(1سؤال عامّ لجميع الطلاب)
اذكر الموضوعات الرئيسة في سورة النبأ، ثم اذكر ثلاث فوائد سلوكية استفدتها من تدبّرك لهذه السورة.
اشتملت سورة النبأ على عدة موضوعات منها :
(1) سؤال المشركين عن البعث ورسالة محمد عليه الصلاة والسلام.سؤال استنكار وتوبيخ مع تهديدهم .
(2) إثبات يوم القيامة وأنه آت .
(3) الأحداث التي تقع والاهوال في يوم القيامة.
(4) ذكر ما يلاقيه المكذبون من العذاب.
(5) سعادة وفوز المتقين بجنات النعيم لمن صدق بيوم القيامة .
(6) حال الكافرين حين يقضي الله سبحانه بين الخلائق ووصف وقوف العوالم بين يديه وتمني الكافر لو كان تربا لما يجد من هول الموقف .
المجموعة الرابعة:
1. فسّر بإيجاز قول الله تعالى:
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26)}.
تفسير قوله تعالى: ( إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ) ( 21 )
أي مرصداً لكل من يأتي عليها فيرصد الكافرَ خزنتُها ، وقيل هي تتشوف لمن استحق الولوج فيها كما يفعل الراصد فمن كان معه جواز نجا من القناطر ومن لم يكن معه أُخذ فحبسته كما ذكر ذلك عن بعض السلف كالحسن وقتادة وذكره ابن كثير في تفسيره .
تفسير قوله تعالى: (لِلطَّاغِينَ مَآَبًا ) (22 )
للعصاة المخالفون للرسل مرجعاً ، والمآب : المرجع , فهي للطاغين منزلا ومرجعاً .
تفسير قوله تعالى: (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا) (23 )
أي ماكثين فيها مدة طويلة من الزمان ؛ الحقب : المدة من الزمن وهي ثمانون سنة على الراجح من اقوال اهل العلم كما ذكره المفسرون وورد عن علي رضي الله عنه : قال علي لهلالٍ الهجريّ: ما تجدون الحقب في كتاب اللّه المنزّل؟ قال: نجده ثمانين سنةً، كلّ سنةٍ اثنا عشر شهراً، كلّ شهرٍ ثلاثون يوماً، كلّ يومٍ ألف سنةٍ., وكذا روي عن ابي هريرة وابن عباس وغير واحد من السلف , فالكفار يمكثون في النار حقبا بعد حقب ابد الآبدين . اما العصاة فهم ممن استثنوا كما ذكر مقاتل بن حيان : انها منسوخة ، وقال خالد بن معدان : هذه الآية وقوله : ( الا ما شاء ربك ) في اهل التوحيد . رواهما ابن جرير .
تفسير قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)
أي لا يذوقون فيها ( أي في جهنم وقيل الاحقاب ) برداً لقلوبهم وجلودهم ، ولا شرباً يبرد جلودهم ويدفع ظمأهم, وقيل المراد بالبرد النوم كما ذكره ابن كثير واستدل لذلك بقول الشاعر :
بردت مراشفها عليّ فصدّني ....... عنها وعن قبلاتها البرد
تفسير قوله تعالى: (إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ) (25) (جَزَاءً وِفَاقًا (26)
ثم استثنى من البرد ( الحميم ) : وهو الماء الشديد الحرارة ، ومن الشراب (الغساق ) : وهو صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم - والعياذ بالله - , قال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم، ومن الشّراب الغسّاق ، فليس لاهل النار غير الحميم الذي يشوي وجوهه ويقطع امعائهم والغساق الكريه في غاية النتن جزاء موافقاً لما فعلوه . فكان الجزاء من جنس العمل فلا أعظم ذنبا من الشرك ولا عذاب اعظم من النار فهو موافق لاعمالهم الدنية كما ذكر ذلك ابن كثير نقلا عن مجاهد وقتادة وغيرهم .
تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)
أي انهم كانوا منكرين للبعث لا يعتقدون بان لهم معاداً يرجعون فيه لربهم ليجازيهم أو يحاسبهم على أعمالهم خيرها وشرها .
تفسير قوله تعالى: (وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)
أي كذبوا بحجج الله ودلائله على خلقه تكذيبا واضحًا صريحاً وعاندوها .
قال ابن كثير في تفسيره : وقوله : {كذّاباً}. أي: تكذيباً، وهو مصدرٌ من غير الفعل، قالوا: وقد سمع أعرابيٌّ يستفتي الفرّاء على المروة: آلحلق أحبّ إليك أو القصّار؟ وأنشد بعضهم:
لقد طال ما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعن حوجٍ قضّاؤها من شفائيا.
تفسير قوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)
( وكل شيء) من قليل وكثير وخير وشر ( أحصيناه كتاباً ) أي علمناه وكتبناه في اللوح المحفوظ ، فلا يخشى المجرمون ان يعذبهم الله بذنوب لم يعملوها أو ينسى مثقال ذرة كمَا قالَ تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِ(( رَبُّكَ أَحَداً})
تفسير قوله تعالى: (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30(
أي (( فَذُوقُوا)) أيها المكذِّبونَ هذا العذابَ الأليمَ والخزيَ الدائمَ.
(( فَلَن نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً)) وكلَّ وقتٍ وحينٍ يزدادُ عذاب من جنسه (( وآخر من شكله أزواج )) ، وعن عبد اللّه بن عمرٍو قال: لم ينزل على أهل النّار آيةٌ أشدّ من هذه:{فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}. قال فهم في مزيدٍ من العذاب أبداً.
2: حرّر القول في:
المراد بالمعصرات في قوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجّاجا}.
وردت أقوال عن السلف في معنى المعصرات في هذه الآية :
الأول : الرياح وهو مروي عن ابن عباس وعكرمة ومجاهدٌ وقتادة ومقاتلٌ والكلبيّ وزيد بن أسلم وابنه عبد الرّحمن . ومعنى هذا القول: أنّها تستدرّ المطر من السّحاب . وهذا حاصل كلامهم .
الثاني : السحاب وهو قول آخر عن ابن عباس وعكرمة أيضاً وأبو العالية والضّحّاك والحسن والرّبيع بن أنسٍ والثّوريّ، واختاره ابن جريرٍ. والفراء ، ذكر ذلك عنهم ابن كثير، وذكر هذا القول كذلك السعديّ والأشقر. وقال الفرّاء: ( هي السّحاب التي تتحلّب بالمطر ولم تمطر بعد، كما يقال: مرأةٌ معصرٌ إذا دنا حيضها ولم تحض ) أ. هـ .
الثالث : السّماوات، وهو مروي عن الحسن وقتادة كما ذكره ابن كثير في تفسيره وقال : وهذا قولٌ غريبٌ.
ورجح ابن كثير القول الثالث فقال : والأظهر أنّ المراد بالمعصرات السّحاب كما قال تعالى: {اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحاباً فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله}. أي: من بينه.
ويشهد لهذا القول ما ذكره الفراء . والله اعلم بالصواب .
3. بيّن ما يلي:
أ: معنى الاختلاف في قوله تعالى: {الذي هم فيه مختلفون}.
ورد فيه قولان:
الأول: يعني الناس فيه على قولين : مؤمن وكافر ، ذكره ابن كثير في تفسيره .
الثاني : يعني مختلفين في القرآن ، فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ سِحْراً، وَبَعْضُهُمْ شِعْراً، وَبَعْضُهُمْ كَهَانَةً، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: هُوَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ، ذكره الأشقر في تفسيره .
ب: الدليل على كتابة الأعمال.
الدليل على ذلك قوله تعالى : (( وكلّ شيءٍ أحصيناه كتاباً )) أي: وقد علمنا أعمال العباد كلّهم وكتبناها عليهم ؛ فقوله : (( أَحْصَيْنَاهُ كِتَابا )) أي: كتبناهُ في اللَّوحِ المحفوظِ، كما في قوله تعالى) ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)) .وهذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر في تفاسيرهم .
هذا والله اعلم وما كان من صواب من الله وحده
وما أخطأت به فمني ومن الشيطان والله ورسوله من براء
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه .