v بيان أن القران نزل في ليلة مباركة وهي ليلة القدر في رمضان من أوجه
-1عرض الأدلة على ذلك بجمع آيات القران والتوفيق بينها
-2 الإنكار على من قال أنه نزل في ليلة النصف من شعبان
3- رفع البس ودفع الشبهة على من أشكل عليه التوفيق بين كون القران نزل في رمضان وبين ما يراه من نزول القران في أشهر السنة
4- عرض الأحاديث و أقوال السلف التي تدل على أن القران نزل في رمضان في ليل القدر.
v بيان معنى قولنا نزل القران في ليلة القدر....
عرض الأقوال و الأدلة :
1-أنه ابتدئ نزوله فيها.
أي أن القران ابتدأ نزوله على النبي صلى الله عله وسلم وهو متحنث بغراء حراء
- تعقب ابن شامة لهذا القول..من جهتين
2- أنه أنزل فيها جملة واحدة..وهو قول ابن عباس...وغيره
-عرض الأدلة: نقل جملة من أقوال السلف الدالة على ذلك
-بيان معنى.{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}
-بيان معنى {فلا أقسم بمواقع النجوم}
3-أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة..وهو قول مقاتل والحليمي
-ذكر الأقوال في ذلك
4-أن المراد به معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القران قاله الشعبي
-ذكر قول الشعبي.
- ذكر الآثار الدالة على معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القران في رمضان من كل سنة.
-توجيه كلام الشعبي
الخلاصة
قوله تعالى : { أنزل فيه} تحتمل الأوجه الأربعة
v نزول القران جملة
-السر في نزول القران جملة إلى السماء الدنيا
- وقت نزول القران جملة إلى السماء الدنيا قبل أن بعد النبوة
- فوائد نزول القران جملة .
- "إنا أنزلناه في ليلة القدر" من جملة ما نزل جملة أم لا.
v نزول القران منجما
- السر في نزول القران إلى الأرض منجما.
- مدة نزول القران منجما
- تكفل الله لنبيه بحفظ القران وبيانه ووعده بذلك و ضمن له عدم نسيانه
v أول ما نزل من القران و آخر ما نزل.
-أول ما نزل من القران
-آخر ما نزل من القران
v معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القران
v حفاظ القرآن من الصحابة رضي الله عنهم ومن جمعه منهم.
1- من قال أن عددهم محصور - هم قلة-
نقل الأحاديث والآثار في ذلك
- 2- من قال أن عدد هم كثير
قاله أبو بكر الباقلاني في "كتاب الانتصار" وبين الأدلة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدد المذكورة وأن العادة تحيل خلاف ذلك
3- توجيه الأحاديث والآثار التي حصرت عدد الحفاظ
v تدوين القران وجمعه في زمن النبي صلى اله عليه وسلم
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته
v الناسخ والمنسوخ من القرآن
أنواع النسخ في القرآن :
1- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
-2- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه
3- ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته .
2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
وقد قال أبو بكر بن العربي :"لم تتعين هذه السبعة بنص من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بإجماع من الصحابة، وقد اختلفت فيها الأقوال:
القول الأول
- المراد بالأحرف السبع سبع لغات من لغات العرب. متفرقة في القرآن ؛ وليس للحرف الواحد سبع أوجه ..وهو قول أبو عبيد القاسم بن سلام والسرقسطي .والبغوي.وغيرهم
.قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى في كتاب "غريب الحديث": قوله سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، هذا لم نسمع به قط، ولكن نقول: هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة.
وقال الإمام البغوي :
"أظهر الأقاويل وأصحها وأشبهها بظاهر الحديث أن المراد من هذه الحروف اللغات، وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم، وما جرت عليه عادتهم من الإدغام والإظهار والإمالة والتفخيم والإشمام والإتمام والهمز والتليين وغير ذلك من وجوه . اللغات إلى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة
أدلة هذا القول
- عن أنس بن مالك أن عثمان رحمة الله عليه قال للرهط القرشيين الثلاثة حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم.
- وجاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب. وفي رواية عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "إني سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعالى" ، وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعالى وأقبل"، ثم فسره ابن سيرين فقال: في قراءة ابن مسعود "إن كانت إلا زقية واحدة"، وفي قراءتنا: {صَيْحَةً وَاحِدَةً} ، فالمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات.
اللغات متفرقة في القران غير مجتمعة في اللفظ الواحد
وهذه اللغات متفرقة في القرآن، وليس شرطا أن تأتي سبع لغات في كل حرف ..بل يجوز أن يأتي في اللفظ الواحد وجهان أو ثلاثة أو أكثر..
قال الهذلي في" الكامل" .وليس الشرط أن تأتي سبع لغات في كل حرف، بل يجوز أن يأتي في حرف وجهان أو ثلاثة أو أكثر، ولم تأت سبعة أحرف إلا في كلمات يسيرة، مثل: "أف" بالضم والفتح والكسر () مع التنوين وبغير تنوين مع الحركات الثلاث وبالسكون.
