دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 شوال 1435هـ/13-08-2014م, 12:03 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي صفحة الطالبة: تماضر( لدراسة التفسير )

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 07:13 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

-الاستعاذة وما يتعلق بها من مسائل :
-الخلاف في موضع الاستعاذة:

القول الأول: قالت طائفة من القراءوغيرهم: نتعوّذ بعد القراءة، واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ((فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم * إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون)) النّحل: 98، 99
. ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة؛ وممّن ذهب إلى ذلك حمزة فيما ذكره ابن قلوقا عنه، وأبو حاتمٍ السّجستانيّ، حكى ذلك أبو القاسم يوسف بن عليّ بن جبارة الهذليّ المغربيّ في كتاب " الكامل ".
وروي عن أبي هريرة -أيضا-وهو غريب.
القول الثاني : أن المشهور في موضع الاستعاذة في القراءة الذي عليه الجمهور : أنّ الاستعاذة لدفع الوسواس فيها، إنّما تكون قبل التّلاوة، ومعنى الآية عندهم:"فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم". النّحل: 98. أي: إذا أردت القراءة، كقوله:"إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم" الآية..المائدة: 6. أي: إذا أردتم القيام.
والدّليل على ذلك من السنة الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك:
1- مارواه الإمام أحمد بن حنبلٍ رحمه اللّه: ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا قام من اللّيل فاستفتح صلاته وكبّر قال:(سبحانك اللّهمّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك) ويقول:(لا إله إلّا اللّه) ثلاثًا، ثمّ يقول:(أعوذ باللّه السّميع العليم، من الشّيطان الرّجيم، من همزه ونفخه ونفثه). وقد رواه أهل السّنن الأربعة ,وهو أشهر حديث في هذا الباب.
2-عن نافع بن جبير بن مطعمٍ، عن أبيه قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين دخل في الصّلاة، قال: «اللّه أكبر كبيرًا، ثلاثًا، الحمد للّه كثيرًا، ثلاثًا، سبحان اللّه بكرةً وأصيلًا ثلاثًا، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الشّيطان من همزه ونفخه ونفثه».
قال عمرٌو: «وهمزه: الموتة، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشّعر».أخرجه أبوداود وابن ماجه.
3-عن عديّ بن ثابتٍ، قال: قال سليمان بن صرد: استبّ رجلان عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ونحن عنده جلوسٌ، فأحدهما يسبّ صاحبه مغضبًا قد احمرّ وجهه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّي لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم» فقالوا للرّجل: ألا تسمع ما يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟!، قال: إنّي لست بمجنونٍ .أخرجه البخاري.
-حكم الاستعاذة :
القول الأول: جمهور العلماء على أنّ الاستعاذة مستحبّةٌ ليست بمتحتّمةٍ يأثم تاركها.
القول الثاني: وحكى فخر الدّين عن عطاء بن أبي رباحٍ وجوبها في الصّلاة وخارجها كلّما أراد القراءة قال: وقال ابن سيرين: إذا تعوّذ مرّةً واحدةً في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب، واحتجّ فخر الدّين لعطاءٍ بظاهر الآية: {فاستعذ} وهو أمرٌ ظاهره الوجوب وبمواظبة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عليها، ولأنّها تدرأ شرّ الشّيطان وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجبٌ، ولأنّ الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب.
القول الثالث: وقال بعضهم: كانت واجبةٌ على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دون أمّته.
وحكي عن مالكٍ أنّه لا يتعوّذ في المكتوبة ويتعوّذ لقيام شهر رمضان في أوّل ليلةٍ منه.
-الجهر والإسرار في الاستعاذة:
وقال الشافعي في الإملاء، يجهر بالتعوذ، وإن أسرّ فلا يضرّ، وقال في الأمّ بالتّخيير لأنّه أسرّ ابن عمر وجهر أبو هريرة، واختلف قول الشّافعيّ فيما عدا الرّكعة الأولى: هل يستحبّ التّعوّذ فيها؟ على قولين، ورجّح عدم الاستحباب، واللّه أعلم.
-هل الاستعاذة في الصلاة للصلاة أم للقراءة ؟
القول الأول: ثمّ الاستعاذة في الصّلاة إنّما هي للتّلاوة وهو قول أبي حنيفة ومحمّدٍ.
القول الثاني: وقال أبو يوسف: بل للصّلاة، فعلى هذا يتعوّذ المأموم وإن كان لا يقرأ، ويتعوّذ في العيد بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد، والجمهور بعدها قبل القراءة.
-ومن لطائف الاستعاذة؛ أنّها طهارةٌ للفم ممّا كان يتعاطاه من اللّغو والرّفث، وتطييبٌ له وتهيّؤٌ لتلاوة كلام اللّه وهي استعانةٌ باللّه واعترافٌ له بالقدرة وللعبد بالضّعف والعجز عن مقاومة هذا العدوّ المبين الباطنيّ الّذي لا يقدر على منعه ودفعه إلّا اللّه الّذي خلقه، ولا يقبل مصانعةً، ولا يدارى بالإحسان، بخلاف العدوّ من نوع الإنسان كما دلّت على ذلك آيات القرآن في ثلاثٍ من المثاني، وقال تعالى:"إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربّك وكيلا".الإسراء:65.
-معنى الاستعاذة:
والاستعاذة:
هي الالتجاء إلى اللّه والالتصاق بجنابه من شرّ كلّ ذي شرٍّ، والعياذة تكون لدفع الشّرّ، واللّياذ يكون لطلب جلب الخير .
ومعنى أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم، أي: أستجير بجناب اللّه من الشّيطان الرّجيم أن يضرّني في ديني أو دنياي، أو يصدّني عن فعل ما أمرت به، أو يحثّني على فعل ما نهيت عنه؛ فإنّ الشّيطان لا يكفّه عن الإنسان إلّا اللّه؛ ولهذا أمر اللّه تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليردّه طبعه عمّا هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجنّ لأنّه لا يقبل رشوةً ولا يؤثّر فيه جميلٌ؛ لأنّه شرّيرٌ بالطّبع ولا يكفّه عنك إلّا الّذي خلقه.
والشيطان في لغة العرب: مشتقٌّ من شطن إذا بعد، فهو بعيدٌ بطبعه عن طباع البشر، وبعيدٌ بفسقه عن كلّ خيرٍ.
والشّيطان مشتقٌّ من البعد على الصّحيح؛ ولهذا يسمّون كلّ ما تمرّد من جنّيٍّ وإنسيٍّ وحيوانٍ شيطانًا، قال اللّه تعالى:((وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا)) الأنعام: 112.
وفي مسند الإمام أحمد، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:" يا أبا ذرٍّ، تعوّذ باللّه من شياطين الإنس والجنّ"، فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال:"نعم".
وقيل: مشتقٌّ من شاط لأنّه مخلوقٌ من نارٍ، ومنهم من يقول: كلاهما صحيحٌ في المعنى، ولكنّ الأوّل أصحّ، وعليه يدلّ كلام العرب.
والرّجيم: فعيلٌ بمعنى مفعولٍ، أي: أنّه مرجومٌ مطرودٌ عن الخير كلّه، كما قال تعالى:"ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشّياطين". الملك:5.

-لم أجد حديثًا عن الاستعاذة في غير تفسير ابن كثير رحمه الله , هذا والله أسأل أن يغفر الزلل ويتجاوز عن الخلل , وأرجو موافاتي بالملاحظات على التلخيص بارك الله في الجميع.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1435هـ/13-10-2014م, 10:20 AM
هيئة التصحيح 3 هيئة التصحيح 3 غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 2,990
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تماضر مشاهدة المشاركة
-الاستعاذة وما يتعلق بها من مسائل :
-الخلاف في موضع الاستعاذة:
[كذلك يوجد قولان آخران: الثالث: أنّ القارئ يتعوّذ بعد الفاتحة، والرابع: أن الاستعاذة تكون أوّلًا وآخرًا جمعًا بين الدّليلين]
القول الأول: قالت طائفة من القراءوغيرهم: نتعوّذ بعد القراءة، واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ((فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم * إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون)) النّحل: 98، 99
. ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة؛ وممّن ذهب إلى ذلك حمزة فيما ذكره ابن قلوقا عنه، وأبو حاتمٍ السّجستانيّ، حكى ذلك أبو القاسم يوسف بن عليّ بن جبارة الهذليّ المغربيّ في كتاب " الكامل ".
وروي عن أبي هريرة -أيضا-وهو غريب.
القول الثاني : أن المشهور في موضع الاستعاذة في القراءة الذي عليه الجمهور : أنّ الاستعاذة لدفع الوسواس فيها، إنّما تكون قبل التّلاوة، ومعنى الآية عندهم:"فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم". النّحل: 98. أي: إذا أردت القراءة، كقوله:"إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم" الآية..المائدة: 6. أي: إذا أردتم القيام.
والدّليل على ذلك من السنة الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك:
1- مارواه الإمام أحمد بن حنبلٍ رحمه اللّه: ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا قام من اللّيل فاستفتح صلاته وكبّر قال:(سبحانك اللّهمّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك) ويقول:(لا إله إلّا اللّه) ثلاثًا، ثمّ يقول:(أعوذ باللّه السّميع العليم، من الشّيطان الرّجيم، من همزه ونفخه ونفثه). وقد رواه أهل السّنن الأربعة ,وهو أشهر حديث في هذا الباب.
2-عن نافع بن جبير بن مطعمٍ، عن أبيه قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين دخل في الصّلاة، قال: «اللّه أكبر كبيرًا، ثلاثًا، الحمد للّه كثيرًا، ثلاثًا، سبحان اللّه بكرةً وأصيلًا ثلاثًا، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الشّيطان من همزه ونفخه ونفثه».
قال عمرٌو: «وهمزه: الموتة، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشّعر».أخرجه أبوداود وابن ماجه. [وأورد ابن كثير أيضا: حديثا رواه ابن ماجه عن ابن مسعود مرفوعا، وحديثا رواه الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم]
3-عن عديّ بن ثابتٍ، قال: قال سليمان بن صرد: استبّ رجلان عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ونحن عنده جلوسٌ، فأحدهما يسبّ صاحبه مغضبًا قد احمرّ وجهه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّي لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم» فقالوا للرّجل: ألا تسمع ما يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟!، قال: إنّي لست بمجنونٍ .أخرجه البخاري. [هذا الحديث فيه بيان فضل الاستعاذة]
-حكم الاستعاذة : [حكم الاستعاذة أنها مستحبة لقول الجمهور، أما حكمها في الصلاة ففيها خمسة أقوال ذكرها ابن كثير، وهذا يُدرج ضمن أحكام الاستعاذة]
القول الأول: جمهور العلماء على أنّ الاستعاذة مستحبّةٌ ليست بمتحتّمةٍ يأثم تاركها.
القول الثاني: وحكى فخر الدّين عن عطاء بن أبي رباحٍ وجوبها في الصّلاة وخارجها كلّما أراد القراءة قال: وقال ابن سيرين: إذا تعوّذ مرّةً واحدةً في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب، واحتجّ فخر الدّين لعطاءٍ بظاهر الآية: {فاستعذ} وهو أمرٌ ظاهره الوجوب وبمواظبة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عليها، ولأنّها تدرأ شرّ الشّيطان وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجبٌ، ولأنّ الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب.
القول الثالث: وقال بعضهم: كانت واجبةٌ على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دون أمّته.
وحكي عن مالكٍ أنّه لا يتعوّذ في المكتوبة ويتعوّذ لقيام شهر رمضان في أوّل ليلةٍ منه.
-الجهر والإسرار في الاستعاذة: [هذه تُدرج تحت أحكام الاستعاذة]
وقال الشافعي في الإملاء، يجهر بالتعوذ، وإن أسرّ فلا يضرّ، وقال في الأمّ بالتّخيير لأنّه أسرّ ابن عمر وجهر أبو هريرة،// واختلف قول الشّافعيّ فيما عدا الرّكعة الأولى: هل يستحبّ التّعوّذ فيها؟ على قولين، ورجّح عدم الاستحباب، واللّه أعلم. [هذه المسألة تُدرج تحت المسائل الفقهية؛ وتعنون كالتالي: حكم الاستعاذة فيما عدا الركعة الأولى]
-هل الاستعاذة في الصلاة للصلاة أم للقراءة ؟ [تُدرج تحت المسائل الفقهية]
القول الأول: ثمّ الاستعاذة في الصّلاة إنّما هي للتّلاوة وهو قول أبي حنيفة ومحمّدٍ.
القول الثاني: وقال أبو يوسف: بل للصّلاة، فعلى هذا يتعوّذ المأموم وإن كان لا يقرأ، ويتعوّذ في العيد بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد، والجمهور بعدها قبل القراءة.
-ومن لطائف الاستعاذة؛ أنّها طهارةٌ للفم ممّا كان يتعاطاه من اللّغو والرّفث، وتطييبٌ له وتهيّؤٌ لتلاوة كلام اللّه وهي استعانةٌ باللّه واعترافٌ له بالقدرة وللعبد بالضّعف والعجز عن مقاومة هذا العدوّ المبين الباطنيّ الّذي لا يقدر على منعه ودفعه إلّا اللّه الّذي خلقه، ولا يقبل مصانعةً، ولا يدارى بالإحسان، بخلاف العدوّ من نوع الإنسان كما دلّت على ذلك آيات القرآن في ثلاثٍ من المثاني، وقال تعالى:"إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربّك وكيلا".الإسراء:65. [تُدرج تحت: المسائل السلوكية]
-معنى الاستعاذة:
والاستعاذة:
هي الالتجاء إلى اللّه والالتصاق بجنابه من شرّ كلّ ذي شرٍّ، والعياذة تكون لدفع الشّرّ، واللّياذ يكون لطلب جلب الخير .
ومعنى أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم، أي: أستجير بجناب اللّه من الشّيطان الرّجيم أن يضرّني في ديني أو دنياي، أو يصدّني عن فعل ما أمرت به، أو يحثّني على فعل ما نهيت عنه؛ فإنّ الشّيطان لا يكفّه عن الإنسان إلّا اللّه؛ ولهذا أمر اللّه تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليردّه طبعه عمّا هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجنّ لأنّه لا يقبل رشوةً ولا يؤثّر فيه جميلٌ؛ لأنّه شرّيرٌ بالطّبع ولا يكفّه عنك إلّا الّذي خلقه.
والشيطان في لغة العرب: مشتقٌّ من شطن إذا بعد، فهو بعيدٌ بطبعه عن طباع البشر، وبعيدٌ بفسقه عن كلّ خيرٍ. [ذكر الأقوال مرتبة مع بيان الراجح منها يجمع لكِ حسن العرض والتحرير، فانتبهي لذلك في الملخصات القادمة]
والشّيطان مشتقٌّ من البعد على الصّحيح؛ ولهذا يسمّون كلّ ما تمرّد من جنّيٍّ وإنسيٍّ وحيوانٍ شيطانًا، قال اللّه تعالى:((وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا)) الأنعام: 112.
وفي مسند الإمام أحمد، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:" يا أبا ذرٍّ، تعوّذ باللّه من شياطين الإنس والجنّ"، فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال:"نعم".
وقيل: مشتقٌّ من شاط لأنّه مخلوقٌ من نارٍ، ومنهم من يقول: كلاهما صحيحٌ في المعنى، ولكنّ الأوّل أصحّ، وعليه يدلّ كلام العرب.
والرّجيم: فعيلٌ بمعنى مفعولٍ، أي: أنّه مرجومٌ مطرودٌ عن الخير كلّه، كما قال تعالى:"ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشّياطين". الملك:5.[وكذلك فيه قول آخر في معنى رجيم: أنه بمعنى راجمٍ؛ لأنّه يرجم النّاس بالوساوس والرّبائث، والأشهر الأول]


-لم أجد حديثًا عن الاستعاذة في غير تفسير ابن كثير رحمه الله , هذا والله أسأل أن يغفر الزلل ويتجاوز عن الخلل , وأرجو موافاتي بالملاحظات على التلخيص بارك الله في الجميع.
تقييم التلخيص:
الشمول (شمول التلخيص على أهم المسائل التفسيرية): 30
من 30
الترتيب (ترتيب المسائل على الأبواب: التفسيرية ، الفقهية ، اللغوية ..):
15 من 20
التحرير: 18 من 20
حسن الصياغة (تلخيص ما ورد تحت المسائل بأسلوبك وقد تستعين بعبارات المفسر): 13 من 15
حسن العرض (حسن تنسيق وتنظيم التلخيص وتجنب الأخطاء الإملائية):
15 من 15
مجموع الدرجات: 91 من 100
أحسنتِ التلخيص بارك الله فيكِ، ونفع بكِ.
درجة المشاركة: ( 4/4
)


- تأمّل الإجابة النموذجية يظهر بعض ما فاتكِ من المسائل في التلخيص حتى يُتنبّه لنظائرها عند دراسة مسائل التفسير في الملخصات القادمة، مع جمع حسن العرض والتحرير.
اقتباس:
تلخيص (تفسير الاستعاذة)

المسائل التفسيرية
· الآيات التي ورد فيها الأمر بالاستعاذة من الشيطان
· الأحاديث الدّالة على استعاذته صلى الله عليه وسلم من الشيطان
· فضل الاستعاذة
· هل الاستعاذة من القرآن؟
· حكم الاستعاذة
· متى يتعوّذ للقراءة؟
· معنى الاستعاذة
· المراد بالهمز، والنفث، والنفخ
· معنى الشيطان
· ذكر ما جاء في تسمية من تمرد من الجن والإنس والحيوان شيطانا في اللغة والشرع
· معنى رجيم
أحكام الاستعاذة
· حكم الاستعاذة في الصلاة
· حكم الجهر بالاستعاذة في الصلاة
· صفة الاستعاذة
مسائل فقهية
· حكم الاستعاذة فيما عدا الركعة الأولى
· الاستعاذة في الصلاة هل هي للتلاوة أم للصلاة؟
مسائل سلوكية
· لطائف الاستعاذة.
· الفرق بين غلبة العدو البشري وغلبة العدو الباطني
· سبب أمر اللّه تعالى بمصانعة شيطان الإنس وأمره تعالى بالاستعاذة به من شيطان الجنّ.
· الآيات التي أمر تعالى فيها بمصانعة شيطان الإنس وأمر فيها بالاستعاذة به من شيطان الجن.
· الآيات الدّالة على شدة عداوة الشيطان لآدم عليه السلام وبنيه.



تلخيص (تفسير الاستعاذة)

المسائل التفسيرية
· الآيات التي ورد فيها الأمر بالاستعاذة من الشيطان.
قال اللّه تعالى: {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ فاستعذ باللّه إنّه سميعٌ عليمٌ} [الأعراف: 200]
وقال تعالى: {وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين * وأعوذ بك ربّ أن يحضرون} [المؤمنون: 96 -98]
وقال تعالى: {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع العليم} [فصّلت: 34 -36]
وقال تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم * إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون}[النّحل: 98، 99].
· الأحاديث الدّالة على استعاذته صلى الله عليه وسلم من الشيطان.
1: عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا قام من اللّيل فاستفتح صلاته وكبّر قال: «سبحانك اللّهمّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك». ويقول: «لا إله إلّا اللّه» ثلاثًا، ثمّ يقول: «أعوذ باللّه السّميع العليم، من الشّيطان الرّجيم، من همزه ونفخه ونفثه». رواه أحمد والأربعة وقال التّرمذيّ: (هو أشهر حديثٍ في هذا الباب.)
2: عن جبير بن مطعمٍ، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين دخل في الصّلاة، قال: «اللّه أكبر كبيرًا، ثلاثًا، الحمد للّه كثيرًا، ثلاثًا، سبحان اللّه بكرةً وأصيلًا ثلاثًا، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الشّيطان من همزه ونفخه ونفثه».
قال عمرٌو: «وهمزه: الموتة، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشّعر».) رواه أبو داود وابن ماجه.
3: عن ابن مسعودٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الشّيطان الرّجيم، وهمزه ونفخه ونفثه».قال: «همزه: الموتة، ونفثه: الشّعر، ونفخه: الكبر». رواه ابن ماجه.
4: عن أبي أمامة الباهليّ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قام إلى الصّلاة كبّر ثلاثًا، ثمّ قال: «لا إله إلّا اللّه» ثلاث مرّاتٍ، و «سبحان اللّه وبحمده»، ثلاث مرّاتٍ. ثمّ قال: «أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم، من همزه ونفخه ونفثه».) رواه أحمد.
· فضل الاستعاذة
- من قالها ذهب عنه ما يجد من الغضب، رواه الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي والنسائي عن أبي بن كعب مرفوعا، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن معاذ بن جبل مرفوعا، ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن سليمان بن صرد مرفوعا، أورده ابن كثير
- دفع الوسواس، ذكره ابن كثير.
· هل الاستعاذة من القرآن؟
أورد ابن كثير في ذلك أثرا رواه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه في أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالاستعاذة وقال:«يا محمّد، استعذ». فقال: «أستعيذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم»، قال عبد اللّه: «وهي أوّل سورةٍ أنزلها اللّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، بلسان جبريل»، قال ابن كثير في هذا الأثر: غريبٌ، وإنّما ذكرناه ليعرف، فإنّ في إسناده ضعفًا وانقطاعًا، واللّه أعلم

· حكم الاستعاذة.
مستحبّةٌ ، وهو قول الجمهور، ذكره ابن كثير
· متى يتعوّذ للقراءة؟
فيها أقوال:
الأول: أنّ الاستعاذة إنّما تكون قبل التّلاوة، لدفع الوسواس فيها، ومعنى الآية عندهم: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم} أي: إذا أردت القراءة.
وهذا القول هو المشهور الذي عليه الجمهور، ذكره ابن كثير ورجحه لدلالة الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك.
الثاني: قالوا: نتعوّذ بعد القراءة، واستدلوا بظاهر قوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم} ، وقالوا: ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة.
وهو قول: حمزة فيما ذكره ابن قلوقا عنه، وأبو حاتمٍ السّجستانيّ، وروي عن أبي هريرة، ذكره ابن كثير وقال: (وهو غريب).
وروي عن ابن سيرين، نقله فخر الدين وقال: وهو قول إبراهيم النّخعيّ وداود بن عليٍّ الأصبهانيّ الظّاهريّ، ذكره ابن كثير.
الثالث: أنّ القارئ يتعوّذ بعد الفاتحة، حكاه القرطبي عن مالك، واستغربه ابن العربي، ذكره ابن كثير..

الرابع: وهو الاستعاذة أوّلًا وآخرًا جمعًا بين الدّليلين، حكاه القرطبي ونقله فخر الدّين، ذكره ابن كثير
· معنى الاستعاذة.
هي الالتجاء إلى اللّه والالتصاق بجنابه من شرّ كلّ ذي شرٍّ.
ومعنى أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم، أي: أستجير بجناب اللّه من الشّيطان الرّجيم أن يضرّني في ديني أو دنياي، أو يصدّني عن فعل ما أمرت به، أو يحثّني على فعل ما نهيت عنه، قاله ابن كثير.
· المراد بالهمز، والنفث، والنفخ.
الهمز:فسرت بالموتة وهي الخنق
والنفخ: بالكبر
والنفث: بالشعر ، قاله عمرو وابن ماجه ، ذكره ابن كثير وقال: وقد فسر الهمز بالموتة وهي الخنق، والنّفخ بالكبر، والنّفث بالشّعر.
· معنى الشيطان.
فيه قولان:
الأول: قيل: مشتقٌّ من شطن إذا بعد، فهو بعيدٌ بطبعه عن طباع البشر، وبعيدٌ بفسقه عن كلّ خيرٍ.
الثاني: وقيل: مشتقٌّ من شاط لأنّه مخلوقٌ من نارٍ.
ومنهم من يقول: كلاهما صحيحٌ في المعنى.
ذكر هذه الأقوال ابن كثير وقال: ولكنّ الأوّل أصحّ، وعليه يدلّ كلام العرب.
· ذكر ما جاء في تسمية من تمرد من الجن والإنس والحيوان شيطانا في اللغة والشرع
العرب تقول: تشيطن فلانٌ إذا فعل فعل الشّيطان قاله سيبويه، ذكره ابن كثير وقال: ولهذا يسمّون كلّ ما تمرّد من جنّيٍّ وإنسيٍّ وحيوانٍ شيطانًا.
1: قال اللّه تعالى: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا} [الأنعام: 112].
2: عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا أبا ذرٍّ، تعوّذ باللّه من شياطين الإنس والجنّ»، فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: «نعم». رواه أحمد
2: عن أبي ذرٍّ -أيضًا-قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يقطع الصّلاة المرأة والحمار والكلب الأسود». فقلت: يا رسول اللّه، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟ فقال: «الكلب الأسود شيطانٌ». رواه مسلم
3: ركب عمر بن الخطاب برذونًا، فجعل يتبختر به، فجعل لا يضربه فلا يزداد إلّا تبخترًا، فنزل عنه، وقال: «ما حملتموني إلّا على شيطانٍ، ما نزلت عنه حتّى أنكرت نفسي». رواه ابن وهب عن أسلم، ذكره ابن كثير وقال: (إسناده صحيحٌ.)
· معنى رجيم.
فيه قولان:
قيل: الرّجيم: فعيلٌ بمعنى مفعولٍ، أي: أنّه مرجومٌ مطرودٌ عن الخير كلّه.
وقيل: رجيمٌ بمعنى راجمٍ؛ لأنّه يرجم النّاس بالوساوس والرّبائث.
ذكر هذه الأقوال ابن كثير وقال: والأوّل أشهر.


أحكام الاستعاذة
· حكم الاستعاذة في الصلاة.
فيها أقوال:
1: الجمهور على أنها مستحبة، ذكره ابن كثير.
2: واجبة في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة، حكاه الرازي عن عطاء بن أبي رباح، واحتجّ له بظاهر قوله تعالى: {فاستعذ} قال: وهو أمرٌ ظاهره الوجوب، وبمواظبة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عليها، ولأنّها تدرأ شرّ الشّيطان وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجبٌ، ولأنّ الاستعاذة أحوط، ذكره ابن كثير وقال: وهو أحد مسالك الوجوب.
3: إذا تعوذ مرة واحدة في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب، وهو قول ابن سيرين، ذكره ابن كثير.
4: وقيل: كانت واجبةٌ على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دون أمّته.
5: وقيل: لا يتعوذ في المكتوبة،حكي ذلك عن مالك، وأنه كان يتعوّذ لقيام شهر رمضان في أوّل ليلةٍ منه ذكره ابن كثير.
· حكم الجهر بالاستعاذة في الصلاة.
للشافعي فيه قولان:
الأول: يجهر بالتعوذ وإن أسرّ فلا يضرّ، قاله في (الإملاء) ، ذكره ابن كثير.
الثاني: التخيير؛ لأنه أسرّ ابن عمر وجهر أبو هريرة، قاله في (الأم)، ذكره ابن كثير.
· صفة الاستعاذة.
جاءت على أكثر من صفة:
1: أن يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن سليمان بن صرد مرفوعا، ورواه الحافظ أبو يعلى الموصلي والنسائي عن أبي بن كعب مرفوعا، واختاره الشافعي وأبو حنيفة، ذكره ابن كثير.
2: وزاد بعضهم: (أعوذ بالله السميع العليم)
3: أن يقول: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) رواه أحمد والأربعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، وقال الترمذي : (هذا أشهر حديث في الباب)، أورده ابن كثير.
4: أن يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا، أورده ابن كثير.
5: أن يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن معاذ بن جبل مرفوعا، أورده ابن كثير وقال: (وقال الترمذي: مرسل)
6: أن يقول:(اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) رواه ابن ماجه عن ابن مسعود مرفوعا، ورواه أبو داود وابن ماجه عن جبير بن مطعم مرفوعا دون لفظ (الرجيم)، أورده ابن كثير.
7: أن يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم) قاله الثوري والأوزاعي، ذكره ابن كثير.
8: أن يقول: (أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم) لمطابقة أمر الآية ولحديث الضحاك عن ابن عباس ، ذكره ابن كثير وقال: (والأحاديث الصّحيحة، أولى بالاتّباع من هذا).

مسائل فقهية
· حكم الاستعاذة فيما عدا الركعة الأولى.
فيه قولان للشافعي:
الأول: الاستحباب، ذكره ابن كثير.
الثاني: عدم الاستحباب، وهو الراجح عنده، ذكره ابن كثير.
· الاستعاذة في الصلاة هل هي للصلاة أو للتلاوة؟
قيل: للتلاوة، هو قول أبي حنيفة محمد، ذكره ابن كثير.
وقيل: للصلاة، قاله أبو يوسف، وقال: فعلى هذا يتعوّذ المأموم وإن كان لا يقرأ، ويتعوّذ في العيد بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد، ذكره ابن كثير وقال: والجمهور بعدها قبل القراءة.

مسائل سلوكية
· لطائف الاستعاذة.
1: طهرة الفم وتطييب له، قاله ابن كثير.
2: تهيؤ لتلاوة كلام الله، قاله ابن كثير.
3: وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني، قاله ابن كثير.
· الفرق بين غلبة العدو البشري وغلبة العدو الباطني.
أن من قتله العدوّ البشريّ كان شهيدًا، ومن قتله العدوّ الباطنيّ كان طريدًا، ومن غلبه العدوّ الظّاهر كان مأجورًا، ومن قهره العدوّ الباطن كان مفتونًا أو موزورًا، قاله ابن كثير
· سبب أمر اللّه تعالى بمصانعة شيطان الإنس وأمره تعالى بالاستعاذة به من شيطان الجنّ.
أمر اللّه تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليردّه طبعه عمّا هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجنّ لأنّه لا يقبل رشوةً ولا يؤثّر فيه جميلٌ؛ لأنّه شرّيرٌ بالطّبع فلا يقبل مصانعة ولا يدارى بالإحسان، ولا يكفّه عنك إلّا الّذي خلقه، وهذا المعنى في ثلاث آياتٍ من القرآن ، قاله ابن كثير
· الآيات التي أمر تعالى فيها بمصانعة شيطان الإنس وأمر فيها بالاستعاذة به من شيطان الجن.
قال ابن كثير: هذا المعنى في ثلاث آياتٍ من القرآن لا أعلم لهنّ رابعةً:
1: قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين . وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ فاستعذ باللّه إنّه سميعٌ عليمٌ} [الأعراف:199- 200]،
2: وقوله تعالى: {ادفع بالّتي هي أحسن السّيّئة نحن أعلم بما يصفون * وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين * وأعوذ بك ربّ أن يحضرون}[المؤمنون: 96 -98]،
3: وقوله تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميمٌ * وما يلقّاها إلا الّذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظٍّ عظيمٍ * وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع العليم}[فصّلت: 34 -36].
· الآيات الدّالة على شدة عداوة الشيطان لآدم عليه السلام وبنيه.
قال تعالى: {يا بني آدم لا يفتننّكم الشّيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة}[الأعراف: 27]
وقال: {إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ فاتّخذوه عدوًّا إنّما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السّعير}[فاطرٍ: 6]
وقال: {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلا} [الكهف: 50]،
وقال الشيطان في قوله تعالى: {فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين}[ص: 82، 83].

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 08:39 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

البسملة ومايتعلق بها من مسائل:
-هل هي آية أو بعض آية ؟ -ك , ش -

اتّفق العلماء على أنّها بعض آيةٍ من سورة النّمل , ثمّ اختلفوا:
القول الأول:
آية مستقلة في بداية كل سورة بما في ذلك سورة الفاتحة عدا براءة , وممن قال ذلك من الصحابة : ابن عبّاسٍ، وابن عمر..وغيرهم. ومن التّابعين: عطاءٌ، وطاوسٌ، والزّهريّ... والشّافعيّ، وأحمد بن حنبلٍ، في روايةٍ عنه , وغيرهم رحمهم الله .
القول الثاني:آية من سورة الفاتحة فقط دوناً عن بقية سور القرآن الكريم , قال به الشافعي في قول في بعض طرق مذهبه , وهو غريب .
‌القول الثالث: ليست آية في سورة الفاتحة أو أي سورة أخرى وإنما وجدت للفصل بين السور , وبه قال مالكٌ وأبو حنيفة وأصحابهما .
‌القول الرابع: بعض آية لجميع السور بما في ذلك سورة الفاتحة . وبه قال الشافعي في بعض طرق مذهبه وهو غريب.
القول الخامس: وقال داود: هي آيةٌ مستقلّةٌ في أوّل كلّ سورةٍ لا منها، وهذه روايةٌ عن الإمام أحمد بن حنبلٍ.
على أقوالٍ للعلماء سلفًا وخلفًا، وذلك مبسوطٌ في غير هذا الموضع.
-مايتعلق بالجهر بها :
الخلاف في الجهر بالبسملة وعدمه متفرع عن الخلاف في كونها آية أو بعض آية :

1-فمن رأى أنّها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها، وكذا من قال: إنّها آيةٌ من أوّلها.
2-وأمّا من قال بأنّها من أوائل السّور فاختلفوا:
أ-فذهب الشّافعيّ، رحمه اللّه، إلى أنّه يجهر بها مع الفاتحة والسّورة، وهو مذهب طوائفٍ من الصّحابة والتّابعين وأئمّة المسلمين سلفًا وخلفًا،, فجهر بها من الصّحابة أبو هريرة، وابن عمر، وابن عبّاسٍ وغيرهم , ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة , وهو غريب , ومن التّابعين عن سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة , والزّهريّ...وغيرهم .
والحجّة في ذلك أنّها بعض الفاتحة، فيجهر بها كسائر أبعاضها، وأيضًا فقد روى النّسائيّ في سننه وابن خزيمة وابن حبّان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه، عن أبي هريرة أنّه صلّى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: «إنّي لأشبهكم صلاةً برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم». وصحّحه الدّارقطنيّ والخطيب والبيهقيّ وغيرهم.
وقد رواه الحاكم في مستدركه، عن ابن عبّاسٍ قال:"كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجهر بـ(بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)"، ثمّ قال: صحيحٌ .
وفي صحيح البخاريّ، عن أنس بن مالكٍ أنّه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"كانت قراءته مدًّا" , ثمّ قرأ:( بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)، يمدّ )بسم اللّه(، ويمدّ )الرّحمن(، ويمدّ)الرّحيم).
ب- وذهب آخرون إلى أنّه لا يجهر بالبسملة في الصّلاة، وهذا هو الثّابت عن الخلفاء الأربعة وعبد اللّه بن مغفّلٍ، وطوائفٍ من سلف التّابعين والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة، والثّوريّ، وأحمد بن حنبلٍ.
القول الثالث: وعند الإمام مالكٍ: أنّه لا يقرأ البسملة بالكلّيّة، لا جهرًا ولا سرًّا، واحتجّوا بما في صحيح مسلمٍ، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت:" كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يفتتح الصّلاة بالتّكبير، والقراءة بـ(الحمد للّه ربّ العالمين)
وبما في الصّحيحين، عن أنس بن مالكٍ، قال: (صلّيت خلف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأبي بكرٍ وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد للّه ربّ العالمين.)
ولمسلمٍ: (لا يذكرون "بسم اللّه الرّحمن الرّحيم" في أوّل قراءةٍ ولا في آخرها). ونحوه في السّنن عن عبد اللّه بن مغفّل، رضي اللّه عنه.
فهذه مآخذ الأئمّة، رحمهم اللّه، في هذه المسألة وهي قريبةٌ؛ لأنّهم أجمعوا على صحّة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسرّ، وللّه الحمد والمنّة.

