[u]المجموعة الأولى :
س1: قال تعالى: {ذو العرش المجيد}، لم خصّه تعالى بالذكر؟
العرش أعظم وأخص مخلوقات الله عز وجل, ولمعرفة عظمته, نقرأ قوله تعالى في وصف الكرسي, في آية الكرسي:"وسع كرسيه السموات والأرض", والعرش أعظم منه,كما قال عليه الصلاة والسلام:"ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة, وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة", وهو أول المخلوقات, كما جاء في الحديث:"إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة, وكان عرشه على الماء", وهو سرير الملك, والعرش فوق المخلوقات كلها, وهو سقف الجنة, يحمله ثمانية من الملائكة, كما جاء في قوله تعالى:"ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية", وصف عليه الصلاة والسلم أحدهم, فقال:"أُذِن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام", وحملة العرش يستغفرون للذين آمنوا, كما في قوله تعالى:"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا:, وقد ذكر الله تعالى في سبع مواضع من القرآن, إنه تعالى استوى على العرش, وقد جاء ذكر العرش, في سورة البروج, بعد ذكر الآيات:"إن بطش ربك لشديد" و"وهو الغفور الودود",لبيان كمال عظمته وقدرته سبحانه, فعظم خلق العرش علم على عظمة خالقه سبحانه وتعالى, وعظمة العرش, وكونه فوق المخلوقات, والله فوقه سبحانه, فيه ترهيب وترغيب, فهو يدل على إن الجميع مقهور تحت قدرة الله, وبطشه, يفعل بهم ما يشاء, فلا يظن ظان إن هناك من يفلت من العقاب, ولو توهم متوهم ذلك بالنظر إلى أحوال الدنيا, فهذا وهم لا يصح, ومع هذا, فإن مغفرته سبحانه وتعالى, أيضا تعم الجميع, فمن تاب, تاب الله عليه, ولو فعل ما فعل, فيطمئن الإنسان, ويرجع إلى ربه بالتوبة والإنابة, وهذا كقوله سبحانه:"الرحمن على العرش استوى", لتدل على إن رحمته سبحانه عمت جميع خلقه.
س2: من خلال دراستك لسورة الغاشية تكلم عن أوصاف الفريقين الشقي والسعيد، وما أعدّ لهما.
أخبر الله تعالى, في سورة الغاشية, عن إنقسام الناس إلى قسمين, فذكر القسم الأول, الذين خسروا انفسهم وأهليهم يوم القيامة:
فأخبر أولا عن وصف وجوههم, والوجه اشرف الأعضاء, وهي التي يعرف منها عادة حال الإنسان, من سعادة وشقاء, أو حزن وسرور, فأخبر سبحانه إن وجوههم تكون(خاشعة), ذليلة, خاضعة, يعلوها الخزي والعار, من سوء أعمالهم, ومن هول ما شاهدوا, ومن هول ما ينتظرهم, ومع هذا الذل والخسران, فهي (عاملة ناصبة), يكلفها الله جل وعلا, بأعمال شاقة في جهنم, يعذبهم بها, فهم في عذاب وتعب مستمر, لا ينفك عنهم بحال من الأحوال, ومنهم من يكون قد عمل وتعب في الدنيا, معتقدا صواب عمله, فيكون وبالا عليه في الآخرة, يعذب بكفره ويعذب بسوء عمله, ف (تصلى نارا حامية), محيطة بهم, نار شديدة الحرارة, تشوي وجوههم, وهم وقودها, فكلما عذبوا بها, زاد اتقادها, وزادت حرارتها عليهم, فإن عطشوا وأرادوا ما يروي الظمأ, فيسقون من (عين آنية), وهي عين ماء شديدة الحرارة والحر, فبدلا من أن تروي الظمأ, تشوي وجوهم أولا, قبل أن يشربوها, وتقطع أمعائهم ثانيا, بعد أن يتجرعوها, أما الطعام, ف (ليس لهم طعام إلا من ضريع), فطعامهم شوك, جاف, من نار, فكما لم ينتفعوا في الدنيا من الطعام على الوجه المشروع, فلم يؤدوا حق شكره, ولم ينتفعوا به في أداء ما صلح من الأعمال, فكان الطعام والشراب بالنسبة لهم في جهنم, صنفا من العذاب, لا لذة فيه ولا شبع, فهو (لا يسمن ولا يغني من جوع), فلا يحصلون به مقصود الطعام, من دفع الجوع, أو السمن وبناء الأجسام, فهم في حالة دائمة من العذاب, يستوي فيها جوعهم مع أكلهم, والعياذ بالله.