واختار الحافظ أبو العلاء تفسيرها باللغات المتفرقة في القرآن، قال: وليس الغرض أن تأتي اللغات السبع في كل كلمة من كلم القرآن، بل يجوز أن يأتي في الكلمة وجهان أو ثلاثة، فصاعدًا إلى سبعة، ولم تأت سبعة أوجه إلا في كلمات محصورة، نحو "جبريل" ، {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} ، "أرجئه" ، و"أف" ، و {عَذَابٍ بَئِيس} ، و {هَيْهَات} ، و"دري توقد"
تعيين تلك اللغات السبعة
اختلف أهل العلم في تعين تلك اللغات السبعة على أقوال
1- قيل هي سبع لغات لقريش فحسب واستدلوا لذلك :
-عن أنس بن مالك أن عثمان رحمة الله عليه قال للرهط القرشيين الثلاثة حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم.
- وبما رواه أبود داود في سننه أن عمر ابن الخطاب أرسل كتاب إلى ابن مسعود : أما بعد فإن الله أنزل القران بلغة قريش فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل
رد على هذا القول:
أنه يوجد في القران لغات غير لغة قريش من تحقيق الهمزات ونحوها -وقريش لا تهمز- ؛ وإنما المراد بقول عثمان أنزل القران بلسان قريش
*إما المراد به على الأغلب الأعم
*أو أن ذلك كان في بداية نزول قبل الرخصة والتسهيل على الناس فجوز لهم أن يقرؤوه على لغاتهم ؛ فأشار عثمان إلى أول نزوله.
- وأما الرد على كتاب عمر لابن مسعود فقيل في قوله "أقرئ الناس بلغة قريش".
*أن ذلك على الاختيار ..وإذا أبيح لنا قراءته على كل ما أنزل فجائز الاختيار
*أن ذلك متعلق ممن أراد من غير العرب حفظه فالمختار له أن يقرأه على لسان قريش، لأن جميع لغات العرب بالنسبة إلى غير العربي مستوية في التعسر عليه، فإذًا لا بد من واحدة منها، فلغة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى له، وإن أقرى بغيرها من لغات العرب، فجائز فيما لم يخالف خط المصحف، وأما العربي المجبول على لغة فلا يكلف لغة قريش لتعسرها عليه، وقد أباح الله تعالى القراءة على لغته.
2- أنها كلها من لغة مضر ودليلهم في ذلك حديث عثمان.
قال عثمان رضي الله عنه: نزل القرآن بلسان مضر.
ورد هذا القول :
- أن في لغة مضر شواذ لا يجوز قراءة القران به مثل كشكشة قيس وعنعنة تميم.
- وما ثبت عن عثمان " ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم" أولى من هذا الحديث وأثبت منه فوجب تقديمه عليه.
3- وقيل: خمس لغات لعجز هوازن ولغتان على جميع ألسنة العرب.
قال ابن عباس قال : أنزل القران على سبعة أحرف؛ صار في عجز هوازن منها خمسة"
قال أبو عبيد: والعجز هم سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف، وهذه القبائل هي التي يقال لها: عليا هوازن، وهم الذين قال فيهم أبو عمرو بن العلاء (. : أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم. فهذه عليا هوازن، وأما سفلى تميم فبنو دارم، فهذه سبع قبائل
4- وقيل هي لغة قريش وهذيل وتميم وأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر
5- وقيل هي سبع لغاتمتفرقات على لغات العرب يمنها ونزارها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهل شيئا منها، وكان قد أوتي جوامع الكلم
- وجاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب. وفي رواية عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم.
قال أبو شامة تعليقا على الأثر:.. هذا هو الحق؛ لأنه إنما أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي أن يوسع على قوم دون قوم، فلا يكلف أحد إلا قدر استطاعته، فمن كانت لغته الإمالة، أو تخفيف الهمز، أو الإدغام، أو ضم ميم الجمع، أو صلة هاء الكناية، أو نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ وكذا كل من كان من لغته أن ينطق بالشين التي كالجيم، والجيم التي كالكاف، ونحو ذلك، فهم في ذلك بمنزلة الألثغ والأرت ، لا يكلف ما ليس في وسعه، وعليه أن يتعلم ويجتهد، والله أعلم.
رد ابن قتيبة على هذه الأقوال جميعا
رد ابن قتيبة على من قال أن في القران غير لغة قريش
قال ابن قتيبة :"وهذا القول عظيم من قائله لأنه غير جائز أن كون في القران لغة تخالف قريش لقوله تعالى :{ "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} إلا أن يكون القائل لهذا أراد ما وافق من هذه اللغات لغة قريش
وتعقبه أيوب الستختياني بقوله : أن معنى قوله أراد العرب كله
قال أبي شامة فعلى هذا القول لا يستقيم اعتراض ابن قتيبة
- من أنكر أن المراد بالأحرف السبع سبع لغات
قال ابن عبد البر: "... وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم " أنزل القران على سبعة أحرف " سبع لغات وقالوا:
هذا لا معنى له؛ لأنه لو كان كذلك لم ينكر القوم بعضهم على بعض في أول الأمر؛ لأنه من كانت لغته شيئا قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ينكر عليه، وأيضا فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي مكي، وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدًا منهما بغير ما يعرفه من لغته، والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا.
وقد ضعف الأهوازي تفسير الأحرف السبعة باللغات، قال: لأن اللغات في القبائل كثير عددها
القول الثاني
المراد بالسبع أحرف التوسعة، وليس حصرا للعدد".