-فضلها ومواطن وجوبها واستحبابها : -ك-
-روى الإمام أحمد بن حنبلٍ في مسنده: عن رديف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: عثر بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلت: تعس الشّيطان. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:(لا تقل تعس الشّيطان. فإنّك إذا قلت: تعس الشّيطان تعاظم، وقال: بقوّتي صرعته، وإذا قلت: باسم اللّه، تصاغر حتّى يصير مثل الذّباب). فهذا من تأثير بركة بسم اللّه.
1-ولهذا تستحبّ في أوّل كل عمل وقولٍ.
2-وتستحبّ في أوّل الوضوء لما جاء في مسند الإمام أحمد والسّنن، من رواية أبي هريرة، وسعيد بن زيدٍ، وأبي سعيدٍ مرفوعًا:(لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه) . وهو حديثٌ حسنٌ. ومن العلماء من أوجبها عند الذّكر هاهنا، ومنهم من قال بوجوبها مطلقًا.
3-وهكذا تستحبّ عند الأكل لما في صحيح مسلمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة:(قل: باسم اللّه، وكل بيمينك، وكل ممّا يليك) ومن العلماء من أوجبها والحالة هذه.
4-وكذلك تستحبّ عند الجماع لما في الصّحيحين، عن ابن عبّاسٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:(لو أنّ أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم اللّه، اللّهمّ جنّبنا الشّيطان، وجنّب الشّيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولدٌ لم يضرّه الشّيطان أبدًا).
-خلاف النحويين في تقدير المتعلق بالباء في قولك: باسم اللّه، هل هو اسمٌ أو فعلٌ متقاربان وكلٌّ قد ورد به القرآن:
القول الأول:
من قدّره باسمٍ، تقديره: باسم اللّه ابتدائي، لقوله تعالى:(وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ)هود: 41.
القول الثاني : ومن قدّره بالفعل أمرًا وخبرًا نحو: أبدأ ببسم اللّه أو ابتدأت ببسم اللّه، فلقوله:(اقرأ باسم ربّك الّذي خلق) العلق: 1.
وكلاهما صحيحٌ، فإنّ الفعل لا بدّ له من مصدرٍ، فلك أن تقدّر الفعل ومصدره، وذلك بحسب الفعل الّذي سمّيت قبله، إن كان قيامًا أو قعودًا أو أكلًا أو شربًا أو قراءةً أو وضوءًا أو صلاةً، فالمشروع ذكر اسم اللّه في الشّروع في ذلك كلّه، تبرّكًا وتيمّنًا واستعانةً على الإتمام والتّقبّل، واللّه أعلم.
-هل الاسم هو المسمى أو غيره ؟ اختلف الناس في ذلك على أقوال:
أحدها: أنّ الاسم هو المسمّى، وهو قول أبي عبيدة وسيبويه، واختاره الباقلّانيّ وابن فوركٍ.
القول الثاني : قول الحشويّة والكرّاميّة والأشعريّة: الاسم نفس المسمّى وغير التّسمية. قاله فخر الدّين الرّازيّ في مقدّمات تفسيره.
القول الثالث: وقالت المعتزلة: الاسم غير المسمّى ونفس التّسمية.
والمختار عندنا: أنّ الاسم غير المسمّى وغير التّسمية.
ثمّ نقول: إن كان المراد بالاسم هذا اللّفظ الّذي هو أصواتٌ مقطّعةٌ وحروفٌ مؤلّفةٌ، فالعلم الضّروريّ حاصلٌ أنّه غير المسمّى، وإن كان المراد بالاسم ذات المسمّى، فهذا يكون من باب إيضاح الواضحات وهو عبثٌ، فثبت أنّ الخوض في هذا البحث على جميع التّقديرات يجري مجرى العبث.
معنى : (بسم الله) –ك , س -
بسم الله : أي ابتدئ بكل اسم لله تعالى ؛ لأن لفظ (اسم) مفرد مضاف فيعم جميع الأسماء الحسنى .
اللّه: -ك , س , ش-
علمٌ على الرّبّ تبارك وتعالى، يقال: إنّه الاسم الأعظم؛ لأنّه يوصف بجميع الصّفات , كما قال تعالى:(هو اللّه الّذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم …)الآية .
فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له، كما قال تعالى:( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).
وفي الصّحيحين، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ للّه تسعةً وتسعين اسمًا، مائةٌ إلّا واحدًا من أحصاها دخل الجنّة»
وهو اسمٌ لم يسمّ به غيره تبارك وتعالى؛ ولهذا لا يعرف في كلام العرب له اشتقاقٌ من فعل ويفعل، فذهب من ذهب من النّحاة إلى أنّه اسمٌ جامدٌ لا اشتقاق له.
فالله هو المألوه المعبود المستحق للعبادة , لما اتصف به من صفات الأولهية وهي صفات الكمال.
وقد كان الإله يطلق على كل معبود , بحق أو باطل , ثم غلب على المعبود بحق سبحانه.
معنى : (الرّحمن الرّحيم) : -ك , س , ش -
قال ابن كثير رحمه الله : اسمان مشتقّان من الرّحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشدّ مبالغةً من رحيمٍ، وفي كلام ابن جريرٍ ما يفهم حكاية الاتّفاق على هذا، وفي تفسير بعض السّلف ما يدلّ على ذلك، كما تقدّم في الأثر، عن عيسى عليه السّلام، أنّه قال":والرّحمن رحمن الدّنيا والآخرة، والرّحيم رحيم الآخرة."
وقد زعم بعضهم أنّه غير مشتقٍّ إذ لو كان كذلك لاتّصل بذكر المرحوم وقد قال:(وكان بالمؤمنين رحيمًا)الأحزاب: 43.
وقال القرطبيّ: والدّليل على أنّه مشتقٌّ ما خرّجه التّرمذيّ وصحّحه عن عبد الرّحمن بن عوفٍ، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: قال اللّه تعالى: "أنا الرّحمن خلقت الرّحم وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته": وهذا نصٌّ في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشّقاق.
قال أبو عليٍّ الفارسيّ: الرّحمن: اسمٌ عامٌّ في جميع أنواع الرّحمة يختصّ به اللّه تعالى، والرّحيم إنّما هو من جهة المؤمنين، قال اللّه تعالى(:وكان بالمؤمنين رحيمًا )لأحزاب: 43.
وقال ابن عبّاسٍ:"هما اسمان رقيقان، أحدهما أرقّ من الآخر, أي أكثر رحمة".
وقال ابن المبارك:"الرّحمن إذا سئل أعطى، والرّحيم إذا لمّ يسأل يغضب".
قالوا: ولهذا قال:(ثمّ استوى على العرش الرّحمن)الفرقان: 59 وقال:(الرّحمن على العرش استوى)طه: 5 فذكر الاستواء باسمه الرّحمن ليعمّ جميع خلقه برحمته، وقال:(وكان بالمؤمنين رحيمًا)الأحزاب: 43 فخصّهم باسمه الرّحيم، قالوا: فدلّ على أنّ الرّحمن أشدّ مبالغةً في الرّحمة لعمومها في الدّارين لجميع خلقه، والرّحيم خاصّةٌ بالمؤمنين، لكن جاء في الدّعاء المأثور:"رحمن الدّنيا والآخرة ورحيمهما".
قال السعدي رحمه الله : الرحمن الرحيم اسمان دالان على أنه ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شي , وعمّت كل حي , وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله , فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة , ومن عداهم فله نصيب منها . أ.هـ
واسمه تعالى الرّحمن خاصٌّ به لم يسم به غيره، كما قال تعالى:(قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)
وقد زعم بعضهم أنّ الرّحيم أشدّ مبالغةً من الرّحمن –كما ذكر ذلك في زبدة التفسير-؛ لأنّه أكّد به، والتّأكيد لا يكون إلّا أقوى من المؤكّد، والجواب أنّ هذا ليس من باب التّوكيد، وإنّما هو من باب النّعت [بعد النّعت] ولا يلزم فيه ما ذكروه.
والحاصل: أنّ من أسمائه تعالى ما يسمّى به غيره، ومنها ما لا يسمّى به غيره، كاسم اللّه والرّحمن والخالق والرّزّاق ونحو ذلك؛ فلهذا بدأ باسم اللّه، ووصفه بالرّحمن؛ لأنّه أخصّ وأعرف من الرّحيم؛ لأنّ التّسمية أوّلًا إنّما تكون بأشرف الأسماء، فلهذا ابتدأ بالأخصّ فالأخصّ.

هذا والله أعلم , وماحصل من زلل أو نقص فمن الشيطان وماكان من صواب فمن الله وحده , اسأل الله الإعانة والتوفيق , وبانتظار موافاتكم بالملاحظات بارك الله في الجميع.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 11:20 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
Post

تلخيص تفسير (الحمدلله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين )

1-أسماء سورة الفاتحة , وسبب تسميتها بذلك: -ك , ش –

1-الفاتحة، أي فاتحة الكتاب خطًّا، وبها تفتح القراءة في الصّلاة،وسميت بذلك لكونه افتتح بها القرآن , وقيل: إنّما سمّيت بذلك لرجوع معاني القرآن كلّه إلى ما تضمّنته.
2-أمّ الكتاب ، أم القرآن والسبع المثاني.
>< وكره أنسٌ، والحسن وابن سيرين كرها تسميتها بذلك، قال الحسن وابن سيرين: «إنّما ذلك اللّوح المحفوظ»، وقال الحسن: «الآيات المحكمات: هنّ أمّ الكتاب»، ولذا كرها -أيضًا -أن يقال لها أمّ القرآن.
وقد ثبت في [الحديث] الصّحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الحمد للّه أمّ القرآن وأمّ الكتاب والسّبع المثاني والقرآن العظيم».
3- الحمد
4- الصّلاة،
لقوله عليه السّلام عن ربّه:"قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد للّه ربّ العالمين، قال اللّه: حمدني عبدي" الحديث. فسمّيت الفاتحة: صلاةً؛ لأنّها شرطٌ فيها.
5- الشّفاء؛ لما رواه الدّارميّ عن أبي سعيدٍ مرفوعًا:"فاتحة الكتاب شفاءٌ من كلّ سمٍّ".
6- الرّقية؛ لحديث أبي سعيدٍ في الصّحيح حين رقى بها الرّجل السّليم، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:"وما يدريك أنّها رقيةٌ؟"
7-وروى الشّعبيّ عن ابن عبّاسٍ أنّه سمّاها: أساس القرآن، قال: فأساسها {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم).
8-وسمّاها سفيان بن عيينة: الواقية.
9-وسمّاها يحيى بن أبي كثيرٍ: الكافية؛ لأنّها تكفي عمّا عداها ولا يكفي ما سواها عنها، كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة:"أمّ القرآن عوضٌ من غيرها، وليس غيرها عوضًا عنها"..

2-هل سورة الفاتحة مكية أم مدنية ؟ - ك , ش -
القول الأول
: هي مكّيّةٌ، قاله ابن عبّاسٍ وقتادة وأبو العالية، لقوله تعالى:"ولقد آتيناك سبعًا من المثاني" الحجر: 87، وهو الأرجح.
[color="rgb(72, 61, 139)"] القول الثاني:[/color] وقيل مدنيّةٌ، قاله أبو هريرة ومجاهدٌ وعطاء بن يسارٍ والزّهريّ.
[color="rgb(72, 61, 139)"]القول الثالث[/color]: ويقال: نزلت مرّتين: مرّةً بمكّة، ومرّةً بالمدينة، واللّه أعلم
[color="rgb(72, 61, 139)"]القول الرابع:[/color]. وحكى أبو اللّيث السّمرقنديّ أنّ نصفها نزل بمكّة ونصفها الآخر نزل بالمدينة، وهو غريبٌ جدًّا، نقله القرطبيّ عنه.
[color="rgb(72, 61, 139)"]3-عدد آياتها : ك[/color]
وهي سبع آياتٍ بلا خلافٍ.
[color="rgb(72, 61, 139)"]4-فضائل سورة الفاتحة : -ك , ش -[/color]
1-عن أبي سعيد بن المعلّى، رضي اللّه عنه، قال: كنت أصلّي فدعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلم أجبه حتّى صلّيت وأتيته، فقال:"ما منعك أن تأتيني؟" قال: قلت: يا رسول اللّه، إنّي كنت أصلّي. قال:"ألم يقل اللّه:(يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم) الأنفال: 24"، [color="rgb(72, 61, 139)"]ثمّ قال:"لأعلّمنّك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن تخرج من المسجد" قال: فأخذ بيدي، فلمّا أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول اللّه إنّك قلت:"لأعلّمنّك أعظم سورةٍ في القرآن" قال:"نعم، الحمد للّه ربّ العالمين هي: السّبع المثاني والقرآن العظيم الّذي أوتيته"[/color]
2-عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: كنّا في مسيرٍ لنا، فنزلنا، فجاءت جاريةٌ فقالت: إنّ سيّد الحيّ سليمٌ، وإنّ نفرنا غيّب، فهل منكم راقٍ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية، فرقاه، فبرأ، فأمر له بثلاثين شاةً، وسقانا لبنًا، فلمّا رجع قلنا له: أكنت تحسن رقيةً، أو كنت ترقي؟ قال: لا ما رقيت إلّا بأمّ الكتاب، قلنا: لا تحدّثوا شيئًا حتّى نأتي، أو نسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا قدمنا المدينة ذكرناه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال[color="rgb(72, 61, 139)"]:"وما كان يدريه أنّها رقيةٌ، اقسموا واضربوا لي بسهمٍ"[/color]
3-، عن ابن عبّاسٍ، قال:"بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعنده جبريل، إذ سمع نقيضًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السّماء، فقال: هذا بابٌ قد فتح من السّماء، ما فتح قطّ. قال: فنزل منه ملكٌ، فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: [color="rgb(72, 61, 139)"]أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، ولن تقرأ حرفًا منهما إلّا أوتيته"[/color]. رواه مسلم في صحيحه والنسائي في سننه وهذا لفظه.
4-عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال:[color="rgb(72, 61, 139)"]"من صلّى صلاةً لم يقرأ فيها أمّ القرآن فهي خدا[/color]ج -ثلاثًا- غير تمامٍ" فقيل لأبي هريرة: إنّا نكون وراء الإمام، قال: اقرأ بها في نفسك؛ فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:"قال اللّه عزّ وجلّ: [قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل]، فإذا قال العبد:(الحمد للّه ربّ العالمين(، قال اللّه: [حمدني عبدي]، وإذا قال:(الرّحمن الرّحيم)، قال اللّه: [أثنى عليّ عبدي]، فإذا قال:(مالك يوم الدّين), قال: [مجّدني عبدي] -وقال مرّةً: [فوّض إليّ عبدي]- فإذا قال:(إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) , قال: [هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل]، فإذا قال:(اهدنا الصّراط المستقيم* صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين) قال:[هذا لعبدي ولعبدي ما سأل]. رواه مسلم.
[color="rgb(72, 61, 139)"]
5-مسائل تخص سورة الفاتحة :[/color]
أ-دلت أدلة كثيرة على أنه لا بدّ من القراءة في الصّلاة، وهو اتّفاقٌ من العلماء.
[color="rgb(72, 61, 139)"]ولكن اختلفوا في مسألةٍ ....، وذلك أنّه هل يتعيّن للقراءة في الصّلاة فاتحة الكتاب، أم تجزئ هي أو غيرها؟ على قولين مشهورين:[/color]
[color="rgb(72, 61, 139)"]القول الأول[/color]: فعند أبي حنيفة ومن وافقه من أصحابه وغيرهم أنّها لا تتعيّن، بل مهما قرأ به من القرآن أجزأه في الصّلاة.
[color="rgb(72, 61, 139)"] واحتجّوا [/color]: بعموم قوله تعالى:"فاقرءوا ما تيسّر من القرآن"المزّمّل: 20.
وبما ثبت في الصّحيحين، من حديث أبي هريرة في قصّة المسيء صلاته أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال له:"إذا قمت إلى الصّلاة فكبّر، ثمّ اقرأ ما تيسّر معك من القرآن".
قالوا: فأمره بقراءة ما تيسّر، ولم يعيّن له الفاتحة ولا غيرها، فدلّ على ما قلناه.
[color="rgb(72, 61, 139)"]والقول الثّاني:[/color] أنّه تتعيّن قراءة الفاتحة في الصّلاة، ولا تجزئ الصّلاة بدونها، وهو قول بقيّة الأئمّة: مالكٌ والشّافعيّ وأحمد بن حنبلٍ وأصحابهم وجمهور العلماء. [color="rgb(72, 61, 139)"]–الراجح-
واحتجّوا على ذلك :[/color] بقوله صلوات اللّه وسلامه عليه:"من صلّى صلاةً لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج". والخداج هو: النّاقص كما فسّر به في الحديث:" غير تمامٍ".
واحتجّوا -أيضًا-بما ثبت في الصّحيحين عن عبادة بن الصّامت، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبّان، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:"لا تجزئ صلاةٌ لا يقرأ فيها بأمّ القرآن".
والأحاديث في هذا الباب كثيرةٌ، ووجه المناظرة هاهنا يطول ذكره، وقد أشرنا إلى مأخذهم في ذلك،رحمهم اللّه.
ب[color="rgb(72, 61, 139)"]-هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم؟ فيه ثلاثة أقوالٍ للعلماء:[/color]
[color="rgb(72, 61, 139)"]أحدها: [/color]أنّه تجب عليه قراءتها، كما تجب على إمامه؛ لعموم الأحاديث المتقدّمة.
[color="rgb(72, 61, 139)"]والثّاني[/color]: لا تجب على المأموم قراءةٌ بالكلّيّة لا الفاتحة ولا غيرها، لا في الصّلاة الجهريّة ولا السّرّيّة، لما رواه الإمام أحمد بن حنبلٍ في مسنده، عن جابر بن عبد اللّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال:"من كان له إمامٌ فقراءة الإمام له قراءةٌ" ولكن في إسناده ضعفٌ. وقد روي هذا الحديث من طرقٍ، ولا يصحّ شيءٌ منها عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واللّه أعلم.
[color="rgb(72, 61, 139)"]والقول الثّالث[/color]: أنّه تجب القراءة على المأموم في السّرّيّة، لما تقدّم، ولا تجب في الجهريّة لما ثبت في صحيح مسلمٍ، عن أبي موسى الأشعريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:" إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به؛ فإذا كبّر فكبّروا، وإذا قرأ فأنصتوا"وذكر بقيّة الحديث.
وهكذا رواه أهل السّنن؛ أبو داود والتّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال:"وإذا قرأ فأنصتوا:"وقد صحّحه مسلم بن الحجّاج أيضًا، فدلّ هذان الحديثان على صحّة هذا القول وهو قولٌ قديمٌ للشّافعيّ، رحمه اللّه، وروايةٌ عن الإمام أحمد بن حنبل.
والغرض من ذكر هذه المسائل هاهنا بيان اختصاص سورة الفاتحة بأحكامٍ لا تتعلّق بغيرها من السّور، واللّه أعلم.

([color="rgb(72, 61, 139)"]الحمدلله رب العالمين )
( الحمدلله )
معنى (الحمد للّه): -ك , س , ش-[/color]
الشّكر للّه خالصًا دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كلّ ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النّعم الّتي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحدٌ، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلّفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرّزق، وغذّاهم به من نعيم العيش، من غير استحقاقٍ منهم ذلك عليه، ومع ما نبّههم عليه ودعاهم إليه، من الأسباب المؤدّية إلى دوام الخلود في دار المقام في النّعيم المقيم، فلربّنا الحمد على ذلك كلّه أوّلًا وآخرًا.
وقال ابن جريرٍ: "(الحمد للّه) ثناءٌ أثنى به على نفسه وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه فكأنّه قال: قولوا:(الحمد للّه) ".
قال ابن سعدي رحمه الله ط: الحمدلله : الثناء على الله بصفات الكمال وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل , فله الحمد الكامل بجميع الوجوه .
[color="rgb(72, 61, 139)"]-الفرق بين الحمد والشكر –ك , ش -:[/color]
الحمد : الثناء باللسان على الجميل الاختياري , ويكون باللسان فقط , يكون لكمال المحمود ولو في غير مقابلة النعمة .
الشكر : لا يكون إلا لمقابل نعمة , وهو باللسان والقلب والأعضاء.
الله : علمٌ على الرّبّ تبارك وتعالى، يقال: إنّه الاسم الأعظم؛ لأنّه يوصف بجميع الصّفات , كما قال تعالى:(هو اللّه الّذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم …(الآية .
فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له، كما قال تعالى): ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها(.
وهو اسمٌ لم يسمّ به غيره تبارك وتعالى؛ ولهذا لا يعرف في كلام العرب له اشتقاقٌ من فعل ويفعل، فذهب من ذهب من النّحاة إلى أنّه اسمٌ جامدٌ لا اشتقاق له.
فالله هو المألوه المعبود المستحق للعبادة , لما اتصف به من صفات الأولهية وهي صفات الكمال.
[color="rgb(72, 61, 139)"]معنى (رب العالمين) : -ك , س , ش -[/color]
المالك المتصرّف فهو المربي جميع العالمين وهم من سوى الله بخلقه إياهم وبإعداده لهم الآلات , وبإنعامه عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء , فما بهم من نعمة فمنه تعالى .
فالرب اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى , ولا يقال في غيره إلا مضافًا .
تربية ا[color="rgb(72, 61, 139)"]لله تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة :[/color]
فتربيته العامة : فهي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم بما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا .
وتربيته الخاصةُ: تربيَتُهُ لأوليائِهِ، فيربِّيهِم بالإيمانِ، ويوفِّقُهُمْ لَهُ، ويكمِّلُهُ لهمْ، ويدفعُ عنهمْ الصوارِفَ والعوائقَ الحائلةَ بينهُمْ وبينَهُ.
وحقيقتُهَا: تربيةُ التوفيقِ لكلِّ خيرٍ، والعصمةُ عَنْ كلِّ شرٍّ، ولعلَّ هذا [المعنَى] هوَ السرُّ في كونِ أكثرِ أدعيةِ الأنبياءِ بلفظِ الربِّ، فإنَّ مطالبَهمْ كلهَا داخلةٌ تَحتَ ربوبيتهِ الخاصةِ.
[color="rgb(72, 61, 139)"]والعالمين:[/color] جمع عالمٍ، [وهو كلّ موجودٍ سوى اللّه عزّ وجلّ]، والعالم جمعٌ لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات [في السّماوات والأرض] في البرّ والبحر، وكلّ قرنٍ منها وجيلٍ يسمّى عالمًا أيضًا.
وقال الفرّاء وأبو عبيدة: العالم عبارةٌ عمّا يعقل وهم الإنس والجنّ والملائكة والشّياطين ولا يقال للبهائم: عالمٌ.
وقال الزّجّاج: العالم كلّ ما خلق اللّه في الدّنيا والآخرة. قال القرطبيّ: وهذا هو الصّحيح أنّه شاملٌ لكلّ العالمين؛ كقوله:(قال فرعون وما ربّ العالمين * قال ربّ السّماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين)
والعالم مشتقٌّ من العلامة (قلت): لأنّه علمٌ دالٌّ على وجود خالقه وصانعه ووحدانيّته.
فدلَّ قولُه:(رَبِّ الْعَالَمِينَ) على انفرادِهِ بالخلقِ والتدبيرِ والنعمِ، وكمالِ غناهُ، وتمامِ فقرِ العالمينَ إليهِ، بكلِّ وجهٍ واعتبارٍ.
[color="rgb(72, 61, 139)"](الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)[/color] قد تقدم تفسيرهما.
ولما كان في اتصافه برب العالمين ترهيب قرنه بالرحمن الرحيم ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته.
[color="rgb(72, 61, 139)"])مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[/color]) : -ك , ش -
قرئ: (مَلِك) و(مَالِك)، فـ(المَلِك) صفة لذاته، و(المالك) صفة لفعله.
ويقال: مليكٌ أيضًا، وأشبع نافعٌ كسرة الكاف فقرأ: "ملكي يوم الدّين" وقد رجّح كلًّا من القراءتين مرجّحون من حيث المعنى، وكلاهما صحيحةٌ حسنة
[color="rgb(72, 61, 139)"]معنى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّين) : -ك , س -[/color]
المالكُ: هوَ مَنِ اتصفَ بصفةِ المالكِ التي منْ آثارِهَا أنَّهُ يأمرُ وينهى، ويثيبُ ويعاقبُ، ويتصرفُ بمماليكِهِ بجميعِ أنواعِ التصرفاتِ، وتخصيص الملك بيوم الدّين لا ينفيه عمّا عداه، لأنّه قد تقدّم الإخبار بأنّه ربّ العالمين، وذلك عامٌّ في الدّنيا والآخرة، وإنّما أضيف إلى يوم الدّين لأنّه لا يدّعي أحدٌ هنالك شيئًا، ولا يتكلّم أحدٌ إلّا بإذنه، كما قال:(وم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا لا يتكلّمون إلا من أذن له الرّحمن وقال صوابًا) النّبأ: 38 وقال تعالى:(وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلا همسًا)طه: 108 وقال:(يوم يأت لا تكلّم نفسٌ إلا بإذنه فمنهم شقيٌّ وسعيدٌ)هودٍ: 105
وقال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ:"(مالك يوم الدّين( يقول: لا يملك أحدٌ في ذلك اليوم معه حكمًا، كملكهم في الدّنيا"
قال:"ويوم الدّين يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرًا فخيرٌ وإنّ شرًّا فشرٌّ، إلّا من عفا عنه". وكذلك قال غيره من الصّحابة والتّابعين والسّلف، وهو ظاهرٌ.


هذا وماكان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وماكان من صوابا فمن الله , وبانتظار الملاحظات , بارك الله في الجميع.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 12:18 PM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

((إيّاك نعبد وإيّاك نستعين)) –ك , س , ش-
معنى العبادة :

العبادة في اللّغة من الذّلّة، يقال: طريقٌ معبّد، وبعيرٌ معبّد، أي: مذلّلٌ، وفي الشّرع: عبارةٌ عمّا يجمع كمال المحبّة والخضوع والخوف.
والعبادة: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبُّهُ اللهُ ويرضاهُ من الأعمالِ والأقوالِ الظاهرةِ والباطنةِ.
معنى الاستعانة: هيَ الاعتمادُ على اللهِ تعالىَ في جلبِ المنافعِ ودفعِ المضارِّ، معَ الثِّقةِ بهِ في تحصيلِ ذلكَ.
أي: نخصُّكَ وحدكَ بالعبادةِ والاستعانةِ؛ لأنَّ تقديمَ المعمولِ يفيدُ الحصرَ، وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ، فكأنَّهُ يقولُ: نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ، ونستعينُ بكَ، ولا نستعينُ بغيركَ.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ:"(إيّاك نعبد) يعني: إيّاك نوحّد ونخاف ونرجو يا ربّنا لا غيرك (وإيّاك نستعين) على طاعتك وعلى أمورنا كلّها".
وقال قتادة:"(إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) يأمركم أن تخلصوا له العبادة وأن تستعينوه على أمركم".
-فائدة تقديم المفعول (إياك) : ك
وقدّم المفعول وهو )إيّاك(، وكرّر؛ للاهتمام والحصر، أي: لا نعبد إلّا إيّاك، ولا نتوكّل إلّا عليك، وهذا هو كمال الطّاعة.
-أهمية العبادة والاستعانة: -ك , س -
قال ابن كثير رحمه الله : والدّين يرجع كلّه إلى هذين المعنيين , وهذا كما قال بعض السّلف: الفاتحة سرّ القرآن، وسرّها هذه الكلمة:(إيّاك نعبد وإيّاك نستعين)فالأوّل تبرّؤٌ من الشّرك، والثّاني تبرّؤٌ من الحول والقوة، والتفويض إلى اللّه عزّ وجلّ.
قال ابن سعدي رحمه الله : والقيامُ بعبادةِ اللهِ والاستعانةِ بهِ هوَ الوسيلةُ للسعادةِ الأبديةِ، والنجاةِ منْ جميعِ الشرورِ، فلا سبيلَ إلى النجاةِ إلاَّ بالقيامِ بهمَا، وإنَّما تكونُ العبادةُ عبادةً إذا كانَتْ مأخوذةً عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مقصوداً بها وجهُ اللهِ، فبهذينِ الأمرينِ تكونُ عبادةً.
وتقديم العبادةِ على الاستعانةِ منْ بابِ تقديمِ العامِّ على الخاصِّ، واهتماماً بتقديمِ حقِّهِ تعالى على حقِّ عبدِهِ.
-وذكرُ )الاستعانة( بعدَ )العبادةِ(معَ دخولِهَا فيهَا، لاحتياجِ العبدِ في جميعِ عباداتهِ إلى الاستعانةِ باللهِ تعالى، فإنَّهُ إنْ لم يعنهُ اللهُ لم يحصلْ لهُ ما يريدهُ منْ فعلِ الأوامرِ واجتنابِ النواهي.
-فائدة تحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب: هو مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال:(إيّاك نعبد وإيّاك نستعين( وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك؛ ولهذا لا تصحّ صلاة من لم يقل ذلك، وهو قادرٌ عليه، كما جاء في الصّحيحين، عن عبادة بن الصّامت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
-معنى النون في قوله : (إياك نعبد ) :
قال الأشقر رحمه الله : والمجيء بالنون لقصد التواضع لا لتعظيم النفس.
وروى ابن كثير عدة أقوال في هذا الموضع :
القول الأول: أنّ المراد من ذلك الإخبار عن جنس العباد والمصلّي فردٌ منهم، ولا سيّما إن كان في جماعةٍ أو إمامهم، فأخبر عن نفسه وعن إخوانه المؤمنين بالعبادة الّتي خلقوا لأجلها، وتوسّط لهم بخيرٍ،
القول الثاني: يجوز أن تكون للتّعظيم، كأنّ العبد قيل له: إذا كنت في العبادة فأنت شريفٌ وجاهك عريضٌ فقل:(إيّاك نعبد وإيّاك نستعين).
القول الثالث: ألطف في التّواضع من إيّاك أعبد، لما في الثّاني من تعظيمه نفسه من جعله نفسه وحده أهلًا لعبادة اللّه تعالى الّذي لا يستطيع أحدٌ أن يعبده حقّ عبادته، ولا يثني عليه كما يليق به، والعبادة مقامٌ عظيمٌ يشرف به العبد لانتسابه إلى جناب اللّه تعالى.

هذا وماكان من خطأ فمن نفسي والشيطان وماكان من صواب فمن الله وحده ..

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 شوال 1435هـ/16-08-2014م, 11:33 PM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
Post

(اهدنا الصراط المستقيم )
القراءات في الصراط:
-ك-
قراءة الجمهور بالصّادّ. وقرئ: "السّراط" وقرئ بالزّاي، قال الفرّاء: وهي لغة بني عذرة وبلقين وبني كلب.
علاقة الآية بما قبلها : -ك-
لما تقدم الثناء على المسؤول، تبارك وتعالى، ناسب أن يعقّب بالسّؤال؛ كما قال: [فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل] وهذا أكمل أحوال السّائل، أن يمدح مسؤوله، ثمّ يسأل حاجته [وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله: {اهدنا}]، لأنّه أنجح للحاجة وأنجع للإجابة، ولهذا أرشد اللّه تعالى إليه لأنّه الأكمل.
معنى الهداية في الآية: -ك , س , ش -
الإرشاد والتّوفيق، وقد تعدّى الهداية بنفسها كما هنا {اهدنا الصّراط المستقيم} فتضمّن معنى ألهمنا، أو وفّقنا، أو ارزقنا، أو اعطنا.
والصراط المستقيم : هوَ الطريقُ الواضحُ الموصلُ إلى اللهِ وإلى جنتِهِ، وهو معرفةُ الحقِّ والعملُ بهِ. -س-
اختلفت عبارات المفسّرين من السّلف والخلف في تفسير الصّراط، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيءٍ واحدٍ، وهو المتابعة للّه وللرّسول: -ك-
فروي أنه :

1-كتاب الله عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الصّراط المستقيم كتاب اللّه». وكذلك رواه ابن جريرٍ، وقد روي هذا موقوفًا عن عليٍّ، وهو أشبه، واللّه أعلم.
2- الإسلام : وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: «قال جبريل لمحمّدٍ، عليهما السّلام: قل: يا محمّد، {اهدنا الصّراط المستقيم}. يقول: اهدنا الطّريق الهادي، وهو دين اللّه الّذي لا عوج فيه»..
3-الحق: وقال مجاهدٌ: {اهدنا الصّراط المستقيم}، قال: «الحقّ». وهذا أشمل، ولا منافاة بينه وبين ما تقدّم.
فاهدِنَا إلى الصراطِ واهدِنَا في الصراطِ، فالهدايةُ إلى الصراطِ: لزومُ دينِ الإسلامِ، وتركُ ما سواهُ منَ الأديانِ، والهدايةُ في الصراطِ تشملُ الهدايةَ لجميعِ التفاصيلِ الدينيّةِ علماً وعملاً.-س-
وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، وهي متلازمةٌ، فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا، وللّه الحمد.
وهذا الدعاءُ منْ أجمعِ الأدعيةِ وأنفعِها للعبدِ، ولهذا وجبَ على الإنسانِ أنْ يدعوَ اللهَ بهِ في كلِّ ركعةٍ من صلاتِهِ، لضرورتِهِ إلى ذلكَ. .
فإن قيل: كيف يسأل المؤمن الهداية في كلّ وقتٍ من صلاةٍ وغيرها، وهو متّصفٌ بذلك؟ فهل هذا من باب تحصيل الحاصل أم لا؟ -ك-
فالجواب: أن لا، ولولا احتياجه ليلًا ونهارًا إلى سؤال الهداية لما أرشده اللّه إلى ذلك؛ فإنّ العبد مفتقرٌ في كلّ ساعةٍ وحالةٍ إلى اللّه تعالى في تثبيته على الهداية، ورسوخه فيها، وتبصّره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فإنّ العبد لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا إلّا ما شاء اللّه، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كلّ وقتٍ أن يمدّه بالمعونة والثّبات والتّوفيق، فالسّعيد من وفّقه اللّه تعالى لسؤاله؛ فإنّه تعالى قد تكفّل بإجابة الدّاعي إذا دعاه، ولا سيّما المضطرّ المحتاج المفتقر إليه آناء اللّيل وأطراف النّهار، وقد قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل} الآية [النّساء: 136]، فقد أمر الّذين آمنوا بالإيمان، وليس في ذلك تحصيل الحاصل؛ لأنّ المراد الثّبات والاستمرار والمداومة على الأعمال المعينة على ذلك، واللّه أعلم.
وقال تعالى آمرًا لعباده المؤمنين أن يقولوا: {ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنّك أنت الوهّاب} وقد كان الصدّيق رضي اللّه عنه يقرأ بهذه الآية في الرّكعة الثّالثة من صلاة المغرب بعد الفاتحة سرًّا. فمعنى قوله تعالى: {اهدنا الصّراط المستقيم} استمرّ بنا عليه ولا تعدل بنا إلى غيره.
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) : -ك,س,ش-
هم المذكورون في سورة النساء، حيث قال:(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً).
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «صراط الّذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك، من ملائكتك، وأنبيائك، والصّدّيقين، والشّهداء، والصّالحين؛ وذلك نظير ما قال ربّنا تعالى: {ومن يطع اللّه والرّسول فأولئك مع الّذين أنعم اللّه عليهم} الآية [النّساء: 69]».
وقوله تعالى:(غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين)
القراءات : ك

قرأ الجمهور: "غير" بالجرّ على النّعت، قال الزّمخشريّ: وقرئ بالنّصب على الحال، وهي قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعمر بن الخطّاب، ورويت عن ابن كثيرٍ، وذو الحال الضّمير في(عليهم) والعامل:(أنعمت )والمعنى: اهدنا الصّراط المستقيم، صراط الّذين أنعمت عليهم ممّن تقدّم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطّاعة للّه ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره.
(غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) -ك , س, ش-
غير صراط المغضوب عليهم، وهم الّذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحقّ وعدلوا عنه فاستحقوا غضب الله .
ولا صراط الضّالّين وهم الّذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضّلالة لا يهتدون إلى الحقّ جهلا فكانوا على ضلال مبين ، وأكد الكلام بلا ليدلّ على أنّ ثمّ مسلكين فاسدين، وهما طريقتا اليهود والنّصارى.
وقال الضّحّاك، وابن جريج، عن ابن عبّاسٍ:(غير المغضوب عليهم) اليهود،(ولا الضالين)هم النّصارى.