أما فريق السعداء, فوجوههم(ناعمة), مرتاحة مطمئنة, تبدو عليها آثار النعيم,(تعرف في وجوههم نضرة النعيم), راضية بما قدمت من أعمال في الدنيا, ابتغت فيها الآخرة, فهي (لسعيها راضية), تحمد ربها على ما وفقها إليه من الإيمان والإتباع, وصالح الأعمال, فكان نتيجة هذا, أن أعطاها الله ما وعدها, فمقامها في (جنة عالية), جمعت جميع أنواع النعيم, عالية في وصفها, مكانها في عليين, لذلك (لا تسمع فيها لاغية), فعلو شأنها, ومقامها, أدى أن سلم أهلها من سماع اللغو من القول, ومن سماع الباطل, وكل ما يشين ويؤذي السمع, وذكر ربنا وصف هذه الجنة, لتشتاق لها النفوس, فتسعى حثيثا لها, ففيها(عين جارية), تجري فيها العيون والأنهار من غير أخاديد, عيون من ماء, ولبن, وخمر, وعسل, يجدها المؤمن حيث شاء, وله فيه (سرر مرفوعة), مجالس مرتفعة, عليها يجلسون, ويضجعون, لينظروا إلى ما حولهم من نعيم, وفي جلوسهم هذا, أعدت لهم(أكواب موضوعة), أواني للشرب تبت ووضعت لهم, ليشربوا فيها من هذه العيون, يطوف بها عليهم (غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون), وتنتشر في مجالسهم هذه (نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة), صفت الوسائد الكثيرة من الحرير والإستبرق, بعضها بجانب بعض وفرشت البسط الوثيرة وبثت في مجالسهم, فهي مجالس مريحة لا يتعبون هم في ترتيبها, بل هم في راحة ودعة مستمرة, كل ما حولهم يوحي بالترف, والرفاهية.
س3: قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى (6) إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)}
بيّن ما تضمنته هذه الآيات من بشارات عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم.
كان عليه الصلاة والسلام, من شدة حرصه على حفظ القرآن, وخوفه من نسيانه, لما ينزل عليه جبريل عليه السلام, بالوحي, كلما يقرأ آية قالها عليه الصلاة والسلام معه, فأنزل الله تعالى:"لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه وقرآنه", وجاءت هذه الآية, وهي قوله تغالى:"سنقرئك فلا تنسى", بشارة عظيمة للنبي عليه الصلاة والسلام, حيث وعده ربه بأنه سيعلمه القرآن, ويحفظه في صدره,فيوعاه, فلا ينساه أبدا, وهذه من أعظم البشارات, لأن آفة العلم النسيان, لكن يستثنى من النسيان هنا, ما نسخت تلاوته, فينسيه الرسول عليه الصلاة والسلام.
والبشارة الثانية:"ونيسرك لليسرى", أي ستكون شريعته ميسرة, لا يكلف الله فيها نفسا إلا وسعها, مرفوع الحرج فيها عن الأمة, وكذلك تيسيره لعمل أهل الجنة, فتسهل عليه الطاعات, والقربات, الموصلة لها, وهذه تكون لمن صلح من أمته أيضا, وأتى بلوازم استحقاق هداية التوفيق, والتيسير من الله سبحانه.
س4:: فسّر قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وأذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)}.
"إذا السماء انشقت":تخبر السورة عن بعض علامات يوم القيامة, فالسماء المحبوكة, التي كان لا يرى فيها أي فطور, تتصدع, وتتشقق, وتنفطر, وتتناثر ما فيها من كواكب ونجوم.
"وأذنت لربها وحقت": وكان انفطارها لأنها سمعت, وأطاعت أمر ربها, فانشقت, وحق لها أن تطيعه, ولا تعصيه, وهي المخلوقة, المسخرة, المقهورة, وهو الخالق الملك, القاهر, سبحانه لكل شيئ, فله العزة والمنعة, فلا يغالبه شيئ, سبحانه.
"وإذا الأرض مدت": والأرض التي كانت مستقرا للناس, ترجف بهم, وتبسط وتسوى, فالجبال العظيمة تدك:"يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا", وتذهب جميع معالم الأرض, "فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها غوجا ولا أمتا".
"وألقت ما فيها وتخلت": ثم تلقي الأرض ما فيها من كنوز متنوعة, مدفونة فيها, وتلقي الأجساد المدفونة فيها, والتي كانت الأرض ملجأ لهم, تتخلى عنهم وتسلمهم للحساب, فلا مهرب لهم يومئذ ولا ملجأ.
"وأذنت لربها وحقت": وقد سمعت الأرض, وأطاعت أمر ربها, فألقت وتخلت عن كل ما هو مدفون فيها, وحق لها أن تطيعه, ولا تعصيه, وهي المخلوقة, المسخرة, المقهورة, وهو الخالق الملك, القاهر لكل شيئ, فله العزة والمنعة, فلا يغالبه شيئ, سبحانه.
س5: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من قوله تعالى : { إن كل نفس لما عليها حافظ }
- استشعار مراقبة الله عز وجل للعبد, فبيتعد عن مساخطه, ويغشى مرضاته.
- عدم احتقار الأعمال, ولو صغرت, فكله محصي ومجازى به العبد.
- العبد سيحاسب, ويسئل وحده, ولن تنفعه يوم القيامة, الأحساب أو الأنساب, بل هو عمله, وما أحصته عليه الملائكة.
- المسارعة في التوبة والإستغفار عند الوقوع في الخطأ.
- حفظ الوقت, فهو رأس مال المسلم.
- زيادة الإيمان بالملائكة, وزيادة محبتهم, لما يقومون به من أعمال للعبد.
- استشعار نعم الله, وشكره عليها, بأن سخر ملائكة تحفظ العبد بأمره.
- قطع تعلق القلب بالأسباب, فما قدر الله علينا واقع, فيوجه القلب للتعلق به وحده سبحانه.
- ضعف الإنسان وعجزه, فلا يظن بنفسه القدرة, وهذا كفيل بإزالة ما في القلب من كبر.