س1: ما سبب تأليف الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله لكتاب "حلية طالب العلم"؟
رأى المؤلف رحمه الله تعالى, الصحوة العلمية حوله, ومسارعة الشباب إلى سلوك طريق طلب العلم, ولاحظ نشاطهم في الطلب, واجتهادهم وعلو همتهم, وهذا وإن كان من المبشرات, ومما يثلج الصدور, إلا إن مثل هذ الصحوة, يلزمها الكثير من العناية والإهتمام, والتوجيه والإرشاد المستمر لطلبة العلم, حتى لا تخرج عن مسارها الصحيح, وينتفع الطالب بما ينهله من علم, لهذا رأى المؤلف رحمه الله تعالى, تأليف هذا الكتاب, لأن من أهم ما يعين الطالب على الإنتفاع مما حصله من علم, الآداب والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها, لتكون مثل طوق النجاة له من الغرق والإنحراف عن المسار, وهي كذلك تشمل آدابه مع شيخه, وآدابه في مجلس العلم, وآدابه مع باقي طلبة العلم, وآدابه مع المجتمع, وغيرها من الآداب, وإن كان الجميع يجب عليهم التحلي بالأخلاق, إلا إنها في طالب العلم آكد, وبعضها مما يختص به, لأنها تكون من ثمار ما طلبه من علم, ولأن الناس ينظرون إليه كمتحدث بإسم الدين, فأراد المؤلف رحمه الله تعالى, أن ينفعهم بما قيده في هذه الحلية, لتكون من الضمانات التي تمنعهم من التعثر والسقوط في طريق سيرهم إلى طلب العلم, وتضمن لهم الإستمرار والوصول.
س2: العلم عبادة ، كيف يتعبد المسلم إلى الله بطلب العلم ؟
العلم عبادة, وحتى يؤدي طالب العلم هذه العبادة على أكمل وجه, عليه أولا أن يخلص في نيته فيها, فينوي طلب العلم امتثالا لأمر الله تعالى, لأن الله أمر بالعلم, بل كان العلم الشيئ الوحيد الذي أمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام, بطلب الإستزادة منه, فقال:"وقل رب زدني علما", وحث على طلبه الرسول عليه الصلاة والسلام, ورتب على سلوك طريق الأجور العظيمة, فقال:" من سلك طريقا يلتمس فيه علما, سهل الله له به طريقا إلى الجنة...الحديث", والإمتثال لأمر الله ورسوله عبادة.
ثانيا: أن ينوي بطلبه العلم حفظ الشريعة, وهذه من أجل المهمات, فيحفظها من الزيادة أو النقصان فيها, وقد اخبر الرسول عليه الصلاة والسلام, إن الله يبعث على رأس كل مئة سنة, من يجدد للأمة شبابها, فمثلا, لولا ما حصل من جمع للحديث, وتدوينه, والعناية بصحة سنده, وتدوين كتب الرجال,وغيره من الأمور التي قام بها العلماء, لضاع الحديث, ولما فرق الناس بين صحيحه وموضوعه.
ثالثا: ان ينوي بطلبه للعلم حفظ الشريعة, فلولا ما قام به العلماء من كشف للشبهات التي أثارها أعداء الإسلام, والرد عليها, وبيان الحق من الباطل للناس, والرد على ما أحدثته الفرق من أقوال باطلة ما انزل الله بها من سلطان, لضاع الحق واندثرت العقيدة الصحيحة السليمة.
رابعا: أن ينوي طالب العلم اتباع شرعة الرسول عليه الصلاة والسلام, وهذا لا يمكن ان يكون إلا بمعرفتها, ومعرفتها لا تكون إلا بطلب العلم, والمتابعة هي الشرط الثاني لقبول وصحة العبادات, فيكون بمتابعته للرسول عليه الصلاة والسلام, ناشرا ومظهرا ومعلما لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام بين الناس.