هذا وماكان من صواب فمن الله وحده , وماكان من خطأ فمن نفسسي والشيطان , والله أسأل التوفيق والمعونة والسداد , وبانتظار الملاحظات على التلخيص أحسن الله إليكم.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:21 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
Lightbulb

وقفات مع سورة الفاتحة : -ك-
-يستحبّ لمن قرأ الفاتحة أن يقول بعدها: آمين [مثل: يس]، ويقال: أمين. بالقصر أيضًا [مثل: يمينٍ]، ومعناه:
اللّهمّ استجب، والدّليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود، والتّرمذيّ، عن وائل بن حجرٍ، قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ: {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين} فقال: «آمين»، مدّ بها صوته، ولأبي داود: رفع بها صوته، وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ. وروي عن عليٍّ، وابن مسعودٍ وغيرهم.
قال أصحابنا وغيرهم: ويستحبّ ذلك لمن هو خارج الصّلاة، ويتأكّد في حقّ المصلّي، وسواءٌ كان منفردًا أو إمامًا أو مأمومًا، وفي جميع الأحوال، لما جاء في الصّحيحين، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدّم من ذنبه».
وفي صحيح مسلمٍ عن أبي موسى مرفوعًا: «إذا قال -يعني الإمام-: {ولا الضّالّين}، فقولوا: آمين. يجبكم اللّه».
-هذهِ السورةُ على إيجازِها، قدِ احتوتْ على ما لم تحتوِ عليهِ سورةٌ منْ سورِ القرآنِ، فتضمَّنَتْ أنواعَ التوحيدِ الثلاثةَ: -س-
- توحيدُ الربوبيةِ،يؤخذُ مِنْ قولِهِ: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
- وتوحيدُ الإلهيةِ، وهوَ إفرادُ اللهِ بالعبادةِ، يُؤخذُ مِنْ لفظِ: (الله) ومِنْ قولِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
- وتوحيدُ الأسماءِ والصفاتِ، وهو إثباتُ صفاتِ الكمالِ للهِ تعالى، التي أثبتَها لنفسِهِ، وأثبتَها لهُ رسولُهُ منْ غيرِ تعطيلٍ ولا تمثيلٍ ولا تشبيهٍ، وقدْ دلَّ على ذلكَ لفظُ {الْحَمْدُ} كما تقدمَ.
- وتضمنتْ إثباتَ النبوَّةِ في قولِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأنَّ ذلكَ ممتنعٌ بدونِ الرسالةِ.
- وإثباتَ الجزاءِ على الأعمالِ في قولِهِ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وأنَّ الجزاءَ يكونُ بالعدلِ؛ لأنَّ الدينَ معناهُ الجزاءُ بالعدلِ.
-وتضمنتْ إثباتَ القدرِ، وأنَّ العبدَ فاعلٌ حقيقةً، خلافاً للقدريةِ والجبريةِ.
بلْ تضمنتِ الردَّ على جميعِ أهلِ البِدعِ [والضلالِ] في قولِهِ:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأنَّهُ معرفةُ الحقِّ والعملُ بهِ، وكلُّ مبتدعٍ [وضالٍّ] فهوَ مخالفٌ لذلِكَ.
- وتضمنتْ إخلاصَ الدينِ للهِ تعالى عبادةً واستعانةً في قولِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 شوال 1435هـ/23-08-2014م, 12:46 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

اسم السورة , ومكان نزولها:
سورة النّبأ , وقيل: سورة عمّ. وهي مكّيّةٌ

تفسير قوله: (عمّ يتسائلون) :
سبب نزول (عم يتسائلون) : -ك -

(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ):لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ والبَعثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَلا عَلَيْهِم الْقُرْآنَ - جَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ، يَقُولُونَ: مَاذَا حَصَلَ لِمُحَمَّدٍ؟ وَمَا الَّذِي أَتَى بِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
وَالْمَعْنَى: -ك , س , ش -
عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ ثمَّ بَيَّنَ ما يتساءلونَ عنهُ بِقَوْلِهِ:(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ).
الخلاف في معنى (عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون ) :
قال ابن كثير : عن أيّ شيءٍ يتساءلون؟ عن أمر القيامة، وهو النّبأ العظيم. يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر, وقال به ابن سعدي رحمه الله .
قال قتادة وابن زيدٍ: النّبأ العظيم: البعث بعد الموت
. وقال مجاهدٌ: هو القرآن ووافقه الأشقر فقال : هُوَ الْخَبَرُ الهائِلُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ؛ لأَنَّهُ يُنْبِئُ عَن التَّوْحِيدِ، وَتَصْدِيقِ الرَّسُولِ، وَوُقُوعِ الْبَعْثِ والنُّشورِ.
. والأظهر الأوّل؛ لقوله:(الّذي هم فيه مختلفون) يعني: النّاس فيه على قولين؛ مؤمنٌ به وكافرٌ, وقال بعدها :( كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) أي: سيعلمونَ إذا نزلَ بهمُ العذابُ ما كانوا بهِ يكذبونَ، حين يُدَعُّون إلى نارِ جهنمَ دعّاً، ويقالُ لهمْ:(هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ).
وفسر الأشقر الآيات التالية حسب قوله في تفسير (النبأ العظيم) فقال:
(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ؛ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ سِحْراً، وَبَعْضُهُمْ شِعْراً، وَبَعْضُهُمْ كَهَانَةً، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: هُوَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ.
(كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون) أَيْ: لا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي شأنِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ حَقٌّ، وَلِذَا سَيَعْلَمُ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِهِ عَاقِبَةَ تَكْذِيبِهِمْ.
-مسائل لغوية :
-سبب تكرار (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ): -ش-

(كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ):رَدْعٌ لَهُمْ وَزَجْرٌ، ثُمَّ كَرَّرَ الرَّدْعَ وَالزَّجْرَ، فَقَالَ: (ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) لِلْمُبَالَغَةِ فِي التأكيدِ والتشديدِ فِي الوعيدِ.
-ثمّ شرع تعالى يبيّن قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة الدّالّة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره وعلى صدق ما أخبرت به الرسل :
فقال:(ألم نجعل الأرض مهاداً)

المِهَادُ:الوِطَاءُ وَالْفِرَاشُ، كالمَهْدِ للصَّبِيِّ، وَهُوَ مَا يُمَهَّدُ لَهُ فَيُنَوَّمُ عَلَيْهِ. –ش-
أي: ممهّدةً للخلائق ذلولاً لهم قارّةً ساكنةً ثابتةً,فهي مهيَّأةً لهمْ ولمصالحهمْ، منَ الحروثِ والمساكنِ والسبلِ. –ك , س –
(والجبال أوتاداً): -ك , س , ش -
أي: جعلها أوتاداً أرساها بها وثبّتها وقرّرها؛ حتّى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.
(وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً): -ك , س , ش -
أي: ذكوراً وإناثاً من جنسٍ واحدٍ، ليسكنَ كلٌّ منهما إلى الآخرِ، فتكونَ المودةُ والرحمةُ، وتنشأَ عنهما الذريةُ، وفي ضمنِ هذا الامتنانُ بلذةِ المنكحِ ,كقوله:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمةً)الروم: 21.
وقوله:(وجعلنا نومكم سباتاً) –ك , س , ش -
أي: قطعاً للحركة؛ لتحصل الرّاحة من كثرة التّرداد والسّعي في المعاش في عرض النّهار، وقد تقدّم مثل هذه الآية في سورة الفرقان.
(وجعلنا اللّيل لباساً): أَيْ: نُلْبِسُكُمْ ظُلْمَتَهُ وَنُغَشِّيكُمْ بِهَا كَمَا يُغَشِّيكُمُ اللِّبَاسُ. –ش-
(وجعلنا اللّيل لباساً): أي: يغشى النّاس ظلامه وسواده كما قال:(واللّيل إذا يغشاها) –ك-
وقال قتادة في قوله:(وجعلنا اللّيل لباساً) أي: سكناً.
وقوله:(وجعلنا النّهار معاشاً): –ك , ش-
أي: جعلناه مشرقاً منيراً مضيئاً؛ ليتمكّن النّاس من التّصرّف فيه والذّهاب والمجيء للمعاش وَمَا قَسَمَهُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الرِّزْقِ وغير ذلك.
(وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً): -ك , س , ش -
أي: سبعَ سمواتٍ، في غايةِ القوةِ، والصلابةِ والشدةِ، وقد أمسكها اللهُ بقدرتهِ، وجعلها سقفاً للأرضِ، فيها عدةُ منافعَ لهمْ وزينها بالكواكب الثّوابت والسّيّارات.
ولهذا ذكرَ من منافعها الشمس، فقالَ:(وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً) نبَّه بالسراجِ على النعمةِ بنورِها، الذي صارَ كالضرورةِ للخلقِ وبالوهاجِ الذي فيه الحرارةُ على حرارتهِا وما فيها منَ المصالحِ , والوَهَجُ يَجْمَعُ النُّورَ والحرارةَ.
وقوله:(وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجّاجاً):
المُعْصِرَاتُ: هِيَ السَّحابُ الَّتِي تَنْعَصِرُ بالماءِ وَلَمْ تُمْطِرْ بَعْدُ، والثَّجَّاجُ: المُنْصَبُّ بِكَثْرَةٍ.
-أقوال السلف في معنى (من المعصرات ماء ثجاجًا ) :
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: المعصرات: الرّيح.
وكذا قال عكرمة ومجاهدٌ وقتادة ومقاتلٌ والكلبيّ وزيد بن أسلم وابنه عبد الرّحمن: إنّها الرّياح. ومعنى هذا القول: أنّها تستدرّ المطر من السّحاب.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ:(من المعصرات) أي: من السّحاب. وكذا قال عكرمة أيضاً وأبو العالية والضّحّاك والحسن والرّبيع بن أنسٍ والثّوريّ، واختاره ابن جريرٍ.
وقال الفرّاء: هي السّحاب التي تتحلّب بالمطر ولم تمطر بعد، كما يقال: مرأةٌ معصرٌ إذا دنا حيضها ولم تحض.
وعن الحسن وقتادة:(من المعصرات) يعني: السّماوات، وهذا قولٌ غريبٌ.
والأظهر أنّ المراد بالمعصرات السّحاب كما قال تعالى:(اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحاباً فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله) أي: من بينه.
وقوله:(ماءً ثجّاجاً): -ك-

قال مجاهدٌ وقتادة والرّبيع بن أنسٍ:(ثجّاجاً):منصبًّا.
وقال الثّوريّ: متتابعاً. وقال ابن زيدٍ: كثيراً.
قال ابن جريرٍ: ولا يعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثّجّ، وإنّما الثّجّ: الصّبّ المتتابع، ومنه قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:(أفضل الحجّ العجّ والثّجّ) يعني: صبّ دماء البدن. هكذا قال.
قال ابن كثير : وفي حديث المستحاضة حين قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :(أنعت لك الكرسف) يعني: أن تحتشي بالقطن؛ فقالت: يا رسول اللّه هو أكثر من ذلك، إنّما أثجّ ثجًّا. وهذا فيه دلالةٌ على استعمال الثّجّ في الصّبّ المتتابع الكثير، واللّه أعلم.
وقوله:(لنخرج به حبًّا ونباتاً وجنّاتٍ ألفافاً) –ك , س, ش -
أي: لنخرج بهذا الماء الكثير الطّيّب النّافع المبارك(حبًّا) يدّخر للأناسيّ والأنعام، (ونباتاً) أي: خضراً يؤكل رطباً.
(وجنّاتٍ) أي: بساتين وحدائق من ثمراتٍ متنوّعةٍ وألوانٍ مختلفةٍ وطعومٍ وروائح متفاوتةٍ، وإن كان ذلك في بقعةٍ واحدةٍ من الأرض مجتمعاً، ولهذا قال:(وجنّاتٍ ألفافاً).
قال ابن عبّاسٍ وغيره:(ألفافاً) مجتمعةً، وهذه كقوله تعالى:(وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٍ ونخيلٍ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل) الآية.
فالذي أنعمَ عليكمْ بهذه النعم العظيمة، التي لا يقدَّرُ قدرهَا، ولا يحصى عدُّها، كيفَ تكفرونَ بهِ وتكذِّبونَ ما أخبركمْ به منَ البعثِ والنشورِ؟ أمْ كيفَ تستعينونَ بنعمهِ على معاصيهِ وتجحدونَها؟

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا )17.
{إن يوم الفصل كان ميقاتا} يقول تعالى مخبراً عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة أنّه مؤقّتٌ بأجلٍ معدودٍ، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التّعيين إلاّ اللّه عزّ وجلّ كما قال:(وما نؤخّره إلاّ لأجلٍ معدودٍ) –ك-
وَسُمِّيَ يَوْمَ الْفَصْلِ؛ لأَنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ خَلْقِهِ . –ش-
تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا )18.
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ: وَهُوَ القَرْنُ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ إِسْرَافِيلُ.
قال البخاريّ : عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:(ما بين النّفختين أربعون) قالوا: أربعون يوماً؟ قال:"أبيت" قالوا: أربعون شهراً؟ قال:"أبيت" قالوا: أربعون سنةً؟ قال:"أبيت" قال : ثمّ ينزل اللّه من السّماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيءٌ إلاّ يبلى إلاّ عظماً واحداً، وهو عجب الذّنب، ومنه يركّب الخلق يوم القيامة)
فَتَأْتُون:إِلَى مَوْضِعِ العَرْضِ.
أَفْوَاجاً: أَيْ: زُمَراً زُمَراً وَجَمَاعَاتٍ جَمَاعَاتٍ. ش
قال مجاهدٌ: زمراً. قال ابن جريرٍ: يعني: تأتي كلّ أمّةٍ مع رسولها؛ كقوله:(يوم ندعو كلّ أناسٍ بإمامهم)
تفسير قوله تعالى: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا )19 –ك , ش-
وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ: لِنُزُولِ الْمَلائِكَةِ.
فكانت أبواباً: أي: طرقاً ومسالك لنزول الملائكة.
تفسير قوله تعالى: (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا )20. –ك , ش -
أَيْ: سُيِّرَتْ عَنْ أَمَاكِنِهَا فِي الْهَوَاءِ، وَقُلِعَتْ عَنْ مَقَارِّهَا، فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا، يَظُنُّ الناظرُ أَنَّهَا سَرَابٌ , وبعد هذا تذهب بالكلّيّة فلا عين ولا أثر، كما قال:(ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً). وقال:(ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ) 21. – ك, ش-
أَيْ: إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ مَوْضِعَ رَصْدٍ يَرْصُدُ فِيهِ خَزَنَةُ النَّارِ الْكُفَّارَ؛ لِيُعَذِّبُوهُمْ فِيهَا، أَوْ هِيَ فِي نَفْسِهَا مُتَطَلِّعَةٌ لِمَنْ يَأْتِي إِلَيْهَا مِن الْكُفَّارِ كَمَا يَتَطَلَّعُ الراصدُ لِمَنْ يَمُرُّ بِهِ وَيَأْتِي إِلَيْهِ.
قال الحسن وقتادة في قوله:(إنّ جهنّم كانت مرصاداً) يعني: أنّه لا يدخل أحدٌ الجنّة حتّى يجتاز بالنّار، فإن كان معه جوازٌ نجا، وإلاّ احتبس.
وقال سفيان الثّوريّ: عليها ثلاث قناطر.

تفسير قوله تعالى: (لِلطَّاغِينَ مَآَبًا )22. –ك, ش-
(للطّاغين) وهم المردة العصاة المخالفون للرّسل،(مآباً)أي: مرجعاً ومنقلباً ومصيراً ونزلاً , والمآب , المرجع .
تفسير قوله تعالى: (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا )23
أي: ماكثين فيها أحقاباً، وهي جمع حقبٍ، وهو: المدّة من الزّمان، وقد اختلفوا في مقداره، فمنهم من قال الحقب : ثمانين سنة وهو الأقرب , ومنهم من قال سبعين سنة , ومنهم من قال الحقب أربعين سنة , والأقرب والله أعلم وهو قول جمهور المفسرين أن الحقب ثمانين سنة , وقال سعيدٌ، عن قتادة: قال اللّه تعالى:(لابثين فيها أحقاباً) وهو ما لا انقطاع له، وكلّما مضى حقبٌ جاء حقبٌ بعده، وذكر لنا أنّ الحقب ثمانون سنةً. .
والصّحيح أنّها لا انقضاء لها كما قال قتادة والرّبيع بن أنسٍ.
قالَ الأشقر: (لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً)؛ أَيْ: مَاكِثِينَ فِي النَّارِ مَا دَامَتِ الدُّهُورُ. وَالْحُقْبُ: القِطْعَةُ الطويلةُ من الزَّمانِ، إِذَا مَضَى حُقْبٌ دَخَلَ آخَرُ، ثُمَّ آخَرُ، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى الأَبَدِ.

تفسير قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا) 24
أي: لا يجدون في جهنّم برداً لقلوبهم ولا شراباً طيّباً يتغذّون به.
ولهذا قال:"إلاّ حميماً وغسّاقاً". قال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم، ومن الشّراب الغسّاق. وكذا قال الرّبيع بن أنسٍ
قال ابن جريرٍ: وقيل: المراد بقوله:(لا يذوقون فيها برداً) يعني: النّوم، يعني بالبرد النّعاس والنّوم، هكذا ذكره ولم يعزه إلى أحدٍ.
تفسير قوله تعالى: (إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا )25. –ك , س , ش -
فأمّا الحميم فهو الحارّ الذي قد انتهى حرّه وحموّه، والغسّاق هو ما اجتمع من صديد أهل النّار وعرقهم ودموعهم وجروحهم،، الذي هوَ في غايةِ النتنِ، وكراهةِ المذاقِ، وإنَّما استحقُّوا هذهِ العقوباتِ الفظيعةَ جزاءً لهم ووفاقاً على ما عملوا منَ الأعمالِ الموصلةِ إليهمْ، لمْ يظلمْهُمُ اللهُ، ولكن ظلمُوا أنفسَهمْ، ولهذا ذكرَ أعمالَهم، التي استحقوا بها هذا الجزاءَ، فقالَ:(إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَاباً), فهو باردٌ لا يستطاع من برده ولا يواجه من نتنه.
قال السعدي والأشقر : الحميم : ماءً حارّاً، يشوي وجوههم، ويقطعُ أمعاءهُمْ.
وإنَّما استحقُّوا هذهِ العقوباتِ الفظيعةَ جزاءً لهم ووفاقاً على ما عملوا منَ الأعمالِ الموصلةِ إليهمْ، لمْ يظلمْهُمُ اللهُ، ولكن ظلمُوا أنفسَهمْ، ولهذا ذكرَ أعمالَهم، التي استحقوا بها هذا الجزاءَ، فقالَ:(إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَاباً)
تفسير قوله تعالى: (جَزَاءً وِفَاقًا )26. –ك , س , ش-
أي: هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدّنيا. قاله مجاهدٌ وقتادة وغير واحدٍ
(جَزَاءً وِفَاقا): وَافَقَ الْعَذَابُ الذَّنْبَ، فَلا ذَنْبَ أَعْظَمُ مِنَ الشِّرْكِ، وَلا عَذَابَ أَعْظَمُ مِنَ النَّارِ. وَقَدْ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ سَيِّئَةً، فَآتَاهُمُ اللَّهُ بِمَا يَسُوؤُهُمْ.
تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا )27.
أي: لم يكونوا يعتقدون أنّ ثمّ داراً يجازون فيها ويحاسبون , قَدْ كَانُوا لا يَطْمَعُونَ فِي ثَوَابٍ وَلا يَخَافُونَ منْ حِسَابٍ لأنهم لا يؤمنونَ بالبعثِ، ولا أنَّ اللهَ يجازي الخلقَ بالخيرِ والشرِّ، فلذلكَ أهملوا العملَ للآخرةِ.
تفسير قوله تعالى: (وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا )28 –ك , س , ش -
أي: وكانوا يكذّبون بحجج اللّه ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسله، فيقابلونها بالتّكذيب والمعاندة.
وقوله:كذّاباً : تكذيباً واضحاً صريحاً شديدًا وجاءتهمُ البيناتُ فعاندوهَا.
تفسير قوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا )29. –ك , س , ش -
(وَكُلُّ شَيْءٍ): من قليلٍ وكثيرٍ، وخيرٍ وشرٍّ .
(أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً) أي: كتبناهُ في اللَّوحِ المحفوظِ لِتَعْرِفَهُ الْمَلائِكَةُ، فلا يخشى المجرمونَ أنَّا عذبناهُم بذنوبٍ لم يعملوهَا، ولا يحسبوا أنَّه يضيعُ منْ أعمالِهِم شيء، أو ينسى منها مثقالُ ذرةٍ.
كمَا قالَ تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً.
وَقِيلَ: أَرَادَ مَا كَتَبَهُ الْحَفَظَةُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ.
تفسير قوله تعالى: (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا )30.
(فَذُوقُوا): أيها المكذِّبونَ هذا العذابَ الأليمَ والخزيَ الدائمَ.
أي: يقال لأهل النّار ذوقوا ما أنتم فيه، فلن نزيدكم إلاّ عذاباً من جنسه وكلَّ وقتٍ وحينٍ يزدادُ عذابهمْ ، (وآخر من شكله أزواجٌ).
يُقَالُ لَهُمْ هَذَا؛ لِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ بِالآياتِ وَقَبَائِحِ أَفْعَالِهِمْ؛ أَيْ: فَهُمْ فِي مَزِيدٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَبَداً .
قال قتادة، عن أبي أيّوب الأزديّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: لم ينزل على أهل النّار آيةٌ أشدّ من هذه:(فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً). قال فهم في مزيدٍ من العذاب أبداً.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 5 محرم 1436هـ/28-10-2014م, 10:21 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تماضر مشاهدة المشاركة
اسم السورة , ومكان نزولها:
سورة النّبأ , وقيل: سورة عمّ. وهي مكّيّةٌ

تفسير قوله: (عمّ يتسائلون) :
سبب نزول (عم يتسائلون) : -ك -
هذا القول أورده الأشقر وليس ابن كثير
(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ):لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ والبَعثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَلا عَلَيْهِم الْقُرْآنَ - جَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ، يَقُولُونَ: مَاذَا حَصَلَ لِمُحَمَّدٍ؟ وَمَا الَّذِي أَتَى بِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
وَالْمَعْنَى: -ك , س , ش -
عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ ثمَّ بَيَّنَ ما يتساءلونَ عنهُ بِقَوْلِهِ:(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ).
الخلاف في معنى (عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون ) :
قال ابن كثير : عن أيّ شيءٍ يتساءلون؟ عن أمر القيامة،
وهو النّبأ العظيم. يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر, وقال به ابن سعدي رحمه الله .
قال قتادة وابن زيدٍ: النّبأ العظيم: البعث بعد الموت
. وقال مجاهدٌ: هو القرآنووافقه الأشقر فقال : هُوَ الْخَبَرُ الهائِلُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ؛ لأَنَّهُ يُنْبِئُ عَن التَّوْحِيدِ، وَتَصْدِيقِ الرَّسُولِ، وَوُقُوعِ الْبَعْثِ والنُّشورِ.
. والأظهر الأوّل؛ لقوله:(الّذي هم فيه مختلفون) يعني: النّاس فيه على قولين؛ مؤمنٌ به وكافرٌ, وقال بعدها :( كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) أي: سيعلمونَ إذا نزلَ بهمُ العذابُ ما كانوا بهِ يكذبونَ، حين يُدَعُّون إلى نارِ جهنمَ دعّاً، ويقالُ لهمْ:(هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ).
وفسر الأشقر الآيات التالية حسب قوله في تفسير (النبأ العظيم) فقال:
(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ؛ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ سِحْراً، وَبَعْضُهُمْ شِعْراً، وَبَعْضُهُمْ كَهَانَةً، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: هُوَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ.
(كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون) أَيْ: لا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي شأنِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ حَقٌّ، وَلِذَا سَيَعْلَمُ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِهِ عَاقِبَةَ تَكْذِيبِهِمْ.
-مسائل لغوية :
-سبب تكرار (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ): -ش-

(كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ):رَدْعٌ لَهُمْ وَزَجْرٌ، ثُمَّ كَرَّرَ الرَّدْعَ وَالزَّجْرَ، فَقَالَ: (ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) لِلْمُبَالَغَةِ فِي التأكيدِ والتشديدِ فِي الوعيدِ.
بارك الله فيك أختي
اشتمل التلخيص على كثير من المسائل التي وردت في الآيات
غير أنها متداخلة وغير مرتبة
يجب أن نركز كثيرا أولا في استخلاص المسائل وحسن تسميتها ثم ترتيبها على علوم الآية، فيكون عندنا مسائل تفسيرية، لغوية، عقدية ...
وحتى نتقن استخلاص المسائل الواردة في الآية نقف جيدا مع الآية ونتأمل ألفاظها وتراكيبها وكلام المفسرين فيها
إليك نموذج للمسائل التي وردت في هذا الدرس:
سبب نزول الآيات:
المسائل التفسيرية:
معنى الاستفهام
مرجع الضمير في {يتساءلون}
الغرض من التساؤل
معنى النبأ العظيم
الأقوال في المراد بالنبأ العظيم
معنى الاختلاف في النبأ العظيم
معنى {كلا}
مفعول {سيعلمون}
فائدة التكرار في قوله تعالى: {كلا سيعلمون}

المسائل العقدية:
الإيمان بالبعث
الإيمان بالرسل
الإيمان بالقرآن

هذه المسائل كما ذكرت تظهر لك بتأمل ألفاظ الآية وتراكيبها وكلام المفسرين فيها، فالأمر يسير إن شاء الله
درجة الملخص: 2,5/4
ولك أن تعيديه وفقا للترتيب الذي اتفقنا عليه حتى تحوزي الدرجة كاملة إن شاء الله، والأهم أن تكوني أديت الطريقة الصحيحة
أرجو أن يفيدك هذا الموضوع:
مثبــت: فوائد وتنبيهات في طريقة تلخيص دروس التفسير
وفقك الله

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 8 محرم 1436هـ/31-10-2014م, 11:38 PM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك أختي
اشتمل التلخيص على كثير من المسائل التي وردت في الآيات
غير أنها متداخلة وغير مرتبة
يجب أن نركز كثيرا أولا في استخلاص المسائل وحسن تسميتها ثم ترتيبها على علوم الآية، فيكون عندنا مسائل تفسيرية، لغوية، عقدية ...
وحتى نتقن استخلاص المسائل الواردة في الآية نقف جيدا مع الآية ونتأمل ألفاظها وتراكيبها وكلام المفسرين فيها
إليك نموذج للمسائل التي وردت في هذا الدرس:
سبب نزول الآيات:
المسائل التفسيرية:
معنى الاستفهام
مرجع الضمير في {يتساءلون}
الغرض من التساؤل
معنى النبأ العظيم
الأقوال في المراد بالنبأ العظيم
معنى الاختلاف في النبأ العظيم
معنى {كلا}
مفعول {سيعلمون}
فائدة التكرار في قوله تعالى: {كلا سيعلمون}

المسائل العقدية:
الإيمان بالبعث
الإيمان بالرسل
الإيمان بالقرآن

هذه المسائل كما ذكرت تظهر لك بتأمل ألفاظ الآية وتراكيبها وكلام المفسرين فيها، فالأمر يسير إن شاء الله
درجة الملخص: 2,5/4
ولك أن تعيديه وفقا للترتيب الذي اتفقنا عليه حتى تحوزي الدرجة كاملة إن شاء الله، والأهم أن تكوني أديت الطريقة الصحيحة
أرجو أن يفيدك هذا الموضوع:
مثبــت: فوائد وتنبيهات في طريقة تلخيص دروس التفسير
وفقك الله


سأقوم بتعديل التلخيص أحسن الله إليكم.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 9 ربيع الثاني 1436هـ/29-01-2015م, 01:37 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي تلخيص تفسير سورة تبارك

تفسير سورة الملك [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]


تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) }


-معنى (تبارك) : ك س ش
-معنى (الذي بيده الملك): ك س ش
-بيان أنواع ملك الله: س ش
-الفرق بين الملك الدنيوي والأخروي : س ش
-مرجع الضمير في قوله :(وهو على كل شيء قدير ) ك س ش
-معنى قوله :(وهو على كل شيء قدير): س ش
-ما يترتب على كونه المالك لكل شيء القادر على كل شيء : ك
-المسائل العقدية :
-وجوب إثبات ملك الله المطلق في الدنيا والآخرة.


معنى (تبارك) :
تعاظم وتعالى وتمجد وكثر خيره وعم إحسانه ، وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

معنى (الذي بيده الملك):
المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء. وهذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-بيان أنواع ملك الله:
بِيَدِه مُلْكَ العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ في الدنيا والآخرة ، فهو الذي خَلَقَه ويَتَصَرَّفُ فيه بما شاءَ، مِن الأحكامِ القَدَرِيَّةِ، والأحكامِ الدِّينيَّةِ التابعةِ لِحِكمتِه ، وهذا مجموع ما ذكره السعدي والأشقر.


-الفرق بين الملك الدنيوي والأخروي :
أن الله في الدنيا والآخرة يَتصرَّفُ في مُلْكِه كيفَ يُريدُ، مِن إنعامٍ وانتقامٍ، ورَفْعٍ ووَضْعٍ، وإِعطاءٍ وَمَنْعٍ.
١-ملك الله في الدنيا وتصرفه المطلق يَعلمُه المؤمنونَ في الدنيا ويُنكِرُه الكُفَّارُ.
٢-أمَّا في الآخِرَةِ فلا يَدَّعِي الْمُلْكَ أحَدٌ غيرُ اللهِ، ولا يُنكِرُ مُلكَه أحَدٌ، ولذا قالَ تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وقالَ:{يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
وهذا مجموع ما ذكره السعدي والأشقر.

-مرجع الضمير في قوله :(وهو على كل شيء قدير)
يرجع إلى قوله :(الذي بيده الملك) وهو الله سبحانه وتعالى.
وهذا حاصل تفسير ابن كثيرو السعدي والأشقر.

-معنى قوله :(وهو على كل شيء قدير):
كمالُ قُدرتِه التي يَقْدِرُ بها على كُلِّ شيءٍ، وبها أَوْجَدَ ما أَوْجَدَ مِن المخلوقاتِ العظيمةِ، فلا يعجزه شيء في السماوات والأرض.
وهذا مجموع ما ذكره السعدي والأشقر.

-ما يترتب على كونه المالك لكل شيء القادر على كل شيء :
لا معقّب لحكمه، ولا يسأل عمّا يفعل لقهره وحكمته وعدله. قاله ابن كثير.

-المسائل العقدية :
-وجوب إثبات ملك الله المطلق في الدنيا والآخرة.


تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) )

-مرجع الضمير في قوله:" الذي خلق الموت والحياة" ك س ش
-معنى قوله :"الذي خلق الموت والحياة" ك س ش
-معنى الموت. ش
-معنى الحياة. س
-الحكمة من خلق الخلائق. ك س ش
-المقصد من الابتلاء. س ش
-مقياس التفاضل في الأعمال. ك س ش
-معنى العزيز. ك س ش
-معنى الغفور. ك س ش
-الحكمة من ختم الآية بقوله :(وهو العزيز الغفور) ك س


-مرجع الضمير في قوله:" الذي خلق الموت والحياة":
من خلال التأمل في كلام المفسرين يتضح أن الضمير يعود إلى الله تعالى.

-معنى قوله :"الذي خلق الموت والحياة"
ورد في معنى هذه الآية قولين للعلماء:


القول الأول : أي أوجد الخلائق من العدم كما قال: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم} [البقرة: 28] فسمّى الحال الأوّل -وهو العدم-موتًا، وسمّى هذه النّشأة حياةً. ولهذا قال: {ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [البقرة: 28].
القول الثاني : قَدَّرَ لعِبادِه أنْ يُحْيِيَهم ثم يُمِيتَهم. وبه قال السعدي ويوافق ما ذكره الأشقر ، وذكره ابن كثير واستدل له بما روي عن قتادة في قوله: {الّذي خلق الموت والحياة} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "إنّ اللّه أذلّ بني آدم بالموت، وجعل الدّنيا دار حياةٍ ثمّ دار موتٍ، وجعل الآخرة دار جزاءٍ ثمّ دار بقاءٍ".
ورواه معمر وابن أبي حاتم عن قتادة.

-معنى الموت : ش
الموتُ انقطاعُ تعَلُّقِ الرُّوحِ بالبَدَنِ ومُفارَقَتُها له. قاله الأشقر.

-معنى الحياة: ش
والحياةُ تَعَلُّقُ الرُّوحِ بالبَدَنِ واتِّصَالُها به، فالحياةُ تَعنِي خَلْقَه إِنْسَاناً وخلْقَ الرُّوحِ فيه. قاله الأشقر.

-الحكمة من خلق الخلائق.
ليبلوهم ويختبرهم أيّهم أحسن عملًا؟
فإنَّ اللَّهَ خَلَقَ عِبادَه، وأَخْرَجَهم لهذه الدارِ، وأَخْبَرَهم أنَّهم سيُنقَلُونَ منها، وأَمَرَهم ونَهَاهُم، وابْتَلاهُم بالشَّهَواتِ المعارِضَةِ لأَمْرِه:فمَنِ انقادَ لأمْرِ اللَّهِ وأَحْسَنَ العمَلَ، أَحْسَنَ اللَّهُ له الجزاءَ في الدارَيْنِ.
ومَن مالَ معَ شَهواتِ النفْسِ، ونَبَذَ أمْرَ اللَّهِ، فله شَرُّ الجزاءِ.
مجموع ماذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-المقصد من الابتلاء:
والْمَقْصِدُ الأصليُّ مِن الابتلاءِ هو ظُهورُ كمالِ إحسانِ الْمُحْسنينَ ومجازاة كل بحسب عمله.
حاصل ماذكره السعدي والأشقر.

-مقياس التفاضل في الأعمال
{ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} أي: خيرٌ عملًا كما قال محمّد بن عجلان: ولم يقل أكثر عملًا. ذكوه ابن كثير.
فمقياس التفاضل في الأعمال هو بالنظر إلى أَخْلَصَ العمل وأَصْوَبَه. حاصل ما ذكره السعدي والأشقر.

-معنى العزيز
هو العزيز الذي له العزة كلها التي قَهَرَ بها جميعَ الأشياءِ، العظيم الذي انقادت لعظمته المخلوقات ، المنيع الجناب ، الغالبُ الذي لا يُغالَبُ.
وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى الغفور.
الْغَفُورُ عن الْمُسِيئِينَ والْمُقَصِّرِينَ والْمُذْنِبينَ المخالفين لأمره إذا تَابُوا وأَنَابُوا فإنه يَغفِرُ لهم ويصفح عنهم ويرحمهم ولو بَلَغَتْ ذنوبهم عَنانَ السماءِ، ويَسْتُرُ عُيُوبَهم ولو كانَتْ مِلْءَ الدنيا.
وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.


-الحكمة من ختم الاية بقوله :(وهو العزيز الغفور)
المتأمل في كلام المفسرين يجد أن الله سبحانه ختم هذه الآية بهاتين الصفتين من صفاته ليهون على عباده أمر الابتلاء في هذه الحياة وأنه مع عزته وعظمته وجبروته فإنه يغفر ويتجاوز عمن أذنب وقصر وعصى.


تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) )

-معنى قوله :(الذي خلق سبع سماوات طباقا) ك ، س ، ش
-صفة خلق السماء طبقات. ك
-معنى قوله: {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ} ك س ش
-الحكمة من الأمر بإعادة النظر في قوله : {فارجع البصر} س ش
-نوع الاستفهام في قوله {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} ك س ش
- معنى فطور في قوله {هل ترى من فطورٍ} ك س ش



-معنى قوله :(الذي خلق سبع سماوات طباقا)
خلق الله السماوات طبقة بعد طبقة كلَّ واحدةٍ فوقَ الأُخْرَى، ولَسْنَ طَبَقةً واحدةً، وخَلَقَها في غايةِ الحُسْنِ والإتقانِ. وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-صفة خلق السماء طبقات.
فيها قولان :
الأول: متواصلاتٌ بمعنى أنّهنّ علويّاتٌ بعضهم على بعضٍ.
الثاني: أو متفاصلاتٌ بينهنّ خلاءٌ. وهو الأصح كما دلّ على ذلك حديث الإسراء وغيره.
ذكره ابن كثير.

-معنى تفاوت في قوله: {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ}.
أي ليس في خلق الله اختلافٌ ولا تنافرٌ ولا مخالفةٌ ولا تباين ولا اعوجاج ولا نقصٌ ولا عيبٌ ولا خللٌ؛ بل هي مستوية مستقيمة دالة على خالقها ، وإذَا انْتَفَى النَّقْصُ مِن كلِّ وَجهٍ، صارَتْ حَسنةً كاملةً، مُتناسِبَةً مِن كلِّ وَجهٍ؛ في لَوْنِها وهَيئتِها وارتفاعِها، وما فيها مِن الشمْسِ والقمَرِ والكواكبِ النَّيِّرَاتِ الثوابِتِ مِنهنَّ والسيَّاراتِ. وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.


-الحكمة من الأمر بإعادة النظر في قوله : {فارجع البصر}
لَمَّا كانَ كَمال خلق الله للسماء مَعلوماً، أمَرَ اللَّهُ تعالى بتَكرارِ النظَرِ إليها والتأمُّلِ في أَرجائِها؛ قالَ: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ}؛ أي: أَعِدْهُ إليها، ناظِراً مُعْتَبِراً. ذكره السعدي والأشقر .

-نوع الاستفهام في قوله {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ}
الاستفهام للتقرير ، وذلك لإقرار عظمة وكمال خلق الله للسماء وبديع صنعه.

- معنى فطور في قوله {هل ترى من فطورٍ}
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، والثّوريّ، وغيرهم في قوله: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} أي: شقوقٍ.
وقال السّدّيّ: {هل ترى من فطورٍ} أي: من خروق.
وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ: {من فطورٍ} أي: من وهيّ
وقال قتادة: {هل ترى من فطورٍ} أي: هل ترى خللا يا ابن آدم.
وذكر الأقوال السابقة ابن كثير في تفسيره ، ومجموع هذه الأقوال تفيد أن معنى فطور ، النقص والاختلال والتصدع بأي شكل من الأشكال ، وبه قال السعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) )

-معنى كرتين في قوله: {ثمّ ارجع البصر كرّتين}: ك س ش
-معنى ينقلب إليك في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}: ك
-معنى خاسئا في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}: ك س ش
-معنى حسير في قوله : {وهو حسيرٌ} ك ش


-معنى كرتين في قوله: {ثمّ ارجع البصر كرّتين}:
فيه قولين للعلماء:
الأول : مرتين ، قال به ابن كثير.
والمعنى أنّك لو كرّرت البصر، مهما كرّرت، لانقلب إليك البصر خاسئا.
الثاني : مرة بعد مرة ، وإنْ كَثُرَتْ تلك الْمَرَّاتُ، فيكونُ ذلك أبْلَغَ في إقامةِ الْحُجَّةِ، وأَقطَعَ للمَعذِرَةِ. وبه قال السعدي والأشقر.

-معنى ينقلب إليك في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}: ك
لرجع إليك البصر خاسئا.

