1. (عامّ لجميع الطلاب)
بيّن فضل التقوى وآثارها على الفرد والمجتمع من خلال دراستك لسورة الطلاق.
تقوى الله سبحانه وتعالى, من أهم صفات المؤمن, بل هي من صفات أولياء الرحمن كما قال تعالى:"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون", فالتقوى هي: استواء السر مع العلانية, واستواء الظاهر مع الباطن
ولقد ورد الأمر بالتقوى في سورة الطلاق بشكل ملحوظ, بسبب ما يكون في الطلاق من حزن ومشقة قد تدفع إلى البغض والكره, مما قد يؤدي إلى وقوع المسلم في ظلم أخيه, سواء في الحقوق المادية أو المعنوية, فتكرر الأمر بالتقوى على مدار السورة, لكن العبرة بعموم اللفظ, فالأمر بالتقوى عام يمتثله المسلم في جميع أموره, الدينية والدنيوية.
من فضائل وآثار التقوى على الفرد والمجتمع:
- تحفظ المسلم نفسه من الوقوع في الإثم والظلم, وتصونه, وتجعل له وقاية من غضب الله وعقابه.
- تحفظ حقوق الأفراد, فتكون الحقوق واضحة بينة لصاحبها ولغيره, لا يحصل له غبن أو غرر, قال تعالى:"وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم", فأمر بالتقوى هنا ليحفظ حق الزوجة في عدم تطويل العدة عليهابسبب وقوع طلاق بدعي عليها, وحفظ حق الزوج في معرفة عدة مطلقته الرجعية, ليتمكن من إرجاعها بإحسان إن أراد, أو تسريحها بأحسان, كذلك حفظ حق من أراد الزواج بالمرأة بعد انتهاء عدتها, فيدخل على بصيرة, وحفظ حق الطفل في ثبوت النسب, وهذا من فوائد العدة وهي: استبراء الرحم.
- محبة الله سبحانه وتعالى للمتقين, وكفى به فضل يسعى المسلم لنيله.
- وعد الله المتقين بأن يجعل لهم مخرجا وفرجا من كل ضيق وهم يقعون فيه, وهذا يشمل هدايتهم وتثبيتهم عند وقوع الشبهات والفتن, وإعانتهم فيما يمرون به من حالات ضعف لا بد للإنسان من الوقوع فيها, ويسهل عليه الصعاب, ويهون عليه العسير من الأمور, وهذا في الدنيا والبرزخ وفي الآخرة, وهذا الجزاء من جنس العملو فهم جعلوا بينهم وبين غضب الله وسخطه وعذابه وقاية, فأمنهم الله تعالى وصدق معهم وعده.
- توسعة الرزق على المتقين, فيسوق له رزقه من حيث لا يحتسب, وهذا يشمل الرزق الحسي والمعنوي من إيمان وهداية وصبر ورضا, فيستغني بالله عمن سواه.
- فلاح المتقين في الدنيا والآخرة, فيذهب الله عنهم المرهوب, وينالوا المطلوب المحبوب في ألآخرة وهو الجنة وما فيها من نعيم.
- المجتمع الذي يلتزم افراده التقوى, تشيع فيه الأخلاق العالية, ويكون العدل شعاره, فلا يظلم أفراده, لأن شريعة الله هي الحاكمة المهيمنة على افراده, فيأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأهلهم, وتنتشر فيه المحبة بين أفراده.
- تقوى أفراد المجتمع لله, تحسم مادة التنازع والخصومة بينهم, ولو وقع التشاجر بين بعض الأفراد, فهذا لا يؤدي بهم إلى الوقوع في ظلم بعضهم لبعض.
- رضا الله عن الأمة إن اتقى افرادها الله, فيرفع الله عنها سخطه, ويرحمها فلا ينزل عليها عذابه.
- انتشار الرخاء والسعة في المجتمع, فينزل الله لهم الخيرات, ويوسع عليهم كما في قوله تعالى:"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".
المجموعة الرابعة:
1. بيّن ما يلي:
أ: مناسبة قوله تعالى في سورة الطلاق: {وائتمروا بينكم بمعروف}.
الآيات في سياق الطلاق وأحكامه وآدابه, وغالبا ما يحصل نزاع وخصومة بن الزوجين في هذا المقام بسبب الحقوق المادية والمعنوية, خاصة مع وجود أولاد بينهما, فيحصل الشجار بسبب النفقة عليها وعلى الأولاد, وهذا ما يكون مقرونا عادة ببغض كل منهما على الآخر, فتتأثر أحكامهما بهذه المشاعر, فأمر الله سبحانه وتعالى, وذكرهم بالأمر فيما بينهما بالمعروف, في كل ما تحصل به منافع الدنيا والآخرة, والعشرة الحسنة, وعدم المشاقة, خاصة وإن الغفلة عن الأمر بالمعروف فيما بينهما في هذا الوقت بالذات, يحصل به ضرر كبير وشر يؤدي إلى زيادة الشقاق والنزاع والتشاجر.
ب: متعلّق الشهادة في قوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم}.
متعلق الشهادة في قوله تعالى:"وأشهدوا ذوي عدل منكم", هو: الرجعة والطلاق, وسياق الآية يدل عليه, قال تعالى:"فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف", قال عطاء في قوله تعالى:"وأشهدوا ذوي عدل منكم": لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا إرجاع إلا شاهدا عدل, إلأا أن يكون من عذر, لذلك أوجب الشافعي في أحد قوليه الإشهاد على الرجعة كما أوجبها على النكاح, والعلة هي حسم النزاع وحسم مادة الخصومة من أولها, وهذه خلاصة قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
2. حرّر القول في:
سبب نزول سورة التحريم.