س3: ما أثر تحلي طالب العلم بالحلم والتواضع؟
قال عليه الصلاة والسلام لأشج ابن قيس: "إن فيك لخصلتان يحبهما الله ورسوله, الحلم والأناة"و قال عليه الصلاة والسلام:"وما تواضع أحد لله إلا رفعه", وجاءت الشريعة بالنهي عن الكبر, بل قال عليه الصلاة والسلام:"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر", وقال تعالى:"تلك الدار الآخرة نجعلهاا للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا", فتحلي طالب العلم بتلك الخصلتين المحمودتين, الأناة والتواضع, وتخليه عن ضدهما, من الإشارات الدالة على انتفاعه بالعلم, فطريق طلب العلم طريق طويل شاق يحتاج فيه طالب العلم للصبر والأناة, ومن حرم منها زادت صعوبة الطريق عليه, واستعجل الطلب, واستبطأ الثمرة, فلربما أدى هذا به إلى ترك الطلب بالكلية, أو عمل ما لا تحمد عقباه, كما إنه يحتاج للأناة في معاملة الناس, ومعاملة شوخه, ومعاملة أقرانه من طلاب العلم, فيوسم بالحكمة والصبر.
أما الكبر فهو مذهب لبركة العلم, ويحرم صاحبه منه, فلا يدخل قلبه, ولا يتنفع به, ويعجز عن نفع الناس بما عنده, والعلم لا يناله مستكبر, كما قال علماء السلف, لأن المستكبر يرد الحق إن جاءه ممن هو أقل منه مرتبة, أو اصغر منه سنا, ويجادل ويخاصم في سبيل إظهار قوله, فيفوت على نفسه المنفعة والفوائد, ولهذا اثر كبير في تجنب الناس مجالسته, أو الحديث معه, بعكس المتواضع, الذي يفرح بالحق وبالفوائد, ولا يستكبر عن نيلها والإنتفاع منها, ويكون همه ظهور الحق ولو من غير طريقه, وانتفاع الناس بالعلم, فيجتمع الناس عليه, وينتفعون بما عنده من علم وأخلاق.
س4: ما هي المروءة ؟ وما هي خوارمها ؟
عرف الفقهاء المروءة بأنها: فعل المرء ما يجمله ويزينه, واجتناب ما يدنسه ويشينه, فكل ما يزين المرء ويكون سببا لثناء الناس عليه فهو مروءة, وإن لم يكن من العبادات,ويكون من مكارم الأخلاق, ويكون في إفشاء السلام, وطلاقة الوجه, وإغاثة الملهوف, وصدق الحديث, ونصرة المظلوم, والأمانة, أما خوارم المروءة فتكون في كل ما يشين المرء ويجلب له المذمة والإنتقاص, سواء كانت طبعا مثل سرعة الغضب, أو قولا مثل كثرة الكلام فيما لا ينفع, أو كثرة الضحك والمزاح , أو عملا مثل التعدي على الآخرين, أو حرفة مهينة مثل الحرف التي يكون فيها حط من قدره, أو خلة رديئة كالعجب والخيلاء والبطر, ومصاحبة سيئي السمعة, أو ارتياد مواطن الريبة والشبهات, وغير ذلك مما يؤدي إلى نزول مرتبته, وسقوطه من أعين الناس, وجعله مادة لحديثهم, لأن الناس ينظرون إلى طالب العلم نظرهم إلى القدوة, ويتعبرونه عنوان للشريعة بما يقوم به من أعمال, فتكون بعض الخصال في حقه آكد من غيره.
س5: قال الشيخ بكر أبو زيد لطالب العلم: "تحل بالثبات والتثبت ..." فما الفرق بينهما؟
الثبات والتثبت, لفظان متشابهان لفظا, مختلفان معنى, فالثبات محله القلب, وهو الصبر والمصابرة والإستقامة على الحق, ويكون عند طالب العلم بالصبر على التلقي, ومدارسة الكتب, وتكرير القراءة فيها, والثبات في الأخذ عن المشايخ بطول الملازمة لهم, والسماع والتدوين للفوائد, وعدم التنقل من كتاب لكتاب, ومن شيخ إلى شيخ, بدون تحصيل اي فائدة.
أما التثبت فهو التأكد والتوثق, ويكون فيما ينقل المرء من أخبار, وفيما يصدر من أحكام, فيتأنى في كليهما, خاصة فيما يتعلق بأمور الدين, فيبحث ويسأل ليتأكد, ويحرص على تحصيل الأدلة, ويبتعد عن التسرع, وهذا يدل على حكمة الشخص وبصيرته وعقله.