-معنى خاسئا في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}:
قال ابن عبّاسٍ: ذليلًا؟ وقال مجاهدٌ، وقتادة: صاغرًا. ذكره ابن كثير.
وهو من اختلاف التنوع لا التضاد ، فالمعنى أن البصر يرجع ذليلا صاغرًا عاجزاً عن أنْ يَرَى خَلَلاً أو فُطوراً أو عيبًا في خلق السماء، ولو حَرِصَ غايةَ الْحِرْصِ.
وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى حسير في قوله :{وهو حسيرٌ}:
قال ابن عبّاسٍ: يعني: وهو كليلٌ.
وقال مجاهدٌ، وقتادة، والسّدّيّ: الحسير: المنقطع من الإعياء.
ذكره ابن كثير ، وقال الأشقر : كَليلٌ مُنقَطِعٌ.

-المعنى الإجمالي للآية :
أن البصر مهما كرر النظر في السماء بحثًا عن خلل ونقص في خلق الله فإنه لن يعود إلا خاسرًا ذليلًا ، وفي هذا إثبات لكمال وإتقان خلق الله.



تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) )

-[color="rgb(46, 139, 87)"]علاقة الآية بما قبلها : ك
-معنى قوله: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا }: س س
-معنى مصابيح في قوله : {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح} : ك س ش
-سبب تسمية الكواكب والنجوم بالمصابيح: ش
-مرجع الضمير في قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} وما سبب ذلك : ك س
-معنى قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} س
-مرجع الضمير في قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
-معنى قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
-الحكمة من خلق الله للنجوم : ك س ش
[/color]
-علاقة الآية بما قبلها : ك
ولمّا نفى الله عن السماء في خلقها النّقص بيّن كمالها وزينتها فقال: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح}

-معنى قوله: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا }: س ش
ولَقَدْ جَمَّلْنَا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي تَرَوْنَها وتَلِيكُم {بِمَصَابِيحَ} فَصارَتْ في أحْسَنِ خَلْقٍ وأكمَلِ صورةٍ وأَبهجِ شكْلٍ ، فإنه لولا ما فيها مِن النجومِ لكانَت السماء سَقْفاً مُظْلِماً، لا حُسْنَ فيه ولا جَمالَ.

-معنى مصابيح في قوله : {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح} : ك س ش
هي الكواكب والنجومُ الّتي وضعت في السماء من السّيّارات والثّوابت على اختلافِها في النورِ والضياءِ.

-سبب تسمية الكواكب والنجوم بالمصابيح: ش
وسُمِّيَتِ الكواكبُ مَصابيحَ لأنها تُضيءُ كإضاءةِ السِّراجِ.

-مرجع الضمير في قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} وما سبب ذلك : ك س
عاد الضّمير في قوله: {وجعلناها} على جنس المصابيح لا على عينها؛ لأنّه لا يرمي بالكواكب الّتي في السّماء، بل بشهبٍ من دونها، وقد تكون مستمدّةً منها.

-معنى قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} س ش

جعلها الله رجوما ترجم بها الشياطين الذينَ يُريدونَ اسْتِرَاقَ خَبَرِ السماءِ، فجَعَلَ اللَّهُ هذه النجومَ حِراسةً للسماءِ عن تَلَقُّفِ الشياطينِ أخبارَ الأرضِ.
فهذهِ الشُّهُبُ التي تُرْمَى مِن النجومِ أَعَدَّهَا اللَّهُ في الدنيا للشياطينِ.

-مرجع الضمير في قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
أي للشياطين.

-معنى قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
وأعتدنا لهم عذاب السّعير في الأخرى،بعد الرجم في الدنيا ؛ لأنَّهم تَمَرَّدُوا على اللَّهِ، وأَضَلُّوا عِبادَه، ولهذا كانَ أَتْبَاعُهم مِن الكُفَّارِ مِثلَهم، قد أَعَدَّ اللَّهُ لهم عَذابَ السَّعِيرِ فلهذا قالَ: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

-ولا يُنافِي إِخبارُه أنه زَيَّنَ السماءَ الدنيا بِمَصابيحَ أنْ يكونَ كثيرٌ مِن النجومِ فوقَ السماواتِ السبْعِ؛ فإنَّ السماواتِ شَفَّافَةٌ، وبذلك تَحْصُلُ الزينةُ للسماءِ الدنيا، وإنْ لم تَكُنِ الكواكبُ فيها. ذكره السعدي.


-الحكمة من خلق الله للنجوم : ك س ش
قال قتادة: إنّما خلقت هذه النّجوم لثلاث خصالٍ: خلقها اللّه زينةً للسّماء، ورجومًا للشّياطين، وعلاماتٍ يهتدى بها، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظّه، وأضاع نصيبه، وتكلّف ما لا علم له به. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم ، وذكره ابن كثير ، وقال به السعدي والأشقر.
كما قال: في أوّل الصّافّات: {إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب وحفظًا من كلّ شيطانٍ ماردٍ لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كلّ جانبٍ دحورًا ولهم عذابٌ واصبٌ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ} [الصّافّات: 6 -10].

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11 ربيع الثاني 1436هـ/31-01-2015م, 02:11 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تماضر مشاهدة المشاركة
تفسير سورة الملك [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]


تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) }


-معنى (تبارك) : ك س ش
-معنى (الذي بيده الملك): ك س ش
-بيان أنواع ملك الله: س ش
-الفرق بين الملك الدنيوي والأخروي : س ش
-مرجع الضمير في قوله :(وهو على كل شيء قدير ) ك س ش
-معنى قوله :(وهو على كل شيء قدير): س ش
-ما يترتب على كونه المالك لكل شيء القادر على كل شيء : ك
-المسائل العقدية :
-وجوب إثبات ملك الله المطلق في الدنيا والآخرة.

أحسنت بارك الله فيك
معنى (تبارك) :
تعاظم وتعالى وتمجد وكثر خيره وعم إحسانه ، وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

معنى (الذي بيده الملك):
هو الله سبحانه المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء. وهذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-بيان أنواع ملك الله:
بِيَدِه مُلْكَ العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ في الدنيا والآخرة ، فهو الذي خَلَقَه ويَتَصَرَّفُ فيه بما شاءَ، مِن الأحكامِ القَدَرِيَّةِ، والأحكامِ الدِّينيَّةِ التابعةِ لِحِكمتِه ، وهذا مجموع ما ذكره السعدي والأشقر.


-الفرق بين الملك الدنيوي والأخروي : لنقل الفرق بين حال المؤمنين وحال الكفار تجاه ربوبية الله وملكه
أن الله في الدنيا والآخرة يَتصرَّفُ في مُلْكِه كيفَ يُريدُ، مِن إنعامٍ وانتقامٍ، ورَفْعٍ ووَضْعٍ، وإِعطاءٍ وَمَنْعٍ.
1-ملك الله في الدنيا وتصرفه المطلق يَعلمُه المؤمنونَ في الدنيا ويُنكِرُه الكُفَّارُ.
2-أمَّا في الآخِرَةِ فلا يَدَّعِي الْمُلْكَ أحَدٌ غيرُ اللهِ، ولا يُنكِرُ مُلكَه أحَدٌ، ولذا قالَ تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وقالَ:{يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
وهذا مجموع ما ذكره السعدي والأشقر.

-مرجع الضمير في قوله :(وهو على كل شيء قدير)
يرجع إلى قوله :(الذي بيده الملك) وهو الله سبحانه وتعالى.
وهذا حاصل تفسير ابن كثيرو السعدي والأشقر.

-معنى قوله :(وهو على كل شيء قدير):
كمالُ قُدرتِه التي يَقْدِرُ بها على كُلِّ شيءٍ، وبها أَوْجَدَ ما أَوْجَدَ مِن المخلوقاتِ العظيمةِ، فلا يعجزه شيء في السماوات والأرض.
وهذا مجموع ما ذكره السعدي والأشقر.

-ما يترتب على كونه المالك لكل شيء القادر على كل شيء :
لا معقّب لحكمه، ولا يسأل عمّا يفعل لقهره وحكمته وعدله. قاله ابن كثير.

-المسائل العقدية :
-وجوب إثبات ملك الله المطلق في الدنيا والآخرة.


تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) )

-مرجع الضمير في قوله:" الذي خلق الموت والحياة" ك س ش نقول: المراد بالاسم الموصول، فهو ليس ضميرا.
-معنى قوله :"الذي خلق الموت والحياة" ك س ش
-معنى الموت. ش
-معنى الحياة. س
-الحكمة من خلق الخلائق. ك س ش
-المقصد من الابتلاء. س ش
-مقياس التفاضل في الأعمال. ك س ش
-معنى العزيز. ك س ش
-معنى الغفور. ك س ش
-الحكمة من ختم الآية بقوله :(وهو العزيز الغفور) ك س


-مرجع الضمير في قوله:" الذي خلق الموت والحياة":
من خلال التأمل في كلام المفسرين يتضح أن الضمير يعود إلى الله تعالى.

-معنى قوله :"الذي خلق الموت والحياة"
ورد في معنى هذه الآية قولين للعلماء:


القول الأول : أي أوجد الخلائق من العدم كما قال: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم} [البقرة: 28] فسمّى الحال الأوّل -وهو العدم-موتًا، وسمّى هذه النّشأة حياةً. ولهذا قال: {ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [البقرة: 28].
القول الثاني : قَدَّرَ لعِبادِه أنْ يُحْيِيَهم ثم يُمِيتَهم. وبه قال السعدي ويوافق ما ذكره الأشقر ، وذكره ابن كثير واستدل له بما روي عن قتادة في قوله: {الّذي خلق الموت والحياة} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "إنّ اللّه أذلّ بني آدم بالموت، وجعل الدّنيا دار حياةٍ ثمّ دار موتٍ، وجعل الآخرة دار جزاءٍ ثمّ دار بقاءٍ".
ورواه معمر وابن أبي حاتم عن قتادة.

-معنى الموت : ش
الموتُ انقطاعُ تعَلُّقِ الرُّوحِ بالبَدَنِ ومُفارَقَتُها له. قاله الأشقر.

-معنى الحياة: ش
والحياةُ تَعَلُّقُ الرُّوحِ بالبَدَنِ واتِّصَالُها به، فالحياةُ تَعنِي خَلْقَه إِنْسَاناً وخلْقَ الرُّوحِ فيه. قاله الأشقر.
لم تذكري دلالة الآية على أن الموت أمر موجود

-الحكمة من خلق الخلائق. قبل أن نتكلم عن الحكمة نبين معنى {لنبلوكم}
ليبلوهم ويختبرهم أيّهم أحسن عملًا؟
فإنَّ اللَّهَ خَلَقَ عِبادَه، وأَخْرَجَهم لهذه الدارِ، وأَخْبَرَهم أنَّهم سيُنقَلُونَ منها، وأَمَرَهم ونَهَاهُم، وابْتَلاهُم بالشَّهَواتِ المعارِضَةِ لأَمْرِه:فمَنِ انقادَ لأمْرِ اللَّهِ وأَحْسَنَ العمَلَ، أَحْسَنَ اللَّهُ له الجزاءَ في الدارَيْنِ.
ومَن مالَ معَ شَهواتِ النفْسِ، ونَبَذَ أمْرَ اللَّهِ، فله شَرُّ الجزاءِ.
مجموع ماذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-المقصد من الابتلاء:
والْمَقْصِدُ الأصليُّ مِن الابتلاءِ هو ظُهورُ كمالِ إحسانِ الْمُحْسنينَ ومجازاة كل بحسب عمله.
حاصل ماذكره السعدي والأشقر.

-مقياس التفاضل في الأعمال وقبل أن نتكلم عن معيار التفاضل، نتكلم عن معنى إحسان العمل
{ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} أي: خيرٌ عملًا كما قال محمّد بن عجلان: ولم يقل أكثر عملًا. ذكوه ابن كثير.
فمقياس التفاضل في الأعمال هو بالنظر إلى أَخْلَصَ العمل وأَصْوَبَه. حاصل ما ذكره السعدي والأشقر.

-معنى العزيز
هو العزيز الذي له العزة كلها التي قَهَرَ بها جميعَ الأشياءِ، العظيم الذي انقادت لعظمته المخلوقات ، المنيع الجناب ، الغالبُ الذي لا يُغالَبُ.
وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى الغفور.
الْغَفُورُ عن الْمُسِيئِينَ والْمُقَصِّرِينَ والْمُذْنِبينَ المخالفين لأمره إذا تَابُوا وأَنَابُوا فإنه يَغفِرُ لهم ويصفح عنهم ويرحمهم ولو بَلَغَتْ ذنوبهم عَنانَ السماءِ، ويَسْتُرُ عُيُوبَهم ولو كانَتْ مِلْءَ الدنيا.
وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.


-الحكمة من ختم الاية بقوله :(وهو العزيز الغفور)
المتأمل في كلام المفسرين يجد أن الله سبحانه ختم هذه الآية بهاتين الصفتين من صفاته ليهون على عباده أمر الابتلاء في هذه الحياة وأنه مع عزته وعظمته وجبروته فإنه يغفر ويتجاوز عمن أذنب وقصر وعصى. الترغيب بعد الترهيب


تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) )

-معنى قوله :(الذي خلق سبع سماوات طباقا) ك ، س ، ش
-صفة خلق السماء طبقات. ك
-معنى قوله: {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ} ك س ش
-الحكمة من الأمر بإعادة النظر في قوله : {فارجع البصر} س ش
-نوع الاستفهام في قوله {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} ك س ش
- معنى فطور في قوله {هل ترى من فطورٍ} ك س ش



-معنى قوله :(الذي خلق سبع سماوات طباقا)
خلق الله السماوات طبقة بعد طبقة كلَّ واحدةٍ فوقَ الأُخْرَى، ولَسْنَ طَبَقةً واحدةً، وخَلَقَها في غايةِ الحُسْنِ والإتقانِ. وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-صفة خلق السماء طبقات.
فيها قولان :
الأول: متواصلاتٌ بمعنى أنّهنّ علويّاتٌ بعضهم على بعضٍ.
الثاني: أو متفاصلاتٌ بينهنّ خلاءٌ. وهو الأصح كما دلّ على ذلك حديث الإسراء وغيره.
ذكره ابن كثير.

-معنى تفاوت في قوله: {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ}.
أي ليس في خلق الله اختلافٌ ولا تنافرٌ ولا مخالفةٌ ولا تباين ولا اعوجاج ولا نقصٌ ولا عيبٌ ولا خللٌ؛ بل هي مستوية مستقيمة دالة على خالقها ، وإذَا انْتَفَى النَّقْصُ مِن كلِّ وَجهٍ، صارَتْ حَسنةً كاملةً، مُتناسِبَةً مِن كلِّ وَجهٍ؛ في لَوْنِها وهَيئتِها وارتفاعِها، وما فيها مِن الشمْسِ والقمَرِ والكواكبِ النَّيِّرَاتِ الثوابِتِ مِنهنَّ والسيَّاراتِ. وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.


-الحكمة من الأمر بإعادة النظر في قوله : {فارجع البصر}
لَمَّا كانَ كَمال خلق الله للسماء مَعلوماً، أمَرَ اللَّهُ تعالى بتَكرارِ النظَرِ إليها والتأمُّلِ في أَرجائِها؛ قالَ: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ}؛ أي: أَعِدْهُ إليها، ناظِراً مُعْتَبِراً. ذكره السعدي والأشقر .

-نوع الاستفهام في قوله {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ}
الاستفهام للتقرير ، وذلك لإقرار عظمة وكمال خلق الله للسماء وبديع صنعه.

- معنى فطور في قوله {هل ترى من فطورٍ}
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، والثّوريّ، وغيرهم في قوله: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} أي: شقوقٍ.
وقال السّدّيّ: {هل ترى من فطورٍ} أي: من خروق.
وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ: {من فطورٍ} أي: من وهيّ
وقال قتادة: {هل ترى من فطورٍ} أي: هل ترى خللا يا ابن آدم.
وذكر الأقوال السابقة ابن كثير في تفسيره ، ومجموع هذه الأقوال تفيد أن معنى فطور ، النقص والاختلال والتصدع بأي شكل من الأشكال ، وبه قال السعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) )

-معنى كرتين في قوله: {ثمّ ارجع البصر كرّتين}: ك س ش
-معنى ينقلب إليك في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}: ك
-معنى خاسئا في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}: ك س ش
-معنى حسير في قوله : {وهو حسيرٌ} ك ش


-معنى كرتين في قوله: {ثمّ ارجع البصر كرّتين}:
فيه قولين للعلماء:
الأول : مرتين ، قال به ابن كثير.
والمعنى أنّك لو كرّرت البصر، مهما كرّرت، لانقلب إليك البصر خاسئا.
الثاني : مرة بعد مرة ، وإنْ كَثُرَتْ تلك الْمَرَّاتُ، فيكونُ ذلك أبْلَغَ في إقامةِ الْحُجَّةِ، وأَقطَعَ للمَعذِرَةِ. وبه قال السعدي والأشقر.
كرتين معناها مرتين، ويراد بها تكرار النظر لا العدد نفسه، وفي هذا الكلام ما فيها من التحدي والإعجاز
-معنى ينقلب إليك في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}: ك
لرجع إليك البصر خاسئا.

-معنى خاسئا في قوله :{ينقلب إليك البصر خاسئًا}:
قال ابن عبّاسٍ: ذليلًا؟ وقال مجاهدٌ، وقتادة: صاغرًا. ذكره ابن كثير.
وهو من اختلاف التنوع لا التضاد ، فالمعنى أن البصر يرجع ذليلا صاغرًا عاجزاً عن أنْ يَرَى خَلَلاً أو فُطوراً أو عيبًا في خلق السماء، ولو حَرِصَ غايةَ الْحِرْصِ.
وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى حسير في قوله :{وهو حسيرٌ}:
قال ابن عبّاسٍ: يعني: وهو كليلٌ.
وقال مجاهدٌ، وقتادة، والسّدّيّ: الحسير: المنقطع من الإعياء.
ذكره ابن كثير ، وقال الأشقر : كَليلٌ مُنقَطِعٌ.

-المعنى الإجمالي للآية :
أن البصر مهما كرر النظر في السماء بحثًا عن خلل ونقص في خلق الله فإنه لن يعود إلا خاسرًا ذليلًا ، وفي هذا إثبات لكمال وإتقان خلق الله.



تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) )

-[color="rgb(46, 139, 87)"]علاقة الآية بما قبلها : ك
-معنى قوله: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا }: س س
-معنى مصابيح في قوله : {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح} : ك س ش
-سبب تسمية الكواكب والنجوم بالمصابيح: ش
-مرجع الضمير في قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} وما سبب ذلك : ك س
-معنى قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} س
-مرجع الضمير في قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
-معنى قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
-الحكمة من خلق الله للنجوم : ك س ش
[/color]
-علاقة الآية بما قبلها : ك
ولمّا نفى الله عن السماء في خلقها النّقص بيّن كمالها وزينتها فقال: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح}

-معنى قوله: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا }: س ش
ولَقَدْ جَمَّلْنَا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي تَرَوْنَها وتَلِيكُم {بِمَصَابِيحَ} فَصارَتْ في أحْسَنِ خَلْقٍ وأكمَلِ صورةٍ وأَبهجِ شكْلٍ ، فإنه لولا ما فيها مِن النجومِ لكانَت السماء سَقْفاً مُظْلِماً، لا حُسْنَ فيه ولا جَمالَ.

-معنى مصابيح في قوله : {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح} : ك س ش
هي الكواكب والنجومُ الّتي وضعت في السماء من السّيّارات والثّوابت على اختلافِها في النورِ والضياءِ.

-سبب تسمية الكواكب والنجوم بالمصابيح: ش
وسُمِّيَتِ الكواكبُ مَصابيحَ لأنها تُضيءُ كإضاءةِ السِّراجِ.

-مرجع الضمير في قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} وما سبب ذلك : ك س
عاد الضّمير في قوله: {وجعلناها} على جنس المصابيح لا على عينها؛ لأنّه لا يرمي بالكواكب الّتي في السّماء، بل بشهبٍ من دونها، وقد تكون مستمدّةً منها.

-معنى قوله : {وجعلناها رجومًا للشّياطين} س ش

جعلها الله رجوما ترجم بها الشياطين الذينَ يُريدونَ اسْتِرَاقَ خَبَرِ السماءِ، فجَعَلَ اللَّهُ هذه النجومَ حِراسةً للسماءِ عن تَلَقُّفِ الشياطينِ أخبارَ الأرضِ.
فهذهِ الشُّهُبُ التي تُرْمَى مِن النجومِ أَعَدَّهَا اللَّهُ في الدنيا للشياطينِ. وضحي معنى الرجم بأنه الرمي

-مرجع الضمير في قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
أي للشياطين.

-معنى قوله {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} : ك س ش
وأعتدنا وأعددنا (حتى نوضح هذه اللفظة) لهم عذاب السّعير في الأخرى،بعد الرجم في الدنيا ؛ لأنَّهم تَمَرَّدُوا على اللَّهِ، وأَضَلُّوا عِبادَه، ولهذا كانَ أَتْبَاعُهم مِن الكُفَّارِ مِثلَهم، قد أَعَدَّ اللَّهُ لهم عَذابَ السَّعِيرِ فلهذا قالَ: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

-ولا يُنافِي إِخبارُه أنه زَيَّنَ السماءَ الدنيا بِمَصابيحَ أنْ يكونَ كثيرٌ مِن النجومِ فوقَ السماواتِ السبْعِ؛ فإنَّ السماواتِ شَفَّافَةٌ، وبذلك تَحْصُلُ الزينةُ للسماءِ الدنيا، وإنْ لم تَكُنِ الكواكبُ فيها. ذكره السعدي.


-الحكمة من خلق الله للنجوم : ك س ش
قال قتادة: إنّما خلقت هذه النّجوم لثلاث خصالٍ: خلقها اللّه زينةً للسّماء، ورجومًا للشّياطين، وعلاماتٍ يهتدى بها، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظّه، وأضاع نصيبه، وتكلّف ما لا علم له به. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم ، وذكره ابن كثير ، وقال به السعدي والأشقر.
كما قال: في أوّل الصّافّات: {إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب وحفظًا من كلّ شيطانٍ ماردٍ لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كلّ جانبٍ دحورًا ولهم عذابٌ واصبٌ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ} [الصّافّات: 6 -10].
أحسنت أختي الكريمة، زادك الله هدى وتوفيقا وسدادا
يلاحظ عليك فقط عدم إسناد الأقوال في مواضع كثيرة والاستعاضة عنها بالرموز، لكن الصحيح أن ننصح على اسم المفسر، نقول ذكر ذلك فلان

التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 30/30
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 20/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 20/19
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 15/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 99 %
الدرجة: 5/5
وفقك الله


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 16 ربيع الثاني 1436هـ/5-02-2015م, 12:59 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}

تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) )


المقسم به : (فلا أقسم بما تبصرون ومالا تبصرون) ك س ش
أَقْسَمَ تعالى بما يُبْصِرُ الخَلْقُ مِن جَميعِ الأشياءِ من آياته في مخلوقاته الدّالّة على كماله في أسمائه وصفاته، وما لا يُبْصِرُونَه مما غاب عنهم ممّا لا يشاهدونه من المغيّبات ، فدَخَلَ في ذلكَ كلُّ الخَلْقِ، بل يَدخُلُ في ذلكَ نفْسُه الْمُقَدَّسَةُ.
وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى :(إنه لقول رسول أمين)
-مرجع الضمير في قوله :(إنه لقول رسل ) ش
أي القرآن الكريم.
-من المراد بالرسول الأمين : ك س ش
-محمد صلى الله عليه وسلم فيكون المعنى : ١-إنَّ القرآنَ لَتِلاوةُ رسولٍ كريمٍ، والمرادُ محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ. قاله الأشقر.
٢-أو أضافه إليه على معنى التّبليغ؛ لأنّ الرّسول من شأنه أن يبلّغ عن المرسل؛ ولهذا أضافه في سورة التّكوير إلى الرّسول الملكيّ: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ ذي قوّةٍ عند ذي العرش مكينٍ مطاعٍ ثمّ أمينٍ} وهذا جبريل، عليه السّلام
فمرة أضافه إلى الرسول الملكي ومرة أضافه إلى الرسول البشريّ؛ لأنّ كلًّا منهما مبلّغٌ عن اللّه ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه؛ ولهذا قال: {تنزيلٌ من ربّ العالمين}. وهذا مجموع ماقاله ابن كثير والسعدي.
- أو: إنه لقولٌ يُبَلِّغُه رسولٌ كريمٌ. يُريدُ به جِبريلَ. قاله الأشقر والأول أوجه لقوله بعدها :(وما هو بقول شاعر )والله أعلم.

-المقسم عليه : (إنه لقول رسول أمين) :
إنّ القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله، الّذي اصطفاه لتبليغ الرّسالة وأداء الأمانة.
وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي .

-الحكمة من القسم:
لتعظيم شأن القرآن وبيان صدق مبلغه وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأن القرآن منزل من عند الله وكل مافيه حق.

-من أسباب إيمان عمر بن الخطاب:
مارواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطّاب قال : خرجت أتعرّض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقّة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا واللّه شاعرٌ كما قالت قريشٌ. قال: فقرأ: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ (40) وما هو بقول شاعرٍ قليلا ما تؤمنون} قال: فقلت: كاهنٌ. قال فقرأ: {ولا بقول كاهنٍ قليلا ما تذكّرون (42) تنزيلٌ من ربّ العالمين (43) ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثمّ لقطعنا منه الوتين (46) فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} إلى آخر السّورة. قال: فوقع الإسلام في قلبي كلّ موقعٍ.
فهذا من جملة الأسباب الّتي جعلها اللّه تعالى مؤثّرةً في هداية عمر بن الخطّاب، كما أوردنا كيفيّة إسلامه في سيرته المفردة، وللّه الحمد. ذكره ابن كثير.



تفسير قوله تعالى: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) )
-مرجع الضمير في قوله:(وما هو بقول شاعر)
إلى القرآن الكريم كما هو السياق.
-معنى الآية: س ش
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}أي القرآن بقول شاعر كما تَزعمونَ؛ لأنه ﷺ ليس مِن أصنافِ الشعْرِ.
{قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} أيْ: إِيماناً قَليلاً تُؤمنونَ، وتَصديقاً يَسيراً تُصَدِّقونَ. فنَزَّهَ اللَّهُ رَسولَه عمَّا رَماهُ به أَعداؤُه مِن أنَّه شاعرٌ.
وهذا حاصل قول السعدي والأشقر.

تفسير قوله تعالى: (وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) )
معنى قوله تعالى : {وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ}: س ش
أي ليس ما نزل من القرآن قول كاهن كما تَزعمونَ، فإنَّ الكهانةَ أمْرٌ آخَرُ لا جامعَ بينَها وبينَ هذا، فنَزَّهَ اللَّهُ رَسولَه عمَّا رَماهُ به أَعداؤُه مِن أنَّه شاعرٌ أو ساحِرٌ.
وهذا ماقاله السعدي والأشقر.
-ما السبب الذي حمل الكفار لتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه بالشعر والكهانة: س
حَمَلَهم على ذلكَ عدَمُ إِيمانِهم وتَذَكُّرِهم فقال تعالى {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} أيْ: تَذَكُّراً قَليلاً تَتذَكَّرونَ. قاله السعدي.


تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) )
-معنى الآية: س ش
مازال الحديث والسياق يتحدث عن القرآن الكريم وأنه تنزيل من رب العالمين على لسان نبيه ﷺ ، فلو آمَن الكفار وتَذَكَّرُوا لعَلِموا ما يَنفَعُهم ويَضُرُّهم، ومِن ذلكَ أنْ يَنظُروا في حالِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، ويَرْمُقوا أَوصافَه وأخلاقَه, لَرَأَوْا أمراً مِثلَ الشمْسِ، يَدُلُّهم على أنَّه رَسولُ اللَّهِ حَقًّا، وأَنَّ ما جاءَ به تَنْزيلُ رَبِّ العالَمِينَ، لا يَلِيقُ أنْ يَكُونَ قولَ البشَرِ، بل هو كلامٌ دالٌّ على عَظمةِ مَن تَكَلَّمَ به أَوصافه، وكمالِ تَربِيَتِه لعِبادِه، وعُلُوِّه فوقَ عِبادِه.وهذا مجموع قولي السعدي والأشقر .


قوله تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) )
-من المراد بقوله :{ولو تقوّل علينا}: ك ش
أي: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ، أو جِبريلُ كما تقدم والأصح أنه محمد ﷺ.
وهذا ما قاله ابن كثير والأشقر.

-معنى الآية: ك س ش
أي لو كان كما يزعم الكفار مفتريًا علينا، فزاد في الرّسالة أو نقص منها، أو قال شيئًا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة. ولهذا قال {لأخذنا منه باليمين}
فإنَّ هذا ظَنٌّ منه بما لا يَلِيقُ باللَّهِ وحِكمتِه.
وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.



تفسير قوله تعالى: (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) )
-مرجع الضمير في قوله :{لأخذنا منه }:
إلى النبي ﷺ كما هو السياق.
-معنى الآية: ك ش
معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنّها أشدّ في البطش، وقيل: لأخذنا منه بيمينه. ذكره ابن كثير والأشقر



تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) )

-معنى الوتين في قوله :{ثمّ لقطعنا منه الوتين}: ك س ش
قال ابن عبّاسٍ: وهو نياط القلب، وهو العرق الّذي القلب معلّقٌ فيه. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحكم، وقتادة، والضّحّاك، ومسلمٌ البطين، وأبو صخرٍ حميد بن زيادٍ.
وقال محمّد بن كعبٍ: هو القلب ومراقّه وما يليه. ذكره ابن كثير.
فالوَتينُ عِرْقٌ يَجرِي في الظهْرِ حتى يَتَّصِلَ بالقلْبِإذا انقَطَعَ ماتَ منه الإنسانُ.
وهو تَصويرٌ لإهلاكِه بأَفْظَعِ ما يَفعلُه الْمُلوكُ بِمَن يَغْضَبونَ عليه. وهذا مجموع ماقاله السعدي والأشقر.

-معنى الآية {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}:
أي أنه لو قُدِّرَ أنَّ الرسولَ ﷺ - حَاشَا وكلاَّ - تَقَوَّلَ على اللَّهِ لعَاجَلَه بالعُقوبةِ، وأَخَذَه أخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِرٍ؛ لأنَّه حكيمٌ، على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
فحِكمتُه تَقْتَضِي أنْ لا يُهْمِلَ الكاذبَ عليه، الذي يَزعُمُ أنَّ اللَّهَ أباحَ له دِماءَ مَن خالَفَه وأموالَهم، وأنَّه هو وأَتباعُه لهم النَّجاةُ، ومَن خالَفَه فله الهَلاَكُ.
فإذَا كانَ اللَّهُ قد أَيَّدَ رسولَه بالْمُعْجِزاتِ وبَرْهَنَ على صِدْقِ ما جاءَ به بالآياتِ البَيِّنَاتِ، ونَصَرَه على أعدائِه ومَكَّنَه مِن نَوَاصِيهِم فهو أَكْبَرُ شَهَادَةٍ منه على رِسالتِه. قاله الأشقر.


تفسير قوله تعالى: (فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) )

-معنى الآية: {فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} أي: فما يقدر أحدٌ منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئًا من ذلك ،
فلو أَهْلَكَه ما امْتَنَعَ هو بنفْسِه، ولا قَدَرَ أحَدٌ أنْ يَمْنَعَه مِن عذابِ اللَّه، فكيف يَتَكَلَّفُ الكذِبَ على اللهِ لأَجْلِكم؟
وهذا مجموع ماقاله ابن كثير والسعدي والأشقر.

-ما تقتضيه الآية من معنى:
والمعنى في هذا بل هو صادقٌ بارٌّ راشدٌ؛ لأنّ اللّه، عزّ وجلّ، مقرّرٌ له ما يبلّغه عنه، ومؤيّدٌ له بالمعجزات الباهرات والدّلالات القاطعات.
قاله ابن كثير.

-المسائل العقدية:
إثبات قدرة الله الواسعة.
إثبات صدق الرسالة المحمدية.

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) )

-مرجع الضمير في قوله :(وإنه لتذكرة): ك س ش
يرجع إلى القرآن الكريم كما قال: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} [فصّلت: 44].
وهذا ماقاله ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى كون القرآن تذكرة للمتقين س
{لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} يَتذَكَّرُونَ به مَصالِحَ دِينِهم ودُنياهم، فيَعْرِفُونها ويَعْمَلُونَ عليها، يُذَكِّرُهم العقائدَ الدينيَّةَ والأخلاقَ الْمَرْضِيَّةَ، والأحكامَ الشرعيَّةَ فيَكُونونَ مِن العُلماءِ الرَّبَّانِيِّينَ والعُبَّادِ العارفِينَ والأئمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ.
قاله السعدي.

-الحكمة في اختصاص المتقين بالتذكرة ش
لأنهم الْمُنتفعونَ بالقرآن الكريم وما به من المواعظ. قاله الأشقر.



تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) )

-مرجع الضمير في قوله {وإنا} س ش
إلى الله سبحانه وتعالى. وهذا حاصل كلام السعدي والأشقر.

-مرجع الضمير في قوله :(منكم) :
أمة محمد ، أي أننا بعثنا إليكم رسول الله بهذا القرآن مع علمنا بوجود مكذبين منكم.

-معنى {من} ش
من هنا للتبعيض أيْ: أنَّ بَعْضَكُم يُكَذِّبُ بالقُرآنِ فنحنُ نُجازِيهم على ذلك.
قاله الأشقر.

-متعلق التكذيب ك س ش
العقوبة والمجازاة على هذا التكذيب. ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-دلالة الآية على مجازاة المكذبين س ش
{وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} به، وهذا فيه تَهديدٌ ووَعِيدٌ للمُكَذِّبِينَ، فإِنَّه سيُعَاقِبُهم على تَكذيبِهم بالعُقوبةِ البَليغةِ. ذكره السعدي والأشقر.



تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) )

- مرجع الضمير ك س ش
القول الأول: قال ابن جريرٍ: وإنّ التّكذيب لحسرةٌ على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله. ذكره ابن كثير.
أي وإن التكذيب بالقرآن لحسرة على الكافرين يوم القيامه .وبه قال السعدي والأشقر.
القول الثاني:على القرآن، أي: وإنّ القرآن والإيمان به لحسرةٌ في نفس الأمر على الكافرين، كما قال: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} [الشّعراء: 200، 201]، وقال تعالى: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] ولهذا قال ها هنا: {وإنّه لحقّ اليقين}, ذكره ابن كثير.

- معنى الحسرة ك ش
وروى ابن أبي حاتمٍ، من طريق السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: {وإنّه لحسرةٌ على الكافرين} يقول: لندامةٌ. وذكره ابن كثير.

- كيف يكون القرآن حسرة على الكافرين؟ س
فإنهم لَمَّا كَفَروا به ورَأَوْا ما وَعَدَهم به، تَحَسَّروا؛ إذ لم يَهْتَدُوا به ولم يَنقادُوا لأَمْرِه، ففَاتَهم الثوابُ وحَصَلُوا على أشَدِّ العذابِ، وتَقطَّعَتْ بهم الأسبابُ. هذا مالقاله السعدي.

-متى يتحسر الكافر؟ ك س ش
يوم القيامة حينما يرون ما أعد لهم من العذاب . وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) )

- مرجع الضمير في قوله تعالى: {وإنه} ك س ش
إلى القرآن الكريم كما هو السياق .

-معنى اليقين س
هو العلْمُ الثابتُ، الذي لا يَتَزَلْزَلُ ولا يَزولُ. وهذا ماقاله السعدي.

- بيان أنّ اليقين أعلى مراتب العلم س
أعلى مَراتِبِ العلْمِ اليَقينُ، وهو العلْمُ الثابتُ، الذي لا يَتَزَلْزَلُ ولا يَزولُ. قاله السعدي.

- معنى {حقّ اليقين}. ك س ش
أي: الخبر الصّدق الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ ولا ريب , ولا يتزلزل ولا يزول. وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.

-مراتب اليقين س
واليَقِينُ مَراتِبُه ثلاثةٌ، كلُّ واحدةٍ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَها:
أوَّلُها: عِلْمُ اليَقينِ، وهو العلْمُ الْمُستفادُ مِن الخَبَرِ.
ثانيها: عَيْنُ اليَقينِ، وهو العلْمُ المُدْرَكُ بحاسَّةِ البصَرِ.
ثالثها:حَقُّ اليَقِينِ، وهو العِلْمُ الْمُدْرَكُ بحاسَّةِ الذَّوْقِ والْمُباشَرَةِ.
قاله السعدي.

- سبب وصف القرآن بأنه حق اليقين ك س ش
لأنه من عند الله ولما فيه مِن العلومِ الْمُؤَيَّدَةِ بالبراهينِ القَطعيَّةِ، وما فيه مِن الحقائقِ والمعارِفِ الإيمانيَّةِ يَحْصُلُ به -لِمَن ذَاقَه- حَقُّ اليَقينِ.
حاصل ماقاله السعدي .


تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}
- لمن الخطاب في الآية؟
للرسول صلى الله عليه وسلم .

