بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال العام : بيّن ما استفدّته من خبر محنة الإمام أحمد.
- قوة وشجاعة الامام أحمد الملهمة.
"فلمّا انصرفوا من عنده قال له عمّه: لو تواريت!، قال: (كيف أتوارى؟ إن تواريت لم آمن عليك وعلى ولدي وولدك والجيران، ويلقى الناس بسببي المكروه، ولكنّي أنظر ما يكون)".
- تفهمه وشعوره مع الآخرين.
"فمن أجاب أطلق، ومن أبى حُبس وقُيّد؛ فلمّا كان بعد ذلك دعا بالقواريري وسجّادة فأجابا وخلّى عنهما. فكان الإمام أحمد يعذرهما ويقول: (قد أعذرا وحُبِسَا وقُيِّدا، وقال الله عزّ وجل: {إلا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان} القَيْدُ كُرْه، والحَبْسُ كُرْه)".
- ثباته على موقفه في الدفاع عن الحق.
"فدخل إسحاق بن إبراهيم على الإمام أحمد فكلّمه بكلام ليّن ليثنيه عن موقفه من مسألة خلق القرآن، وكان مما قال له: يا أحمد إني عليك مشفق، وإن بيننا وبينك حُرمة، وقد حلف الخليفة لئن لم تجب ليقتلنَّك.
فقال له الإمام أحمد: ما عندي في هذا الأمر إلا الأمر الأول".
س1: ما سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق؟
صرح أهل السنة بأن القرآن الكريم غير مخلوق؛ وذلك لظهور فتنة تدعي خلق القرآن.
قال ابن تيمية رحمه الله: (لم يَقُلْ أحدٌ مِن السَّلَفِ: إنَّ القرآنَ مخلوقٌ أو قديمٌ، بل الآثارُ متواتِرةٌ عنهم بأنَّهم يقولون: القرآنُ كلامُ اللَّهِ، ولمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ)
فلدحض هذه الفتنة والقضاء عليها، وضح أهل السنة أن القرآن وصل لنا متواتراً، حيث سمعه جبريل من الله تعالى، ثم نقله الى الرسول – صلى الله عليه وسلم -، ونقله الرسول الى أصحابه، ومن ثم نُقل الينا.
قال أحمد بن حنبل: (لقيتُ الرجالَ والعلماءَ والفقهاءَ بمكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام والثغور وخراسان فرأيتهم على السنة والجماعة، وسألت عنها الفقهاء؛ فكلٌّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود). ذكره الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتابه اختصاص القرآن عن المرّوذي عن الإمام أحمد
قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: (قال الله عز وجل في كتابه: {فأَجِرْه حتّى يسمع كلام الله} فجبريل سمعه من الله، وسمعه النّبي صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السّلام، وسمعه أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم من النّبي؛ فالقرآن كلام الله غير مخلوق).
س2: اعرض بإيجاز أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة في القرآن.
يوجد الكثير من الاختلاف والتعارض بين الفرق المختلفة في قضايا الاسلام، ومن أكبر هذه القضايا هي مسائل الكلام والقرآن، حيث ظهرت الفتن والنزاعات بسبب هذا التباين.
فيجب علينا معرفة القول الحق، والأدلة الواضحة عليها، وحجج أهل السنة في هذه المسائل.
ومن هذه الفرق:
- الرافضة: الذين يتبنون الكثير من الأقوال الباطلة؛ كتحريف القرآن، وأنه ناقص، وأن علي – رضي الله عنه – قد جمع القرآن الكريم لوحده، وأن الناس العامة تفهم معاني ظاهرة في القرآن، وأئمتهم ومعظّميهم على علم بمقاصد باطنة غير معروفة لغيرهم.
- الجهمية الأوائل: وهم أتباع جهم بن صفوان، فإنهم زعموا أن القرآن مخلوق، وأن الكلام ليست صفة لله تعالى، وإنكارهم سائر الأسماء والصفات، وقد أجمع السلف على تكفيرهم.
- المعتزلة: ادّعوا أن القرآن الكريم مخلوق منفصل عن الله تعالى.
- الكرّاميّة: هم أتباع محمّد بن كرّام السجستاني، حيث زعم أن الإيمان هو اقرارِ باللسان فقط، وإن لم يصحبه اعتقاد بالقلب.
وأن الله تعالى كان ممتنعاً عن الكلام، ثم أصبحت له صفة الكلام، وقالوا أن القرآن الكريم غير مخلوق. لكنهم خالفوا أهل السنة بالمعنى الصحيح للايمان بالقرآن، وأصل صفة الكلام.
- الزيدية: هم أتباع زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وهم يكذبون بأن القرآن مخلوق.
- الكلابية والماتريدية والأشاعر: نفوا أن الله يتكلم بصوت وحرف، فزعموا أن القرآن هو المعنى النفسي الذي أراده الله تعالى, وأنه قديم بقدمه عز وجل (لأنه من صفاته)، ولا يتعلق بالقدرة والمشيئة، "ولا يتجزّأ ولا يتبعّض، ولا يتفاضل". وأوّل من أحدث هذا القول عبد الله بن سعيد بن كُلاب البصري.
س3: عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسألة الخلق بالقرآن مبيّنا أنواع الأذى الذي لحق بهم.
- أول العلماء الذي امتحن في مسألة الخلق بالقرآن هو عفّان بن مسلم الصفّار شيخ الإمام أحمد.
- يحيى بن معين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وإسماعيل الجوزي، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم عبد الرحمن بن يونس المستملي، وابن أبي مسعود.
- هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن ذكوان، وأحمد بن أبي الحواري
- أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغسّاني قاضي دمشق وهو من شيوخ الإمام أحمد.
" كان شيخاً كبيراً قد بلغ الثامنة والسبعين من عمره؛ فأُدخل على المأمون وبين يدي المأمون رجل مطروح قد ضُربت عنقه، ليرهبه بذلك؛ فقال له المأمون: ما تقول في القرآن؟
قال: كما قال الله: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
قال: أمخلوق أو غير مخلوق؟
قال: ما يقول أمير المؤمنين؟
قال: مخلوق.
قال: بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، أو التابعين؟
قال: بالنظر. واحتج عليه.
قال: يا أمير المؤمنين، نحن مع الجمهور الأعظم، أقول بقولهم، والقرآن كلام الله غير مخلوق.
وأخذ المأمون يجادله على طريقة المعتزلة؛ فأبى أبو مسهر أن يجيبه إلى ما قال؛ فدعا المأمون بالنطع والسيف؛ فلما رأى ذلك أجاب مترخّصاً بعذر الإكراه.
قال ابن سعد: (فتركه من القتل وقال: أما إنك لو قلت ذلك قبل أن أدعو لك بالسيف لقبلت منك ورددتك إلى بلادك وأهلك.
ولكنك تخرج الآن فتقول: قلت ذلك فرَقا من القتل؛ أشخصوه إلى بغداد فاحبسوه بها حتى يموت.
فأُشْخِصَ من الرَّقة إلى بغداد في شهر ربيع الآخر سنة ثماني عشرة ومائتين فحبس قِبَل إسحاق بن إبراهيم فلم يلبث في الحبس إلا يسيرا حتى مات فيه، في غرة رجب سنة ثماني عشرة ومائتين؛ فأخرج ليدفن فشهده قوم كثير من أهل بغداد)ا.هـ."
- ومحمد بن نوح العجلي، وعبيد الله القواريري، والحسن بن حماد الحضرمي.
و أحمد بن حنبل، الذي وضع في الحبس لسنوات وعذب، ودُعي الى مناظرة مع الفقهاء والعلماء، فاذا رجحت حجته عليهم نجى.
لكنه حبس بعدها مرة أخرى، واشتد العذاب، بالجلد وغيره. ثم أخلي سبيله، وتعافى من آثار الضرب.
قال عليّ بن المديني: (إنّ الله عزّ وجلّ أعزّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردّة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة). رواه الخطيب البغدادي وعبد الغني المقدسي.
- أبو نعيم الفضل بن دكي: وهو من الشيوخ الكبار في العمر، حيث وصل التسعين، أصيب بطعن في عنقه، وعدة كسور في صدره.
وتوفاه الله تعالى بعد جراحته بيوم، في يوم الشكّ من رمضان سنة 219هـ.
- العباس بن عبد العظيم العنبري، وعلي بن المديني
عندما امتحنا لم يجيبا، ولكن ضُرب العباس بالسوط وعُذب حتى أجاب.
وكان علي المديني ينظر اليه، فأجاب قبل أن يُعذب، ولم يصاب بأي مكروه.
- أبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي حُبس في السجن إلى أن مات فيه سنة 231هـ.
- نعيم بن حماد المروزي، حُبس مع البويطي، وهو من أئمة أهل السنة، وسُحب بقيوده، ورُمي في حفرة، ولم يكفن، ولم يصلى عليه.
- أحمد بن نصر الخزاعي، ضُرب بسيف على عاتقه، ثم ضُرب مرة أخرى على رأسه، ثم طعن في بطنه، وسقط شهيداً.
وصلب جسده لمدة ست سنين، "ثمّ جمع رأسه وجسده ودفع إلى أهله فدفنوه، واجتمع لتشييعه ودفنه ما لا يحصى من العامّة".