ورد في سبب نزول سورة التحريم ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها نزلت لما حرم الرسول عليه الصلاة والسلام, سريته مارية عليه, فقد كانت أمته فلم تزل به عائشة وحفصة رضي الله عنهما, حتى حرمها، فأنزل اللّه، عزّ وجل:"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك".
وقد قال زيد بن أسلم: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه، فقالت: أي رسول اللّه، في بيتي وعلى فراشي؟! فجعلها عليه حراما فقالت: أي رسول اللّه، كيف يحرم عليك الحلال؟ فحلف لها باللّه لا يصيبها. فأنزل اللّه السورة, قال زيد: بن أسلم فقوله: أنت علي حرام لغو, رواه ابن جرير, ذكره ابن كثير في تفسيره.
وقد سأل ابن عباس عمر: من المرأتان؟ قال عمر: عائشة وحفصة.
وقال عمر: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لحفصة: "لا تخبري أحدا، وإن أم إبراهيم علي حرام". فقالت: أتحرم ما أحل اللّه لك؟ قال: "فواللّه لا أقربها". قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة قال فأنزل اللّه: "قد فرض اللّه لكم تحلة أيمانكم". رواه الهيثم بن كليب في مسنده, وعلق عليه ابن كثير بقوله:"وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج.
وهو قول ابن عباس, قتادة والضحاك, ومسروق, ومقاتل, ذكره ابن كثير, وذكره السعدي.
القول الثاني: أنها نزلت فيمن وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام, جاء عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك"؟ في المرأة الّتي وهبت نفسها للنبي صلى اللّه عليه وسلم, رواه عنه عكرمة, ذكره ابن أبي حاتم, ذكره ان كثير وعلق عليه بقوله:وهذا قول غريب، والصحيح أن ذلك كان في تحريمه العسل، كما قال البخاري عند هذه الآية.
القول الثالث: أن السورة نزلت لما حرم الرسول عليه الصلاة والسلام, على نفسه العسل, وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها، فلتقل له: أكلت مغافير؟ إني أجد منك ريح مغافير. قال: "لا ولكنّي كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا"، فنزلت السورة: "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك"؟ إلى: "إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما لعائشة وحفصة, أخرجه البخاري, ورجح هذا القول ابن كثير, وذكره السعدي والأشقر.
3. فسّر تفسيرا وافيا قوله تعالى:
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} التحريم.
"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن": نزلت هذه الآية لما اعتزل الرسول عليه الصلاة والسلام, زوجاته, وقد قال عمر رضي الله عنه, يروي ما حصل: دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نساءه. وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب. فقلت: لأعلمن ذلك اليوم, فلما دخل عمر على النبي عليه الصلاة والسلام, قال: يا رسول اللّه ما يشق عليك من أمر النساء، فإن كنت طلقتهن فإن اللّه معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، قال عمر:"وقلما تكلمت -وأحمد اللّه- بكلامٍ إلّا رجوت أن يكون اللّه يصدق قولي، ونزلت هذه الآية:"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن"و"وإن تظاهرا عليه فإن اللّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير" فقلت: أطلقتهن؟ قال: "لا". فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه.... الحديث, رواه مسلم.
فيخبر الله سبحانه وتعالى, نساء نبيه ويخوفهن أنه في حال طلاق النبي عليه الصلاة والسلام, لهن, وجاء هنا بالطلاق لمشقة وقعه على نفوس النساء, فإن الله سبحانه وتعالى, قادر على أن يبدله أزوجا غيرهن, أكثر دينا وجمالا, فهو عليه الصلاة والسلام, غير مضطر لهن, ولا محتاج لهن كذلك, فلا يترفعن عليه, وهذا من الله سبحانه وتعالى, تنبيها على مكانة النبي عليه الصلاة والسلام, وأمر بطاعته سواء من زوجاته أو من الأمة.
"مسلمات مؤمنات": أي: قائمات بأركان الإسلام, التزمن شرائع الإسلام ظاهرا, وعملن بشرائع الدين الباطنة, فهن مصدقات بأركان الإيمان الواجب إيمان المرء بها, من الإيمان بالله ووملائكته كتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء خيره وشره.
"قانتات": مطيعات لله ورسوله في شأنهن كله, مداومات على طاعته.
"تائبات": تاركات للذنوب, وتاركات لما يبغضه الله, مقبلات على الطاعات وعلى ما يحبه الله, فإذا وقعن في ذنب بادرن إلى التوبة, وهذا حالهن من دوام التوبة.
"عابدات": لله وحده, فهم متذللات له سبحانه, قد عرفن اختصاصه وحده بالعبودية.
"سائحات": صائمات, وهذا من زيادة الإيمان لديهن.
"ثيبات وابكارا": أي منهم من هي ثيب سبق لها الزواج, ومنهم من هي عذراء بكر لم يسبق لها الزواج, وهذا ليكون ذلك أشهى إلى النفوس، فالتنوع يبسط النفس.
وهذه الآية من باب التعليق الذي لم يوجد, فلا يلزم من الشرط وقوعه, ولما لم يحصل طلاق من النبي عليه الصلاة والسلام, لزوجاته, صار هذا الوصف منطبق عليهن, فالله سبحانه وتعالى لا يختار لنبيه إلا الأفضل, خاصة أنهن بادرن بعد التخويف والتأديب في الاية, إلى رضا الرسول عليه الصلاة والسلام.