المتن: والبعث بعد الموت حق.
الشرح: كذلك مما يجب الإيمان به, وهو من الإيمان باليوم الآخر, الإيمان بالبعث، والبعث هو: إعادة الأموات أحياء, ينبعثون من قبورهم أحياء بعدما كانوا تراباً وعظاماً ورميماً, فإن الله يعيدهم سبحانه وتعالى كما كانوا بقدرته سبحانه؛ ليجزيهم بأعمالهم التي عملوها, فالدنيا دار عمل, والآخرة دار جزاء, فلا بد من البعث للجزاء والحساب,ولا ينتهي الأمر عند الدنيا، بل هناك دار أخرى هي دار الجزاء, فلو لم يكن هناك بعث للجزاء للزم على ذلك العبث في أفعال الله سبحانه وتعالى,فكانت بلا نتيجة, أفعالاًبلا نتيجة, قال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق}. فلا بد من دار بإثارة المحسن ومعاقبة المسيء فالله سبحانه منزه عن العبث أن يخلق خلقاً عبثاً، بل خلقهم لحكمة وغاية، وهي البعث والنشور والجزاء على الأعمال، إن خيراً فخير، وإن شرا فشر, وذلك أن الله يعيد أجساداً, ويجمعها من التراب والعظام,وتبني أجسامهم كما كانت, ثم بعد ذلك يأمر إسرافيل بالنفخ في الصور, فينفخ في الصور؛ فتطير كل روح.
والصور هو القرن الذي فيه الأرواح,فتطير كل روح إلى جسدها,فيحيى هذا الجسد ويتحرك, ثم يخرجون من قبورهم ويمشون إلى المحشر,
{يخرجون من الأجداث} يعني: من القبور,يخرجون, ويذهبون إلى المحشر، {كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع} يدعوهم إلى الحشر، فيذهبون, لا أحد يتخلف، {يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون},{ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون}.
هذه قدرة الله سبحانه وتعالى, وقد أنكر المشركون البعث: {وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا }{ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أئنا لفي خلق جديد},{أئذا كنا تراباأئنا لفي خلق جديد} استغربوا, يعني: كيف يعود التراب, وتدب فيه الحياة, وكيف هذه العظام التي فنيت وهذه الشعور التي فنيت, وهذه اللحوم التي تمزقت,كيف تعود مرة ثانية؟
استبعدوا هذا ونفوه؛ بناء على عقولهم, ولم يعلموا أن الذي خلقهم أول مرة قادر على أن يعيدهم {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}, {ماخلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} الله لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى, لماذا لم يستغربوا خلقهم أول مرة وهم كانوا عدماً؟ كانوا في الزمان الماضي عدما, ما لهم وجود, ولا عظام, ولا شيء, {وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً},ما لهم عظام ولا تراب ولا شيء أبداً، أوجدهم الله من عدم.
فالذي أوجدهم من عدم ألا يقدر أن يعيد أجسامهم ورميمهم وعظامهم كما كانت؟ لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى, فهذا هو البعث, البعث من القبور، حين ينفخ إسرافيل في الصور: {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون}.
والنفخ في الصور ذكره الله ثلاث مرات:
المرة الأولى: نفخة الفزع: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} هذه نفخة الفزع.
والنفخة الثانية: نفخة الصعق، والنفخة الثالثة نفخة البعث,وهما مذكورتان في آخر سورة الزمر,كما قال الله سبحانه وتعالى: {ونفخ في الصور فصعق} يعني: مات, {من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى} هذه النفخة الثالثة,{نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون},هذه نفخة البعث.
فالأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق وهو الموت، والثالثة نفخة البعث{فإذا هم قيام ينظرون} قيام من القبور, ينظرون إلى ما حولهم كما كانوا ينظرون في الدنيا.
المتن: والبعث بعد الموت حق, وذلك حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور.
الشرح: وإسرافيل هو ملك من الملائكة,موكل بالنفخ في الصور.
المتن: {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون}.
الشرح: {الأجداث} القبور,و{ينسلون} يعني: يخرجون منها مسرعين.