنار، ولا تجعلوا تحتي قطيفة حمراء). رواه ابن سعد.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت لعبد الله بن الزبير: «ادفني مع صواحبي، ولا تدفني مع النبي صلى الله عليه وسلم في البيت، فإني أكره أن أزكَّى». رواه البخاري.
- وقال علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها أوصت عبد الله بن الزبير، فقالت: «لا تدفنني معهم، وادفني مع صواحبي بالبقيع ألا أزكَّى أبدا». رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: (قالت عائشة رضي الله عنها وكانت تحدّث نفسها أن تدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فقالت: «إني أحدثتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حَدَثاً، ادفنوني مع أزواجه» فدفنت بالبقيع). رواه ابن أبي شيبة، والحاكم في المستدرك.
- - قال أبو عبد الله الذهبي: (تعني بالحَدَثِ مسيرَها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية، وتابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأوّلة، قاصدةً للخير، كما اجتهد طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع).
- وقال عفان بن مسلم الصفار: حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا هشام بن عروة، عن عروة قال: (ماتت عائشة؛ فدفنها عبد الله بن الزبير ليلاً). رواه أحمد، وابن سعد.

- وقال أبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة، عن موسى بن ميسرة، عن سالم سبلان قال: (ماتت عائشة ليلة سبع عشرة من شهر رمضان بعد الوتر؛ فأمرت أن تدفن من ليلتها؛ فاجتمع الناس وحضروا؛ فلم نرَ ليلةً أكثرَ ناسا منها، نزلَ أهل العوالي؛ فدفنت بالبقيع). رواه ابن سعد.

- وقال أبو عمر ابن عبد البر في الاستيعاب: (ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر؛ فالله أعلم، ذكر ذلك صالح بن الوجيه، والزبير، وجماعة من أهل السير والخبر).
- وقال حفص بن غياث: حدثنا إسماعيل [بن أبي خالد]، عن أبي إسحاق [السبيعي] قال: قال مسروق: (لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين). رواه ابن سعد.
- وقال أبو محمد هارون البربري، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قدم رجلٌ فسأله أبي: كيف كان وجد الناس على عائشة؟
فقال: كان فيهم وكان.
قال: (أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه). رواه ابن سعد.
واختلف في سنة وفاتها على أقوال:
القول الأول: توفيت سنة سبع وخمسين، وهو قول هشام بن عروة، وخليفة بن خياط، وأحمد بن حنبل، وصححه الذهبي.
- قال محمد بن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن هشام بن عروة قال: (توفيت عائشة سنة سبع وخمسين). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق.
- وقال مطيَّن محمد بن عبد الله الحضرمي: حدثنا يحيى بن حسان الكوفي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، قال: «ماتت عائشة سنة سبع وخمسين». رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال خليفة بن خياط: (سنة سبع وخمسين .. وفيها ماتت عائشة أم المؤمنين وأبو هريرة).
- قال أبو عبد الله الذهبي: (توفيت على الصحيح سنة سبع وخمسين بالمدينة؛ قاله هشام بن عروة، وأحمد بن حنبل، وشَبَاب).
القول الثاني: توفيت سنة ثمان وخمسين، وهو قول الواقدي، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي بكر ابن أبي شيبة، ويعقوب بن سفيان، والمفضل بن غسان الغلابي.
- قال محمد بن عمر الواقدي: (توفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ودفنت من ليلتها بعد الوتر وهي يومئذ بنت ست وستين سنة). رواه ابن سعد.
- وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن حسن، عن أسامة بن حفص، عن يونس، عن ابن شهاب قال: «توفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من رمضان بعد الوتر سنة ثمان وخمسين، ودفنت من ليلتها». رواه الطبراني في المعجم الكبير، ومحمد بن حسن بن زبالة أخباريّ متروك الحديث من بابة الواقدي.
- وقال عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الصيرفي: (حدثني أبي قال حدثني أبو عبيد قال سنة ثمان وخمسين فيها توفيت عائشة أم المؤمنين في شهر رمضان، وصلى عليها أبو هريرة بالمدينة، وكان استخلفه الوليد بن عتبة ومروان بن الحكم عليها). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن أبي عاصم: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول: «توفيت عائشة رضي الله عنها سنة ثمان وخمسين».
- وقال يعقوب بن سفيان: (وفيها [ أي سنة ثمان وخمسين] ماتت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم).
- وقال الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي: حدثنا أبي قال: (وماتت عائشة سنة ثمان وخمسين). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
القول الثالث: توفيت سنة ستٍّ وخمسين، وهو قول الهيثم بن عديّ الطائي.
- قال الهيثم بن عديّ: (توفيت عائشة سنة ستّ وخمسين). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق. - قال أبو عبد الله الذهبي: (ومدة عمرها: ثلاث وستون سنة وأشهر).
- قلت: (قد بلغت الخامسة والستين أو قاربتها، فقد ثبت أنها كانت بنت ثمان عشرة لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عاشت بعده ستاً وأربعين سنة ونصف).


