السؤال الأول: إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم والإيمان. بيّن ذلك.
إقامة الدين لا تكون إلا على ركيزتين عظيمتين هما العلم والإيمان.
فبالعلم تُعرف الهدى , وبالإيمان يُتبع الهدى,فمتى صدق العبد في إيمانه لربه واستقام على أمره وانقاد لمنهجه وأقام شريعته, وكذا تسلح بالعلم الشرعي واستمر في طلبه وثابر وصبر على مدارسته ونشره ,رفعه الله عزة وتشريفا, قال تعالى :"يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين آوتوا العلم درجات".
فكلما ازداد العبد إيمانا وعلما , وقام بهما حق قيامهما, خالصا بذلك وجه اله تعالى ,كان أكثر حظا ونصيبا بهما.فنال بشرى ووعد الله تعالى بالظفر والنصر والتمكين , والظهور للأمة ورفع شأنها, فتصبح قائدة لا مقادة وتابعة لا متبوعة ,فكانت أمة العدل والقسط الظاهرة ,وإن خذلها من خذلها وإن خالفها من خالفها مهما بلغت درجة المخالفة,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله , لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله".
فقيامهم بأمر الله على أكمل وجه كما يحبه الله ويرضاه , كان سبب في نصرهم وهدايتهم , فقد تكفل الله تعالى بمنه وكرمه لهم بذلك,قال تعالى :"وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هادياونصيرا".فكانت الهداية من ثمرات العلم والنصر من ثواب العمل . وخلافا لذلك إن لم يتحقق بالأمة قيام أمر الله وإقامة الإيمان والعلم,ضعف حظها منهما , فأصبحت أمة شذرمذرتفرقت وتشتت), تؤز من قبل أعداء الإسلام أزا, ويتربصون بهم الدوائر, وتضعف شوكتهم , فتظهر الفرق الضالة المضلة , وبدعهم وأهوائهم الزائفة, كما تظهر المعاصي والمنكرات , ويعم الضلال و الاستهانة بالدين.
فبقدر ما يضعف العلم والإيمان ينحط الفرد ,ومن مقتضى ذلك تنحط الأمة. وبقدر مايزيد من العلم والإيمان يرتفع الفرد علوا وشأنا فيتحقق العلو والرفعة للأمة.
السؤال الثاني: ما يعتري طالب العلم من الفتور على نوعين؛ بيّنهما.
النوع الأول:فتور تقتضيه طبيعة جسد الإنسان , وما جبل عليه من الضعف والنقص, فهو غير ملوم عليه , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لكل عمل شرة ولكل شرة فترة, فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى, ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك"
فطالب العلم يبدأ مشواره في طلب العلم بكل نشاط وهمة كبيرين , ويحصل له نوع من الشره(الحدة والقوة)فيقبل عليه بكليته , ثم ما يلبث أن يتخلل هذا فترات كسل وخمول وفتور , ويجب أن تكون هذه الفترات في حدود السنة بقصد واعتدال وألا يتجاوزها.فهذه سنة الله له فيها الحكمة البالغة , فإذا شعر الطالب في نفسه بشيئ من الكسل بعد الجهد الكبير فليرقد وينتظر الفرج ولا ييأس من روح الله ,ولا يجوز معالجتها بالجد والاجتهاد , والقضاء عليها, ومن هدي الأئمة أنهم يجعلون لفترتهم بعض الأعمال المساعدة من التهيئة والاستعداد , فهو و إن كان دائما في طلب للعلم والمذاكرة قد يخرج من الحد المألوف, فيتجاوز إلى مقام التشدد والتنطع والغلو,لكن الله يبتليه بنوع من الضعف يكون لهذا الضعف حكمة بحيث يتشوق بعد ذلك إلى الخير والطلب أكثر ,
النوع الثاني :الفتور الذي لا يلام عليه العبد , وهو الفتور الذي يكون سببه ضعف اليقين وضعف الصبر.
فضعف اليقين يضعف العزيمة فتدنو الهمة , ويصبح مدخل الشيطان سهلا إلى النفس, فتصاب بكثير من الآفات , وتضل عن هدي الله تعالى ,ويفتتن صاحبها بالدنيا وزينتها فلم يقصد بعلمه وطلبه للعلم الثواب الجزيل من عند الله تعالى,بل صرف قلبه للدنيا قاصدا الرياء والعجب طلبا للمدح والثناء , مما يؤدي إلى محق بركة العلم ,قال تعالى :"واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاويين".
وضعف الصبر كذلك يضعف العزيمة ويوهن النفس, فتستسلم لرغباتها المخالفة وتتبع هواها , ويسبب ضعف الصبر ضعف الهمة في طلب العلم , فتفتقد المصابرة والمجاهدة.
السؤال الثالث: وجّه رسالة في سبعة أسطر لطالب علم افتتن بأمور تثبّطه عن طلب العلم وتصرفه إلى الدنيا وملذاتها.
