اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دانة عادل
أحسن الله إليكم سؤالي ليس في التفسير وإنما في مقدمات طلب العلم
وردت مقولة مالك بن دينار -رحمه الله- : من تعلَّم العلم للعمل كَسَره علمه...
أشكل علي معناها أرجو توضيحها بارك الله فيكم
|
العلم لمن طلبه للمعرفة دون العمل يورثه صاحبه شعوراً بالرفعة قد يغترّ به، ويستعلي به على غيره، وهو استعلاء معنوي كالذي يرتقي في بنيان عالٍ كلما ازداد في الارتقاء أبصر ما لم يكن يبصره من قبل، وشعر باستعلائه على غيره.
وهذا الاستعلاء نوع من العلو في الأرض، ويصيب القلبَ بسببه آفات من العُجْبِ والكبرِ، والغرور والزهو، وهذه الآفات إذا تمكّنت في القلب أهلكت صاحبها.
وأما من طلب العلم ليعمل به عملَ قلبٍ وعمَل جوارح فإنّ العلم يورثه خشية لله تعالى وإنابة إليه، وإخباتاً له؛ لأنه يعرف به ربَّه جلَّ وعلا بأسمائه وصفاته ، ويتفكّر في آثارها في أوامره جلَّ وعلا ومخلوقاته، وينظر فيما يجب عليه أن يعمله، وما يجب عليه أن يحترز منه، ويعرف به ما أمامه من أهوال القبر وأهوال يوم القيامة؛ فيورثه ذلك انكساراً في القلب يمنعه من العُجب والكبر والاستطالة على غيره بما علِم، ويحمله على الالتجاء إلى الله تعالى، والتوكّل عليه، والفرار إليه؛ فيكون في العلم النافع شغل له عن مقاصد أهل الغفلة من المتعلّمين، ومن يطلب العلم رياء وسمعة، ومن يطلب الدنيا بعمل الآخرة.
ولذلك كان من أمارات تحصيل العلم عند السلف أن يجد الطالب أثر ما يتعلّمه على قلبه وجوارحه، وعلى سلوكه وعباداته، قال الله تعالى لموسى عليه السلام لما بعثه إلى فرعون: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)} فالعلم النافع الذي يُهدى به المرء إلى ربّه جلّ وعلا يورثه الخشية، وهو قرين التزكية؛ وكلما ازداد المؤمن علماً يهتدي به ازداد زكاة وخشية.
- قال الحسن البصري: «كان الرّجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشُّعِه وهَدْيِه ولسانِه وبصرِه ويدِه». رواه الإمام أحمد في الزهد والبيهقي في شعب الإيمان.