مجلس مذاكرة القسم الثالث من الحزب 60.
تفسير سور: التين وحتى الزلزلة.
1. (عامّ لجميع الطلاب)
استخرج خمس فوائد سلوكية من سورة الزلزلة، وبيّن وجه دلالة السورة عليها.
من الفوائد المستخرجة من سورة الزلزلة:
1) من الآية: "إذا زلزلت الأرض زلزالها": أن أتيقن من قدرة الله تعالى، فالله القادر على كل شيء، الذي بكلمة منه سبحانه ترتجف الأرض الصلبة، وتدك الجبال البالغة الشدة، لا يعجزه شيء، ولا يتعاظمه أمر.
2) من الآية: "وأخرجت الأرض أثقالها": أن أتقي الله، فإن زلزلة الساعة قريب، لأن كل ما هو آت قريب، فالاستعداد ليوم الرحيل واجب، والتزود له مطلب، وسيأتي اليوم الذي نخرج فيه من القبور للحساب، فليعمل كل منا ما ينجيه في ذلك اليوم العظيم.
3) من الآية: "يومئذ تحدث أخبارها" : أن أحرص على أن يكون عملي فوق الأرض على ما يرضي الله، فإنه سيأتي اليوم الذي تشهد فيه الأرض على كل ما قمت به عليها، من خير أو شر، فليكن كل ما ستشهد عليه الأرض علي مما يقربني من رضا رب العالمين ويبعدني عن مساخطه.
4) من الآية "بأن ربك أوحى لها": أن أستسلم لله عزوجل في امتثال جميع أوامره والانتهاء عن جميع نواهيه، فيا للعجب من حال الإنسان، فالله يأمر الأرض والسموات فتطيعه مع عظم خلقهما، ويأمر الإنس والجن فمنهم من لا يستسلم له مع ضعفهما.
5) من الآية: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره": لا أستصغر من المعروف شيئا، ولو أن ألقى أختي بوجه طلق، فالتعامل مع الله – ولله الحمد والمنة – بمثاقيل الذر، لا يضيع عنده خيرا أعمله، وبالمقابل، لا أستصغر السيئة، فإنما النار تشتعل من قطع الحطب الصغيرة، فيهلك بها العبد.
2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1. فسّر قول الله تعالى:
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)} البينة.
يخبر تعالى عن حال الكفار بقوله سبحانه: "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب "وهم اليهود والنصارى" والمشركين "وهم سائر الأصناف من الأديان فيما عدى اليهود والنصارى" أنهم لا يزالون في غيهم وضلالهم غير "منفكين" أي غير منتهين عن كفرهم "حتى تأتيهم البينة"، أي حتى يرسل الله لهم من يبين لهم الحق من الباطل، وهو "رسول من الله يتلو صحفا مطهرة" أي رسولا (وهو محمد صلى الله عليه وسلم) يرشدهم إلى كل خير، ويحذرهم من كل شر، ومعه القرآن "صحفا مطهرة" المكتوب في الملأ الأعلى "في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأي سفرة كرام بررة" لا تقربها الشياطين، وليس فيها إلا الحق الصريح لا الكذب والشبهات والكفر، "فيها كتب قيمة" كل ما فيها هو الأخبار الصادقة، والأوامر العادلة، لا خطأ فيها، تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
فدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم توجب على الناس جميعا الاجتماع لأنها تدعو إلى عبادة إله واحد، وإلى كتاب واحد، وإلى نبي واحد، فقد أرسله الله تعالى إلى الناس كافة، ولكنهم اختلفوا فكان "كل حزب بما لديهم فرحون"، ولكنهم لم يزدهم الهدى إلا ضلال، ولا البصيرة إلا عمى.
2. حرّر القول في المسائل التالية:
1: هل كانت ليلة القدر في الأمم الماضية أم هي من خصائص هذه الأمة؟
اختلف العلماء هل كانت ليلة القدر في الأمم السالفة، أو هي من خصائص هذه الأمّة؟ على قولين:
القول الأول: تخصيص هذه الأمّة بليلة القدر. قاله مالك وعليه جمهور العلماء. وحكى الخطّابيّ عليه الإجماع.
• الأدلة والشواهد:
قال الزّهريّ: حدّثنا مالكٌ، أنه بلغه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أري أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنّه تقاصر أعمار أمّته ألاّ يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيرٌ من ألف شهرٍ. ذكره ابن كثير.
القول الثاني: أنها كانت في الأمم الماضين، كما هي في أمّتنا.