أي أن الله وسع على عباده أن يقرأه كل واحد على لغته بأي حرف شاء تسهيلا علي الناس في تلاوته ولو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم، ولكان ذلك داعية إلى الزهاد فيه وسببا للنفور عنه".
دليل هذا القول
هذا موافق لما جاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب. وفي رواية عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم.
-و قيل في معنى قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} إنه جرى كالمثل في التعبير عن التكثير، لا حصرا في هذا العدد.
القول الثالث
-معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعالى وهلم، . وهو قول أبي جعفر الطبري والطحاوي
قال أبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرئ: أخبرنا أبو علي الحسن بن صافي الصفار أن عبد الله بن سليمان حدثهم قال: حدثنا أبو الطاهر قال: سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين،هل تدخل في السبعة الأحرف؟ فقال: لا، وإنما السبعة الأحرف كقولهم هلم، أقبل، تعال، أي ذلك قلت أجزاك.
أدلة هذا القول
1-حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
2-حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا، ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة)).*
3-ومنها حديث أبي جهيم الأنصاري:"أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء كفر)).
قال ابن عبد البر : "وهذه الآثار كلها تدل على أنه لم يعن به سبع لغات، والله أعلم".
4-"وقد جاء عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: {للذين آمنوا انظرونا}، مهلونا، أخرونا، أرجئونا، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، مروا فيه، سعوا فيه، كل هذه الحروف كان يقرأ بها أبي بن كعب، إلا أن مصحف عثمان الذي بأيدي الناس اليوم هو منها حرف واحد".
و قال ابن عبد البر: "وعلى هذا أهل العلم، فاعلم".
عدم وجود هذه السبع أحرف على هذا القول :
فعلى القول بأن المراد بالأحرف السبع سبع سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، والحال أن هذه المعاني غير موجودة في القران دل ذلك على أن عثمان قد جمع الناس على حرف واحد
قال ابن عبد البر ..{..وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها، إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان رضي الله عنه المصاحف".
وقال أبو جعفر الطحاوي : كانت هذه السبعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها؛ لأنهم كانوا أميين، لا يكتبون إلا القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة، فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقا، فكانوا كذلك، حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرءوا بذلك على تحفظ ألفاظه، ولم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص، لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد"
القول الرابع
سبعة أحرف معناه سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه،
دليل هذا القول
- حديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
رد هذا القول
وقد أبطل الأهوازي تفسير الأحرف السبعة بالأصناف؛ لأن أصنافه أكثر من ذلك، منها الإخبار، والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد، والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص، والمواعظ، والاحتجاج، والتوحيد، والثناء، وغير ذلك.
وقد رد أهل العلم حديث بن مسعود من جهتين
-جهة السندقال ابن عبد البر ..هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة . لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده
والحديثيرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا" قال البيهقي في "كتاب المدخل" وقال: هذا مرسل جيد
جهة النظر:
تفسير الأحرف السبعة الأحرف بهذا القول تأويله فاسد؛ لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. .
قال البيهقى الحديث مرسل جيد
تأويل الحديث على فرض صحته. فإن صح فمعنى قوله: "سبعة أحرف":
-1 فمعنى قوله: "سبعة أحرف": أي سبعة أوجه، وليس المراد به ما ورد في الحديث الآخر من نزول القرآن على سبعة أحرف، ذاك المراد به اللغات التي أبيحت القراءة عليها، وهذا المراد به الأنواع التي نزل القرآن عليها، والله أعلم.قاله البيهقي
2-ذكر أبو علي الأهواز، والحافظ أبو العلاء أن قوله "زاجر وآمر" إلى آخره استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه،لاتفاقهما في العدد وهو السبعة، وروي "زاجرًا وآمرًا ... " بالنصب، أي نزل على هذه الصفة من سبعة أبواب على سبعة أحرف، ويكون المراد بالأحرف غير ذلك.
3- أن يكون ذلك تفسير للأبواب، لا للأحرف، أي هذه سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه وأنواعه، أي أنزله الله تعالى كائنا من هذه الأصناف، لم يقتصر به على صنف واحد، بخلاف ما يحكى أن الإنجيل كله مواعظ وأمثال.
قال الطبري:.. وأما معنى قوله: "إن الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب" ، فقد مضى تفسير "الأبواب السبعة".
وهي أنه آمر وزاجر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، ولم يجمع كتاب مما تقدم هذه "الأبواب السبعة" كزبور داود الذي هو تذكر ومواعظ، وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض". .
القول الخامس: المراد بالسبعة الأحرف : سبع أوجه من وجوه القراءات وهو قول الباقلاني و مكي القيسي والأهوازي وابن قتيبة وابن شريح و السخاوي
قال أبو شامة
قال قوم سبعة أحرف منها ستة مختلفة الرسم، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان رضي الله عنهم، نحو الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، نحو (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي)، (وجاءت سكرة الحق بالموت)، (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (والعصر ونوائب الدهر)، (وله أخ أو أخت من أمه)،"وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنا كتبناها عليك" ، و"إن كانت إلى زقية واحدة" ، و"كالصوف المنقوش" ، و"طعام الفاجر" ، و"إن بوركت النار ومن حولها" في نظائر ذلك
فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف، وبقي من القراءات ما وافق المرسوم، فهو المعتبر، إلا حروفا يسيرة اختلف رسمها في مصاحف الأمصار، نحو (أوصى) و(وصى)، و {من يرتد} و(من يرتدد)، و(من تحتها) و(تحتها)، وكأنهم أسقطوا ما فهموا نسخه بالعرضة الأخيرة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام، ورسموا ما سوى ذلك من القراءات التي لم تنسخ.