-معنى التسبيح في الآية س ش:
نَزِّهْهُ عمَّا لا يَلِيقُ بجَلالِه, وقَدِّسْهُ بذِكْرِ أوصافِ جَلالِه وجَمالِه وكَمالِه , وهو الذكر المعروف . حاصل قول السعدي والأشقر.

- مناسبة الأمر بالتسبيح:
لما ذكر الله حال المكذبين بكتابه ورسوله ناسب أن يختم السورة بتسبيح الله وتنزيهه عن النقائص .

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24 ربيع الثاني 1436هـ/13-02-2015م, 03:45 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تماضر مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}

تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) )


المقسم به : (فلا أقسم بما تبصرون ومالا تبصرون) ك س ش
أَقْسَمَ تعالى بما يُبْصِرُ الخَلْقُ مِن جَميعِ الأشياءِ من آياته في مخلوقاته الدّالّة على كماله في أسمائه وصفاته، وما لا يُبْصِرُونَه مما غاب عنهم ممّا لا يشاهدونه من المغيّبات ، فدَخَلَ في ذلكَ كلُّ الخَلْقِ، بل يَدخُلُ في ذلكَ نفْسُه الْمُقَدَّسَةُ.
وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى :(إنه لقول رسول أمين)
-مرجع الضمير في قوله :(إنه لقول رسول ) ش
أي القرآن الكريم.

-من المراد بالرسول الأمين : ك س ش
-محمد صلى الله عليه وسلم فيكون المعنى : ١-إنَّ القرآنَ لَتِلاوةُ رسولٍ كريمٍ، والمرادُ محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ. قاله الأشقر.
٢-أو أضافه إليه على معنى التّبليغ؛ لأنّ الرّسول من شأنه أن يبلّغ عن المرسل؛ ولهذا أضافه في سورة التّكوير إلى الرّسول الملكيّ: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ ذي قوّةٍ عند ذي العرش مكينٍ مطاعٍ ثمّ أمينٍ} وهذا جبريل، عليه السّلام
فمرة أضافه إلى الرسول الملكي ومرة أضافه إلى الرسول البشريّ؛ لأنّ كلًّا منهما مبلّغٌ عن اللّه ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه؛ ولهذا قال: {تنزيلٌ من ربّ العالمين}. وهذا مجموع ماقاله ابن كثير والسعدي.
- أو: إنه لقولٌ يُبَلِّغُه رسولٌ كريمٌ. يُريدُ به جِبريلَ. قاله الأشقر والأول أوجه لقوله بعدها :(وما هو بقول شاعر )والله أعلم.
وجميع المعاني تحمل معنى التبليغ
ولو فصلت المسألة على مسألتين:
1- المراد بالرسول الأمين
2- معنى كون القرآن قول الرسول

-المقسم عليه : (إنه لقول رسول أمين) :
إنّ القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله، الّذي اصطفاه لتبليغ الرّسالة وأداء الأمانة.
وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي .

-الحكمة من القسم:
لتعظيم شأن القرآن وبيان صدق مبلغه وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأن القرآن منزل من عند الله وكل مافيه حق.

-من أسباب إيمان عمر بن الخطاب: هذه مسألة استطرادية تفصل آخر الملخص
مارواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطّاب قال : خرجت أتعرّض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقّة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا واللّه شاعرٌ كما قالت قريشٌ. قال: فقرأ: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ (40) وما هو بقول شاعرٍ قليلا ما تؤمنون} قال: فقلت: كاهنٌ. قال فقرأ: {ولا بقول كاهنٍ قليلا ما تذكّرون (42) تنزيلٌ من ربّ العالمين (43) ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثمّ لقطعنا منه الوتين (46) فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} إلى آخر السّورة. قال: فوقع الإسلام في قلبي كلّ موقعٍ.
فهذا من جملة الأسباب الّتي جعلها اللّه تعالى مؤثّرةً في هداية عمر بن الخطّاب، كما أوردنا كيفيّة إسلامه في سيرته المفردة، وللّه الحمد. ذكره ابن كثير.



تفسير قوله تعالى: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) )
-مرجع الضمير في قوله:(وما هو بقول شاعر)
إلى القرآن الكريم كما هو السياق.
-معنى الآية: س ش
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}أي القرآن بقول شاعر كما تَزعمونَ؛ لأنه ﷺ ليس مِن أصنافِ الشعْرِ.
{قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} أيْ: إِيماناً قَليلاً تُؤمنونَ، وتَصديقاً يَسيراً تُصَدِّقونَ. فنَزَّهَ اللَّهُ رَسولَه عمَّا رَماهُ به أَعداؤُه مِن أنَّه شاعرٌ.
وهذا حاصل قول السعدي والأشقر.

تفسير قوله تعالى: (وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) )
معنى قوله تعالى : {وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ}: س ش
أي ليس ما نزل من القرآن قول كاهن كما تَزعمونَ، فإنَّ الكهانةَ أمْرٌ آخَرُ لا جامعَ بينَها وبينَ هذا، فنَزَّهَ اللَّهُ رَسولَه عمَّا رَماهُ به أَعداؤُه مِن أنَّه شاعرٌ أو ساحِرٌ.
وهذا ماقاله السعدي والأشقر.
-ما السبب الذي حمل الكفار لتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه بالشعر والكهانة: س
حَمَلَهم على ذلكَ عدَمُ إِيمانِهم وتَذَكُّرِهم فقال تعالى {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} أيْ: تَذَكُّراً قَليلاً تَتذَكَّرونَ. قاله السعدي.
قد فصل السعدي في هذه المسألة وبين كيف يكون الإيمان والتذكر باعثان على التبصر بالحق


تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) )
-معنى الآية: س ش
عندنا مسألة: المقصود بالتنزيل
مازال الحديث والسياق يتحدث عن القرآن الكريم وأنه تنزيل من رب العالمين على لسان نبيه ﷺ ، فلو آمَن الكفار وتَذَكَّرُوا لعَلِموا ما يَنفَعُهم ويَضُرُّهم، ومِن ذلكَ أنْ يَنظُروا في حالِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، ويَرْمُقوا أَوصافَه وأخلاقَه, لَرَأَوْا أمراً مِثلَ الشمْسِ، يَدُلُّهم على أنَّه رَسولُ اللَّهِ حَقًّا، وأَنَّ ما جاءَ به تَنْزيلُ رَبِّ العالَمِينَ، لا يَلِيقُ أنْ يَكُونَ قولَ البشَرِ، بل هو كلامٌ دالٌّ على عَظمةِ مَن تَكَلَّمَ به أَوصافه، وكمالِ تَربِيَتِه لعِبادِه، وعُلُوِّه فوقَ عِبادِه.وهذا مجموع قولي السعدي والأشقر .
وهذا الكلام هو تفصيل للمسألة التي ذكرتها لك: كيف يكون الإيمان والتذكر باعثان على التبصر بالحق، فيفضل الإشارة إلى المسألة.


قوله تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) )
-من المراد بقوله :{ولو تقوّل علينا}: ك ش
أي: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ، أو جِبريلُ كما تقدم والأصح أنه محمد ﷺ.
وهذا ما قاله ابن كثير والأشقر.

معنى {تقوّل}

-معنى الآية: ك س ش
أي لو كان كما يزعم الكفار مفتريًا علينا، فزاد في الرّسالة أو نقص منها، أو قال شيئًا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة. ولهذا قال {لأخذنا منه باليمين}
فإنَّ هذا ظَنٌّ منه بما لا يَلِيقُ باللَّهِ وحِكمتِه.
وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
ليس هذا معنى الآية أختي الغالية بل هو معناها مع الآيات الثلاثة بعدها لذلك يفضل في استخلاص مسائل هذه الآيات أن تضم كل مجموعة من الآيات المتشابهة نظرا لاتصال المسائل في أكثر من آية



تفسير قوله تعالى: (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) )
-مرجع الضمير في قوله :{لأخذنا منه }: عندنا ضميران: نا الفاعلين{نا} والهاء في {منه} فالأول يرجع إلى الله عز وجل، والثاني يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
إلى النبي ﷺ كما هو السياق.
-معنى الآية: ك ش
معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنّها أشدّ في البطش، وقيل: لأخذنا منه بيمينه. ذكره ابن كثير والأشقر



تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) )

-معنى الوتين في قوله :{ثمّ لقطعنا منه الوتين}: ك س ش
قال ابن عبّاسٍ: وهو نياط القلب، وهو العرق الّذي القلب معلّقٌ فيه. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحكم، وقتادة، والضّحّاك، ومسلمٌ البطين، وأبو صخرٍ حميد بن زيادٍ.
وقال محمّد بن كعبٍ: هو القلب ومراقّه وما يليه. ذكره ابن كثير.
فالوَتينُ عِرْقٌ يَجرِي في الظهْرِ حتى يَتَّصِلَ بالقلْبِإذا انقَطَعَ ماتَ منه الإنسانُ.
وهو تَصويرٌ لإهلاكِه بأَفْظَعِ ما يَفعلُه الْمُلوكُ بِمَن يَغْضَبونَ عليه. وهذا مجموع ماقاله السعدي والأشقر.

-معنى الآية {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}: ليس هذا معنى الآية بل نقول: دلالة الآية على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه
أي أنه لو قُدِّرَ أنَّ الرسولَ ﷺ - حَاشَا وكلاَّ - تَقَوَّلَ على اللَّهِ لعَاجَلَه بالعُقوبةِ، وأَخَذَه أخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِرٍ؛ لأنَّه حكيمٌ، على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
فحِكمتُه تَقْتَضِي أنْ لا يُهْمِلَ الكاذبَ عليه، الذي يَزعُمُ أنَّ اللَّهَ أباحَ له دِماءَ مَن خالَفَه وأموالَهم، وأنَّه هو وأَتباعُه لهم النَّجاةُ، ومَن خالَفَه فله الهَلاَكُ.
فإذَا كانَ اللَّهُ قد أَيَّدَ رسولَه بالْمُعْجِزاتِ وبَرْهَنَ على صِدْقِ ما جاءَ به بالآياتِ البَيِّنَاتِ، ونَصَرَه على أعدائِه ومَكَّنَه مِن نَوَاصِيهِم فهو أَكْبَرُ شَهَادَةٍ منه على رِسالتِه. قاله الأشقر.


تفسير قوله تعالى: (فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) )

-معنى الآية: {فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} أي: فما يقدر أحدٌ منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئًا من ذلك ،
فلو أَهْلَكَه ما امْتَنَعَ هو بنفْسِه، ولا قَدَرَ أحَدٌ أنْ يَمْنَعَه مِن عذابِ اللَّه، فكيف يَتَكَلَّفُ الكذِبَ على اللهِ لأَجْلِكم؟
وهذا مجموع ماقاله ابن كثير والسعدي والأشقر.

-ما تقتضيه الآية من معنى:
والمعنى في هذا بل هو صادقٌ بارٌّ راشدٌ؛ لأنّ اللّه، عزّ وجلّ، مقرّرٌ له ما يبلّغه عنه، ومؤيّدٌ له بالمعجزات الباهرات والدّلالات القاطعات.
قاله ابن كثير.

-المسائل العقدية:
إثبات قدرة الله الواسعة.
إثبات صدق الرسالة المحمدية.

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) )

-مرجع الضمير في قوله :(وإنه لتذكرة): ك س ش
يرجع إلى القرآن الكريم كما قال: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} [فصّلت: 44].
وهذا ماقاله ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى كون القرآن تذكرة للمتقين س
{لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} يَتذَكَّرُونَ به مَصالِحَ دِينِهم ودُنياهم، فيَعْرِفُونها ويَعْمَلُونَ عليها، يُذَكِّرُهم العقائدَ الدينيَّةَ والأخلاقَ الْمَرْضِيَّةَ، والأحكامَ الشرعيَّةَ فيَكُونونَ مِن العُلماءِ الرَّبَّانِيِّينَ والعُبَّادِ العارفِينَ والأئمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ.
قاله السعدي.

-الحكمة في اختصاص المتقين بالتذكرة ش
لأنهم الْمُنتفعونَ بالقرآن الكريم وما به من المواعظ. قاله الأشقر.



تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) )

-مرجع الضمير في قوله {وإنا} س ش
إلى الله سبحانه وتعالى. وهذا حاصل كلام السعدي والأشقر.

-مرجع الضمير في قوله :(منكم) :
أمة محمد ، أي أننا بعثنا إليكم رسول الله بهذا القرآن مع علمنا بأنه سيكون بوجود مكذبين منكم .

-معنى {من} ش
من هنا للتبعيض أيْ: أنَّ بَعْضَكُم يُكَذِّبُ بالقُرآنِ فنحنُ نُجازِيهم على ذلك.
قاله الأشقر.

-متعلق التكذيب ك س ش
العقوبة والمجازاة على هذا التكذيب. ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر. متعلق التكذيب هو القرآن، أي أنهم يكذبون بالقرآن.

-دلالة الآية على مجازاة المكذبين س ش
{وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} به، وهذا فيه تَهديدٌ ووَعِيدٌ للمُكَذِّبِينَ، فإِنَّه سيُعَاقِبُهم على تَكذيبِهم بالعُقوبةِ البَليغةِ. ذكره السعدي والأشقر.



تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) )

- مرجع الضمير ك س ش
القول الأول: قال ابن جريرٍ: وإنّ التّكذيب لحسرةٌ على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله. ذكره ابن كثير.
أي وإن التكذيب بالقرآن لحسرة على الكافرين يوم القيامه .وبه قال السعدي والأشقر.
القول الثاني:على القرآن، أي: وإنّ القرآن والإيمان به لحسرةٌ في نفس الأمر على الكافرين، كما قال: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} [الشّعراء: 200، 201]، وقال تعالى: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] ولهذا قال ها هنا: {وإنّه لحقّ اليقين}, ذكره ابن كثير.

- معنى الحسرة ك ش
وروى ابن أبي حاتمٍ، من طريق السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: {وإنّه لحسرةٌ على الكافرين} يقول: لندامةٌ. وذكره ابن كثير.

- كيف يكون القرآن حسرة على الكافرين؟ س
فإنهم لَمَّا كَفَروا به ورَأَوْا ما وَعَدَهم به، تَحَسَّروا؛ إذ لم يَهْتَدُوا به ولم يَنقادُوا لأَمْرِه، ففَاتَهم الثوابُ وحَصَلُوا على أشَدِّ العذابِ، وتَقطَّعَتْ بهم الأسبابُ. هذا مالقاله السعدي.

-متى يتحسر الكافر؟ ك س ش
يوم القيامة حينما يرون ما أعد لهم من العذاب . وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) )

- مرجع الضمير في قوله تعالى: {وإنه} ك س ش
إلى القرآن الكريم كما هو السياق .

-معنى اليقين س
هو العلْمُ الثابتُ، الذي لا يَتَزَلْزَلُ ولا يَزولُ. وهذا ماقاله السعدي.

- بيان أنّ اليقين أعلى مراتب العلم س
أعلى مَراتِبِ العلْمِ اليَقينُ، وهو العلْمُ الثابتُ، الذي لا يَتَزَلْزَلُ ولا يَزولُ. قاله السعدي.

- معنى {حقّ اليقين}. ك س ش
أي: الخبر الصّدق الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ ولا ريب , ولا يتزلزل ولا يزول. وهذا حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.

-مراتب اليقين س
واليَقِينُ مَراتِبُه ثلاثةٌ، كلُّ واحدةٍ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَها:
أوَّلُها: عِلْمُ اليَقينِ، وهو العلْمُ الْمُستفادُ مِن الخَبَرِ.
ثانيها: عَيْنُ اليَقينِ، وهو العلْمُ المُدْرَكُ بحاسَّةِ البصَرِ.
ثالثها:حَقُّ اليَقِينِ، وهو العِلْمُ الْمُدْرَكُ بحاسَّةِ الذَّوْقِ والْمُباشَرَةِ.
قاله السعدي.

- سبب وصف القرآن بأنه حق اليقين ك س ش
لأنه من عند الله ولما فيه مِن العلومِ الْمُؤَيَّدَةِ بالبراهينِ القَطعيَّةِ، وما فيه مِن الحقائقِ والمعارِفِ الإيمانيَّةِ يَحْصُلُ به -لِمَن ذَاقَه- حَقُّ اليَقينِ.
حاصل ماقاله السعدي .


تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}
- لمن الخطاب في الآية؟
للرسول صلى الله عليه وسلم .

-معنى التسبيح في الآية س ش:
نَزِّهْهُ عمَّا لا يَلِيقُ بجَلالِه, وقَدِّسْهُ بذِكْرِ أوصافِ جَلالِه وجَمالِه وكَمالِه , وهو الذكر المعروف . حاصل قول السعدي والأشقر.

- مناسبة الأمر بالتسبيح:
لما ذكر الله حال المكذبين بكتابه ورسوله ناسب أن يختم السورة بتسبيح الله وتنزيهه عن النقائص .
أحسنت بارك الله فيك وزادك علما وفهما

التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 2830
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 20/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 19/20
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 15/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 99/100

وفقك الله

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 22 ربيع الثاني 1436هـ/11-02-2015م, 01:57 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي تفسير سورة الجن من 11 إلى 18

تفسير سورة الجن [ من الآية (11) إلى الآية (18) ]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)}


تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) )
-مرجع الضمير في قوله (وأنّا منّا ) : ك ش
إلى الجن. قاله ابن كثير والأشقر.

-المخاطب في الآية : ش
الجن ، أي : قالَ بعضُ الْجِنِّ لبَعْضٍ لَمَّا دَعَوْا أصحابَهم إلى الإيمانِ بمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: كُنَّا قَبلَ استماعِ القرآنِ مِنَّا الْمَوْصُوفونَ بالصلاحِ. قاله الأشقر.

-معنى قوله (منا الصالحون ومنا دون ذلك): س ش
({وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}؛ أي:
{منا الصالحون}: قالَ بعضُ الْجِنِّ لبَعْضٍ لَمَّا دَعَوْا أصحابَهم إلى الإيمانِ بمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: كُنَّا قَبلَ استماعِ القرآنِ مِنَّا الْمَوْصُوفونَ بالصلاحِ.
{وِمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أيْ: قومٌ غيرُ ذلكَ.
قيلَ: أَرادَ بالصالحينَ المؤمنينَ، وبِمَنْ هم دُونَ ذلك الكافرينَ والفاسقين الفجار.
وهذا مجموع ما قاله السعدي والأشقر.

-معنى قوله :(طرائق قددًا): ك س ش
طرائق متعدّدةً مختلفةً وآراء متفرّقةً وفِرَقاً مُتَنَوِّعَةً وأهواء متباينة ، كلُّ حزْبٍ لِمَا لَدَيْهِم فَرِحونَ. وهذا مجموع ما قاله ابن كثير والسعدي والأشقر.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ وغير واحدٍ: {كنّا طرائق قددًا} أي: منّا المؤمن ومنّا الكافر.
ذكره ابن كثير.
وقال أحمد بن سليمان النّجاد في أماليه، عن أبي معاوية قال: سمعت الأعمش يقول: تروّح إلينا جنّيٌّ، فقلت له: ما أحبّ الطّعام إليكم؟ فقال الأرز. قال: فأتيناهم به، فجعلت أرى اللّقم ترفع ولا أرى أحدًا. فقلت: فيكم من هذه الأهواء الّتي فينا؟ قال: نعم. قلت: فما الرّافضة فيكم ؟ قال شرّنا.
ذكره ابن كثير
وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العبّاس بن أحمد الدّمشقيّ قال سمعت بعض الجنّ وأنا في منزلٍ لي باللّيل ينشد:
قلوبٌ براها الحبّ حتى تعلّقت = مذاهبها في كلّ غرب وشارق
تهيم بحبّ اللّه، والله ربّها = معلّقةٌ باللّه دون الخلائق. ذكره ابن كثير.
وقالَ سعيدٌ: كانوا مُسلمينَ ويَهوداً ونَصارى ومَجوساً. ذكره الأشقر.


تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) )
-مرجع الضمير في قوله :(وأنّا ظننا):
إلى الجن كما هو السياق.
-معنى الظن في الآية: ك ش
العلم. أي نعلم أنّ قدرة الله حاكمة علينا وأنّا لا نعجزه أبدًا.

-معنى قوله :{ألن نعجز الله في الأرض}: ك
أي: وأَنَّا في وَقْتِنا الآنَ علمنا وتَبَيَّنَ لنا كَمالُ قُدرةِ اللَّهِ وكمالُ عَجْزِنا، وأنَّ نَوَاصِيَنا بِيَدِ اللَّهِ، فلنْ نُعْجِزَه في الأرضِ،ولن نفوته إن اراد بنا أمرًا. مجموع ماقاله ابن كثير والسعدي والأشقر.

-معنى قوله :{ولن نعجزه هربا}: ك س ش
ولو أمعنّا في الهرب وسَعَيْنَا بأَسبابِ الفِرارِ والخروجِ عن قُدرتِه فإنّه علينا قادرٌ لا يعجزه أحدٌ منّا. مجموع ما قاله ابن كثير و السعدي والأشقر.



تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) )
-مرجع الضمير في قوله :{وأنّا لما سمعنا الهدى} :
إلى الجن كما هو السياق.

-نوع الخطاب في الآية :{وأنّا لمّا سمعنا الهدى آمنّا به} : ك
يقولون ذلك يفتخرون بذلك، وهو مفخرٌ لهم، وشرفٌ رفيعٌ وصفةٌ حسنةٌ.

-المراد بالهدى في الآية: س
وهو القرآنُ الكريمُ، الهادِي إلى الصراطِ المُستقيمِ.

-معنى قوله :{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمنا به} أي لما عرفنا القرآن الكريم وعَرَفْنا هِدايتَه وإرشادَه أَثَّرَ في قُلُوبِنا فـ {آمَنَّا بِهِ}.

-المراد بالإيمان في الآية :
التصديق أن القرآن والوحي من عند الله. قاله الأشقر.

-ما الذي رغب الجن في الإيمان بالقرآن : ك س
لأن الإيمان سبب داع إلى حصول كل خير وانتفاء كل شر ، فإن من يؤمن بربه إيمانًا صادقًا لا يخاف نقصًا أو طغيانًا ولا أذى يلحقه.
وهذا مجموع ما قاله ابن كثير والسعدي والأشقر.
-معنى البخس والرهق في الآية: ك س ش
البَخْسُ النُّقصانُ، والرَّهَقُ العُدوانُ والطُّغيانُ.
مجموع قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
قال ابن عبّاسٍ، وقتادة، وغيرهما: فلا يخاف أن ينقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيّئاته، كما قال تعالى: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} [طه: 112] ذكره ابن كثير.


تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) )
-مرجع الضمير في الآية إلى الجن كما هو السياق.

-معنى القاسط في الآية والفرق بينه وبين المقسط: ك س ش
القاسط : الجائر عن الحقّ والصراط المستقيم النّاكب عنه، بخلاف المقسط فإنّه العادل.
وهذا مجموع قول ابن كثير والسعدي والاشقر.

-معنى رشدًا في قوله {فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدًا}: ك س ش
أي: أَصَابُوا طريقَ الحق و الرَّشَدِ، الْمُوَصِّلَ لهم إلى الجَنَّةِ ونَعِيمِها المنجي لأنفسهم من العذاب فاجتهدوا في البحث عنه حتى وفقوا له. وهذا مجموع قول ابن كثير والسعدي والأشقر.


تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) )
-معنى قوله {فكانوا لجهنّم حطبًا}: ك ش
أي: وقودًا للنار تسعّر بهم كما توقد بكفرة الإنس. قاله ابن كثير والأشقر.

-سبب استحقاقهم للعذاب: س
مجازاة لهم على أعمالِهم، لا ظُلْمٌ مِن اللَّهِ لهم.
قاله السعدي.


تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) )
-فيمن نزلت هذه الآية:
وقال مقاتلٌ: فنزلت في كفّار قريشٍ حين منعوا المطر سبع سنين.ذكره ابن كثير.

-مرجع الضمير في قوله :(وأن لو استقاموا):
أنْ لو استقامَ الجنُّ أو الإنسُ من الكفار أو كلاهما. ذكره الأشقر

-المراد بالطريقة في قوله :(على الطريقة):
القول الأول : اي لو استقاموا على طريقة الإسلام وعدلوا إليها واستمرّوا عليها، {لأسقيناهم ماءً غدقًا}.
كقوله تعالى: {ولو أنّهم أقاموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربّهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} [المائدة: 66] وكقوله: {ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السّماء والأرض} [الأعراف: 96].
ذكر من قال بهذا القول: قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وأن لو استقاموا على الطّريقة} يعني بالاستقامة: الطّاعة.
وقال مجاهدٌ: {وأن لو استقاموا على الطّريقة} قال: الإسلام. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، وسعيد بن المسيّب، وعطاءٌ، والسّدّيّ، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ.
وقال قتادة: {وأن لو استقاموا على الطّريقة} يقول: لو آمنوا كلّهم لأوسعنا عليهم من الدّنيا.
وقال مجاهدٌ: {وأن لو استقاموا على الطّريقة} أي: طريقة الحقّ. وكذا قال الضّحّاك، واستشهد على ذلك بالآيتين اللّتين ذكرناهما.
ذكره ابن كثير وقاله السعدي والأشقر.

القول الثاني : طريقة الضلالة.
كما قال: {فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيءٍ حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون} [الأنعام: 44] وكقوله: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} [المؤمنون: 55، 56]
وهذا قول أبي مجلز لاحق بن حميد؛ فإنّه في قوله: {وأن لو استقاموا على الطّريقة} أي: طريقة الضّلالة. رواه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ، وحكاه البغويّ عن الرّبيع بن أنسٍ، وزيد بن أسلم، والكلبي، وابن كيسان. وله اتجاه، وتيأيد بقوله: {لنفتنهم فيه}
ذكره ابن كثير.

-معنى قوله :{لأسقيناهم ماء غدقًا}:
غدقًا : كثيرًا هَنِيئاً مَرِيئاً، ، والمراد سعة الرزق والخير الكثير. ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

-ما سبب امتناع أهل الضلالة عن طريق الحق والاستقامة:
لم يَمْنَعْهُم ذلك إلاَّ ظُلْمُهم وعُدوانُهم. قاله السعدي.

تفسير قوله تعالى: (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) )

- معنى قوله: {لنفتنهم فيه} :
يختلف باختلاف المراد بالطريقة ، فعلى القول الأول : لنختبرهم ونمتحنهم فيما رزقناهم ليظهر الصادق من الكاذب ولنعلم كيف شكرهم على هذه النعم . ذكره ابن كثير وقال به السعدي والأشقر.
كما قال مالكٌ، عن زيد بن أسلم: {لنفتنهم} لنبتليهم، من يستمرّ على الهداية ممّن يرتدّ إلى الغواية؟.
وعلى القول الثاني يكون المعنى:
أي: لأوسعنا عليهم الرّزق استدراجًا، كما قال: {فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيءٍ حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون} [الأنعام: 44] وكقوله: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} [المؤمنون: 55، 56] ذكره ابن كثير.

-معنى قوله: {ومن يعرض عن ذكر ربّه}:
مَن أَعْرَضَ عن ذِكْرِ اللَّهِ، الذي هو كِتابُه فلم يَتَّبِعْه ويَنْقَدْ له، بل غَفَلَ عنه ولَهَى، يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً. قاله السعدي.
-معنى قوله :{يسلكه عذابًا صعدًا}
أي: عذابًا شاقًّا صعبًا شديدًا موجعًا مؤلمًا.
مجموع قول ابن كثير والسعدي والاشقر.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وقتادة، وابن زيدٍ: {عذابًا صعدًا} أي: مشقّةً لا راحة معها.
وعن ابن عبّاسٍ: جبلٌ في جهنّم. وعن سعيد بن جبيرٍ: بئرٌ فيها. ذكره ابن كثير.



تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) )

-سبب نزول الآية :
-قال الأعمش: قالت الجنّ: يا رسول اللّه، ائذن لنا نشهد معك الصّلوات في مسجدك. فأنزل اللّه: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} يقول: صلّوا، لا تخالطوا النّاس.
وقال ابن جريرٍ: عن سعيد بن جبيرٍ،: {وأنّ المساجد للّه} قال: قالت الجنّ لنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناءون [عنك] ؟، وكيف نشهد الصّلاة ونحن ناءون عنك؟ فنزلت: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا}


-معنى :{وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا}:
قال قتادة في قوله: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} قال: كانت اليهود والنّصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم، أشركوا باللّه، فأمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يوحّدوه وحده.
وقال ابن أبي حاتمٍ:-عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} قال: لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجدٌ إلّا المسجد الحرام، ومسجد إيليّا: بيت المقدس.
والمعنى :اعلموا إن المساجد والسجود والعبادة كلها لله فلا تشركوا معه أحدًا.

-الأقوال في معنى المساجد:
-القول الأول: قال سفيان، عن خصيف، عن عكرمة: نزلت في المساجد كلّها. ذكره ابن كثير
القرل الثاني : وقال سعيد بن جبيرٍ. نزلت في أعضاء السّجود، أي: هي للّه فلا تسجدوا بها لغيره. وذكروا عند هذا القول الحديث الصّحيح، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظمٍ: على الجبهة -أشار بيديه إلى أنفه-واليدين والرّكبتين وأطراف القدمين" دكره ابن كثير
القول الثالث: المساجدُ كلُّ البِقاعِ؛ لأن الأرضَ كلَّها مَسْجِدٌ. ذكره الاشقر.



-معنى الدعاء في الآية:
أي لا تعبدوا معه أحدًا : لا تَطْلُبوا العونَ فيما لا يَقْدِرُ عليه إلا اللهُ، مِن أحَدٍ مِن خَلْقِه, كائناً ما كان، فإنَّ الدعاءَ عِبادةٌ ،فلا تدعو غيره لا دُعاءَ عِبادةٍ ولا دُعاءَ مَسألةٍ؛ فإِنَّ المساجِدَ التي هي أعْظَمُ مَحالَّ للعِبادةِ مَبْنِيَّةٌ على الإخلاصِ للهِ والخضوعِ لعَظَمَتِه، والاستكانةِ لعِزَّتِه.
فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً}. مجموع قول ابن كثيير والسعدي والأشقر.


-المسائل العقدية:
توحيد الله طريق كل خير وسعادة.
الدعاء من العبادة فلا يصرف لغير الله.
من طلب العون من غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله فقد أشرك.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 26 شعبان 1436هـ/13-06-2015م, 10:16 PM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي بحث مسألة تفسيرية بعنوان : المراد بأولى العزم من الرسل.

بحث المراد بأولي العزم من الرسل
عناصر البحث:
-معنى أولو العزم:
-ما يتضمنه الآية من معنى لدخول النبي صلى الله عليه تحت هذه الصفة :
-نوع ( من ) في قوله (أولوا العزم من الرسل) :
-من هم أولو العزم ؟
اختلف العلماء في بيان من هم أولوا العزم من الرسل اختلافا كثيرًا , ولبيان خلافهم وأقوالهم نقسم أقوالهم على قسمين :
-من قال بأن من في الآية للتبعيض اختلفوا على قسمين :
· القسم الأول من جعل التعيين بالصفة :
· القسم الثاني من جعل تعيينهم بأسمائهم :
-أما من قال بـأن من لبيان الجنس :
-الترجيح.


-معنى أولو العزم:
وَأولُوا الْعَزْمِ: أَصْحَابُ الْعَزْمِ، أَيِ الْمُتَّصِفُونَ بِهِ. وَالْعَزْمُ: نِيَّةٌ مُحَقَّقَةٌ عَلَى عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ دُونَ تَرَدُّدٍ[1].
قال ابن عبّاس: ذوو الحزم. ضحّاك: ذوو الجدّ والصّبر. القرظي: ذوو الرأي الصواب . ذكره الثعلبي في تفسيره [2]. وقال ابن الجوزي في تفسيره أي ذووا الحَزْم والصَّبْر [3].
-ما يتضمنه الآية من معنى لدخول النبي صلى الله عليه تحت هذه الصفة :
وَهَذِهِ الْآيَةُ اقْتَضَتْ أَن مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ لِأَنَّ تَشْبِيهَ الصَّبْرِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ بِصَبْرِ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِثْلُهُمْ لِأَنَّهُ ممتثل أَمر رَبِّهِ، فَصَبْرُهُ مَثِيلٌ لِصَبْرِهِمْ، وَمَنْ صَبَرَ صَبْرَهُمْ كَانَ مِنْهُمْ لَا مَحَالَةَ , ذكره ابن عاشور في تفسيره [4].
-نوع ( من ) في قوله (أولوا العزم من الرسل) :
القول الأول : أن من تبعيضية .
القول الثاني : أن من لبيان الجنس.
-من هم أولو العزم ؟
اختلف العلماء في بيان من هم أولوا العزم من الرسل اختلافا كثيرًا , ولبيان خلافهم وأقوالهم نقسم أقوالهم على قسمين :
-من قال بأن من في الآية للتبعيض اختلفوا على قسمين :
· القسم الأول من جعل التعيين بالصفة :
القول الأول: أنهم من امتحن في ذات الله في الدنيا بالمحن ولم تزدهم المحن إلا جدًا في أمر الله , كنوح وإبراهيم وموسى ومن أشبههم , قاله ابن جرير رحمه الله[5].
القول الثاني : هم الّذين أمروا بالقتال، فأظهروا المكاشفة، وجاهدوا الكفرة بالبراءة، وجاهدوهم , ذكره الثعلبي عن الكلبي [6] وذكره الماوردي وابن الجوزي عن السدي والكلبي[7].
القول الثالث: أنهم العرب من الأنبياء , ذكره الماوردي وابن الجوزي عن مجاهد والشعبي[8].
القول الرابع: من لم تصبه فتنة من الأنبياء , ذكره الماوردي وابن الجوزي عن الحسن[9].
القول الخامس : من أصابه منهم بلاء بغير ذنب , ذكره الماوردي عن ابن جريج[10] .
القول السادس: أنهم أولوا الصبر الذين صبروا على أذى قومهم فلم يجزعوا , ذكره الماوردي[11].
· القسم الثاني من جعل تعيينهم بأسمائهم :
القول الأول : أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. رواه ابن جرير عن يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنى ثوابة بن مسعود، عن عطاء الخُراساني[12] وذكره عنه ابن عطية [13], وذكره الثعلبي في تفسيره [14] وذكره الماوردي عن ابن عباس ولم يذكر محمد صلى الله عليه وسلم [15] , وقال ابن الجوزي رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، وعطاء الخراساني، وابن السائب[16].
القول الثاني : كلّ الأنبياء (عليهم السّلام) أولوا عزم، إلّا يونس، ألا ترى إنّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم نهى عن أن يكون مثله، لخفّة وعجلة ظهرت منه حين ولّى من قومه مغاضبا. ذكره الثعلبي في تفسيره [17] وقال ابن عطية حكي عن أبي القاسم الحكيم[18].
القول الثالث : هم نجباء الرّسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر، وهو اختيار الحسين بن الفضل، قال: لقوله في عقبه: (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ذكره الثعلبي في تفسيره [19] وذكره عنه ابن عطية [20].
القول الرابع : أُولُوا الْعَزْمِ ستّة: نوح صبر على أذى قومه فكانوا يضربونه حتّى يغشى عليه، وإبراهيم صبر على النّار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف صبر في البئر وفي السجن، وأيّوب صبر على ضرّه , ذكره الثعلبي وابن عطية عن مقاتل[21] .
القول الخامس :هم أربعة: إبراهيم، وموسى، وداود، وعيسى. ذكره الثعلبي عن الحسن البصري[22].
القول السادس : عن أبي العالية في قوله: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، قال: كانوا ثلاثة: نوح، وإبراهيم، وهود، ومحمّد رابعهم، أمر أن يصبر كما صبروا, ذكره الثعلبي[23] والماوردي [24] وابن الجوزي [25].
القول السابع : أنهم إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ,وذكره الماوردي وابن الجوزي عن السدي [26].
القول الثامن : أن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب , وليس منهم يونس ولا سليمان ولا آدم ,ذكره الماوردي وابن الجوزي عن ابن جريج [27].
-أما من قال بـأن من لبيان الجنس :
قالوا بأن المراد بأولي العزم من الرسل كل الرسل , فلم يتخذ الله رسولا إلا كان ذو عزم , وهذا قول ابن زيد رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد [28] وذكره الثعلبي وقال هو اختيار علي بن مهدي الطبري والأنباري وقال به ابن زيد [29] وذكره الماوردي في تفسيره عن ابن زيد [30] وكذلك ابن عطية وقال : قال ابن زيد : . قال: والرسل كلهم أُولُوا الْعَزْمِ، ولكن قوله: كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ يتضمن رسلا وغيرهم، فبين بعد ذلك جنس الرسل خاصة تعظيما لهم، ولتكون القدوة المضروبة لمحمد عليه السلام أشرف, [31] .
الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول من قال بأن أولوا العزم خمسة وهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله [32]:
اختلف العلماء في المراد بأولي العزم من الرسل اختلافًا كثيرًا , وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة وهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
واعلم أن القول بأن المراد بأولي العزم جميع الرسل عليهم السلام , وأن لفظة من في قوله : ( من الرسل ) بيانية يظهر أنه خلاف التحقيق , كما دل على ذلك بعض الآيات القرآنية كقوله تعالى : ( فاصبر لحكم ربك ولاتكن كصاحب الحوت ) الآية .... , فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في آية القلم هذه بالصبر , ونهاه عن أن يكون مثل يونس لأنه هو صاحب الحوت , وكقوله (
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا )
فآية القلم وطه المذكورتان كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بان يصبر كصبرهم ليسوا جميع الرسل , والعلم عند الله .