أوصيك ونفسي بتقوى الله عز وجل والاعتصام بحبل الله المتين, ففيه النجاة والفلاح , فيعصمك الله من الانجراف وراء زخرف الدنيا وزينتها , ويحصنك من ملذاتها وسقطاتها,وأهم ركن يجب التحلي به هو الإخلاص لله تعالى في طلبك للعلم أولا و آخرا ,والحذر الحذر من الرياء والسمعة فإنهما تمحقان بركة العلم,ويكفيك فخرا واعتزازا قول الرسول صلى الله عليه :"من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإنه ليستغفر للعالم من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء , وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ,إن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر." وحتى توفق بفضل الله في سلك هذا الطريق استعن بالله مع الصبر واليقين ,قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا استعينوا واصبروا إن الله مع الصابرين". ومما يساعدك على المدوامة في طلب العلم انتقاء الصحبة الصالحة وملازمتهم فهم خير عون لك في دربك وتشجيعهم لك على الجد والمثابرة والاستمرارية في طريق طلب العلم دافعا قويا لك ,خلافا لرفقاء السوء الذين يسعون جاهدين ليحولوا بينك وبين طلب العلم واعلم أنك قد تمر بمرحلة الفتور فلا تجزع ولا تيأس من روح الله فهي فترة ضعف ليبتليك الله لحكمة عظيمة فتعود لطلبك للعلم أكثر حرصا واستعدادا للجد .وأخيرا سل الله التوفيق والتأييد وأن يبارك لك في طلبك للعلم وأن يجنبك الشيطان .
السؤال الرابع: اذكر سبعة أسباب للفتور مع التوضيح الموجز لكل سبب.
- الموازنات الجائرة: يقارن طالب العلم نفسه بكبار العلماء , وهو لم يستغرق إلا القليل من الزمن في تحصيله للعلم الشرعي,ويريد أن يحاكيهم ويجاريهم , فيفشل في ذلك وربما قاده ذلك إلى الفتور و الانقطاع , وهذا من مكائد الشيطان , فبالصبر يرجى له ما يصبو إليه .
- عواقب الذنوب:باقترافه بعض الذنوب والمعاصي , فقد يعاقب عليها بالحرمان من فضل طلب العلم , والحرمان من بركة العلم , بسبب خوضه في أعراض العلماء أو التفاخر بين الأقران , من باب العجب , فهو بحد ذاته آفة خطيرة.
- تحميل النفس ما لا تطيق :فإن حمل نفسه على ما لا تطيق , قد عرضها للانقطاع.
-العوائد الخاطئة في طرق طلب العلم:فقد يسيئ طالب العلم في اختياره طريقة طلب العلم , فيعسر على نفسه في ذلك , بدلا من اختيار طريقة ميسرة , ويمكنه الاستفادة من شيخه بالتقصي عن الطريقة السليمة و المنهجية الصحيحة.
- الرفقة السيئة :فهي من أهم العوائق التي تعيق طالب العلم عن طلب العلم , وتبذل أقصى جهد ها لتثبيطه والحيلولة دون تحقيق هدفه ويفسدون عليه جده واجتهاده حتى ينجرف وراءهم ويلهونه عن مساره بطلب العلم , فالعاقل الفطن يختار من هو أهلا للصحبة الصالحة.
- الافتتان بالدنيا وتطلعه إلى متاعها وزينتها:فإذا دخل قلب العبد أفسده , فينبغي لطالب العلم أن يزهد بالدنيا , وزهده من أسباب محبة الله تعالى للعبد,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ازهد بالدنيا يحبك الله , فليأخذ العبد من الدنيا ما يبلغه الآخرة.
- التذبذب في مناهج العلم: أن ينتقل طالب العلم بين المناهج المتعددة والكتب المختلفة والمشايخ , فيضيع وقته ويستنفذ قوته ولا يحقق مقصوده, لذلك لا بد من منهجية سليمة لطالب العلم , بالتدرج في التعليم والصعود المتأني في سلم العلم .
السؤال الخامس: اذكر سبع وصايا لعلاج الفتور ، مع التوضيح الموجز لكل وصية.
-معرفة قدر النفس وعدم تحميلها ملا تطيق: أن يعرف قدر نفسه وقدر ما تطيقه , قال تعالى :"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" تجتهد فيما تطيق.فيفتح الله له أبواب العلم.
-الإعراض عن اللغو: إن الاعتراض عن اللغو بقتضي بالأولى اجتناب قول اللغو ويقتضي اجتناب مجالس أهله فهم لا يخالطون أهله ولا يعاشرونهم قال تعالى :والذين هم عن اللغو معرضون".
-الحذر من علل النفس الخفية:التي قد يحرم بسببهابركة العلم ومواصلته لطلب العلم , كالعجب والتفاخر والرياء... ونحوها.
- يسلك منهجية صحيحة: يحذر التذبذب بين المناهج والكتب والشيوخ, بل يسير وفق خطة منتظمة بناءا على قدراته العقلية وظروفه .
-قراءة سير العلماء السابقين: فإنها تشحذ الهمة وتجدد العزيمة ولها آثار طيبة نفس فليحرص على العناية بها.
- الحرص على أسباب التوفيق : التي يبارك لطالب العلم بهاوهذا سبب خفي ,من بر الوالدين والصدقات وصلة الرحم ,ويتضرع لله أن يسره بحسن طلب العلم وحسن العمل به وحسن تعليمه.
-اختيار الصحبة الصالحة: فهم عونا له على الخير وتحصيل العلم الشرعي , ومواصلة المسيرة العلمية معه, وتشجيع بعضهم بعضا والمدارسة فيما بينهم.