المجموعة الثالثة:
س1: ما معنى تسمية سورة الفاتحة بالسبع المثاني؟
قال تعالى: {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} ، وقد فسرالنبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري هذه الآية بقوله:( أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم ).
والمراد بالسبع عدد آياتها، ولذلك جاء ذكر العدد بالتذكير فخالف المعدود في اللفظ.
أما معنى تسميتها بالمثاني فقد اختلف العلماء في ذلك على عدة أقوال:
الأول: كونها تعاد في كل ركعة. وهو قول عمر بن الخطاب والحسن البصري وقتادة، وهو رواية عن ابن عباس. وهو قول الجمهور.
الثاني: لأن الله تعالى خص الرسول صلى الله عليه وسلَّم بها, واستثناها له فلم يؤتها أحداً قبله، وهذا القول رواه ابن جرير عن ابن عباس، وحكاه جماعة من المفسّرين.
الثالث: لما تضمنته من ثناء من العبد على الله سبحانه، وهذا القول ذكره الزجاج احتمالاً.
الرابع: المثاني ما دل على اثنين فهو إما جمع مَثْنى أو مشتق من المثنى الدالّ على اثنين:
وقالوا في سبب ذلك أن فيها من ذكر المعاني المتقابلة كحق الله وحق العبد، والهدى والضلال, والثواب والعقاب.
س2: ما معنى الشيطان؟ وما معنى وصفه بأنه رجيم؟
الشيطان مشتق من "شَطَنَ":
قال الخليل بن أحمد: (الشيطان فَيْعَالٌ من شَطَنَ أي: بَعُدَ).
فهو لفظ جامع للبعد والمشقّة والالتواء والعسر.
ووصف بأنه رجيم لأن الرجم في اللغة الرمي بالشر وبما يضر, ويكون في الأمور الحسية والمعنوية.
وعلى هذا فإما أن يكون الوصف لنفس الشيطان من حيث كونه (مرجوما) , أو يكون بمعنى فاعل (راجم) كونه يرمي الناس بشره وضرره بما يلقيه فيهم من الوسوسة وإبعادهم عن العمل الصالح.
ولا تعارض بين القولين: فالشيطان رجيم مذموم مقذوف بما يشينه، وهذا أقصى ما يكون في التحقير.
وهو كذلك راجم لأتباعه مجتهد في إغوائهم.
س3: بيّن معنى اسم (الله) جلّ جلاله
هو أعرف المعارف, وهو الاسم الجامع الذي تتبعه باقي الأسماء الحسنى.
وهو يتضمن معنيين:
الأول: أن الله هو الإله الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما, لاتصافه بجميع صفات الكمال, فلا يكون المعبود إلا كاملا محمودا على كماله: فهو الخالق المربي الملك العليم الخبير القدير....., فهو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى, المنزه عن أي نقص, بل المنزه عن اي نقص في صفات كماله.
الثاني: هو الإله المعبود الحق الذي لا يستحق العبادة أحد سواه، لما سبق من اتصافه بصفات الكمال الذاتي المحمود عليها, لذا لا يستحق غيره أن يعبد سبحانه.
س4: ما الحكمة من تكرار ذكر {الرحمن الرحيم} مرتين في سورة الفاتحة ؟
جاء ذكر الاسمين بداية في البسملة, وهي للاستعانة والتبرك والابتداء واستصحاب اسم الله على تلاوة وتفهمه والانتفاع به, وإنما يحصل ذلك برحمة الله, وذكر اسمي الرحمن والرحيم يفيض على قلب القارئ من الإيمان والتوكل مما يقوي عبادة الرجاء والإعانة في قلبه.
وتكرر ذكر هذين الاسمين بعد حمد الله تعالى وذكر عموم ربوبيته, وفي هذا بيان على أن ربوبيته قائمة على الرحمة, وأن رحمته وسعت كل شيء، وهو من باب الترغيب, وما جاء بعده من قوله:{مالك يوم الدين} هو من باب الترغيب والخوف.
فيكون هذا من باب الثناء على الله قبل سؤاله له المسألة العظيمة التي سيسألها.
س5: ما فائدة حذف متعلَّق الاستعانة في قوله تعالى: {وإياك نستعين}
ذكر العلماء في المتعلق المحذوف قولين:
الأول: العباد, فالمراد نستعينك على عبادتك.