[1] تفسير ابن عاشور (26 / 67) .

[2] تفسير الثعلبي (9 /24)

[3] زاد المسير (4 /114) .

[4] تفسير ابن عاشور (26 / 67) .

[5] تفسير الطبري (22/ 145)

[6] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[7] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[8] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[9] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[10] تفسير الماوردي (5 / 288).

[11] تفسير الماوردي (5 / 288).

[12] تفسير الطبري (22/ 145)

[13] تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[14] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[15] تفسير الماوردي (5 / 288).

[16] زاد المسير (4 /114) .

[17] تفسير الثعلبي (9 /24)

[18] تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[19] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[20] تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[21] تفسير الثعلبي (9 / 25) , تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[22] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[23] تفسير الثعلبي (9 / 26)

[24] تفسير الماوردي (5 / 288).

[25] زاد المسير (4 / 114) .

[26] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[27] تفسير الماوردي (5 / 288) زاد المسير (4 / 114) .

[28] تفسير الطبري (22/ 145)

[29] تفسير الثعلبي (9 / 24) , زاد المسير (4 / 114) .

[30] تفسير الماوردي (5 / 288).

[31] تفسير ابن عطية (5 / 107) .

[32] أضواء البيان (7 / 241) .

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 15 شوال 1436هـ/31-07-2015م, 06:29 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تماضر مشاهدة المشاركة
بحث المراد بأولي العزم من الرسل
عناصر البحث:
-معنى أولو العزم:
-ما يتضمنه الآية من معنى لدخول النبي صلى الله عليه تحت هذه الصفة :
-نوع ( من ) في قوله (أولوا العزم من الرسل) :
-من هم أولو العزم ؟
اختلف العلماء في بيان من هم أولوا العزم من الرسل اختلافا كثيرًا , ولبيان خلافهم وأقوالهم نقسم أقوالهم على قسمين :
-من قال بأن من في الآية للتبعيض اختلفوا على قسمين :
· القسم الأول من جعل التعيين بالصفة :
· القسم الثاني من جعل تعيينهم بأسمائهم :
-أما من قال بـأن من لبيان الجنس :
-الترجيح.


-معنى أولو العزم:
(يجب أن أقدم للرسالة بمقدمة يسيرة أعرف فيها بموضوعها وأين وردت الآية موضوع البحث وكم رقمها وما هي مناسبتها ونحو ذلك مما يحسن التقديم به، وقد ورد الكلام عن أولي العزم في حديث نبوي فلا يصلح أن أغفل حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المسألة).
وَأولُوا الْعَزْمِ: أَصْحَابُ الْعَزْمِ، أَيِ الْمُتَّصِفُونَ بِهِ. وَالْعَزْمُ: نِيَّةٌ مُحَقَّقَةٌ عَلَى عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ دُونَ تَرَدُّدٍ (يحسن بك التوسع إذا أردت بيان معنى اللفظة لغويا، وألا يكتفى بمرجع واحد، بل طالعي عدة تفاسير)
[1].
قال ابن عبّاس: ذوو الحزم. ضحّاك: ذوو الجدّ والصّبر. القرظي: ذوو الرأي الصواب . ذكره الثعلبي في تفسيره [2]. وقال ابن الجوزي في تفسيره أي ذووا الحَزْم والصَّبْر [3]. (عرضك للأقوال مقتضب جدا حتى أنك تذكرين اسم المفسّر مجردا وبجواره قوله
اقتباس:
ضحّاك: ذوو الجدّ والصّبر. القرظي: ذوو الرأي الصواب
وهذا خطأ، وعلى كلٍ فلا يُحتاج إلى سرد أقوال المفسّرين المتفقة والمتقاربة، بل تلخص في عبارة واحدة جامعة وتنسب إلى مجموع المفسّرين القائلين بها. (يطالع الرابط أدناه))

-ما يتضمنه الآية من معنى لدخول النبي صلى الله عليه تحت هذه الصفة :
(يمكنك الاستغناء عن كثير من هذه العناوين الفرعية، نحتاج فقط إلى تربيط يسير بين الفقرات)
وَهَذِهِ الْآيَةُ اقْتَضَتْ أَن مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ لِأَنَّ تَشْبِيهَ الصَّبْرِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ بِصَبْرِ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِثْلُهُمْ لِأَنَّهُ ممتثل أَمر رَبِّهِ، فَصَبْرُهُ مَثِيلٌ لِصَبْرِهِمْ، وَمَنْ صَبَرَ صَبْرَهُمْ كَانَ مِنْهُمْ لَا مَحَالَةَ , ذكره ابن عاشور في تفسيره [4].

-نوع ( من ) في قوله (أولوا العزم من الرسل) :
القول الأول : أن من تبعيضية .
القول الثاني : أن من لبيان الجنس.
-من هم أولو العزم ؟
اختلف العلماء في بيان من هم أولوا العزم من الرسل اختلافا كثيرًا , ولبيان خلافهم وأقوالهم نقسم أقوالهم على قسمين :
-من قال بأن من في الآية للتبعيض اختلفوا على قسمين :
· القسم الأول من جعل التعيين بالصفة :
القول الأول: أنهم (أي أولو العزم من الرسل) من امتحن في ذات الله في الدنيا بالمحن ولم تزدهم المحن إلا جدًا في أمر الله , كنوح وإبراهيم وموسى ومن أشبههم , قاله ابن جرير رحمه الله[5].
القول الثاني : هم الّذين أمروا بالقتال، فأظهروا المكاشفة، وجاهدوا الكفرة بالبراءة، وجاهدوهم , ذكره الثعلبي عن الكلبي [6] وذكره الماوردي وابن الجوزي عن السدي والكلبي[7].
القول الثالث: أنهم العرب من الأنبياء , ذكره الماوردي وابن الجوزي عن مجاهد والشعبي[8]. ل قول مجاهد والشعبي مذكوران في التفسيرين أم في تفسير ابن الجوزي فقط لأن الإسناد مشكل؟)
القول الرابع: من لم تصبه فتنة من الأنبياء , ذكره الماوردي وابن الجوزي عن الحسن (كذلك)[9].
القول الخامس : من أصابه منهم بلاء بغير ذنب , ذكره الماوردي عن ابن جريج[10] .
القول السادس: أنهم أولوا الصبر الذين صبروا على أذى قومهم فلم يجزعوا , ذكره الماوردي[11].
· القسم الثاني من جعل تعيينهم بأسمائهم :
القول الأول : أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. رواه ابن جرير عن يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنى ثوابة بن مسعود، عن عطاء الخُراساني كتفى بقولنا رواه ابن جرير عن عطاء الخراساني) [12] وذكره عنه ابن عطية [13], وذكره الثعلبي في تفسيره [14] وذكره الماوردي عن ابن عباس ولم يذكر محمدا صلى الله عليه وسلم [15] , وقال ابن الجوزي رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، وعطاء الخراساني، وابن السائب[16]. (هل تحققت من صحة نسبة القول إلى ابن عباس وغيره؟)
القول الثاني : كلّ الأنبياء (عليهم السّلام) أولوا عزم، إلّا يونس، ألا ترى إنّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم نهى عن أن يكون مثله، لخفّة وعجلة ظهرت منه حين ولّى من قومه مغاضبا. ذكره الثعلبي في تفسيره [17] وقال ابن عطية حكي عن أبي القاسم الحكيم[18].
القول الثالث : هم نجباء الرّسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر، وهو اختيار الحسين بن الفضل، قال: لقوله في عقبه: (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ذكره الثعلبي في تفسيره [19] وذكره عنه ابن عطية [20].
القول الرابع : أُولُوا الْعَزْمِ ستّة: نوح صبر على أذى قومه فكانوا يضربونه حتّى يغشى عليه، وإبراهيم صبر على النّار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف صبر في البئر وفي السجن، وأيّوب صبر على ضرّه , ذكره الثعلبي وابن عطية عن مقاتل[21] .
القول الخامس :هم أربعة: إبراهيم، وموسى، وداود، وعيسى. ذكره الثعلبي عن الحسن البصري[22].
القول السادس : عن أبي العالية في قوله: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، قال: كانوا ثلاثة: نوح، وإبراهيم، وهود، ومحمّد رابعهم، أمر أن يصبر كما صبروا, ذكره الثعلبي[23] والماوردي [24] وابن الجوزي [25].
القول السابع : أنهم إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ,وذكره الماوردي وابن الجوزي عن السدي [26].
القول الثامن : أن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب , وليس منهم يونس ولا سليمان ولا آدم ,ذكره الماوردي وابن الجوزي عن ابن جريج [27].
-أما من قال بـأن من لبيان الجنس :
قالوا بأن المراد بأولي العزم من الرسل كل الرسل , فلم يتخذ الله رسولا إلا كان ذو (ذي) عزم , وهذا قول ابن زيد رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد [28] وذكره الثعلبي وقال هو اختيار علي بن مهدي الطبري والأنباري وقال به ابن زيد [29] وذكره الماوردي في تفسيره عن ابن زيد [30] وكذلك ابن عطية وقال : قال ابن زيد : . قال: والرسل كلهم أُولُوا الْعَزْمِ، ولكن قوله: كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ يتضمن رسلا وغيرهم، فبين بعد ذلك جنس الرسل خاصة تعظيما لهم، ولتكون القدوة المضروبة لمحمد عليه السلام أشرف, [31] .
الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول من قال بأن أولوا العزم خمسة وهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله [32]:
اختلف العلماء في المراد بأولي العزم من الرسل اختلافًا كثيرًا , وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة وهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام. (اذكري الآيات التي استدل بها على هذا القول)
واعلم أن القول بأن المراد بأولي العزم جميع الرسل عليهم السلام , وأن لفظة من في قوله : ( من الرسل ) بيانية يظهر أنه خلاف التحقيق , كما دل على ذلك بعض الآيات القرآنية كقوله تعالى : ( فاصبر لحكم ربك ولاتكن كصاحب الحوت ) الآية .... , فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في آية القلم هذه بالصبر , ونهاه عن أن يكون مثل يونس لأنه هو صاحب الحوت , وكقوله (
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا )
فآية القلم وطه المذكورتان كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بان يصبر كصبرهم ليسوا جميع الرسل , والعلم عند الله .



[1] تفسير ابن عاشور (26 / 67) .

[2] تفسير الثعلبي (9 /24)

[3] زاد المسير (4 /114) .

[4] تفسير ابن عاشور (26 / 67) .

[5] تفسير الطبري (22/ 145)

[6] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[7] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[8] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[9] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[10] تفسير الماوردي (5 / 288).

[11] تفسير الماوردي (5 / 288).

[12] تفسير الطبري (22/ 145)

[13] تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[14] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[15] تفسير الماوردي (5 / 288).

[16] زاد المسير (4 /114) .

[17] تفسير الثعلبي (9 /24)

[18] تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[19] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[20] تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[21] تفسير الثعلبي (9 / 25) , تفسير ابن عطية ( 5 / 107) .

[22] تفسير الثعلبي (9 / 25)

[23] تفسير الثعلبي (9 / 26)

[24] تفسير الماوردي (5 / 288).

[25] زاد المسير (4 / 114) .

[26] تفسير الماوردي (5 / 288) , زاد المسير (4 / 114) .

[27] تفسير الماوردي (5 / 288) زاد المسير (4 / 114) .

[28] تفسير الطبري (22/ 145)

[29] تفسير الثعلبي (9 / 24) , زاد المسير (4 / 114) .

[30] تفسير الماوردي (5 / 288).

[31] تفسير ابن عطية (5 / 107) .

[32] أضواء البيان (7 / 241) .

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وتحريرك للأقوال جيد، لكن يلاحظ الاختصار في كتابة الرسالة حتى أتت شبيهة بالملخص، ولو استفضت قليلا في الكلام وأضفت بعض الفوائد المتعلقة بالمسألة لزادت الفائدة من البحث كثيرا إن شاء الله.
ولابد كذلك من التحقق من صحة نسبة القول إلى من نسب إليه من السلف من المفسرين وذلك في كتب التفسير الأصيلة أو البديلة.
وبتعديل هذه الملحوظات يتم لك البحث إن شاء الله.
وينظر هنا ولبقية المواضيع المتعلقة به للفائدة، كما أنه يتوجب على كل طالب المشاركة فيها.
وفقك الله.
http://www.afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=29520

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 9 محرم 1436هـ/1-11-2014م, 01:13 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي تعديل تلخيص سورة النبأ -1,5-

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك أختي
اشتمل التلخيص على كثير من المسائل التي وردت في الآيات
غير أنها متداخلة وغير مرتبة
يجب أن نركز كثيرا أولا في استخلاص المسائل وحسن تسميتها ثم ترتيبها على علوم الآية، فيكون عندنا مسائل تفسيرية، لغوية، عقدية ...
وحتى نتقن استخلاص المسائل الواردة في الآية نقف جيدا مع الآية ونتأمل ألفاظها وتراكيبها وكلام المفسرين فيها
إليك نموذج للمسائل التي وردت في هذا الدرس:
سبب نزول الآيات:
المسائل التفسيرية:
معنى الاستفهام
مرجع الضمير في {يتساءلون}
الغرض من التساؤل
معنى النبأ العظيم
الأقوال في المراد بالنبأ العظيم
معنى الاختلاف في النبأ العظيم
معنى {كلا}
مفعول {سيعلمون}
فائدة التكرار في قوله تعالى: {كلا سيعلمون}

المسائل العقدية:
الإيمان بالبعث
الإيمان بالرسل
الإيمان بالقرآن

هذه المسائل كما ذكرت تظهر لك بتأمل ألفاظ الآية وتراكيبها وكلام المفسرين فيها، فالأمر يسير إن شاء الله
درجة الملخص: 2,5/4
ولك أن تعيديه وفقا للترتيب الذي اتفقنا عليه حتى تحوزي الدرجة كاملة إن شاء الله، والأهم أن تكوني أديت الطريقة الصحيحة
أرجو أن يفيدك هذا الموضوع:
مثبــت: فوائد وتنبيهات في طريقة تلخيص دروس التفسير
وفقك الله



اسم السورة , ومكان نزولها:
تفسير سورة النّبأ , وقيل: سورة عمّ. وهي مكّيّةٌ

تفسير قوله: (عمّ يتسائلون) :
سبب نزول (عم يتسائلون) : -ش -
(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ):لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ والبَعثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَلا عَلَيْهِم الْقُرْآنَ - جَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ، يَقُولُونَ: مَاذَا حَصَلَ لِمُحَمَّدٍ؟ وَمَا الَّذِي أَتَى بِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.

المسائل التفسيرية:

-معنى الاستفهام في قوله (عمّ يتسائلون) : -ك , س , ش -
عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ ثمَّ بَيَّنَ ما يتساءلونَ عنهُ بِقَوْلِهِ:(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ).

-مرجع الضمير في {يتساءلون}:
عن أي شيء يتسائل المكذبون بآيات الله , فالضمير عائد إلى المشركين.

-معنى النبأ العظيم , والأقوال الواردة فيه:

القول الأول: قال ابن كثير : عن أيّ شيءٍ يتساءلون؟ عن أمر القيامة، وهو النّبأ العظيم. يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر, وقال به ابن سعدي رحمه الله .
قال قتادة وابن زيدٍ: النّبأ العظيم: البعث بعد الموت
.القول الثاني: وقال مجاهدٌ: هو القرآن ووافقه الأشقر فقال : هُوَ الْخَبَرُ الهائِلُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ؛ لأَنَّهُ يُنْبِئُ عَن التَّوْحِيدِ، وَتَصْدِيقِ الرَّسُولِ، وَوُقُوعِ الْبَعْثِ والنُّشورِ.

. والأظهر الأوّل؛ لقوله:(الّذي هم فيه مختلفون) يعني: النّاس فيه على قولين؛ مؤمنٌ به وكافرٌ, وقال بعدها :( كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) أي: سيعلمونَ إذا نزلَ بهمُ العذابُ ما كانوا بهِ يكذبونَ، حين يُدَعُّون إلى نارِ جهنمَ دعّاً، ويقالُ لهمْ:(هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ).
وفسر الأشقر الآيات التالية حسب قوله الأول في تفسير (النبأ العظيم) فقال:
(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ؛ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ سِحْراً، وَبَعْضُهُمْ شِعْراً، وَبَعْضُهُمْ كَهَانَةً، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: هُوَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ.

المسائل العقدية :
وجوب الإيمان بالبعث لما ورد في الآية من وعيد لمن أنكره على قول من قال بأن المراد بالنبأ العظيم البعث.
وجوب الإيمان بالقرآن لما ورد في الآية (الذي هم فيه مختلفون) على من قال بأن المراد بالنبأ العظيم القرآن.

معنى {كلا}:
هذه كلمة تقال للردع والزجر، يعني: ليس الأمر كما يقولون.

معنى سيعلمون وذكر مفعوله:
(كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون) أَيْ: لا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفُوا –وهم الكفار به- فِي شأنِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ حَقٌّ، وَلِذَا سَيَعْلَمُ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِهِ عَاقِبَةَ تَكْذِيبِهِمْ.

-سبب تكرار (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ): -ش-
(كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ):رَدْعٌ لَهُمْ وَزَجْرٌ، ثُمَّ كَرَّرَ الرَّدْعَ وَالزَّجْرَ، فَقَالَ: (ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) لِلْمُبَالَغَةِ فِي التأكيدِ والتشديدِ فِي الوعيدِ.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 25 محرم 1436هـ/17-11-2014م, 06:08 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تماضر مشاهدة المشاركة
اسم السورة , ومكان نزولها:
تفسير سورة النّبأ , وقيل: سورة عمّ. وهي مكّيّةٌ

تفسير قوله: (عمّ يتسائلون) :
سبب نزول (عم يتسائلون) : -ش -
(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ):لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ والبَعثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَلا عَلَيْهِم الْقُرْآنَ - جَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ، يَقُولُونَ: مَاذَا حَصَلَ لِمُحَمَّدٍ؟ وَمَا الَّذِي أَتَى بِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.

المسائل التفسيرية:

-معنى الاستفهام في قوله (عمّ يتسائلون) : -ك , س , ش -
عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ ثمَّ بَيَّنَ ما يتساءلونَ عنهُ بِقَوْلِهِ:(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ).

-مرجع الضمير في {يتساءلون}:
عن أي شيء يتسائل المكذبون بآيات الله , فالضمير عائد إلى المشركين.

-معنى النبأ العظيم , والأقوال الواردة فيه:

القول الأول: قال ابن كثير : عن أيّ شيءٍ يتساءلون؟ عن أمر القيامة، وهو النّبأ العظيم. يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر, وقال به ابن سعدي رحمه الله .
قال قتادة وابن زيدٍ: النّبأ العظيم: البعث بعد الموت
.القول الثاني: وقال مجاهدٌ: هو القرآن ووافقه الأشقر فقال : هُوَ الْخَبَرُ الهائِلُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ؛ لأَنَّهُ يُنْبِئُ عَن التَّوْحِيدِ، وَتَصْدِيقِ الرَّسُولِ، وَوُقُوعِ الْبَعْثِ والنُّشورِ.

. والأظهر الأوّل؛ لقوله:(الّذي هم فيه مختلفون) يعني: النّاس فيه على قولين؛ مؤمنٌ به وكافرٌ, وقال بعدها :( كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) أي: سيعلمونَ إذا نزلَ بهمُ العذابُ ما كانوا بهِ يكذبونَ، حين يُدَعُّون إلى نارِ جهنمَ دعّاً، ويقالُ لهمْ:(هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ).
وفسر الأشقر الآيات التالية حسب قوله الأول في تفسير (النبأ العظيم) فقال:
(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ؛ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ سِحْراً، وَبَعْضُهُمْ شِعْراً، وَبَعْضُهُمْ كَهَانَةً، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: هُوَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ.
بارك الله فيك وأحسن إليك
ما ورد في النبأ العظيم مسألتان:
الأولى: المعنى اللغوي، وهو الخبر الهائل، هذا المعني يسري على النبا العظيم أيا كان، سواء أريد به البعث أو القرآن أو دعوة النبي
وما ورد في المراد يه على ثلاثة أقوال:
1- البعث
2- القرآن
3- دعوة النبي صلى الله عليه وسلم (راجعي سبب النزول)
ولكل قول حجته كما ذكرتِ

أما مسألة الخلاف فيه فمسألة أخرى
فالناس اختلفوا في البعث والقرآن والنبوة على فريقين مؤمن وكافر
والمشركون اختلفوا في البعث، فمنهم من كذب، ومنهم من شك ولم يجزم بشيء
واختلف المشركون أيضا في شأن النبوة والقرآن على آراء، فمنهم من رمى بالسحر، ومنهم من رمى بالشعر، ومنهم من رمى بالكهانة، وغير ذلك.
ومعنى الخلاف تنوع تبعا لاختلاف مرجع الضمير في قوله {يتساءلون} فمن المفسرين من أرجعه للمشركين، ومنهم من أرجعه إلى عموم الناس (راجعي سبب النزول)

المسائل العقدية :
وجوب الإيمان بالبعث لما ورد في الآية من وعيد لمن أنكره على قول من قال بأن المراد بالنبأ العظيم البعث.
وجوب الإيمان بالقرآن لما ورد في الآية (الذي هم فيه مختلفون) على من قال بأن المراد بالنبأ العظيم القرآن.

معنى {كلا}:
هذه كلمة تقال للردع والزجر، يعني: ليس الأمر كما يقولون.

معنى سيعلمون وذكر مفعوله:
(كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون) أَيْ: لا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفُوا –وهم الكفار به- فِي شأنِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ حَقٌّ، وَلِذَا سَيَعْلَمُ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِهِ عَاقِبَةَ تَكْذِيبِهِمْ.

-سبب تكرار (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ): -ش-
(كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ):رَدْعٌ لَهُمْ وَزَجْرٌ، ثُمَّ كَرَّرَ الرَّدْعَ وَالزَّجْرَ، فَقَالَ: (ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) لِلْمُبَالَغَةِ فِي التأكيدِ والتشديدِ فِي الوعيدِ.
أحسنت بارك الله فيك وزادك من فضله
تقييم التلخيص :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30/ 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20/ 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 20/ 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 15/ 15
خامساً: العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 15/ 15
النسبة المئوية: 100%

درجة الملخص: 4/4

وفقك الله

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 27 شوال 1435هـ/23-08-2014م, 01:40 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا )31.
لما ذكرَ حالَ المجرمينَ، ذكرَ مآلَ المتقينَ فيقول تعالى مخبراً عن السّعداء وما أعدّ لهم تعالى من الكرامة والنّعيم المقيم؛ فقال:(إنّ للمتّقين مفازاً)
أي: الذينَ اتقوا سخطَ ربهمْ، بالتمسكِ بطاعتهِ، والانكفافِ عمَّا يكرهه فلهمْ مفازٌ ومنجى، وبُعدٌ عن النارِ، وفي ذلكَ المفازِ لهمْ.
الْمَفَازُ: الفَوْزُ والظَّفَرُ بالمطلوبِ والنجاةُ من النَّارِ.
قال ابن عبّاسٍ والضّحّاك: متنزّهاً. وقال مجاهدٌ وقتادة: فازوا فنجوا من النّار.
والأظهر ههنا قول ابن عبّاسٍ؛ لأنّه قال بعده:(وحدائق).
تفسير قوله تعالى: (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا )32. –ك , س -

حدائق:وهيَ البساتينُ الجامعةُ لأصنافِ الأشجارِ الزاهيةِ والنخيل وغيرها، في الثمارِ التي تتفجرُ بينَ خلالها الأنهار، وخصَّ الأعنابَ لشرفهِ وكثرتهِ في تلكَ الحدائق
تفسير قوله تعالى: (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا )33. –ك , س , ش -
أي: وحوراً كواعب، قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وغير واحدٍ.
أي:نواهد، يعنون أن ثديّهنّ نواهد لم يتدلّين؛ لأنّهنّ أبكارٌ عربٌ أترابٌ، أي: في سنٍّ واحدٍ متقاربٍ، ومنْ عادةِ الأترابِ أنْ يكنَّ متآلفاتٍ متعاشراتٍ، وذلك السنُّ الذي هنَّ فيهِ ثلاثٌ وثلاثونَ سنةً، في أعدلِ سنِّ الشباب.

تفسير قوله تعالى: (وَكَأْسًا دِهَاقًا )34. -ك, س , ش -
قال ابن عبّاسٍ: مملوءةً متتابعةً، وقال عكرمة: صافيةً.
وقال مجاهدٌ والحسن وقتادة وابن زيدٍ: دهاقاً: الملأى المترعة.
فهي مملوءةً منْ رحيقٍ، لذةٍ للشاربينَ. وقيل مملوءة بالخمر.
تفسير قوله تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا)35. –ك , س ,ش -
أي: ليس فيها كلامٌ لاغٍ عارٍ عن الفائدة، ولا إثمٌ كذبٌ، بل هي دار السّلام، وكلّ كلامٍ فيها سالمٌ من النّقص.
تفسير قوله تعالى: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا) 36. -ك , س , ش-
. أي: هذا الذي ذكرناه جازاهم اللّه به وأعطاهموه بفضله ومنّه وإحسانه ورحمته، (عطاءً حساباً) أي: كافياً وافراً شاملاً كثيراً، تقول العرب: أعطاني فأحسبني أي: كفاني، ومنه: حسبي اللّه. أي: اللّه كافيّ.
قوإنَّما أعطاهُمُ اللهُ هذا الثوابَ الجزيلَ منْ فضلِهِ وإحسانهِ بسببِ أعمالهمُ التي وفقهمُ اللهُ لهَا، وجعلهَا ثمناً لجنتهِ ونعيمهَا

تفسير قوله تعالى: (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا )37. -ك , س , ش -
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وأنّه ربّ السّماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، وأنّه الرّحمن الّذي شملت رحمته كلّ شيءٍ ، فربَّاهمْ ورحمهمْ، ولطفَ بهم، حتَّى أدركوا ما أدركوا.
وقوله:(لا يملكون منه خطاباً) أي: لا يقدر أحدٌ على ابتداء مخاطبته إلاّ بإذنه؛ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يَسْأَلُوا إِلاَّ فِيمَا أُذِنَ لَهُمْ فِيهِ ,كقوله:(من ذا الّذي يشفع عنده إلاّ بإذنه) وكقوله:(يوم يأت لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه ).

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا )38. -ك, س , ش -
ثم ذكرَ عظمتهُ وملكهُ العظيم يومَ القيامةِ، وأنَّ جميعَ الخلقِ كلهُمْ ذَلكَ اليوم ساكتون لا يتكلمونَ إلا بإذنَ اللهُ لهُ في الكلامِ؛ لأنَّ ذَلِكَ الْيَوْمُ هوَ الْحَقُّ الذي لا يروجُ فيهِ الباطلُ، ولا ينفعُ فيهِ الكذبُ.
اختلف المفسّرون في المراد بالرّوح ههنا ما هو؟ على أقوالٍ:
أحدها: ما رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: أنّهم أرواح بني آدم.
الثّاني: هم بنو آدم، قاله الحسن وقتادة، وقال قتادة: هذا ممّا كان ابن عبّاسٍ يكتمه.
الثّالث:أنّهم خلقٌ من خلق اللّه على صور بني آدم، وليسوا بملائكةٍ ولابشرٍ، وهم يأكلون ويشربون، قاله ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وأبو صالحٍ والأعمش.
الرّابع:هو جبريل، قاله الشّعبيّ وسعيد بن جبيرٍ والضّحّاك، ويستشهد لهذا القول بقوله:(نزل به الرّوح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين).
وقال مقاتل بن حيّان: الرّوح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرّبّ عزّ وجلّ، وصاحب الوحي.
والخامس:أنّه القرآن، قاله ابن زيدٍ، كقوله:(وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا..) الآية.
والسّادس: أنّه ملكٌ من الملائكة بقدر جميع المخلوقات، قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله:(يوم يقوم الرّوح) قال: هو ملكٌ عظيمٌ من أعظم الملائكة خلقاً.
وَقِيلَ: هُمْ أراوحُ بَنِي آدَمَ تَقُومُ صَفًّا، وتقومُ الْمَلائِكَةُ صَفًّا، وَذَلِكَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ إِلَى الأَجْسَامِ
. وتوقّف ابن جريرٍ فلم يقطع بواحدٍ من هذه الأقوال كلّها، والأشبه واللّه أعلم أنّهم بنو آدم.
وقوله:(إلاّ من أذن له الرّحمن) كقوله:(لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه) وكما ثبت في الصّحيح: "ولا يتكلّم يومئذٍ إلاّ الرّسل".
وقوله:(وقال صواباً) أي: حقًّا، ومن الحقّ: لا إله إلاّ اللّه، كما قاله أبو صالحٍ وعكرمة.

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39) ) - ك, س , ش-
وقوله :(ذلك اليوم الحقّ) أي: الكائن لا محالة , ذلك اليوم الذي لا يروجُ فيهِ الباطلُ، ولا ينفعُ فيهِ الكذبُ.
فلما رغَّبَ ورهَّبَ، وبشَّرَ وأنذرَ قال :(فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مآباً) أي: مرجعاً يرْجِعُ إِلَيْهِ بالعملِ الصالح وطريقاً يهتدي إليه، ومنهجاً يمرّ به عليه .

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا )40. -ك, س , ش-
وقوله:(إنّا أنذرناكم عذاباً قريبا) يعني: يوم القيامة لتأكّد وقوعه صار قريباً؛ لأنّ كلّ ما هو آتٍ آتٍ .
(يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه). أي: يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرّها، قديمها وحديثها؛ فإنْ وجدَ خيراً فليحمدِ اللهَ، وإنْ وجدَ غيرَ ذلكَ فلا يلومنَّ إلا نفسهُ، ولهذَا كانَ الكفارُ يتمنونَ الموتَ منْ شدةِ الحسرةِ والندمِ.
(ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً) أي: يودّ الكافر يومئذٍ أنّه كان في الدّار الدّنيا تراباً، ولم يكن خلق ولا خرج إلى الوجود، وذلك حين عاين عذاب اللّه ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السّفرة الكرام البررة، وقيل: إنّما يودّ ذلك حين يحكم اللّه بين الحيوانات الّتي كانت في الدّنيا، فيفصل بينها بحكمه العدل الّذي لا يجور، حتّى إنّه ليقتصّ للشّاة الجمّاء من القرناء، فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني تراباً. فتصير تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت تراباً}. أي: كنت حيواناً فأرجع إلى التّراب. لِمَا يُشَاهِدُهُ مِمَّا أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ أنواعِ العذاب , وقد ورد معنى هذا في حديث الصّور المشهور، وورد فيه آثارٌ عن أبي هريرة وعبد اللّه بن عمرٍو وغيرهما.
نسألُ اللهَ أنْ يعافينا مِنَ الكفرِ والشرِّ كلِّهِ، إنَّهُ جوادٌ كريمٌ.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 1 ذو القعدة 1435هـ/26-08-2014م, 02:06 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي تفسير سورة النازعات

-اسم السورة ومكان نزولها :
تفسير سورة النازعات , وهي مكية
وتسمى سورة الساهرة , قاله الأشقر .

-تفسير قوله تعالى: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا )1. –ك , س , ش-
-الأقوال في معنى (النازعات )
قال ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وسعيد بن جبيرٍ وغيرهم :(والنّازعات غرقاً): الملائكة، يعنون حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعسرٍ فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ روحه بسهولةٍ وكأنّما حلّته من نشاطٍ، وهو قوله:(والنّاشطات نشطاً).
قاله ابن عبّاسٍ، وعن ابن عبّاسٍ:(والنّازعات) هي أنفس الكفّار تنزع، ثمّ تنشط، ثمّ تغرق في النّار. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال مجاهدٌ:(والنّازعات غرقاً) الموت.
وقال الحسن وقتادة:(والنّازعات غرقاً (1) والنّاشطات نشطاً)هي النّجوم.
وقال عطاء بن أبي رباحٍ : هي القسيّ في القتال. والصّحيح الأوّل، وعليه الأكثرون
قال ابن سعدي رحمه الله : هذهِ الإقساماتُ بالملائكةِ الكرامِ، وأفعالِهمْ الدالةُ على كمالِ انقيادهمْ لأمرِ اللهِ وإسراعِهمْ في تنفيذِ أمرهِ:
-الخلاف في المقسم عليه:
-يحتملُ أنَّ المقسمَ عليه، الجزاءُ والبعثُ، بدليلِ الإتيانِ بأحوالِ القيامةِ بعدَ ذلكَ.
-ويحتملُ أنَّ المقسم عليهِ والمقسمَ بهِ متحدانِ،وأنَّه أقسمَ على الملائكةِ؛ لأنَّ الإيمانَ بهمْ أحدُ أركانِ الإيمانِ الستةِ، ولأنَّ في ذكِر أفعالهِمْ هنَا ما يتضمنُ الجزاءَ الذي تتولاهُ الملائكةُ عندَ الموتِ وقبلَه وبعدَه، فقالَ:(وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً(وهمُ الملائكةُ التي تنزعُ الأرواحَ بقوةٍ، وتغرقُ في نزعِها من الأعماق حتى تخرجَ الروحُ، فتجازى بعملهَا.
تفسير قوله تعالى: (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا) 2. –ك , س , ش-
وهمْ الملائكةُ أيضاً، تجتَذبُ الأرواحَ بقوةٍ ونشاطٍ.
أَيْ: تَنْشِطُ النُّفُوسَ؛أَيْ: تُخْرِجُهَا من الأجسادِ جَذْباً بِقُوَّةٍ، والنَّشْطُ: الجَذْبُ بِسُرْعَةٍ، وَقِيلَ: النَّاشِطَاتُ لأرواحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالنَّازِعَاتُ لأَرْوَاحِ الْكَافِرِينَ.

-تفسير قوله تعالى: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا )3

فقال ابن مسعودٍ: هي الملائكة، وروي عن عليٍّ ومجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ وأبي صالحٍ مثل ذلك.
وعن مجاهدٍ:(والسّابحات سبحاً) الموت. وقال قتادة: هي النّجوم.
وقال عطاء بن أبي رباحٍ: هي السّفن.
قال ابن سعدي : وَالسَّابِحَاتِ أي: المتردداتِ في الهواءِ صعوداً ونزولاً سَبْحاً
قال الأشقر: وَالسَّابِحَاتِ:الْمَلائِكَةُ يَنْزِلُونَ مِن السَّمَاءِ مُسْرِعِينَ لأمرِ اللَّهِ.
تفسير قوله تعالى: (فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا )4. –ك, س , ش-
-الأقوال في معنى (السابقات):
روي عن عليٍّ ومسروقٍ ومجاهدٍ وأبي صالحٍ والحسن البصريّ: يعني الملائكة، قاله الحسن، سبقت إلى الإيمان والتّصديق به.
وعن مجاهدٍ: الموت.
وقال قتادة: هي النّجوم.
وقال عطاءٌ: هي الخيل في سبيل اللّه.
قال ابن سعدي: فَالسَّابِقَاتِ} لغيرهَا {سَبْقاً فتبادرُ لأمرِ اللهِ، وتسبقُ الشياطينَ في إيصالِ الوحيِ إلى رسلِ اللهِ حتى لا تسترقَهُ.
قال الأشقر: فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً : هِيَ الْمَلائِكَةُ تَسْبِقُ بِأَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْجَنَّةِ.

-تفسير قوله تعالى: (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا )5. –ك , س, ش-
قال عليٌّ ومجاهدٌ وعطاءٌ وأبو صالحٍ والحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ: هي الملائكة.
زاد الحسن: تدبّر الأمر من السّماء إلى الأرض. يعني: بأمر ربّها عزّ وجلّ. ولم يختلفوا في هذا، ولم يقطع ابن جريرٍ بالمراد في شيءٍ من ذلك، إلاّ أنّه حكى في:(المدبّرات أمراً) أنّها الملائكة ولا أثبت ولا نفى.
(فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) الملائكةُ الذينَ وكَّلهم اللهُ أن يدبروا كثيراً منْ أمور العالمِ العلويِّ والسفليِّ، منَ الأمطارِ، والنباتِ، والأشجارِ، والرياحِ، والبحارِ، والأجنحةِ، والحيواناتِ، والجنةِ، والنارِ وغيرِ قِيلَ: وَتَدْبِيرُ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ: جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وعَزْرَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ.فَأَمَّا جِبْرِيلُ فَمُوَكَّلٌ بالرِّياحِ والجنودِ، وَأَمَّا مِيكَائِيلُ فَمُوَكَّلٌ بالقَطْرِ والنباتِ، وَأَمَّا عَزْرَائِيلُ فَمُوَكَّلٌ بِقَبْضِ الأَنْفُسِ، وَأَمَّا إِسْرافيلُ فَهُوَ يَنْزِلُ بالأَمْرِ عَلَيْهِمْ.

-تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تتبعها الرادفة)6,7. –ك, س, ش-
قال ابن عبّاسٍ: هما النّفختان الأولى والثّانية. وهكذا قال مجاهدٌ والحسن وقتادة والضّحّاك وغير واحدٍ.
وعن مجاهدٍ أمّا الأولى: وهي قوله(يوم ترجف الرّاجفة), فقوله جلّت عظمته:(يوم ترجف الأرض والجبال) والثّانية: وهي الرّادفة، فهي كقوله:(وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّةً واحدةً)
وقد قال الإمام أحمد: عن الطّفيل بن أبيّ بن كعبٍ عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وآله وسلّم:(جاءت الرّاجفة تتبعها الرّادفة، جاء الموت بما فيه) فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، أرأيت إن جعلت صلاتي كلّها عليك؟ قال:(إذن يكفيك اللّه ما أهمّك من دنياك وآخرتك)
قال ابن سعدي: تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ:وهيَ قيامُ الساعةِ.
قالَ الأَشْقَرُ :(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ):وَهِيَ النَّفْخَةُ الأُولَى الَّتِي يَمُوتُ بِهَا جَمِيعُ الخلائق.
(تتبعها الرَّادِفَةُ( الرَّادِفَةُ: النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَكُونُ عِنْدَهَا الْبَعْثُ.

-تفسير قوله تعالى: (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ )8. –ك , س , ش-
قال ابن عبّاسٍ: يعني: خائفةٌ. وكذا قال مجاهدٌ وقتادة.
أي: موجفةٌ ومنزعجةٌ فهي مُضْطَرِبَةُ قَلِقَةُ؛ لِمَا عَايَنَتْ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ قَلِقَةٌ مُسْتَوْفِزَةٌ.
تفسير قوله تعالى: (أَبْصَارُهَا خَاشِعَة) 9. –ك, س , ش-
أي: أبصار أصحابها، وإنّما أضيف إليها للملابسة، أي: ذليلةٌ حقيرةٌ قد ملكَ قلوبهَم الخوفُ، وأذهلَ أفئدتهَمُ الفزعُ، وغلَبَ عليهمُ التأسفُ واستولتْ عليهمُ الحسرةُ ممّا عاينت من الأهوال
، يُرِيدُ أَبْصَارَ مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الإِسْلامِ.

-تفسير قوله تعالى: (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ )10. -ك,س , ش-
يعني مشركي قريشٍ ومن قال بقولهم في إنكار المعاد، يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى(الحافرة): وهي القبور - قاله مجاهدٌ - وبعد تمزّق أجسادهم وتفتّت عظامهم ونخورها.
إِذَا قِيلَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ تُبْعَثُونَ.أَيْ: أَنُرَدُّ إِلَى أَوَّلِ حَالِنَا وَابْتِدَاءِ أَمْرِنَا، فَنَصِيرَ أَحْيَاءً بَعْدَ مَوْتِنَا، وَبَعْدَ كَوْنِنَا فِي حُفَرِ الْقُبُورِ؟

-تفسير قوله تعالى: (أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً )11 .- س, ش-
أَيْ: أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً بَالِيَةً نُرَدُّ وَنُبْعَثُ مَعَ كَوْنِهَا أَبْعَدَ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَاةِ؟

-تفسير قوله تعالى: (قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ )12. –ك, س , ش -

فاستبعدوا أنْ يبعثَهمُ اللهُ ويعيدَهمْ بعدمَا كانوا عظاماً نخرةً، جهلاً منهم بقدرةِ اللهِ، وتجرُّؤَاً عليهِ.
قال محمّد بن كعبٍ: قالت قريشٌ: لئن أحيانا اللّه بعد أن نموت لنخسرنّ.
أي: إِنْ رُدِدْنَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَنَخْسَرَنَّ بِمَا يُصِيبُنَا مِمَّا يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ

-تفسير قوله تعالى: (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ )13. -ك, س , ش-
أي: فإنّما هو أمرٌ من اللّه لا مثنويّة فيه ولا تأكيد، فإذا النّاس قيامٌ ينظرون، وهو أن يأمر تعالى إسرافيل فينفخ في الصّور نفخة البعث، فإذا الأوّلون والآخرون قيامٌ بين يدي الرّبّ عزّ وجلّ ينظرون، كما قال:(يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلاّ قليلاً).
قال إبراهيم التّيميّ: أشدّ ما يكون الرّبّ غضباً على خلقه يوم يبعثهم.
صيحة واحدة يُنفخُ فيهَا في الصورِ، فإذَا الخلائقُ كلُّهم , والْمَعْنَى: لا تَسْتَبْعِدُوا ذَلِكَ؛ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَكُونُ الْبَعْثُ بِهَا.

-تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )14. –ك , س , ش-
قال ابن عبّاسٍ:(السّاهرة)الأرض كلّها، وكذا قال سعيد بن جبيرٍ وقتادة وأبو صالحٍ.
وقال عكرمة والحسن والضّحّاك وابن زيدٍ: السّاهرة: على وجه الأرض , ، قيامٌ ينظرونَ، فيجمعهمُ اللهُ ويقضي بينهمْ بحكمِه العدلِ ويجازيهم.
وقال الرّبيع بن أنسٍ:(فإذا هم بالسّاهرة): يقول اللّه عزّ وجلّ:(يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسّماوات وبرزوا للّه الواحد القهّار) ويقول:(ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً).
قِيلَ: السَّاهِرَةُ: أَرْضٌ بَيْضَاءُ يَأْتِي بِهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَيُحَاسِبُ عَلَيْهَا الخلائقَ.

-تفسير قوله تعالى: (هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) -ك ، س ، ش -
{هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}يخبر تعالى رسوله محمّداً صلّى اللّه عليه وسلّم عن عبده ورسوله موسى عليه السّلام، أنّه ابتعثه إلى فرعون وأيّده بالمعجزات، ومع هذا استمرّ على كفره وطغيانه حتّى أخذه اللّه أخذ عزيزٍ مقتدرٍ، وكذلك عاقبة من خالفك وكذّب بما جئت به، ولهذا قال في آخر القصّة: {إنّ في ذلك لعبرةً لمن يخشى}.
فقوله: {هل أتاك حديث موسى}. أي: هل سمعت بخبره؟).
وهذَا الاستفهامُ عنْ أمرٍ عظيمٍ متحققٍ وقوعهُ، أي: هلْ أتاكَ حديثهُ
أَيْ: قَدْ جَاءَكَ وَبَلَغَكَ مِنْ قَصَصِ فِرْعَوْنَ وَمُوسَى مَا يُعْرَفُ بِهِ حَدِيثُهُمَا.

-تفسير قوله تعالى: (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) ) -ك ، س ، ش -
{إذ ناداه ربّه} أي: كلّمه نداءً، {بالواد المقدّس}. أي: المطهّر، {طوًى}: وهو اسم الوادي على الصّحيح ، وهوَ المحلُّ الذي كلَّمَهُ اللهُ فيهِ، وامتنّ عليهِ بالرسالةِ، واختصَّهُ بالوحيِ والاجتباءِ فقالَ لهُ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}.

-تفسير قوله تعالى: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) ) -ك ، س ، ش -
{ إنّه طغى}. أي: تجبّر وتمرّد وعتا ، فجَاوَزَ الْحَدَّ فِي العِصْيانِ والتكَبُّرِ وَالْكُفْرِ بِاللَّه .
أي: فانههُ عن طغيانهِ وشركهِ وعصيانهِ بقولٍ ليِّنٍ، وخطابٍ لطيفٍ، لعلَّهُ {يتذكرُ أو يخشَى}).

-تفسير قوله تعالى: (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) ) -ك ، س ، ش -
أي: قل له: هل لك أن تجيب إلى طريقةٍ ومسلكٍ تزّكّى به؟ أي: تسلم وتطيع ، فتزكي نفسك باتباع موسى وترك الشرك.

-تفسير قوله تعالى: (وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) ) -ك ، س ، ش -
{وأهديك إلى ربّك}. أي: أدلّك إلى عبادة ربّك وأبين لك مواقع رضاه من مواقع سخطه.
{فتخشى}. أي: فيصير قلبك خاضعاً له مطيعاً خاشعاً بعدما كان قاسياً خبيثاً بعيداً من الخير ، وَالخَشْيَةُ لا تَكُونُ إِلاَّ مِنْ مُهْتَدٍ رَاشِد ، فامتنعَ فرعونُ مما دعاهُ إليهِ موسى.

- تفسير قوله تعالى: (فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20) ) -ك ، س ، ش -
{فأراه الآية الكبرى}. يعني: فأظهر له موسى مع هذه الدّعوة الحقّ حجّةً قويّةً ودليلاً واضحاً على صدق ما جاء به من عند اللّه).
(فأراه الآية الكبرى) أي جنس الآيات فلا يمنع تعددها ، وقيل هي العصا ، وقيل هي يده.

-تفسير قوله تعالى: (فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ) -ك ، س ، ش -
{فكذّب وعصى}. أي: فكذّب بالحقّ وخالف ما أمره به من الطّاعة، وحاصله أنّه كفر قلبه، فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره، وعلمه بأنّ ما جاء به أنّه حقٌّ لا يلزم منه أنّه مؤمنٌ به؛ لأنّ المعرفة علم القلب، والإيمان عمله، وهو الانقياد للحقّ والخضوع له.

-تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) ) -ك ، س ، ش -
{ثُمَّ أَدْبَرَ}؛ أَيْ: تَوَلَّى وَأَعْرَضَ عَن الإِيمَانِ، {يَسْعَى}؛ أَيْ: يَعْمَلُ بِالْفَسَادِ فِي الأَرْضِ، وَيَجْتَهِدُ فِي مُعَارَضَةِ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى ، ومن ذلك جمعه السحره.

-تفسير قوله تعالى: (فَحَشَرَ فَنَادَى (23) ) -ك ، س ، ش -
{فَحَشَرَ}؛ أَيْ: فَجَمَعَ جُنُودَهُ للقتالِ والمُحاربةِ، أَوْ جَمَعَ السَّحَرَةَ للمُعارضةِ، أَوْ جَمَعَ النَّاسَ للحُضورِ لِيُشَاهِدُوا مَا يَقَعُ).

-تفسير قوله تعالى: (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ) -ك ، س ، ش -
. قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله:{ما علمت لكم من إلهٍ غيري}. بأربعين سنةً).
{فَقَالَ} لهمْ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} فأذْعنوا لهُ، وأقرُّوا بباطلهِ حينَ استخفَّهُم.

-تفسير قوله تعالى: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25) ) -ك ، س ، ش -
أي: انتقم اللّه منه انتقاماً جعله به عبرةً ونكالاً لأمثاله من المتمرّدين في الدّنيا، {ويوم القيامة بئس الرّفد المرفود}. كما قال تعالى: {وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون}.
هذا هو الصّحيح في معنى الآية، أنّ المراد بقوله: {نكال الآخرة والأولى}. أي: الدّنيا والآخرة ، فصارتْ عقوبَتُهُ دليلاً وزاجراً، ومبينةً لعقوبةِ الدنيا والآخرةِ .
أي أَخَذَهُ اللَّهُ فَنَكَّلَهُ نَكَالَ الآخِرَةِ؛ وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ، وَنَكَالَ الأُولَى؛ وَهُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا بالغَرَقِ؛ لِيَتَّعِظَ بِهِ مَنْ يَسْمَعُ خَبَرَهُ
وقيل: المراد بذلك كلمتاه الأولى والثّانية.
وقيل: كفره وعصيانه، والصّحيح الذي لا شكّ فيه الأوّل.

-تفسير قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) ) -ك ، س ، ش -
أي: لمن يتّعظ وينزجر ، ففِيمَا ذُكِرَ مِنْ قِصَّةِ فِرْعَوْنَ وَمَا فُعِلَ بِهِ عِبْرَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَخْشَى اللَّهَ وَيَتَّقِيَهُ.

-تفسير قوله تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) ) -ك ، س ، ش -
يقولُ تعالى مبيِّناً دليلاً واضحاً لمنكري البعثِ ومستبعدي إعادةِ اللهِ للأجسادِ: {أأنتم} أيّها النّاس، {أشدّ خلقاً أم السّماء}. ذاتُ الجرْمِ العظيم، والخلقِ القوي، والارتفاعِ الباهِر يعني: بل السّماء أشدّ خلقاً منكم، كما قال تعالى: {لخلق السّماوات والأرض أكبر من خلق النّاس}. وقال: {أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العليم}.
فقوله: {بناها}. فسّره بقوله: {رفع سمكها فسوّاها}
أَيْ: أَخَلْقُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْثُكُمْ أَشَدُّ عِنْدَكُمْ وَفِي تَقْدِيرِكُمْ أَمْ خَلْقُ السَّمَاءِ؟ لأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاءِ الَّتِي لَهَا هَذَا الجِرْمُ الْعَظِيمُ، وَفِيهَا مِنْ عَجَائِبِ الصُّنْعِ وبدائعِ القُدْرةِ مَا هُوَ بَيِّنٌ للنَّاظِرِينَ، كَيْفَ يَعْجِزُ عَنْ إعادةِ الأَجْسَامِ الَّتِي أَمَاتَهَا بَعْدَ أَنْ خَلَقَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ؟

-تفسير قوله تعالى: (رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) ) -ك ، س ، ش -
{رفع سمكها فسوّاها} أي: جعلها عالية البناء بعيدة الفناء، مستوية الأرجاء لا تَفَاوُتَ فِيهَا وَلا اعْوِجَاجَ، وَلا فُطُورَ وَلا شُقُوقَ, مكلّلةً بالكواكب في الليلة الظّلماء.


تفسير قوله تعالى: (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) ) -ك ، س ، ش -
أي: جعل ليلها مظلماً أسود حالكاً، ونهارها مضيئاً مشرقاً نيّراً واضحاً.
قال ابن عبّاسٍ: {أغطش ليلها}: أظلمه. وكذا قال مجاهدٌ وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ وجماعةٌ كثيرون.
{وأخرج ضحاها}. أي: أظهرَ فيهِ النورَ العظيمَ، حينَ أتى بالشمسِ، فامتدَّ النَّاسُ في مصالحِ دينهِمْ ودنياهمْ

-تفسير قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) ) -ك ، س ، ش -
{والأرض بعد ذلك دحاها}. فسّره بقوله: {أخرج منها ماءها ومرعاها}.
قال ابن كثير رحمه الله :وقد تقدّم في سورة (حم السجدة) أنّ الأرض خلقت قبل خلق السّماء، ولكن إنّما دحيت بعد خلق السّماء بمعنى أنّه أخرج ما كان فيها بالقوّة إلى الفعل، وهذا معنى قول ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ، واختاره ابن جريرٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: عن ابن عبّاسٍ: {دحاها}. ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى، وشقّق فيها الأنهار، وجعل فيها الجبال والرّمال والسّبل والآكام، فذلك قوله: {والأرض بعد ذلك دحاها}.
{دَحَاهَا}أي: بسطها وأودعَ فيها منافعهَا.

-تفسير قوله تعالى: (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) ) –ش-
أَيْ: فَجَّرَ مِنَ الأَرْضِ الأنهارَ والبِحارَ والعُيونَ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا مَرْعَاهَا؛ أَي: النَّبَاتَ الَّذِي يُرْعَى.

-تفسير قوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) ) -ك ، س ، ش -
أي: قرّرها وأثبتها وأكّدها في أماكنها، فجَعَلَهَا كالأوتادِ للأرضِ؛ لِئَلاَّ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا ,وهو الحكيم العليم الرّؤوف بخلقه الرّحيم.
قال الإمام أحمد: عن أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (لمّا خلق اللّه الأرض جعلت تميد؛ فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرّت، فتعجّب الملائكة من خلق الجبال، فقالت: يا ربّ، فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الجبال؟ قال: نعم، الحديد. قالت: يا ربّ، فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الحديد؟ قال: نعم، النّار. قالت: يا ربّ، فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من النّار؟ قال: نعم، الماء. قالت: يا ربّ، فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الماء؟ قال: نعم، الرّيح. قالت: يا ربّ، فهل منخلقك شيءٌ أشدّ من الرّيح؟ قال: نعم، ابن آدم، يتصدّق بيمينه يخفيها من شماله).

-تفسير قوله تعالى: (مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) ) –ك-
أي: دحا الأرض فأنبع عيونها، وأظهر مكنونها، وأجرى أنهارها، وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها، وثبّت جبالها لتستقرّ بأهلها ويقرّ قرارها، كلّ ذلك متاعاً لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدّة احتياجهم إليها في هذه الدّار إلى أن ينتهي الأمد، وينقضي الأجل.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 1 ذو القعدة 1435هـ/26-08-2014م, 02:45 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) ) –ك, س , ش-
الطامة الكبرى:يوم القيامة، قال ابن عبّاسٍ: سمّيت بذلك؛ لأنّها تطمّ على كلّ أمرٍ هائلٍ مفظعٍ، كما قال تعالى: {والسّاعة أدهى وأمرّ}.
قال الأشقر: الدَّاهيةُ الْعُظْمَى الَّتِي تَطُمُّ عَلَى سَائِرِ الطَّامَّاتِ، وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تُسْلِمُ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلَ النَّارِ إِلَى النَّارِ.
أي: إذا جاءتِ القيامةُ الكبرى، والشدةُ العظمى، التي تهونُ عندَها كلُّ شدةٍ، فحينئذٍ يذهلُ الوالدُ عن ولدهِ، والصاحبُ عن صاحبه [وكلُّ محبٍّ عنْ حبيبهِ].

-تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) ) –ك, س , ش-
أي: حينئذٍ يتذكّر ابن آدم جميع عمله؛ خيره وشرّه، كما قال: {يومئذٍ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذّكرى}فيتمنى زيادةَ مثقالِ ذرةٍ في حسناتهِ، ويغمّه ويحزنُ لزيادةِ مثقالِ ذرةٍ في سيئاتهِ.
ويعلمُ إذ ذاكَ أنَّ مادَّةَ ربحِهِ وخسرانهِ ما سعاهُ في الدنيا، وينقطعُ كلُّ سببٍ وصلةٍ كانتْ في الدنيا، سوى الأعمالِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) ) –ك, س , ش-
أي: أظهرت للنّاظرين فرآها النّاس عياناً ,قدْ برزتْ لأهلِهَا، واستعدتْ لأخذِهمْ، منتظرةً لأمرِ ربِّها.
قَالَ مُقَاتِلٌ: يُكْشَفُ عَنْهَا الغِطاءُ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا الْخَلْقُ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَعْرِفُ بِرُؤْيَتِهَا قَدْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بالسلامةِ مِنْهَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَزْدَادُ غَمًّا إِلَى غَمِّهِ، وَحَسْرَةً إِلَى حَسْرَتِهِ.

-تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) ) –ك, س , ش-
أي: تمرّد وعتا و جاوزَ الحدَّ بأَنْ تجرَّأَ علَى المعاصي الكبارِ، ولمْ يقتصرْ علَى ما حدَّهُ اللهُ

-تفسير قوله تعالى: (وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) ) –ك, س , ش-
أي: قدّم الدنيا على أمر دينه وأخراه , فصارَ سعيُهُ لهَا، ووقتُهُ مستغرقاً في حظوظِهَا وشهواتِها، ونسيَ الآخرةَ وتركَ العملَ لهَا.

-تفسير قوله تعالى: (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) ) –ك, س , ش-
أي: فإنّ مصيره إلى الجحيم، وإنّ مطعمه من الزّقّوم، ومشربه من الحميم.

-تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) ) –ك, س , ش-
أي: خاف القيام بين يدي اللّه عزّ وجلّ وخاف حكم اللّه فيه، ونهى نفسه عن هواها، وردّها إلى طاعة مولاها.

-تفسير قوله تعالى: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ) –ك, س , ش-
أي: منقلبه ومصيره ومرجعه الَّذِي يَنْزِلُهُ، والمكانُ الَّذِي يَأْوِي إِلَيْهِ، إلى الجنّة الفيحاء
لا غَيْرُهَا.

-تفسير قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) ) –ك, س , ش-
{يَسْأَلُونَكَ} أي: يسألُكَ المتعنتونَ المكذبونَ بالبعثِ {عَنِ السَّاعَةِ} متَى وقوعهَا؟ و{أَيَّانَ مُرْسَاهَا} كَرُسُوِّ السَّفِينَةِ ؟

-تفسير قوله تعالى: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) ) –ك, س , ش-
أي: ما الفائدةُ لكَ ولهمْ في ذكرهَا ومعرفةِ وقتِ مجيئِها؟ فليسَ تحتَ ذلكَ نتيجةٌ، ولهذا لمَّا كانَ علمُ العبادِ للساعةِ ليسَ لهمْ فيهِ مصلحةٌ دينيةٌ ولا دنيويةٌ، بلِ المصلحةُ في خفائِهِ عليهمْ، طوَى علمَ ذلكَ عنْ جميعِ الخلقِ، واستأثرَ بعلمهِ فقالَ: {إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا} فهو الذي يعلم وقتها على التّعيين، {ثقلت في السّماوات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتةً يسألونك كأنّك حفيٌّ عنها قل إنّما علمها عند اللّه}.
ولهذا لمّا سأل جبريل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن وقت السّاعة قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السّائل).

-تفسير قوله تعالى: (إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) ) –ك, س , ش-
أي: إليهِ ينتهي علمُهَا، فَلا يُوجَدُ عِلْمُهَا عِنْدَ غَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا وَيَطْلُبُونَ مِنْكَ بَيَانَ وَقْتِ قِيَامِهَا؟ كمَا قالَ في الآيةِ الأخرى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}).

-تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) ) –ك, س , ش-
أي: إنّما بعثتك لتنذر النّاس وتحذّرهم من بأس اللّه وعذابه، فمن خشي اللّه وخاف مقامه ووعيده اتّبعك فأفلح وأنجح، والخيبة والخسار على من كذّبك وخالفك.


-تفسير قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) ) –ك, س , ش-
أي: إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر يستقصرون مدّة الحياة الدّنيا، حتى كأنّها عندهم كانت عشيّةً من يومٍ أو ضحًى من يومٍ.
عن ابن عبّاسٍ: {كأنّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشيّةً أو ضحاها}. أمّا عشيّةٌ فما بين الظّهر إلى غروب الشّمس،{أو ضحاها}ما بين طلوع الشّمس إلى نصف النّهار.
وقال قتادة: دقّت الدّنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة.
وَالْمُرَادُ: تَقْلِيلُ مُدَّةِ الدُّنْيَا فِي نُفُوسِهِمْ إِذَا رَأَوْا أهوالَ الْقِيَامَةِ.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 1 ذو القعدة 1435هـ/26-08-2014م, 05:24 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي تفسير سورة عبس

تفسير سورة عبس
أسماء السورة ومكان نزولها:

سورة عبس , وهي مكية.

سبب نزول السورة
قال ابن كثير رحمه الله
:ذكر غير واحدٍ من المفسّرين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريشٍ، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أمّ مكتومٍ، وكان ممّن أسلم قديماً، فجعل يسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن شيءٍ ويلحّ عليه، وودّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن لو كفّ ساعته تلك؛ ليتمكّن من مخاطبة ذلك الرّجل طمعاً ورغبة ًفي هدايته، وعبس في وجه ابن أمّ مكتومٍ وأعرض عنه وأقبل على الآخر؛ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {عبس وتولّى (1) أن جاءه الأعمى (2) وما يدريك لعلّه يزّكّى}
عن عائشة قالت: أنزلت: {عبس وتولّى} في ابن أمّ مكتومٍ الأعمى، أتى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجعل يقول: أرشدني. قالت: وعند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجلٌ من عظماء المشركين. قالت: فجعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول: ((أترى بما أقول بأساً؟)). فيقول: لا. ففي هذا أنزلت: {عبس وتولّى}.
وقد روى التّرمذيّ هذا الحديث عن سعيد بن يحيى الأمويّ بإسناده مثله.

-تفسير قوله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) ) –ك , س , ش -
أَيْ: كَلَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ وَأَعْرَضَ في بدنهِ؛ لأجلِ مجيءالأعمَى لهُ.

-تفسير قوله تعالى: (أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) ) –ك , س , ش -
أَيْ: لأَنه جَاءَهُ الأَعْمَى وهو ابن أم مكتوم رضي الله عنه.

-تفسير قوله تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) ) –ك , س , ش -
ثم ذكرَ الفائدةَ في الإقبالِ عليهِ، فقال:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ}أي:الأعمى{يَزَّكَّى}أي: يتطهرُ عن الأخلاقِ الرذيلةِ، ويتصفُ بالأخلاقِ الجميلةِ ويَتَطَهَّرُ مِنَ الذُّنوبِ بالعملِ الصالحِ؛ بِسَبَبِ مَا يَتَعَلَّمُهُ مِنْكَ.

-تفسير قوله تعالى: (أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) ) –ك , س , ش -
أي: يتذكرُ ما ينفعُهُ، فيعملُ بتلكَ الذكرَى.
وهذهِ فائدةٌ كبيرةٌ، هيَ المقصودةُ منْ بعثةِ الرسلِ، ووعظِ الوعَّاظِ، وتذكيرِ المذكِّرينَ، فإقبالكَ على مَنْ جاءَ بنفسهِ مفتقراً لذلكَ منكَ، هوَ الأليقُ الواجبُ، وأمَّا تصديكَ وتعرضكَ للغنيِّ المستغني الذي لا يسألُ ولا يستفتي لعدَم رغبتهِ في الخير، معَ تركِكَ مَنْ هوَ أهمُّ منهُ فإنَّهُ لا ينبغي لكَ، فإنَّهُ ليسَ عليكَ أنْ لا يزكَّى، فلو لمْ يتزكَّ، فلستَ بمحاسبٍ على مَا عملهُ مِنَ الشرِّ.
فدلَّ هذا على القاعدةِ المشهورةِ، أنَّهُ: (لا يتركُ أمرٌ معلومٌ لأمرٍ موهومٍ، ولا مصلحةٌ متحققةٌ لمصلحةٍ متوهمةٍ) وأنَّهُ ينبغي الإقبالُ على طالبِ العلمِ، المفتقرِ إليهِ، الحريصِ عليهِ أزيدَ منْ غيرِهِ.

-تفسير قوله تعالى: (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) ) –ك , ش-
أَيْ: كَانَ ذَا ثَرْوَةٍ وَغِنًى أَوِ اسْتَغْنَى عَنِ الإِيمَانِ وَعَمَّا عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ

-تفسير قوله تعالى: (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) ) –ك , ش-
أَيْ: تُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِكَ وَحَدِيثِكَ لعله يهتدي، وَهُوَ يُظْهِرُ الاستغناءَ عَنْكَ وَالإِعْرَاضَ عَمَّا جِئْتَ بِهِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) ) –ك , ش-
أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ عَلَيْكَ فِي أَلاَّ يُسْلِمَ وَلا يَهْتَدِيَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلاَّ البلاغُ، فَلا تَهْتَمَّ بِأَمْرِ مَنْ كَانَ هكذا مِنَ الْكُفَّارِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) ) –ك , س , ش -
أَيْ: وَصَلَ إِلَيْكَ مُسْرِعاً فِي المَجِيءِ إِلَيْكَ, طَالِباً مِنْكَ أَنْ تُرْشِدَهُ إِلَى الْخَيْرِ وَتَعِظَهُ بِمَوَاعِظِ اللَّهِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ يَخْشَى (9) ) –ك , س , ش -
أَيْ: يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى.

-تفسير قوله تعالى: (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) ) –ك , س , ش -
أي: تتشاغل وَتُعْرِضُ وَتَتَغَافَلُ ، ومن ههنا أمر اللّه عزّ وجلّ رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن لا يخصّ بالإنذار أحداً، بل يساوي فيه بين الشّريف والضّعيف، والفقير والغنيّ، والسّادة والعبيد، والرّجال والنّساء، والصّغار والكبار، ثمّ اللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ، وله الحكمة البالغة والحجّة الدّامغة.

-تفسير قوله تعالى :( كلا إنها تذكرة (11)) –ك , س , ش -
{كَلاَّ}: لا تَفْعَلْ بَعْدَ هَذَا الوَاقِعِ مِنْكَ مِثْلَهُ؛ مِنَ الإعراضِ عَن الفقيرِ, والتَّصَدِّي للغَنِيِّ, وَالتَّشَاغُلِ بِهِ، مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِمَّنْ يَتَزَكَّى، عَنْ إِرْشادِ مَنْ جَاءَكَ منْ أَهْلِ التَّزَكِّى وَالقَبُولِ للموعظةِ.
{إنها تذكرة} : أي: هذه السّورة أو الوصيّة بالمساواة بين النّاس في إبلاغ العلم بين شريفهم ووضيعهم.
وقال قتادة والسّدّيّ: {كلاّ إنّها تذكرةٌ}. يعني: القرآن

-تفسير قوله تعالى: (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) ) –ك , س , ش -
أي: فمن شاء ذكر اللّه في جميع أموره، ويحتمل عود الضّمير على الوحي فيكون المعنى: عملَ بهِ ؛ لدلالة الكلام عليه ، كقولهِ تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}.

-تفسير قوله تعالى: (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) ) –ك , س , ش -
أي: هذه السّورة أو العظة وكلاهما متلازمٌ، بل جميع القرآن {في صحفٍ مكرّمةٍ}. أي: معظّمةٍ موقّرةٍ مُكَرَّمَةٌ عِنْدَ اللَّهِ؛ لِمَا فِيهَا من الْعِلْمِ والحِكْمةِ، أَوْ لأَنَّهَا نَازِلَةٌ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

-تفسير قوله تعالى: (مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) ) –ك , س , ش -
{مرفوعةٍ}. أي: عالية القدر والرتبة عند الله ، {مطهّرةٍ}. أي: من الدّنس والزّيادة والنّقص
فهي مُنَزَّهَةٍ لا يَمَسُّهَا إِلاَّ المُطَهَّرُونَ، مُصَانَةٍ عَنِ الشَّيَاطِينِ وَالكُفَّارِ لا يَنَالُونَهَا.

-تفسير قوله تعالى: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) ) –ك , س , ش -
قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والضّحّاك وابن زيدٍ: هي الملائكة.
وقال وهب بن منبّهٍ: هم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال قتادة: هم القرّاء.
وقال ابن جريجٍ: عن ابن عبّاسٍ: السّفرة بالنّبطيّة: القرّاء.
وقال ابن جريرٍ: الصّحيح أنّ السّفرة: الملائكة.
والسّفرة يعني: بين اللّه وبين خلقه، ومنه يقال: السّفير الذي يسعى بين النّاس في الصّلح والخير،
وقال البخاريّ: سفرة الملائكة. سفرت: أصلحت بينهم، وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللّه وتأديته كالسّفير الّذي يصلح بين القوم.

-تفسير قوله تعالى: (كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) ) –ك , س , ش -
أي: خلقهم كريمٌ حسنٌ شريفٌ، وأخلاقهم وأفعالهم بارّةٌ طاهرةٌ كاملةٌ، ومن ههنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السّداد والرّشاد.
قال الإمام أحمد: عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((الّذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السّفرة الكرام البررة، والّذي يقرؤه وهو عليه شاقٌّ له أجران)). أخرجه الجماعة من طريق قتادة به.

-تفسير قوله تعالى: (قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) ) –ك , س , ش -
وذلكَ كُلّهُ حفظٌ منَ اللهِ لكتابهِ، أنْ جعلَ السُّفراءَ فيهِ إلى الرسلِ الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء، ولمْ يجعلْ للشياطين عليهِ سبيلاً، وهذا مما يوجبُ الإيمانَ بهِ وتلقيهِ بالقبولِ، ولكن معَ هذا أبى الإنسانُ إلاَّ كفوراً، ولهذا يقول تعالى: ذامًّا لمن كفر بكتابه وأنكر البعث والنّشور من بني آدم :{قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} لنعمةِ اللهِ، وما أشدَّ معاندته للحقِّ بعدمَا تبينَ، وهوَ أضعفُ الأشياءِ، خلقهُ اللهُ مِنْ ماءٍ مهينٍ، ثمَّ قدَّرَ خلقهُ، وسوّاهُ بشراً سويّاً، وأتقنَ قواه الظاهرةَ والباطنةَ.
قال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: {قتل الإنسان}: لعن الإنسان. وكذا قال أبو مالكٍ، وهذا لجنس الإنسان المكذّب؛ لكثرة تكذيبه بلا مستندٍ بل بمجرّد الاستبعاد وعدم العلم.
قال ابن جريجٍ: {ما أكفره}: ما أشدّ كفره. وقال ابن جريرٍ: ويحتمل أن يكون المراد: أيّ شيءٍ جعله كافراً؟ أي: ما حمله على التّكذيب بالمعاد.
وقال قتادة، وقد حكاه البغويّ عن مقاتلٍ والكلبيّ: {ما أكفره}: ما ألعنه.

-تفسير قوله تعالى: (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) ) –ك , س , ش -
ثمّ بيّن تعالى له كيف خلقه من الشّيء الحقير، وأنّه قادرٌ على إعادته كما بدأه؛ فقال: {من أيّ شيءٍ خلقه (18)} أَيْ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَ اللَّهُ هَذَا الْكَافِرَ ؟

-تفسير قوله تعالى: (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ) –ك , س , ش -
أَيْ: خلقه مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، فَكَيْفَ يَتَكَبَّرُ مَنْ خَرَجَ مِن مَخْرَجِ البَوْلِ مَرَّتَيْنِ؟
{فَقَدَّرَهُ}؛ أي: فَسَوَّاهُ وَهَيَّأَهُ لِمَصَالِحِ نَفْسِهِ، وَخَلَقَ لَهُ اليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَسَائِرَ الآلاتِ وَالحَوَاسِّ وقدّر أجله ورزقه وعمله وشقيٌّ أو سعيدٌ

-تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ) –ك , س , ش -
قال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: ثمّ يسّر عليه خروجه من بطن أمّه. وكذا قال عكرمة والضّحّاك وأبو صالحٍ وقتادة والسّدّيّ، واختاره ابن جريرٍ.
وقال مجاهدٌ: هذه كقوله: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}. أي: بيّنّاه له ووضّحناه وسهّلنا عليه عمله. وهكذا قال الحسن وابن زيدٍ، وهذا هو الأرجح، واللّه أعلم
فيسَّرَ لهُ الأسبابَ الدينيةَ والدنيويةَ، وهداهُ السبيلَ، [وبيَّنَهُ] وامتحنهُ بالأمرِ والنهي، أي: أكرَمهُ.

-تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ) –ك , س , ش -
أي: إنّه بعد خلقه له أماته فأقبره، أي: جعله ذا قبرٍ، أكرمَهُ بالدفنِ، ولم يجعلْهُ كسائرِ الحيواناتِ التي تكونُ جيفُها على وجهِ الأرضِ , والعرب تقول: قبرت الرّجل. إذا ولي ذلك منه.

-تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) ) –ك , س , ش -
أي: بعثه بعد موته للجزاء، ومنه يقال: البعث والنّشور، {ومن آياته أن خلقكم من ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون}. (وانظر إلى العظام كيف ننشرها ثمّ نكسوها لحماً).
وثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :((كلّ ابن آدم يبلى إلاّ عجب الذّنب، منه خلق وفيه يركّب)) .


-تفسير قوله تعالى: (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) ) –ك , س , ش -
قال ابن جريرٍ: {لمّا يقض ما أمره}:لم يؤدّ ما فرض عليه من الفرائض لربّه عزّ وجلّ. وبه قال ابن سعدي رحمه الله.
عن مجاهدٍ قوله: {كلاّ لمّا يقض ما أمره}. قال: لا يقضي أحدٌ أبداً كلّ ما افترض عليه. وحكاه البغويّ عن الحسن البصريّ بنحوٍ من هذا، ولم أجد للمتقدّمين فيه كلاماً سوى هذا، والذي يقع لي في معنى ذلك واللّه أعلم أنّ المعنى: {ثمّ إذا شاء أنشره}. أي: بعثه، {كلاّ لمّا يقض ما أمره}. لا يفعله الآن حتّى تنقضي المدّة ويفرغ القدر من بني آدم ممّن كتب تعالى أن سيوجد منهم ويخرج إلى الدّنيا، وقد أمر به تعالى كوناً وقدراً، فإذا تناهى ذلك عند اللّه أنشر اللّه الخلائق وأعادهم كما بدأهم.

-تفسير قوله تعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ) –ك , س , ش -
فيه امتنانٌ وفيه استدلالٌ بإحياء النّبات من الأرض الهامدة على إحياء الأجسام بعدما كانت عظاماً باليةً وتراباً متمزّقاً
أَيْ: لِيَنْظُرْ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ طَعَامَهُ الَّذِي جَعَلَهُ سَبَباً لِحَيَاتِهِ؟

-تفسير قوله تعالى: (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ) –ك , س-
أي: أنزلناه من السّماء على الأرض بكثرةٍ.

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) ) –ك , س , ش -
أَيْ: شَقَقْنَاهَا بالنَّباتِ الخارجِ مِنْهَا بِسَبَبِ نُزُولِ الْمَطَرِ شَقًّا بَدِيعاً لائِقاً بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ فِي الصِّغَرِ والكِبَرِ وَالشَّكْلِ والهَيْئَةِ , فنبت وارتفع.

تفسير قوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) ) –ك , س , ش -
{فَأَنْبَتْنَا فِيهَا} أصنافَاً مصنفةً مِنْ أنواعِ الأطعمةِ اللذيذةِ، والأقواتِ الشهيةِ {حُبًّا} وهذا شاملٌ لسائرِ الحبوبِ على اختلافِ أصنافِهَا , وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّباتَ لا يَزَالُ يَنْمُو وَيَتَزَايَدُ إِلَى أَنْ يَصِيرَ حَبًّا.

-تفسير قوله تعالى: (وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) ) –ك , س , ش -
فالحبّ: كلّ ما يذكر من الحبوب، والعنب معروفٌ، والقضب: هو الفصفصة التي تأكلها الدّوابّ رطبةً، ويقال لها: القَتُّ الرَّطْبُ الَّذِي تُعْلَفُ بِهِ الدَّوَابُّ أيضاً، قال ذلك ابن عبّاسٍ وقتادة والضّحّاك والسّدّيّ، وقال الحسن البصريّ: القضب: العلف.

-تفسير قوله تعالى: (وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) ) –ك , س-
{وزيتوناً}. وهو معروفٌ، وهو أدمٌ، وعصيره أدمٌ ويستصبح به ويدّهن به، {ونخلاً}. يؤكل بلحاً بسراً ورطباً وتمراً ونيئاً ومطبوخاً، ويعتصر منه ربٌّ وخلٌّ.
وخصّ هذهِ الأربعةَ لكثرةِ فوائدهَا ومنافعهَا.

-تفسير قوله تعالى: (وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) ) –ك , س , ش -
أي: بساتين فيها الأشجارُ الكثيرةُ الملتفةُ ، وبه قال ابن كثير وابن سعدي.
قال الحسن وقتادة: {غلباً}: نخلٌ غلاظٌ كرامٌ. وبه قال الأشقر.
وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: الحدائق: كلّ ما التفّ واجتمع.
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: {غلباً}: الشّجر الّذي يستظلّ به.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {وحدائق غلباً}. أي: طوالٌ.
وقال عكرمة: {غلباً} أي: غلاظ الأوساط.
وفي روايةٍ: غلاظ الرّقاب، ألم تر إلى الرّجل إذا كان غليظ الرّقبة قيل: واللّه إنّه لأغلب. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وكلا الأقوال ترجع إلى معنى واحد وهو صفة البساتين والأشجار فيها .

-تفسير قوله تعالى: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) ) –ك , س , ش -
{وفاكهةً وأبًّا}. أمّا الفاكهة: فهو ما يتفكّه به من الثّمار.
-الخلاف في معنى الأبّ:
قال ابن عبّاسٍ: الفاكهة: كلّ ما أكل رطباً، والأبّ: ما أنبتت الأرض ممّا تأكله الدّوابّ ولا يأكله النّاس. وبه قال ابن سعدي رحمه الله , ولهذا قالَ: {مَتَاعاً لَكُمْ وَلأِنْعَامِكُمْ}.
وفي روايةٍ عنه: وهو الحشيش للبهائم. وعن مجاهدٍ والحسن وقتادة وابن زيدٍ: الأبّ للبهائم كالفاكهة لبني آدم.
وقال مجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ وأبو مالكٍ: الأبّ: الكلأ.
وعن عطاءٍ: كلّ شيءٍ نبت على وجه الأرض فهو أبٌّ. وبه قال الضحاك وزاد: سوى الفاكهة.
وقال أبو السّائب: ما أنبتت الأرض ممّا يأكل النّاس وتأكل الأنعام.
فأمّا ما رواه ابن جريرٍ حيث قال: ... عن أنسٍ قال: قرأ عمر بن الخطّاب: {عبس وتولّى}. فلمّا أتى على هذه الآية: {وفاكهةً وأبًّا}. قال: قد عرفنا الفاكهة فما الأبّ؟ فقال: لعمرك يابن الخطّاب، إنّ هذا لهو التّكلّف. فهو إسنادٌ صحيحٌ.
وقد رواه غير واحدٍ عن أنسٍ به، وهو محمولٌ على أنّه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه وإلاّ فهو وكلّ من قرأ هذه الآية يعلم أنّه من نبات الأرض؛ لقوله: {فأنبتنا فيها حبًّا وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهةً وأبًّا.

-تفسير قوله تعالى: (مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) ) –ك , س -
أي: عيشةً لكم ولأنعامكم في هذه الدّار التي خلقَها اللهُ وسخرهَا لكمْ، فمَنْ نظرَ في هذهِ النعمِ، أوجبَ لهُ ذلكَ شكرَ ربِّهِ، وبذلَ الجهدِ في الإنابةِ إليهِ، والإقبالِ على طاعتهِ، والتصديقِ بأخبارِهِ .

-تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) ) –ك , س , ش -
قال ابن عبّاسٍ
: {الصّاخّة}: اسمٌ من أسماء يوم القيامة، عظّمه اللّه وحذّره عباده.
قال ابن جريرٍ: لعلّه اسمٌ للنّفخة في الصّور.
وقال البغويّ: {الصّاخّة}. يعني صيحة يوم القيامة، سمّيت بذلك؛ لأنّها تصخّ الأسماع أي: تبالغ في إسماعها حتّى تكاد تصمّها.
أي: إذا جاءتْ صيحةُ القيامةِ، التي تصخُّ لهولِهَا الأسماعُ، وتنزعجُ لها الأفئدةُ يومئذٍ، مما يرى الناسُ مِنَ الأهوالِ وشدةِ الحاجةِ لسالفِ الأعمالِ.

-تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) ) –ك , س , ش -
أي: يراهم ويفرّ منهم ويبتعد عنهم؛ لأنّ الهول عظيمٌ والخطب جليلٌ.
قال عكرمة: يلقى الرّجل زوجته فيقول لها: يا هذه، أيّ بعلٍ كنت لك؟ فتقول: نعم البعل، كنت. وتثني بخيرٍ ما استطاعت؛ فيقول لها: فإنّي أطلب إليك اليوم حسنةً واحدةً تهبينها لي لعلّي أنجو ممّا ترين. فتقول له: ما أيسر ما طلبت، ولكنّي لا أطيق أن أعطيك شيئاً، أتخوّف مثل الذي تخاف.
قال: وإنّ الرّجل ليلقى ابنه فيتعلّق به فيقول: يا بنيّ، أيّ والدٍ كنت لك؟ فيثني بخيرٍ، فيقول: يا بنيّ إنّي احتجت إلى مثقال ذرّةٍ من حسناتك لعلّي أنجو بها ممّا ترى. فيقول ولده: يا أبت، ما أيسر ما طلبت! ولكنّي أتخوّف مثل الّذي تتخوّف، فلا أستطيع أن أعطيك شيئاً. يقول اللّه تعالى: {يوم يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه}.
وفي الحديث الصّحيح في أمر الشّفاعة أنّه إذا طلب إلى كلٍّ من أولي العزم أن يشفع عند اللّه في الخلائق يقول: نفسي نفسي، لا أسأله اليوم إلاّ نفسي. حتّى إنّ عيسى ابن مريم يقول: لا أسأله اليوم إلاّ نفسي لا أسأله مريم التي ولدتني. ولهذا قال تعالى: {يوم يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه}. قال قتادة: الأحبّ فالأحبّ والأقرب فالأقرب من هول ذلك اليوم.
وهؤلاءِ أَخَصُّ القَرَابَةِ وَأَوْلاهُم بالحُنُوِّ والرَّأْفَةِ، فَالْفِرَارُ مِنْهُمْ لا يَكُونُ إِلاَّ لِهَوْلٍ عَظِيمٍ، وَخَطْبٍ فَظِيعٍ وذلكَ لأنَّهُ {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}

-تفسير قوله تعالى: (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) ) –ك , س , ش -
أي: هو في شغلٍ، شاغلٌ عن غيره ,يَشْغَلُهُ عَن الأقرباءِ وَيَصْرِفُهُ عَنْهُمْ، وَيَفِرُّ عَنْهُمْ؛ حَذَراً من مُطَالَبَتِهِمْ إِيَّاهُ بِمَا بَيْنَهُمْ؛ وَلِئَلاَّ يَرَوْا مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ قَدْ أشغلتهُ نفسهُ، واهتمَّ لفكاكِهَا، ولمْ يكنْ لهُ التفاتٌ إلى غيرِهَا.
قال ابن أبي حاتمٍ: ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((تحشرون حفاةً عراةً مشاةً غرلاً)). قال: فقالت زوجته: يا رسول اللّه، أويرى بعضنا عورة بعضٍ؟! قال: (({لكلّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه})). أو قال: ((ما أشغله عن النّظر)).

تفسير قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ) –ك , س , ش -
أي: يكون الناس هنالك فريقين:
سعداءَ وأشقياءَ، فأمَّا السعداءُ، فوجوههم [يومئذٍ] {مُسْفِرَةٌ} أي: مُشْرِقَةٌ مُضِيئَةٌ قدْ ظهرَ فيها السرورُ، والبهجةُ، منْ مَا عرفُوا من نجاتهِمْ، وفوزِهمْ بالنعيمِ.

-تفسير قوله تعالى: (ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) ) –ك-
أي: مسرورةٌ فرحةٌ، من سرور قلوبهم قد ظهر البشر على وجوههم، وهؤلاء أهل الجنّة.

-تفسير قوله تعالى: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) ) –ك , س , ش -
قال ابن أبي حاتمٍ: عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((يلجم الكافر العرق ثمّ تقع الغبرة على وجوههم)) قال: فهو قوله: {ووجوهٌ يومئذٍ عليها غبرةٌ}. أَيْ: غُبَارٌ وَكُدُورَةٌ؛ لِمَا تَرَاهُ مِمَّا أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهَا مِنَ الْعَذَابِ.

-تفسير قوله تعالى: (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) ) –ك , س , ش -
وقال ابن عبّاسٍ: {ترهقها قترةٌ}. أي: يغشاها سواد الوجوه .
فهي سوداءُ مظلمةٌ مدلهمةٌ، قدْ أيستْ مِنْ كلِّ خيرٍ، وعرفَتْ شقَاءَهَا وهلاكَهَا).

-تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) ) –ك , س , ش -
أي: الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم، أي: الذينَ كفرُوا بنعمةِ اللهِ، وكذبوا بآياتِ اللهِ، وتجرؤوا على محارمِهِ,كما قال: {ولا يلدوا إلاّ فاجراً كفّاراً}نسألُ اللهَ العفوَ والعافيةَ، إنَّه جوادٌ كريمٌ .

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 1 ذو القعدة 1435هـ/26-08-2014م, 06:58 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

تفسير سورة التكوير

-مكان نزول السورة:

وهي مكّيّةٌ.
فضائل السورة: -ك , ش-
أخرج أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ, { وَ} إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} وَ{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}))

-تفسير قوله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) ) -ك , ش-
-الأقوال في معنى{إذا الشّمس كوّرت}.

عن ابن عبّاسٍ: يعني: أظلمت.
وقال العوفيّ عنه: ذهبت.
وقال مجاهدٌ: اضمحلّت وذهبت. وكذا قال الضّحّاك.
وقال قتادة: ذهب ضوؤها.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {كوّرت}: غوّرت.
وقال الرّبيع بن خثيمٍ: {كوّرت}. يعني: رمي بها.
وقال أبو صالحٍ: {كوّرت}: ألقيت. وعنه أيضاً: نكّست.
وقال زيد بن أسلم: تقع في الأرض.
قال ابن جريرٍ: والصّواب من القول عندنا في ذلك أنّ التّكوير: جمع الشّيء بعضه على بعضٍ، ومنه تكوير العمامة وهو لفّها على الرّأس، وكتكوير الكرة، وهي: جمع الثّياب بعضها إلى بعضٍ، فمعنى قوله: {كوّرت}: جمع بعضها إلى بعضٍ ثمّ لفّت فرمي بها، وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوؤها. وبه قال ابن سعدي والأشقر.
وقال ابن أبي حاتمٍ: عن ابن عبّاسٍ: {إذا الشّمس كوّرت}. قال: يكوّر اللّه الشّمس والقمر والنّجوم يوم القيامة في البحر، ويبعث اللّه ريحاً دبوراً فتضرمها ناراً. وكذا قال عامرٌ الشّعبيّ.
قال البخاريّ: عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((الشّمس والقمر يكوّران يوم القيامة)). انفرد به البخاريّ، وهذا لفظه، وإنّما أخرجه في كتاب (بدء الخلق)، وكان جديراً أن يذكره ههنا أو يكرّره كما هي عادته في أمثاله.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) )
وقوله: {وإذا النّجوم انكدرت}. أي: انتثرت.كما قال تعالى: {وإذا الكواكب انتثرت}.
وأصل الانكدار الانصباب.
قال الرّبيع بن أنسٍ: عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ قال: ستّ آياتٍ قبل يوم القيامة بينا النّاس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشّمس، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النّجوم، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحرّكت واضطربت واختلطت ففزعت الجنّ إلى الإنس والإنس إلى الجنّ واختلطت الدّوابّ والطّير والوحوش فماجوا بعضهم في بعضٍ.
قالَ ابن سعدي :{وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}أي: تغيَّرتْ، وتساقطتْ، مِنْ أفلاكِهَا
وَقِيلَ: انْكِدَارُهَا: طَمْسُ نُورِهَا.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) )
أي: صارتْ كثيباً مهيلاً، ثمَّ صارتْ كالعهنِ المنفوشِ، ثم تغيَّرتْ وصارتْ هباءً منبثاً، وزالت عن أماكنها .
قال الأشقر: أَيْ: قُلِعَتْ عَن الأَرْضِ، وَسُيِّرَتْ فِي الْهَوَاءِ).

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) )
قال عكرمة ومجاهدٌ: عشار الإبل.
قال مجاهدٌ: {عطّلت}: تركت وسيّبت. وقال أبيّ بن كعبٍ والضّحّاك: أهملها أهلها.
وقال الرّبيع بن خثيمٍ: لم تحلب ولم تصرّ، تخلّى منها أربابها.
وقال الضّحّاك: تركت لا راعي لها.
والمعنى في هذا كلّه متقاربٌ والمقصود أنّ العشار من الإبل وهي خيارها، والحوامل منها التي قد وصلت في حملها إلى الشّهر العاشر، واحدها عشراء، ولا يزال ذلك اسمها حتّى تضع - قد اشتغل النّاس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها، بعدما كانوا أرغب شيءٍ فيها، بما دهمهم من الأمر العظيم المفظع الهائل، وهو أمر القيامة، وانعقاد أسبابها ووقوع مقدّماتها.
وقيل: بل يكون ذلك يوم القيامة يراها أصحابها كذلك ولا سبيل لهم إليها.
وقد قيل في العشار: إنّها السّحاب تعطّل عن المسير بين السّماء والأرض لخراب الدّنيا.
وقيل: إنّها الأرض التي تعشّر، وقيل: إنّها الدّيار التي كانت تسكن تعطّلت لذهاب أهلها. حكى هذه الأقوال كلّها الإمام أبو عبد اللّه القرطبيّ في كتابه (التّذكرة)، ورجّح أنّها الإبل، وعزاه إلى أكثر النّاس.
قلت: بل لا يعرف عن السّلف والأئمّة سواه، واللّه أعلم.
وَخَصَّ العِشَارَ؛ لأَنَّهَا أَنْفَسُ مَالٍ عِنْدَ الْعَرَبِ وَأَعَزُّهُ عِنْدَهُمْ. فتُرِكَتْ هَمَلاً بِلا رَاعٍ؛ وَذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا من الهَوْلِ الْعَظِيمِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {وإذا الوحوش حشرت}. أي: جمعت كما قال تعالى: {وما من دابّةٍ في الأرض ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلاّ أممٌ أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثمّ إلى ربّهم يحشرون}.
قال ابن عبّاسٍ: يحشر كلّ شيءٍ حتّى الذّباب، رواه ابن أبي حاتمٍ وكذا قال الرّبيع بن خثيمٍ والسّدّيّ وغير واحدٍ، وكذا قال قتادة في تفسير هذه الآية: إنّ هذه الخلائق موافيةٌ فيقضي اللّه فيها ما يشاء.
الْوُحُوشُ: غَيْرُ المُسْتَأْنَسِ مِن دوابِّ الْبَرِّ، وَمَعْنَى حُشِرَتْ: بُعِثَتْ حَتَّى يُقْتَصَّ لِبَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ. وَقِيلَ: حَشْرُهَا: مَوْتُهَا.
قال ابن جريرٍ: والأولى قول من قال: حشرت وجمعت، قال اللّه تعالى: {والطّير محشورةً}. أي: مجموعةً
أي:جمعتْ ليومِ القيامةِ، ليقتصَّ اللهُ منْ بعضهَا لبعضٍ، ويرَى العبادُ كمالَ عدلِهِ، حتَى إنَّهُ ليقتصُّ منَ القرناءِ للجمّاءِ، ثمَّ يقولُ لهَا: كوني تراباً

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) )
. قال ابن جريرٍ: عن سعيد بن المسيّب قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه لرجلٍ من اليهود: أين جهنّم؟ قال: البحر. فقال: ما أراه إلاّ صادقاً.
وقال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: يرسل اللّه عليها الرّيح الدّبور فتسعّرها، فتصير ناراً تأجّج. وقد تقدّم الكلام على ذلك عند قوله: {والبحر المسجور}.
وقال مجاهدٌ والحسن بن مسلمٍ: {سجّرت}: أوقدت. فَصَارَتْ نَاراً تَضْطَرِمُ. وبه قال ابن سعدي والأشقر.
وقال الحسن: يبست.
وقال الضّحّاك وقتادة: غاض ماؤها فذهب فلم يبق فيها قطرةٌ.
وقال الضّحّاك أيضاً: {سجّرت}: فجّرت. وقال السّدّيّ: فتحت وسيّرت.
وقال الرّبيع بن خثيمٍ: {سجّرت}: فاضت.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) )
جمع كلّ شكلٍ إلى نظيره، كقوله: {احشروا الّذين ظلموا وأزواجهم}.
روى أبي حاتمٍ من طرقٍ أخر عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ: أنّ عمر بن الخطّاب خطب النّاس فقرأ: {وإذا النّفوس زوّجت}. فقال: تزوّجها أن تؤلّف كلّ شيعةٍ إلى شيعتهم.
وفي روايةٍ: هما الرّجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنّة أو النّار.
وفي روايةٍ عن النّعمان أنّ عمر قال للنّاس: ما تقولون في تفسير هذه الآية: {وإذا النّفوس زوّجت}؟ فسكتوا. قال: ولكن أعلمه، هو الرّجل يزوّج نظيره من أهل الجنّة والرّجل يزوّج نظيره من أهل النّار. ثمّ قرأ:{احشروا الّذين ظلموا وأزواجهم}.
وقال العوفيّ: عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإذا النّفوس زوّجت}. قال: ذلك حين يكون النّاس أزواجاً ثلاثةً.
وقال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا النّفوس زوّجت}. قال: الأمثال من النّاس جمع بينهم. وكذا قال الرّبيع بن خثيمٍ والحسن وقتادة واختاره ابن جريرٍ وهو الصّحيح.
- وهذا كقولِهِ تعالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً}
-{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً}.
-{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}).
قال الأشقر : أَيْ: زُوِّجَتْ نُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ بالحُورِ العِينِ، وَقُرِنَتْ نُفُوسُ الْكَافِرِينَ بالشَّيَاطِينِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) )
{الموءودة}:}؛ أَي: المَدْفُونَةُ حَيَّةً، وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا وُلِدَتْ لأَحَدِهِمْ بِنْتٌ دَفَنَهَا حَيَّةً؛ مَخَافَةَ العَارِ أَو الحَاجَةِ. يُوَبِّخُ قَاتِلُهَا؛ لأَنَّهَا قُتِلَتْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ فَعَلَتْهُ.
كان أهل الجاهليّة يدسّون البنت في التّراب كراهيةً للبنات، فيوم القيامة تسأل الموءودة على أيّ ذنبٍ قتلت؛ ليكون ذلك تهديداً لقاتلها؛ فإنّه إذا سئل المظلوم فما ظنّ الظّالم إذاً؟. وقيل : سألت أي طالبت بدمها , وبه قال ابن عباس وآخرون .
قال ابن عبّاسٍ: أطفال المشركين في الجنّة، فمن زعم أنّهم في النّار فقد كذب، يقول اللّه عزّ وجلّ: {وإذا الموءودة سئلت (8) بأيّ ذنبٍ قتلت}. قال ابن عبّاسٍ: هي المدفونة.
عن خليفة بن حصينٍ قال: قدم قيس بن عاصمٍ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّي وأدت اثنتي عشرة ابنةً لي في الجاهليّة أو ثلاث عشرة. قال: ((أعتق عددهنّ نسماً)). قال: فأعتق عددهنّ نسماً، فلمّا كان في العام المقبل جاء بمائة ناقةٍ فقال: يا رسول اللّه هذه صدقة قومي على أثر ما صنعت بالمسلمين. قال عليّ بن أبي طالبٍ: فكنّا نريحها ونسمّيها القيسيّة).
{بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} ومنَ المعلومِ أنَّها ليسَ لهَا ذنبٌ، ففي هذا توبيخٌ وتقريعٌ لقاتليهَا.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) )
قال الضّحّاك: أعطي كلّ إنسانٍ صحيفته بيمينه أو بشماله.
وقال قتادة: يابن آدم تملي فيها، ثمّ تطوى، ثمّ تنشر عليك يوم القيامة، فنظر رجلٌ ماذا يملي في صحيفته.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) )
مجاهدٌ: اجتذبت.
وقال السّدّيّ: كشفت.
وقال الضّحّاك: تنكشط فتذهب . أي: أُزيلتْ:- كما قالَ تعالَى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ}. {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}. {وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) )
قال السّدّيّ: أحميت.
وقال قتادة: أوقدت. قال: وإنّما يسعّرها غضب اللّه وخطايا بني آدم.

-تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) )
قال الضّحّاك وأبو مالكٍ والرّبيع بن خثيمٍ أي: قرّبت إلى أهلها وَأُدْنِيَتْ مِنْهُمْ وهم المتقينَ.

-تفسير قوله تعالى: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) )
هذا هو الجواب، أي: إذا وقعت هذه الأمور حينئذٍ تعلم كلّ نفسٍ ما عملت وأحضر ذلك لها، كما قال تعالى: {يوم تجد كلّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً وما عملت من سوءٍ تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً}. وقال تعالى: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: لمّا نزلت: {إذا الشّمس كوّرت}. قال عمر لمّا بلغ: {علمت نفسٌ ما أحضرت}. قال: لهذا أجري الحديث.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ}أي: كلُّ نفسٍ؛ لإتيانهَا في سياقِ الشرطِ.
{مَا أَحْضَرَتْ}أي: ما حضرَ لديهَا منَ الأعمالِ [التي قدمتهَا] كمَا قالَ تعالَى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً}.
وهذهِ الأوصافُ التي وصفَ اللهُ بهَا يومَ القيامةِ، منَ الأوصافِ التي تنزعجُ لهَا القلوبُ، وتشتدُّ من أجلِهَا الكروبُ، وترتعدُ الفرائصُ، وتعمُّ المخاوفُ، وتحثُّ أولي الألبابِ للاستعدادِ لذلكَ اليومِ، وتزجرهُمْ عنْ كلِّ ما يوجبُ اللومَ، ولهذا قالَ بعضُ السلفِ: (منْ أرادَ أنْ ينظرَ ليومِ القيامةِ كأنَّهُ رأيُ عينٍ، فليتدبرْ سورةَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}.

-تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) )
روى مسلمٌ في صحيحه والنّسائيّ في تفسيره عند هذه الآية، من حديث عمرو بن حريثٍ قال: صلّيت خلف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الصّبح فسمعته يقرأ: {فلا أقسم بالخنّس (15) الجوار الكنّس (16) واللّيل إذا عسعس (17) والصّبح إذا تنفّس}.
ورواه النّسائيّ عن عليٍّ: {فلا أقسم بالخنّس}. قال: هي النّجوم تخنس بالنّهار وتظهر باللّيل.
وقال ابن جريرٍ: عن بكر بن عبد اللّه في قوله: {فلا أقسم بالخنّس الجوار الكنّس}. قال: هي النّجوم الدّراريّ التي تجري تستقبل المشرق. وهيَ النجومُ السبعةُ السيارةُ: (الشمسُ)، و(القمر)، و(الزهرة)، و(المشتري)، و(المريخ)، و(زحلُ)، و(عطاردُ)، فهذهِ السبعةُ لها سيرانِ:
-سيرٌ إلى جهةِ المغربِ معَ باقي الكواكبِ والأفلاكِ.
- وسيرٌ معاكسٌ لهذَا منْ جهةِ المشرقِ تختصُّ بهِ هذهِ السبعةُ دونَ غيرهَا.
فأقسمَ اللهُ بهَا في حالِ خنوسِهَا أي: تأخرِهَا، وفي حالِ جريانِهَا، وفي حالِ كنوسها
أي: استتارهَا بالنهارِ، ويحتملُ أنَّ المرادَ بها جميعُ النجومِ الكواكبُ السيارةُ وغيرهَا
وقال بعض الأئمّة: إنّما قيل للنّجوم: الخنّس. أي: في حال طلوعها، ثمّ هي جوارٍ في فلكها، وفي حال غيبوبتها يقال لها: كنّسٌ. من قول العرب: أوى الظّبي إلى كناسه إذا تغيّب فيه.
وقال الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد اللّه: {فلا أقسم بالخنّس}. قال: بقر الوحش وكذا روى يونس ، عن ابن عبّاسٍ: {الجوار الكنّس} قال: البقر تكنس إلى الظّلّ. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ.
وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: هي الظّباء. وكذا قال سعيدٌ أيضاً ومجاهدٌ والضّحّاك.
وقال أبو الشّعثاء جابر بن زيدٍ: هي الظّباء والبقر.
وتوقّف ابن جريرٍ في المراد بقوله: {الخنّس الجوار الكنّس}. هل هو النّجوم أوالظّباء وبقر الوحش؟ قال: ويحتمل أن يكون الجميع مراداً.
{الْجَوَارِ}: تَجْرِي فِي أَفْلاكِهَا.
{الْكُنَّسِ}: تَكْنِسُ فِي وَقْتِ غُرُوبِهَا خَلْفَ الأُفُقِ، وَالكُنَّسُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكِنَاسِ الَّذِي يَخْتَفِي فِيهِ الوَحْشُ.

-تفسير قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) )
فيه قولان:

أحدهما: إقباله بظلامه، قال مجاهدٌ: أظلم. وقال سعيد بن جبيرٍ: إذا نشأ. وقال الحسن البصريّ: إذا غشي النّاس. وكذا قال عطيّة العوفيّ.
الثاني : وقال عليّ بن أبي طلحة والعوفيّ عن ابن عبّاسٍ: {إذا عسعس}: إذا أدبر. وكذا قال مجاهدٌ وقتادة والضّحّاك.
وكذا قال زيد بن أسلم وابنه عبد الرّحمن: {إذا عسعس}. أي: إذا ذهب فتولّى.
وقد اختار ابن جريرٍ أنّ المراد بقوله: {إذا عسعس}: إذا أدبر، قال: لقوله: {والصّبح إذا تنفس}. أي: أضاء.
وعند ابن كثير أنّ المراد بقوله: {عسعس}. إذا أقبل، وإن كان يصحّ استعماله في الإدبار أيضاً، لكنّ الإقبال ههنا أنسب كأنّه أقسم تعالى باللّيل وظلامه إذا أقبل، وبالفجر وضيائه إذا أشرق كما قال: {واللّيل إذا يغشى والنّهار إذا تجلّى}. وقال: {والضّحى واللّيل إذا سجى}. وقال: {فالق الإصباح وجاعل اللّيل سكناً}. وغير ذلك من الآيات.
وقال كثيرٌ من علماء الأصول وبه قال ابن سعدي والأشقر: إنّ لفظة: {عسعس}. تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك فعلى هذا يصحّ أن يراد كلٌّ منهما .. واللّه أعلم.

-تفسير قوله تعالى: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) )
قال الضّحّاك: إذا طلع.
وقال قتادة: إذا أضاء وأقبل. وقال سعيد بن جبيرٍ: إذا نشأ. وهو المرويّ عن عليٍّ رضي اللّه عنه.
وقال ابن جريرٍ: يعني: وضوء النّهار إذا أقبل وتبيّن.
أي: بانتْ علائمُ الصبحِ، وانشقَّ النورُ شيئاً فشيئاً حتَّى يستكملَ وتطلعَ الشمسُ.

-تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) )
يعني: إنّ هذا القرآن لتبليغ رسولٍ كريمٍ .. أي: ملكٍ شريفٍ حسن الخلق بهيّ المنظر، وهو جبريل عليه الصّلاة والسّلام. قاله ابن عبّاسٍ والشّعبيّ وميمون بن مهران والحسن وقتادة والضّحّاك والرّبيع بن أنسٍ وغيرهم.

(وهذهِ آياتٌ عظامٌ، أقسمَ اللهُ بها على علوِّ سندِ القرآنِ وجلالتِهِ، وحفظِهِ منْ كلِّ شيطانٍ رجيمٍ، فقالَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}وهوَ جبريلُ عليهِ السلامُ، نزَلَ بهِ منَ اللهِ تعالَى، كمَا قالَ تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}

-تفسير قوله تعالى: (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) )
{ذي قوّةٍ} على ما أمرهُ اللهُ بهِ، ومنْ قوتِهِ أنَّهُ قلَبَ ديارَ قومِ لوطٍ بهم فأهلكَهمْ، كقوله: {علّمه شديد القوى ذو مرّةٍ}. أي: شديد الخلق شديد البطش والفعل، {عند ذي العرش مكينٍ}. أي: له مكانةٌ عند اللّه عزّ وجلّ ومنزلةٌ رفيعةٌ، قال أبو صالحٍ في قوله: {عند ذي العرش مكينٍ}. قال: جبريل يدخل في سبعين حجاباً من نورٍ بغير إذنٍ.
ووصفه اللهُ بالكريمِ لكرمِ أخلاقِهِ، وكثرةِ خصالهِ الحميدةِ، فإنَّهُ أفضلُ الملائكةِ، وأعظمهُمْ رتبةً عندَ ربِّهِ.

-تفسير قوله تعالى: (مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) )
{مطاعٍ ثمّ}. أي: له وجاهةٌ، وهو مسموع القول مطاعٌ في الملأ الأعلى.
قال قتادة: {مطاعٍ ثمّ}. أي: في السّماوات، يعني: ليس هو من أفناء الملائكة، بل هو من السّادة والأشراف، معتنًى به، انتخب لهذه الرّسالة العظيمة.
وقوله: {أمينٍ} صفةٌ لجبريل بالأمانة، وهذا عظيمٌ جدًّا أنّ الرّبّ عزّ وجلّ يزكّي عبده ورسوله الملكيّ جبريل.
وهذا يدلُّ على شرفِ القرآنِ عندَ اللهِ تعالى، فإنَّهُ بُعثَ بهِ هذا الملكُ الكريمُ، الموصوفُ بتلكَ الصفاتِ الكاملةِ.
والعادةُ أن الملوكَ لا ترسلُ الكريمَ عليهَا إلاَّ في أهمِّ المهمَّاتِ، وأشرفِ الرسائلِ.

-تفسير قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) )
لمَّا ذكرَ فضلَ الرسولِ الملكيِّ الذي جاءَ بالقرآنِ، ذكرَ فضلَ الرسولِ البشريِّ الذي نزلَ عليهِ القرآنُ،ودعَا إليهِ الناسَ، فقالَ: {وَمَا صَاحِبُكُمْ} وهوَ محمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ {بِمَجْنُونٍ} كمَا يقولهُ أعداؤهُ المكذبونَ برسالتهِ، المتقولونَ عليهِ منَ الأقوالِ، التي يريدونَ أنْ يُطفؤوا بهَا ما جاءَ بهِ ما شاؤوا وقدرُوا عليهِ، بلْ هوَ أكملُ الناسِ عقلاً، وأجزلُهمْ رأياً، وأصدقهمْ لهجةً.
وَذَكَرَهُ بِوَصْفِ الصُّحْبَةِ للإِشْعَارِ بِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِأَمْرِهِ وَبِأَنَّهُ أَعْقَلُ النَّاسِ وَأَكْمَلُهُمْ.

-تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) )
يعني: ولقد رأى محمّدٌ جبريل الذي يأتيه بالرّسالة عن اللّه عزّ وجلّ على الصورة التي خلقه اللّه عليها، له ستّمائة جناحٍ، {بالأفق المبين}. أي: البيّن، وهي الرّؤية الأولى الّتي كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله: {علّمه شديد القوى ذو مرّةٍ فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثمّ دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى}. والدّليل عليه أنّ المراد بذلك جبريل عليه السّلام، والظّاهر واللّه أعلم أنّ هذه السّورة نزلت قبل ليلة الإسراء؛ لأنّه لم يذكر فيها إلاّ هذه الرّؤية وهي الأولى.
وأمّا الثّانية وهي المذكورة في قوله: {ولقد رآه نزلةً أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى إذ يغشى السّدرة ما يغشى}. فتلك إنّما ذكرت في سورة (النّجم) وقد نزلت بعد (الإسراء) ).

-تفسير قوله تعالى: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) )
أي: وما محمّدٌ على ما أنزله اللّه إليه بظنينٍ، أي: بمتّهمٍ، ومنهم من قرأ ذلك بالضّاد، أي: ببخيلٍ، بل يبذله لكلّ أحدٍ.
قال سفيان بن عيينة: (ظنينٌ) و(ضنينٌ) سواءٌ، أي: ما هو بكاذبٍ، وما هو بفاجرٍ،
والظّنين: المتّهم، والضّنين: البخيل.
وقال قتادة: كان القرآن غيباً فأنزله اللّه على محمّدٍ فما ضنّ به على النّاس - وكذا قال عكرمة وابن زيدٍ وغير واحدٍ- بل بلّغه ونشره وبذله لكلّ من أراده. واختار ابن جريرٍ قراءة الضّاد.
قلت: وكلاهما متواترٌ ومعناه صحيحٌ كما تقدّم.

-تفسير قوله تعالى: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) )
لمَّا ذكرَ جلالةَ كتابِهِ وفضله بذكرِ الرسولينِ الكريمينِ، اللذين وصلَ إلى الناسِ على أيديهمَا، وأثنى اللهُ عليهما بما أثنَى، دفعَ عنهُ كلَّ آفةٍ ونقصٍ مما يقدحُ في صدقهِ، فقالَ: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}أي: في غايةِ البعدِ عن اللهِ وعن قربِهِ .فلا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له، كما قال: {وما تنزّلت به الشّياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنّهم عن السّمع لمعزولون}

-تفسير قوله تعالى: (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) )
أي: فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقًّا من اللّه عزّ وجلّ، كما قال الصدّيق رضي اللّه عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين وأمرهم فتلوا عليه شيئاً من قرآن مسيلمة الكذّاب الذي هو في غاية الهذيان والرّكاكة فقال: ويحكم أين يذهب بعقولكم؟ واللّه إنّ هذا الكلام لم يخرج من إلٍّ. أي: من إلهٍ، وقال قتادة: {فأين تذهبون}. أي: عن كتاب اللّه وعن طاعته.
قال الأشقر : أي طَرِيقٍ تَسْلُكُونَ أَبْيَنَ منْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ؟

-تفسير قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) )
يتذكرونَ بهِ ربهمْ، وما لَهُ منْ صفاتِ الكمالِ، وما ينزَّهُ عنهُ من النقائصِ والرذائلِ ، ويتذكرونَ بهِ الأوامرَ والنواهيَ وحكمهَا، ويتذكرونَ بهِ الأحكامَ القدريةَ والشرعيةَ والجزائيةَ، وبالجملةِ، يتذكرونَ بهِ مصالحَ الدارينِ، وينالونَ بالعملِ بهِ السعادتينِ).

-تفسير قوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) )
أي: من أراد الهداية والاستقامة عَلَى الْحَقِّ وَالإِيمَانِ والطاعةِ فعليه بهذا القرآن؛ فإنّه منجاةٌ له وهدايةٌ، ولا هداية فيما سواه.

-تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) )
أي: ليست المشيئة موكولةً إليكم، فمن شاء اهتدى، ومن شاء ضلّ، بل ذلك كلّه تابعٌ لمشيئة اللّه عزّ وجلّ ربّ العالمين.
قال سفيان الثّوريّ، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى: لمّا نزلت هذه الآية: {لمن شاء منكم أن يستقيم}. قال أبو جهلٍ: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم. فأنزل اللّه: {وما تشاؤون إلاّ أن يشاء اللّه ربّ العالمين}.
وفي هذهِ الآيةِ وأمثالِهَا، ردٌّ على فرقتي القدريةِ النفاةِ، والقدريةِ المجبرةِ كمَا تقدَّمَ مثلها.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir