183 - وَبَعْدَ ذَاتِ الكَسْرِ تَصْحَبُ الخَبَرْ = لَامُ ابْتِدَاءٌ نَحْوُ: إِنِّي لَوَزَرْ
(وَبَعْدَ ذَاتِ الكَسْرِ تَصْحَبُ الخَبَرْ) جوازًا (لَامُ ابْتِدَاءٍ نحوُ: إِنِّي لَوَزَرْ) أيْ: مَلْجَأٌ وكانَ حقُّ هذهِ اللامِ أنْ تدخلَ على أوَّلِ الكلامِ لأنَّ لها الصدْرَ لكنْ لَمَّا كانتْ للتأكيدِ و"إنَّ" للتأكيدِ كرِهُوا الجمعَ بينَ حرفَيْنِ لِمَعْنًى واحدٍ فزَحْلَقُوا اللامَ إلى الخبَرِ.
[اقْترانُ خبرِ "إنَّ" باللامِ]:
تَبْيِنهٌ: اقتضَى كلامُهُ أنَّها لا تصحَبُ خبرَ غيرِ "إنَّ" المكسورةِ وهو كذلك وما وَرَدَ من ذلك يُحْكَمُ فيهِ بزيادتِها فمِنْ ذلك قراءةُ بعضِ السلَفِ (إِلَّا أنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) بفَتْحِ الهمزةِ وأجازَهُ المُبَرِّدُ، وما حكاهُ الكُوفِيُّونَ مِن قولِهِ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
265 - يَلُومُونَنِي فِي حُبِّ لَيْلَى عَوَاذِلِي = وَلَكِنَّنِي مِنْ حُبِّهَا لَعَمِيدُ
ومنهُ قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
266 - أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ = تَرْضَى مِنَ اللَّحْمِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
وقولُهُ [مِنَ البَسِيطِ]:
267 - مَرُّوا عَجَالَى فَقَالُوا: كَيْفَ صَاحِبُكُمْ؟ = فَقَالَ مَنْ سُئِلُوا أَمْسِى لَمَجْهُودَا
وقولُهُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
268 - وَمَا زِلْتُ مِنْ لَيْلَى لَدُنْ أَنْ عَرَفْتُهَا = لَكَالهَائِمِ المُقْصَى بِكُلِّ مُرَادِ
وقولُهُ [مِنَ البَسِيطِ]:
269 - أَمْسَى أَبَانُ ذَلِيلًا بَعْدَ عِزَّتِهِ = وَمَا أَبَانُ لَمِنْ أَعْلَاجِ سُودَانِ
184 - وَلَا يَلِي ذِي اللَّامُ مَا قَدْ نُفِيَا = وَلَا مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا
185 - وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَـ "إِنَّ ذَا = لَقَدْ سَمَا عَلَى العِدَا مُسْتَحْوِذَا"
(وَلَا يَلِي ذِي اللَّامُ مَا قَدْ نُفِيَا). ذِي: إشارةٌ واللامُ: نُصِبَ بالمفعولِيَّةِ و"مَا" مِن قولِهِ: "مَا قَدْ نُفِيَا" في موضعِ رفْعٍ بالفاعليَّةِ أي: لا تَدخلُ هذه اللَّامُ على منْفِيٍّ إلَّا ما نَدَرَ من قولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
270 - وَأَعْلَمُ إِنَّ تَسْلِيمًا وَتَرْكَا = لَلَا مُتَشَابِهَانِ وَلَا سَوَاءُ
(وَلَا) يليهَا أيضًا (مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا) ماضٍ متصَرِّفٌ غيرُ مقرونٍ بـ"قَْ" فَلَا يقالُ: "إنَّ زيْدًا لَرَضِيَ" وأجازَهُ الكِسَائِيُّ وهِشامٌ فإنْ كانَ الفعلُ مضارعًا دخلتْ عليهِ متصرِّفًا كانَ نحوُ: "إنَّ زيدًا لَيَرْضَى" أو غَيْرَ متصَرِّفٍ نحوُ: "إنَّ زيدًا ليَذَرُ الشَّرَّ".