قال ابن عبد البر: "وهذا وجه حسن من وجوه معنى الحديث، وفي كل وجه منها حروف كثيرة لا تحصى عددا، وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها، إلا حرف واحد، وهو صورة مصحف عثمان، وما دخل فيها يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف".
اختلاف أهل العلم في استخراج وجوه القراءات
وقد اختلف العلماء في استخراج وجوه القراءات على أقوال ذكرها أبو شامة
فذكر اختيار مكي القيسي؛ الأهوازي ؛ الأدفوي؛البلاقني ؛و السخاوي.
أولا
قال بعضهم: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة:
1- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما،
2- ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}،
3- ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي،
4- ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)،
5- ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود".
6- ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"،
7- ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
واعتمد على هذه الأوجه مكي، وجعل من القسم الأول نحو "البخل" و"البخل" ، و"ميسرة" بضم السين وفتحها ، ثم قال: "وهذه الأقسام كلها كثيرة، لو تكلفنا أن نؤلف في كل قسم كتابا بما جاء منه وروي لقدرنا على ذلك" .
ثانيا :
اختار أبو علي الأهوازي
"قال بعضهم: معنى ذلك هو الاختلاف الواقع في القرآن، يجمع ذلك سبعة أوجه:
ا1- لجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"،
2- والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"،
3- والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}،
4- والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}،
5- والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}،
6- واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار،
7- وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك". قال: "وهذا القول أعدل الأقوال وأقربها لما قصدناه، وأشبهه بالصواب".
ونسب هذا القول أبو العلاء إلى أبي الطاهر وقال:"{ وهذا أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى"}
وقال "قد روى عن مالك ابن انس أنه كان يذهب إلى هذا المعنى".
ثالثا قال بعضهم: معنى ذلك سبعة معان في القراءة".
ذكره الأهوازي ونسبه هذا أبو العلاء إلى أبي العباس أحمد بن واصل
1- "أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
2- "الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
"3- والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
4- "والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
5- "والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
6- "والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".*
7- "والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
قال أبو علي: "وهذا معنى يضاهي معنى القول الأول الذي قبله، وعليه اختلاف قراءة السبعة الأحرف
رابعا:
اختيار الأدفوي قال:
"القرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، وتفصيل ذلك أن تكون هذه اللغات السبع على نحو ما أذكره.
1-"فأول ذلك تحقيق الهمز وتخفيفه في القرآن كله، في مثل {يُؤْمِنُون} ،
و"مؤمنين"
2-"ومنه إثبات الواو وحذفها في آخر الاسم المضمر، نحو: "ومنهمو
أميون} "
3-"ومنه أن يكون باختلاف حركة وتسكينها، في مثل "غِشَاوَة" ، و"غشوة" ، و {جِبْرِيل} ، و {مَيْسَرَة} ، و {الْبُخْل} ، و {سِخْرِيًّا} ".
4-"ومنه أن يكون بتغيير حرف، نحو "ننشرها" ، و"يقض الحق" ، و {بِضَنِين} ".
5-"ومنه أن يكون بالتشديد والتخفيف، نحو {يُبَشِّرُهُم} ، و"يَبْشُرُهم" .
6-"ومنه أن يكون بالمد والقصر، نحو "زكرياء" و {زَكَرِيَّا} "..
7-"ومنه أن يكون بزيادة حرف من "فعل" و"أفعل"، مثل {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} ، و {نُسْقِيكُم} " .
خامسا اختيار الباقلاني
واختار نحو هذه الطريقة في تفسير الأحرف السبعة القاضي أبو بكر محمد بن الطيب في "كتاب الانتصار" فذكر التقديم والتأخير وجها، ثم الزيادة والنقص، نحو {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِم} و"يا مال" و"ناخرة" و"سرجا" ، و {خْرَجًا}
3-: اختلاف الصورة والمعنى، نحو {وَطَلْحٍ مَنْضُود} ، "وطلع منضود" ، وقيل هما اسمان لشيء واحد، بمنزلة {الْعِهْن} و"الصوف" ، و {الْأَثِيم} و"الفاجر" ، فيكون مما تختلف صورته في النطق والكتاب، ولا يختلف معناه.
4-: أن يكون الاختلاف في القراءتين، اختلافا في حروف الكلمة بما يغير معناها ولفظها من السماع، ولا يغير صورتها في الكتاب، نحو "ننشرها" و {نُنْشِزُهَا} .
5-: الاختلاف في بناء الكلمة بما لا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، نحو "البُخل" و"البَخل" ، و"مَيْسَرة"،
و"مَيّسَرة"، "يعكُِفون" ، {هَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور}".
6-: تغيير الصورة دون المعنى، نحو "العهن" و"الصوف" ، و {صَيْحَة} و"زقية" ، {فُومِهَا} و"ثومها" .
7-: اختلاف حركات الإعراب والبناء، بما يغير المعنى، والصورة واحدة، نحو "باعَدَ، وباعِدْ بين أسفارنا" ، و"لقد علمتَُ ما أنزل هؤلاء" بالضم والفتح". قال: "فهذا، والله أعلم، هو تفسير السبعة الأحرف دون جميع ما قدمنا ذكره".
سادسا: اختيار السخاوي
وأخبرنا شيخنا أبو الحسن رحمه الله في كتابه "جمال القراءة" قال:
"فإن قيل: فأين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن القرآن أنزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟
"قلت: هي متفرقة في القرآن، وجملة ذلك سبعة أوجه:
"الأول: كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو
{يُسَيِّرُكُم} و"ينشركم" ، و {لَنُبَوِّئَنَّهُم} و"لنثوينهم" ، و {فَتَبَيَّنُوا} و"فتثبتوا" .
"الثاني: زيادة كلمة، نحو "من تحتها" ، و {هُوَ الْغَنِيُّ} " .
"الثالث: زيادة حرف، نحو {بِمَا كَسَبَت} و"فبما كسبت" ، -يعني في سورة الشورى".
"الرابع: مجئ حرف مكان آخر، نحو {يَقُول} و"نقول" ، و {تُبْلَو} و"تتلو" .
"الخامس: تغيير حركات، إما بحركات آخر، أو بسكون، نحو {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، و"ليحكم أهل الإنجيل".
"السادس: التشديد والتخفيف، نحو {تُسَاقِط} و"بلد ميت وميت" .
"السابع: التقديم والتأخير، نحو {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} ، {وقتلوا وقاتلوا}
ثم قال الشيخ: "وقوله عز وجل {ثم انظر أنى يوفكون} يقرأ على سبعة أوجه، وكذلك قوله عز وجل: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} ، وقوله عز وجل {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} ، ولذلك نظائر"
تضعيف القول : بأن المراد بالأحرف السبع أوجه القراءات
ضعف أو شامة هذا القول لأنه لادليل عليه ويلزم منه لوازم غير صحيحة قال رحمه الله تعالى بعد سرده للأقوال..وهذه الطرق المذكورة في بيان وجود السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة؛ إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا. ثم لم يحصل حصر جميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على جعل ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم، وكان أولى من جميع ذلك لو حملت على سبعة أوجه من الأصول المطردة كصلة الميم، وهاء الضمير، وعدم ذلك، والإدغام، والإظهار، والمد، والقصر، وتحقيق الهمز، وتخفيفه، والإمالة، وتركها، والوقف بالسكون، وبالإشارة إلى الحركة، وفتح الياءات، وإسكانها، وإثباتها، وحذفها، والله أعلم.
كما ضعفه أيضا القاسم بن ثابت السرقسطي بقوله :" ....وهذه الأحاديث الصحاح التي ذكرنا بالأسانيد الثابتة المتصلة تضيق عن كثير من الوجوه التي وجهها عليها من زعم أن الأحرف في صورة الكتبة وفي التقديم والتأخير والزيادة والنقصان؛ لأن الرخصة كانت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعرب ليس لهم يومئذ كتاب يعتبرونه، ولا رسم يتعارفونه، ولا يقف أكثرهم من الحروف على كتبه، ولا يرجعون منها إلى صورة، وإنما كانوا يعرفون الألفاظ بجرسها، أي بصوتها، ويجدونها بمخارجها، ولم يدخل عليهم يومئذ من اتفاق الحروف ما دخل بعدهم على الكتبين من اشتباه الصور، وكان أكثرهم لا يعلم بين الزاي والسين سببا، ولا بين الصاد والضاد نسبا."
3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
ليست القراءات السبع هي الأحرف السبع بل هي جزء وبعض منها
نقل أقوال العلماء في ذلك:
قال أبو شامة...ظن جماعة ممن لا خبرة له بأصول هذا العلم أن قراءة هؤلاء الأئمة السبعة هي التي عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف))، فقراءة كل واحد من هؤلاء حرف من تلك الأحرف، ولقد أخطأ من نسب إلى ابن مجاهد أنه قال ذلك.
- قال أبو محمد مكي:
"هذه القراءات كلها التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل لذلك".
- قال أبو علي الأهوازي :قال: "ولسنا نقول: إن ما قرأه هؤلاء السبعة يشتمل على جميع ما أنزله الله عز وجل من الأحرف بالسبعة التي أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بها، ولا معنى ما ورد عنهم معنى ذلك".
قال: "وقد ظن بعض من لا معرفة له بالآثار أنه إذا أتقن عن هؤلاء السبعة قراءتهم أنه قد قرأ السبعة الأحرف التي جاء بها جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم". قال: "وهو خطأ بين وغلط ظاهر عند جميع أهل البصر بالتأويل".
إبطال هذا القول
- أن هذا القول لا دليل عليه..."فكيف يجوز أن يظن ظان أن هؤلاء السبعة المتأخرين قراءة كل واحد منهم أحد الحروف السبعة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم، هذا تخلف عظيم، أكان ذلك بنص من النبي صلى الله عليه وسلم أم كيف ذلك".
- أن كون القراء سبع فقط هذا لا يسلم له فقد ألف بعض من العلماء في القراءات فهناك من زاد عليهم وهناك من أنقص وذكر خمسا فقط
- كون هؤلاء السبع بعينهم غير مقصود لوجود من ألف في القراءات فاطرح بعضهم وذكر غيرهم
وأول من اقتصر على السبع ابن مجاهد وتابعه على ذلك من أتى بعده.وسبب اقتصار ابن مجاهد على السبعة لأمرين:
- ليوافق قول النبي صلى الله عليه وسلن " إن هذا القران أنزل على سبعة أحرف"
- ليوافق عدد المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار فقد أرسل سبع مصاحف لكل مصر مصحفا
- هذا القول يترتب محاذير
- قال مكي : : "فأما من ظن أن قراءة كل واحد من هؤلاء القراء كنافع وعاصم وأبي عمرو، أحد الأحرف السبعة التي نص النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك منه غلط عظيم.
-إذ يجب أن يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا؛ إذ قد استولوا على الأحرف السبعة عنده، فما خرج عن قراءتهم فليس من السبعة عنده".
- "ويجب من هذا القول أن تترك القراءة بما روي عن أئمة هؤلاء السبعة من التابعين والصحابة مما يوافق خط المصحف، مما لم يقرأ به هؤلاء السبعة".
- "ويجب منه أن لا تروى قراءة عن ثامن فما فوقه؛ لأن هؤلاء السبعة عند معتقد هذه القول قد أحاطت قراءتهم بالأحرف السبعة".
-
4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
أولا و أهم سبب في ذلك الذي كان له الأثير الكبير في اختلاف القراءة ؛
خلو المصحاف التي أنفذها عثمان إلى الأمصار من الشكل و الإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه فلما كان الأمر كذلك.فكان معلموا القران يعلمون الناس بما كان قد عُلموا مما هو موافق لخطا المصحف ..فما كان من قراءتهم موافقا لخطا المصحف ثبتوا عليه وما كان مخالفا لخط المصحف تركوه وانتقوا إلى ما هو ثابت في المصحف.بهذا حصل الاختلاف في القراءة و ترتب عليه نشأة القراءات..
قال مكي القيسى...فإنقيل: فما تقولون في هذه القراءات السبع التي ألفت في الكتب؟
"قلنا: إنما أرسل أمير المؤمنين المصاحف إلى الأمصار الخمسة بعد أن كتبت بلغة قريش، فإن القرآن إنما نزل بلغتها ثم أذن رحمة من الله تعالى لكل طائفة من العرب أن تقرأ بلغتها على قدر استطاعتها، فلما صارت المصاحف في الآفاق غير مضبوطة ولا معجمة قرأها الناس فما أنفذوه منها نفذ، وما احتمل وجهين طلبوا فيه السماع حتى وجدوه".
قال أبو شامة:..ونفذت –يعنى مصاحف عثمان- إلى الأمصار وأمروا باتباعها وترك ما عداها، فأخذ الناس بها، وتركوا من تلك القراءات كل ما خالفها، وأبقوا ما يوافقها صريحا كقراءة {الصِّرَاط} بالصاد، واحتمالا كقراءة {مَالِكِ} بالألف ؛ لأن المصاحف اتفقت على كتابة "ملك" فيها بغير ألف، فاحتمل أن يكون مراده كما حذفت من "الرحمن" و"إسمعيل" و"إسحق" وغير ذلك.
وأيضا مما سبب الاختلاف في المرسوم اختلاف القراء في علمهم وتقواهم
قال ابن مجاهد :
1- من حملة القرآن المعرب العالم بوجوه الإعراب في القراءات، العارف باللغات ومعاني الكلام، البصير بعيب القراءة المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين".
2- ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه، فهو مطبوع على كلامه".
3- ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه، وليس عنده إلا الأداء لما تعلم، لا يعرف الإعراب ولا غيره، فذلك الحافظ ولا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده، فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا، فيحمل ذلك عنه وقد نسيه وأوهم فيه وجسر على لزومه والإصرار عليه، أو يكون قد قرأ على من نسي وضع الإعراب ودخلته الشبهة فتوهم، فذلك لا يقلد في القراءة ولا يحتج بنقله".
4- ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعنى ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس في الآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون بذلك مبتدعا، وقد روينا في كراهة ذلك وخطره أحاديث".
فترتب على ذلك الاختلاف في القراءة فظهرت اللغة الشاذة في القراءات و كذا الضعيف المعنى في الإعراب و اللحن الخفي الذي لا يعرفه إلا العالم النحرير.
3-وأيضا من الأسباب جواز الاختيار في ذلك الوقت.فقد كان جائزا للقارئ أن يتخير مما قرأه على شيوخه القراء أيهم أعجب إليه فقرئ بها.
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
شروطها :
1- اجتماع الأمة عليها
2- أن تكون موافقة لخطا المصحف
-3ومجيئها على الفصيح من لغة العرب
فمتى تحققت هذه الأركان الثلاثة كانت القراءة صحيحة معتبرة.
قال أبو شامة:.
فكل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب، فهي قراءة صحيحة معتبرة.
قال ابن جبير المقرئ : "وإنما الأصل الذي يعتمد عليه في هذا: أن ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق لفظه خط المصحف فهو من السبعة المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفا، مفترقين أو مجتمعين، فهذا هو الأصل الذي بُني عليه في ثبوت القراءات عن سبعة أو عن سبعة آلاف، فاعرفه وابن عليه" .
· بيان معنى كل شرط
1-اجتماع الأمة عليها..هو أن يصح سندها وتتلقها الأمة بالقبول و تستفيض وتشتهر..
قال مكي.."وإذا اجتمع للحرف قوته في العربية وموافقة المصحف واجتماع العامة عليه فهو المختار عند أكثرهم.
و هل التواتر شرط في قبول القراءة واعتبارها صحيحة.؟ الذي يظهر من كلام أبي شامة أن ذلك ليسا شرطا بل يكفي في اعتبار القراءة الصحيحة صحة سندها و شهرتها وتلقي الأمة لها بالقبول ولو كانت آحادا
قال أبو شامة.. ولا يلتزم فيه تواتر، بل تكفي الآحاد الصحيحة مع الاستفاضة، وموافقة خط المصحف، بمعنى أنها لا تنافيه عدم المنكرين لها نقلا وتوجيها من حيث اللغة.
ورد أبو شامة على من يقول إن القراءات السبعة كلها متوترة؛ أي كل فرد مما روى عن هؤلاء الأئمة السبعة متواتر...أن ذاك غير صحيح لأن ما نسب إلى الأئمة السبعة فيه ما هو مجمع عليه مستفيض مشتهر وفيه ما هو من قبيل الشاذ.. وذكر مثالا على ذلك الجمع بين الساكنين في تاءات البزي..وغير ذلك .. وبين أنما التواتر حاصل بمجموع تلك القراءات وليس بفرد من أفراده و حرف من حروفها..وأن إن ثبت التواتر فهو ثابت وحاصل إلى الإمام الذي تنسب إليه القراءة..ويبقى إثبات التواتر من ذلك الإمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم.في كل فرد من أفراد تلك القراءة .
قال أبو شامة:...فالحاصل إنا لسنا ممن يلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلف فيها بين القراء، بل القراءات كلها منقسمة إلى متواتر وغير متواتر، وذلك بين لمن أنصف وعرف وتصفح القراءات وطرقها.
2- معنى موافقته خط المصحف:
أن يكون خط المصحف يحتمل تلك القراءة المقروء بها..وموافقة خط المصحف قد تكون تحقيقاً وهو الموافقة الصريحة وقد تكون تقديراً وهو الموافقة احتمالاً.
قال مكي : والذي في أيدينا من القراءات هو ما وافق خط ذلك المصحف من القراءات التي نزل بها القرآن وهو من الإجماع أيضا.
قال أبو شامة في بيان هذا الركن: ..قلت: ولعل مرادهم بموافقة خط المصحف ما يرجع إلى زيادة الكلم ونقصانها.
فإن فيما يروى من ذلك عن أبي بن كعب وابن مسعود رضي الله عنهما.
من هذا النوع شيئا كثيرا، فكتبت المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه في العرضة الأخيرة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما سبق تفسيره.
وأما ما يرجع إلى الهجاء وتصوير الحروف، فلا اعتبار بذلك في الرسم، فإنه مظنة الاختلاف، وأكثره اصطلاح، وقد خولف الرسم بالإجماع في مواضع من ذلك، كالصلاة والزكاة والحياة، فهي مرسومات بالواو ولم يقرأها أحد على لفظ الواو.
فليكتف في مثل ذلك بالأمرين الآخرين، وهما صحة النقل والفصاحة في لغة العرب.
3-ومجيئها على الفصيح من لغة العرب
أن تكون موافقة لقواعد اللغة العربية، نظرا لأن القرآن نزل بلغة عربية.
هذا الذي قرره أبو شامة أن تكون القراءة موافقة للغة العربية ؛ أي ليست في حيز الإنكار..هذا في عموم ما رواه القراء . وإن كان قد يوجد في فرد من أفرادها ما تنكره اللغة وترده..لكن لما استفاضت شهرة الأئمة الرواة لهذه القراءة وقبلتها الأمة قبلنا ولا نردها.
لكن هذا الكلام قد يرد بكلام أبو الطاهر حيث بين أن القراءة لم تفق عليها الأمة إلا ولها مادة صحيحة من بعض الصحابة تتصل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وإن كنا لا نعلمها كعلمنا بمادة قراءة أهل الحرمين و العراقيين.
.والله أعلم..هذا الذي فهمته
اختلال ركن من أركان صحة القراءة
تنبيه على أمر مهم أن أبا شامة رحمه الله تعالى بين أن اختلال شروط القراءة الصحيحة قد يكون في عموم القراءة وقد يكون في كل فرد من أفراد قراءة الأئمة السبعة؛ فترتب على ذلك أن القراءة المنسوبة لكل قارئ من القراء السبعة منقسمة على المجمع عليه والشاذ.
لكن لما أجمعت الأمة على قبول قراءة القراء السبعة قبلت و اطمأنت النفس إليها
فالكلام هنا على ما اختل ركن من أركان القراءة سوى القراءة السبع المجمع عليها
إن اختلت ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة. وإلى ذلك أشار جمع من العلماء منهم أبو شامة ومكي القيسي و السخاوي و الأهوازي وغيرهم.