• الأدلة والشواهد:
قال الإمام أحمد بن حنبلٍ: عن مرثدٌ أنه قال: سألت أبا ذرٍّ، قلت: كيف سألت رسول الله عن ليلة القدر؟ قال: أنا كنت أسأل الناس عنها، قلت: يا رسول الله، أخبرني عن ليلة القدر، أفي رمضان هي أو في غيره؟ قال: ((بل هي في رمضان)). قلت: تكون مع الأنبياء ما كانوا، فإذا قبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: ((بل هي إلى يوم القيامة)). قلت: في أيّ رمضان هي؟ قال: ((التمسوها في العشر الأول والعشر الأواخر)).ثمّ حدّث رسول الله وحدّث، ثمّ اهتبلت غفلته قلت: في أيّ العشرين هي؟ قال: ((ابتغوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيءٍ بعدها)). ثمّ حدّث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ اهتبلت غفلته فقلت: يا رسول الله، أقسمت عليك بحقّي عليك لما أخبرتني في أيّ العشر هي؟ فغضب عليّ غضباً لم يغضب مثله منذ صحبته وقال: ((التمسوها في السّبع الأواخر، لا تسألني عن شيءٍ بعدها)). ورواه النّسائيّ،، عن الفلاّس. ذكره ابن كثير
2: المراد بالتين والزيتون.
• جاء في المراد بالتين عدة أقوال للعلماء بين بعضها تطابق، وبين بعضها تباين، فيمكن اختصارها إلى قولين هما:
القول الأول: أنه التين المعروف الذي يؤكل. قاله مجاهد عن ابن عباس، وذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
القول الثاني: كناية عن مكان اشتهر فيه إنبات التين. ذكره الأشقر.
وذكر ابن كثير أمثلة عليه:
1) إما كناية عن مسجد (كمسجد دمشق، أو مسجد أصحاب الكهف (قاله القرظي)، أو مسجد نوح الذي على الجودي (رواه العوفي عن ابن عباس)).
2) أو كناية عن مدينة دمشق.
3) أو كناية عن الجبل الذي عند دمشق.
• وجاء في المراد بالزيتون عدة أقوال للعلماء بين بعضها تطابق، وبين بعضها تباين، فيمكن اختصارها إلى قولين هما:
القول الأول: أنه الزيتون المعروف الذي يؤكل. قاله مجاهد وعكرمة، وذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
القول الثاني: كناية عن مكان اشتهر في إنبات الزيتون. ذكره الأشقر.
وذكر ابن كثير مثالا عليه وهو مسجد بيت المقدس حيث بعث الله عيسى عليه السلام. قاله كعب الأحبار وقتادة وابن زيد.
فيكون القسم بهما من باب كثرة نفعهما للأبدان كونهما غذاء، أو كناية عن الأماكن التي أرسل الله فيها رسله كنوح وعيسى عليهما السلام.
3. استدلّ لما يلي مع بيان وجه الدلالة:
أ: خطر الغنى.
قال تعالى في سورة العلق: "كلا إن الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى"، فإنعام الله المنعم على العبد بالغنى والمال والسعة بالرزق توجب على صاحبها شكر المنعم بالإقبال على الله، ولكنه ولجهله وظلمه، بدل أن يشكر ربه المنعم عليه، استغنى بما ملّكه الله إياه عن الله، وطغى وتجبر على الهدى، واستغنى بماله وقوته عن الله. لذلك فالغنى خطر على من لا يعرف ربه، ويربي نفسه بالوحي، أنه قد يكون طريقه للطغيان والاستغناء عن الله.
ب: فضل العلم.
أول ما أنزله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم من كل القرآن هي أول آيات من سورة العلق فقال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم"، فمن أهم أبواب العلم: القراءة. فيكون أول أمر ينزل من القرآن هو الأمر بالعلم، لشرفه وعظم أجره في الشريعة الغراء، فكما اعتنى الله بخلق الإنسان والذي بدايته خلق بدنه من علق، كذلك اهتم الله تعالى بروحه بأن أنزل عليه الوحي وأمره بالعلم به وبتدارسه، فكرّم الله الإنسان بالعلم، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة.
ج: فضل الصلاة.
قال تعالى في سورة البينة: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيمة" فالله تعالى ذكر الكفار من أهل الكتاب والمشركين وذمهم بعدم اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر سبحانه أنه لم يأمرهم إلا بتوحيده سبحانه، وإخلاص العبادة له، وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. فبالرغم من دخول الصلاة والزكاة في عبادة الله وتوحيده بقوله "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء"، ولكنه تعالى خصص ذكر الصلاة والزكاة كون الصلاة من أشرف عبادات البدن، والزكاة من أشرف عبادات الأموال، وبهما قامت جميع الشرائع.