وظاهرُ كلامِهِ جوازُ دخولِ اللامِ على الماضِي إذا كانَ غَيْرَ متصَرِّفٍ ؛ نحوُ: "إنَّ زيدًا لَنِعْمَ الرجُلُ"، أو "لَعَسَى أنْ يقُومَ" وهو مَذْهَبُ الأَخْفَشِ والفَرَّاءِ؛ لأنَّ الفعلَ الجامدَ كالاسمِ، والمنقولُ عَن سِيبَوَيْهِ إنَّهُ لَا يُجِيزُ ذلك فإنَّ اقترانَ الماضِي المتَصَرِّفِ بـ "قَدْ" جَازَ لدُخولِ اللامِ عَليهِ؛ كما أشارَ إليهِ بقولِهِ:
(وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا = لَقَدْ سَمَا عَلَى العِدَا مُسْتَحْوِذًا)
لأنَّ "قَدْ" تُقَرِّبُ الماضِيَ من الحالِ فأَشْبَهَ حينئذٍ المضارِعَ وَليسَ جوازُ ذلك مخصوصًا بتقديرِ اللامِ للقَسَمِ خِلافًا لصاحبِ (الترشيحِ) وقدْ تقدَّمَ أنَّ الكِسَائِيَّ وهِشَامًا يُجِيزانِ "إنَّ زيدًا لَرَضِيَ" وَليسَ ذلك عندَهُما إلا إضْمارَ "قدْ" واللامُ عندَهُما لامُ الابتداءِ أمَّا إذَا قُدِّرَتِ اللامُ للقَسَمِ فإنَّهُ يجُوزُ بلا شرطٍ ولو دخلَ على "إنَّ" ـ والحالةُ هذهِ ـ ما يَقتضِي فتْحَهَا فُتحتْ معَ هذه اللام نحوُ: "عَلِمْتُ أَنَّ زَيْدًا لَرَضِيَ".
186 - وَتَصْحَبُ الوَاسِطَ مَعْمُولَ الخَبَرْ = وَالفَصْلَ وَاسْمًا حَلَّ قَبْلَهُ الخَبَرْ
(وَتصْحَبُ) هذه اللامُ أعْنِي لامَ الابتداءِ أيضًا (الواسِطَ) بينَ اسم ِِ"إنَّ" وخبرِها (معمولَ َالخبرِِ) بشرطِِ كونِِ الخبِِر صالحًا لها ، نحوَ: "إن زيدًا لَعَمْرًا ضاربٌ" فَإِِنْ لم يكنِِ الخبرُ صالحًا لها لم يجُز دخولُها على معمولِِه المتوسِّطِِ. نحو: "إِِنَّ زيدًا عمرًا ضَرَب"َ لأنَّ دخولَها على المعمولِِ فرعُ دخولِِها على الخبرِ ،ِ وبِِشَرْطِِ أن لا يكونَ ذلك المعمولُ حالًا فإنْ كانَ حالاً لم يجُزْ دخلُوها عليهِ فلا يجوزُ: "إِِنَّ زيدًا لراكبًا منطلِِقٌ" واقتضى كلامُه أنها لا تصحَبُ المعمولَ المُتَأَخِِّرَ فلا يجوزُ: "إِِنَّ زيدًا ضاربٌ لَعمرًا" "و" تصحبُ أيضًا (الفصلَ) وهو الضميرُ المسمَّى عمادًا نحوَ { إنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ } إذا لم يعرِِبْ "هو" مبتدأٌ (و) تصحبُ (اسمًا) لأنَّ (حلَّ قبلَه الخبرُ) نحو: " إِِنَّ عندَك لبَِرًّا" { وَإِِنَّ لَكَ لَأَجْرًا} وفي معنى تَقَدُّمِِ الخبرِِ تَقَدُّمِِ معمولِِه نحو: " إِِنَّ في الدارِِ لزيدًا قائمٌ".