قال رحمه :... فليس الأقرب في ضبط هذا الفصل إلا ما ذكرناه مرارًا من أن كل قراءة اشتهرت بعد صحة إسنادها وموافقتها خط المصحف ولم تنكر من جهة العربية فهي القراءة المعتمد عليها، وما عدا ذلك فهو داخل في حيز الشاذ والضعيف، وبعض ذلك أقوى من بعض.
قال مكي القيسى: "والذي في أيدينا من القراءات هو ما وافق خط ذلك المصحف من القراءات التي نزل بها القرآن وهو من الإجماع أيضا. وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف، فكأنها منسوخة بالإجماع على خط المصحف".
حكم القراءة بالقراءة الشاذة
بين أبو شامة رحمه الله تعالى أنه لا يجوز الصلاة بالقراءة الشاذة والضعيفة لأن ذلك مخالفا لإجماع الأمة..ومن قراء بذلك فصلاته غير مقبولة ولم يصل وراءه
قلا الإمام مالك رحمه الله تعالى : "
"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".
ويجب منه القارئ بالشاذ وتأثيمه بعد تعريفه وغن لم يمتنع فعليه التعزيز بشرطه
قال ابن مجاهد:..ولا ينبغى لذي لب أن يتجاوز ما مضت عليه الأئمة و السلف بوجه يراه جائزا في العربية مما قرأ به قارئ غير مجمع عليه
6: تكلّم بإيجاز عنوجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرّة المتحصّلة من ذلك
بين الله عزوجل أن القصد من نزول القران تدبره وتعقله وتفهمه والعمل به
فقال تعالى "{ أفلا يتدبرون القران } وقال {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} [ص: 29]
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)} [الأنعام: 155]
وذم الله عزوجل من ترك تدبر القران ولم يعمل به فقال الله تعالى " {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم} قال الشعبي في قوله {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم}، قال: أما إنه ما كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذم من يقرا القران دون تدبر وعلى تفهم
قال أبو شامة حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم"
3-ونقل عن ذلك أقولا عن السلف فروي مرفوعا وموقوفا: "اقرءوا القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه"
وعن الحسن: أن أولى الناس بالقرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه.
وقد ذم السلف من كان همه حفظ القران وتلاوته دون فهم ولا تدبر ولا عمل
عن أبي هريرة : أن رجلا أتى أبا الدرداء بابنه فقال: با أبا الدرداء، إن ابني هذا جمع القرآن، فقال: اللهم اغفر، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاعه .
-ومن طرق ووسائل تدبر القران
- 1 تكرار قراءة الآيات عدة مرات ؛ فإن ذلك مما يعين على الفهم الصحيح؛ وصول المعنى إلى القلب ؛وقد ورد في ذلك جمل من الآثار عن السلف
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
وعن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة
التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ، لم يزل يرددها حتى أصبح.
- 2عدم العجلة والسرعة في القراءة لأن ذلك يفوت تدبر المعاني وعقلها وفهمها
وعن إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ..
عن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة، فأدبرها وأرتلها، أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
- وسئل مجاهد عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة، قيامهما واحد وركوعهما واحد وسجودهما واحد وجلوسهما واحد، أيهما أفضل؟ فقال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} ..
- 3- القراءة عند حضور الذهن وجمع القلب و الفراغ من أشغال الدنيا فإن ذلك من الوسائل العظام في تدبر القران وفهمه..
وقال أبو بكر بن أبي شيبة في "كتاب ثواب القرآن".
حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان يكره أن يقرأ القرآن عند الأمر يعرض من أمر الدنيا.
4- تحسين الصوت بالقراءة فإن ذلك مما يعين على الفهم والتدبر..
ورد في الحديث المرفوع :" "زينوا القرآن بأصواتكم"
عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقرءوا القرآن بحزن فإنه نزل بحزن".
عن طاوس قال:سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن -أو أحسن قراءة- فقال: "الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى" .
وهذا التحسين يكون دون تكلف و تنطع ودون خروج عن ألحان العرب إلى الألحان المستحدثة
ومن ثمرات تدبر القران
-حصول الخشية والخشوع..
--- عبد الله بن عروة بن الزبير : قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله.
-حصول كرامة الله له
ورواه البيهقي في "الشعب" عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن من إجلال الله عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط"
-
-حصول الكفاية بالقران ...فصاحب القران لا يطلب الدنيا وقد من الله عليه بأعظم نعمة وهو القران.
عن هشام بن عروة قال: كان إذا رأى شيئا من أمر الدنيا يعجبه، قرأ: {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} (الآية.
وأيضا صاحب القران يصون ماء وجه من سؤال الناس وطلب العطايا منهم..لأن الله عزوجل قد أكرمه بأعظم عطية
-قال الفضيل بن عياض : ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد من الخلق حاجة، إلى الخليفة فمن دونه، وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه"
-ظهور اثر القران على العبد في عبادته وسلوكه و أدبه وأخلاقه ومعاملاته
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون
-صاحب القران مع السفر الكرام البررة
جاء في "كتب شعب الإيمان": عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، وإذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا".