الــــقــرصــــنـة فـســــاد و إفـســــاد
خمسة عشر رجلاً ماتوا من أجل صندوق ترنيمةٌ شهيرة للقراصنة و عبر التاريخ كانت القرصنة تعبر عن أعمال السلب البحري غير أن هذا التعبير في العصر الحديث تجاوز البحار ليحلق عبر الملاحة الجوية ثم حط على اليابسة ليتغلغل في أرجائها و يتفنن في أبعاده فشملت القرصنة الحقوق الفكرية و كأن البحار كانت تُحِدُ من جُرأته و تَقْصُرُه على السفن بينما اعطته اليابسة قدرة على التفشي و السيادة فأصبحت وباءً يصيب كل من لم يتحصن بتقوى الله و خشيته .
لقد تنوعت أعمال القرصنة بتنوع المجالات و الفئات الاجتماعية.
فقراصنة السياسة علا صيتُهم و عَظُم شئنُهم أتباع نظرية فرعون : ( مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ) 29غافر , و إن لم تكن لي السلطة فلن أجعلها لك و الناظر في أحوال دول الجوار لن تغيب عنه الصورة.
و القرصنة الاقتصادية فنون يبرز فيها نمور الاقتصاد حاملين راية المبالغة في رفع الأسعار فاليوم بريال و غداً بعشرة و ليس هناك حد لحيلهم و تحايلهم.
و القرصنة الأكاديمية ضرب لا يُستهان به رغم غياب صُوَرِه عن عامة الناس و من شعاراتها اشركني في بحثك و إلا تحمل العواقب.
و أما القرصنة على المال العام فحدث عنها و لا حرج تمتد بين شرائح المجتمع أفقياً و عامودياً أعان الله هيئة مكافحة الفساد و أعاذها من الفساد .
و أما قرصنة الإبداع تُمارس في مجالات عدة كالتعليم و التصنيع فترى المبدع يُظهر إنجازه لمعلمه أو رئيسه فرحاً بما وفقه الله إليه ليخطف ذلك القدوة ثمرته و ينسبها لنفسه.
و هناك أصناف أخرى من القرصنة تتنوع بحسب القُرصان الذي يبرر لأفعاله بسيمفونية إيقاعها نشاز تقوم على التبرير و الإسقاط ( حيلة دفاعية نفسية ينسب فيها الفرد عيوبه و رغباته للناس حتى يبرئ نفسه ويبعد الشبهات عنها ) فلا تخلوا بيئة أو حتى أسرة من قرصان .
فكم و إلى متى يظل الله أهون الناظرين إلينا و تستباح القرصنة ؟
غصة...
القهر سطر في معاناة الشعوب بأيديها لا بأيدي الأمم
يموج ظلماً بحقٍ مغصوب و لا يرعى الذمم
صُنُوفٌ و أصنافٌ عنتٌ و كسرٌ للهمم
كبتارٍ جال بالسوقِ و الأعناقِ دفناً للقيم
يباهي بتعذيب البرايا و لا يرعى الشِّيم
أَلاَ من أبي يراعي الحقوق و يُعلي الشَّمم
يذيبُ الجليد عن الضمير لننسى الألم
ميساء حسين باشا