الثاني: نستعينك على قضاء حوائجنا، وجميع شؤوننا.
وحذف المتعلق يفيد العموم, فكلا المعنيين حق, فيشمل الاستعانة على قضاء جميع الحوائج والأمور المتعلقة بالدنيا والآخرة, فالعبد فقير إلى ربه أبدا, وفقره ذاتي لا ينفك عنه كما إن غنى الرب غنى ذاتي لا ينفك عنه سبحانه.
س6: ما معنى الصراط في اللغة؟ وما المراد بالصراط المستقيم؟
لصراط لغة: الطريق الواضح الواسع السهل المستقيم الموصل للمطلوب.
أما المراد به فقد اختلف السلف فيه على اقوال:
القول الأول: هو دين الإسلام, وهو قول جمهور المفسرين.
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط: الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم)). رواه أحمد.
القول الثاني: هو القرآن.
القول الثالث: هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
القول الرابع: هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر.
وجميع الأقوال صحيحة لا تعارض بينها : فقد بعث الله-سبحانه- النبي- عليه الصلاة والسلام- ليدل الناس على الصراط المستقيم الموصل إلى رضوان الله وجناته, قال تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}, وهذا الطريق هو دين الإسلام, فمن ابتغى غيره ضل وهلك, لذلك قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث:(والصراط الإسلام), والسالك لهذا الطريق يحتاج إلى نور يهتدي به, نور يميز به بين الحق والباطل, ويحتاج إلى ما يبين له مسالك الدرب وقطاع الطرق, ويبين له ما عليه عمله وما عليه تركه لينجو, لذلك كان الداعي على جنبتي الصراط هو القرآن, فهوكلام الله, وهو سبيل النجاة, وقد جاء في من قول علي عن القرآن:(وهو الصراط المستقيم).
فالسالك إذا سار على الصراط بهداية القرآن لن يلتفت إلى ما يحيط به من معوقات وقطاع طرق, وحصلت له النجاة بذلك.
فهذه الأمور بمجمعها هي الصراط المستقيم, الطريق الواضح المستقيم الذي يوصل إلى الله ورضوانه.
س7: ما معنى موافقة الملائكة بالتأمين؟
جاء في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا أمَّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه » يفسّره قوله صلى الله عليه وسلم: « إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين؛ فوافقت إحداهما الأخرى غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه ».
أي أن الملائكة في السماء تؤمن إذا أمن الإمام, فمن وافق من المصلين تأمينه لتأمين الملائكة حصل له هذا الأجر العظيم الذي ورد ذكره في الحديث.
س8: ما هي الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير سورة الفاتحة؟
- ضرورة معرفة الله باسمائه وصفاته لما لهذا الأمر من عظيم الأثر على أعمال القلب وأعمال الجوارح.
- الحرص على البداءة باسم الله في جميع ما يفعله العبد تبركا باسم الله .
- المسارعة إلى التوبة عند الوقوع في الذنب, وعدم القنوط من رحمة الله, ومعرفة إن الرحمن الرحيم يغفر لعبده الزلات ويقيل العثرات ويقبل التوبة الصادقة النصوحة.
- تقوى الله في السر والعلانية, والابتعاد عن غشيان محارمه, ومعرفة أن العبد سيلاقي ربه حتما فيسأله ربه عما جنت يداه وعما اقترف من الذنوب في يوم الدين: يوم الحساب.
- سؤال الله الهداية بنوعيها: هداية الدلالة وهداية التوفيق, فهو محتاج مفتقر إلى ربه ليهيه إلى ما يصلح به أمر دينه.
- نبذ الكبر والعجب, فالعبد فقير لا غنى له عن ربه طرفة عين, فهو محتاج إليه في جميع ما تقوم به حياته في الدنيا والآخرة.
- الاقتداء بالصالحين من الأنبياء والصديقين وغيرهم, وقراءة سيرهم لما في ذلك من عظيم النفع والفائدة.
- عدم الشغور بالغربة إن كان العبد على الحق وعاداه من عاداه, وليتذكر بأن هذا الصراط المستقيم قد سلكه قبله جميع من أنعم الله عليهم, فليثبت عليه لعله يلحق بركبهم.
- ضرورة معرفة صفات من ذم الله في القرآن ليتقي العبد الوقوع فيما وقعوا فيه.
- الإخلاص لله في العبادة والدعاء, فهذا أرجى للقبول.