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 3 شعبان 1444هـ/23-02-2023م, 02:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مواعظها ووصاياها
كانت عائشة رضي الله عنها عالمة فقيهة، وفصيحة بليغة، ولها مواعظ حسان جديرة بالجمع والتقريب، وسأسوق طائفة منها:
- قال سفيان الثوري: أخبرنا زكريا، عن الشعبي، قال: كتب معاوية إلى عائشة: أخبريني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه أحد؛ فكتبت إليه: إني سمعته يقول: (من يعمل بشيء من معصية الله يعود حامده له من الناس ذاماً). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال عبد الله بن عروة، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان: (إنك إن اتقيت الله كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا؛ فاتق الله). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال شعبة بن الحجاج، عن واقد بن محمد العُمَري، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، قالت: (من أسخط الناس برضى الله كفاه الله عز وجل الناس، ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال وكيع بن الجراح: حدثنا سفيان الثوري، عن حمّاد، عن إبراهيم النخعي، قال: قالت عائشة: «أقلّوا الذنوب؛ فإنكم لن تلقوا الله عزّ وجلّ بشيء أفضلَ من قلّة الذنوب». رواه وكيع في الزهد، والإمام أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه.
- وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة قالت: «من سرَّه أن يسبق الدائبَ المجتهد فليكفَّ نفسه عن الذنوب؛ فإنكم لن تلقوا الله بشيء خير لكم من قلة الذنوب». رواه ابن المبارك في الزهد، ورواه هناد بن السري من طريق قبيصة بن عقبة عن سفيان بنحوه، ورواه أبو داوود في الزهد من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان بنحوه.
- وقال أبو خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: «من نوقش الحساب يوم القيامة لم يغفر له». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو عقيل الكوفي: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: حدثني أبو السفر، قال: قالت عائشة: « إنَّ الناسَ قد ضيعوا أعظم دينهم: الورع». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال مسعر بن كدام، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن الأسود، عن عائشة قالت: «إنكم لتدعون أفضل العبادة التواضع». رواه ابن أبي شيبة، وأبو داوود في الزهد.
- وقال عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: « إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو أسامة الكوفي: حدثني جرير بن حازم، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة، قال: سمعت عائشة، تقول: «يُسَلَّط على الكافر في قبره شجاع أقرع فيأكل لحمه من رأسه إلى رجليه، ثم يكسى اللحم فيأكل من رجليه إلى رأسه، ثم يكسى اللحم فيأكل من رأسه إلى رجليه فهو كذلك». رواه ابن شيبة.
- وقال يحيى بن بكير: حدّثني عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، وذكرت الذي كان من شأن عثمان بن عفان: « ووددت أني كنت نسياً منسياً، فواللهِ ما أحببتُ أن ينتهك من عثمان أمرٌ قطّ إلا قد انتهك مني مثله، حتى والله لو أحببت قَتْلَه لقُتلت، يا عبيد الله بن عدي! لا يغرنَّك أحدٌ بعد الذي تعلم، فوالله ما احتقرتُ أعمالَ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجم النفر الذين طعنوا على عثمان؛ فقالوا قولاً لا يُحسنُ مثلُه، وقرأوا قراءةً لا يُقرأ مثلُها، وصلوا صلاةً لا يُصلَّى مثلُها، فما تدبَّرتُ الصنيعَ إذا هم والله ما يقاربون أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا أعجبك حسنُ قول امرئ فقل: {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ولا يستخفنَّك أحد ». رواه البخاري في خلق أفعال العباد من هذا الطريق، ورواه أبو داوود في الزهد من طريق ابن المبارك عن معمر ويونس عن الزهري بنحوه، والطبراني في مسند الشاميين من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري بنحوه.
- وقال عبد الله بن وهب: حدثنا يونس، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أنَّ عائشة كانت تقول: (احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نجم القرّاء الذين طعنوا على عثمان؛ فقالوا قولاً لا يُحسن مثلُه، وقرأوا قراءةً لا يُقرأ مثلُها، وصلوا صلاةً لا يُصلَّى مثلُها؛ فلما تذكرتُ إذا هم والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله؛ فإذا أعجبك حسنُ عمل امرئ منهم فقل: {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ولا يستخفنَّك أحد). رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وعلّق البخاري آخره في صحيحه عن عائشة.
- وقال معلى بن أسد: حدثنا المعلى بن زياد القطعي، قال: حدثتنا بكرة بنت عقبة أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة، فسألتها عن الحناء؛ فقالت: (شجرة طيبة، وماء طهور).
وسألتها عن الحِفَاف؛ فقالت لها: (إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك، فتصنعيهما أحسنَ مما هما فافعلي). رواه ابن سعد.
-- قال أبو عبد الله الذهبي: (المعليان ثقتان).
-- قلت: (لكن بكرة بنت عقبة مجهولة الحال).
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت: من هذا؟
فقال: أنا عبيد بن عمير.
قالت: قاصّ أهل مكة؟
قال: نعم.
قالت «خفّف؛ فإنَّ الذكر ثقيل». رواه ابن سعد.


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 4 شعبان 1444هـ/24-02-2023م, 01:50 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

رواة التفسير عن عائشة رضي الله عنها
روى عنها:
من الصحابة: أبو موسى الأشعري، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم.
ومن التابعين: عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وابن أبي مليكة، وعبيد بن عمير، وأبو العالية الرياحي، والأسود بن يزيد، وعمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وعبيد بن عبد الله بن عتبة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم.
وأرسل عنها: عبد الله بن بريدة، وميمون بن أبي شبيب، وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، ومحمد بن المنكدر، ويحيى بن يعمر، والحسن البصري، وعكرمة، وابن سيرين.


رد مع اقتباس
  #20  
قديم 4 شعبان 1444هـ/24-02-2023م, 01:51 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مما روي عنها في التفسير
- قال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: {والذي تولى كبره} قالت: «عبد الله بن أبي ابن سلول». رواه البخاري في صحيحه.
- وقال الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل} قال: قلت: أكُذِبوا أم كُذّبوا؟
قالت عائشة: «كُذّبوا»
قلت: فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن؟
قالت: «أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك»
فقلت لها: وظنوا أنهم قد كُذِبوا؟
قالت: «معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها».
قلت: فما هذه الآية؟
قالت: «هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم، وصدقوهم فطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسلُ ممن كذَّبهم من قومهم، وظنّت الرسل أن أتباعهم قد كذّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك». رواه البخاري.
- وقال ابن جريج: أخبرني ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}
قال: ذهب هاهنا - وأشار إلى السماء - قال ابن أبي مليكة: وتلا ابن عباس {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}.
قال ابن أبي مليكة: فذكرتُ لعروة بن الزبير قال: قالت عائشة: (معاذ الله! والله ما حدّث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكن نزل بالأنبياء البلاء حتى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذّبوهم، وكانت تقرأ: [كذّبوا] مثقلة). رواه البخاري، والنسائي في السنن الكبرى.
- وقال مالكٌ بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّه قال: قلت لعائشة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأنا يومئذٍ حديث السّنّ: أرأيت قول اللّه تبارك وتعالى: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه فمن حجّ البيت أو اعتمر، فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما} فما أرى على أحدٍ شيئاً أن لا يطّوّف بهما؟
فقالت عائشة: (كلّا، لو كانت كما تقول كانت: "فلا جناح عليه أن لا يطّوّف بهما"، إنّما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يهلّون لمناة، وكانت مناة حذو قديدٍ، وكانوا يتحرّجون أن يطوفوا بين الصّفا والمروة، فلمّا جاء الإسلام سألوا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك، فأنزل اللّه: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}). رواه البخاري.
- وقال أبو معاوية، عن محمّد بن شريكٍ المكّيّ، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قال لها رجلٌ: إنّي أريد أن أوصي.
قالت: «كم مالك؟»
قال: ثلاثة آلافٍ.
قالت: «كم عيالك؟».
قال: أربعةٌ.
قالت: (قال الله عزّ وجلّ: {إن ترك خيرًا}، وإنّ هذا الشّيء يسيرٌ، فاتركه لعيالك، فهو أفضل). رواه سعيد بن منصور.
- وقال أيّوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أبي المهلّب، قال: رحلت إلى عائشة رضي الله عنها في هذه الآية {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به} قالت: (هو ما يصيبكم في الدّنيا). رواه ابن جرير الطبري، والحاكم في المستدرك.
- وقال هشيم بن بشير: أخبرنا أبو عامر الخزاز قال، حدثنا ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله! إني لأعلم أشد آية في القرآن!
فقال: ما هي يا عائشة؟
قلت: هي هذه الآية يا رسول الله: {من يعمل سوءا يجز به..}، فقال: (هو ما يصيب العبد المؤمن، حتى النكبة ينكبها). رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أمّ, سيرة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir