تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}
(كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)
-زمن هذه الأهوال
يوم القيامة، ذكره ابن كثير
-معنى كلا
حقاً، ، ذكره ابن كثير
-ارتباط (كلا) بما قبلها
ليسَ ما أحببتمْ منَ الأموالِ، وتنافستمْ فيهِ منَ اللذاتِ، بباقٍ لكمْ،بلْ أمامكمْ يومٌ عظيمٌ، ذكره السعدي
مَا هكذا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَمَلُكُمْ. ذكره الأشقر
-معنى الدك
الدَّكُّ: الكَسْرُ وَالدَّقُّ،ذكره الأشقر
-معنى دك الأرض دكاً
وطئت ومهّدت وسوّيت وزلزلت الأرض و الجبال، وحركت تحريكاً بعد تحريك
وتُجعلَ قاعاً صفصفاً لا عوجَ فيهِ ولا أمت
حاصل ما ذكره ابن كثير، والسعدي، والأشقر
(وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)
-زمن المجيء
بعدما يستشفعون الخلق إليه بسيّد ولد آدم على الإطلاق: محمّدٍ صلوات الله وسلامه عليه، بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحداً بعد واحدٍ، فكلّهم يقول: لست بصاحب ذاكم. حتى تنتهي النّوبة إلى محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم فيقول: ((أنا لها، أنا لها)). فيذهب فيشفع عند الله تعالى في أن يأتي لفصل القضاء، فيشفّعه الله تعالى في ذلك.
ذكره ابن كثير
-سبب المجيء
لفصلِ القضاءِ بينَ عبادِهِ، ذكره السعدي والأشقر وابن كثير بنحوه
-هيئة المجيء
في ظللِ منَ الغمامِ، وتجيءُ الملائكةُ الكرامُ، أهلُ السماواتِ كلهمْ، صفّاً صفّاً أي: صفّاً بعدَ صفٍّ، كلُّ سماءٍ يجيءُ ملائكتهَا صفّاً، يحيطونَ بمنْ دونهمْ منَ الخلقِ، ذكره السعدي
-دلالة كون الملك صفوفاً
وهذهِ الصفوفُ صفوفُ خضوعٍ وذلٍّ للملكِ الجبارِ، ذكره السعدي
(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) )
-ما ورد في السنة عن كيفية المجيء بجهنم
عن ابن مسعودٍ - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((يؤتى بجهنّم يومئذٍ لها سبعون ألف زمامٍ، مع كلّ زمامٍ سبعون ألف ملكٍ يجرّونها)).ذكره ابن كثير
-ماذا يتذكر الإنسان
عمله، وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه، وماقدمه من خير أو شر.
حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي
-معنى أنى له الذكرى
وكيف تنفعه الذكرى، فقدْ فاتَ أوانُهَا، وذهبَ زمانُهَا،وَإِنَّمَا كَانَتْ تَنْفَعُهُ الذِّكْرَى لَوْ تَذَكَّرَ الْحَقَّ قَبْلَ حُضُورِ الْمَوْتِ
حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)
الأسلوب في القول
التحسر والندم، ذكره ابن كثير.
-على ماذا يتحسر؟
على ما فرط في جنب الله ، يندم على ما كان سلف منه من المعاصي - إن كان عاصياً - ويودّ لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاً؛ كما قال الإمام أحمد بن حنبلٍ، عن محمد بن أبي عميرة، وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: لو أنّ عبداً خرّ على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة، ولودّ أنه ردّ إلى الدنيا؛ كيما يزداد من الأجر والثواب.
حاصل ما ذكره السعدي وابن كثير.
-معنى قدمت لحياتي
قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي الدائمةِ الباقيةِ، عملاً صالحاً، ذكره السعدي
-دلالة الآية على الحياة الباقية
وفي الآيةِ دليلٌ على أنَّ الحياةَ التي ينبغي السعيُ في أصلهَا وكمالهَا، وفي تتميمِ لذّاتهَا، هيَ الحياةُ في دارِ القرارِ، فإنَّهَا دارُ الخلدِ والبقاءِ، ذكره السعدي
(فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)(وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) )
-الضمير في (عذابه)
ليس أحدٌ أشدّ عذاباً من تعذيب الله من عصاه، ذكره ابن كثير وبنحوه الأشقر
-لمن يكون العذاب؟
لمنْ أهملَ ذلكَ اليومَ ونسيَ العملَ لهُ. ذكره السعدي
-الضمير في وثاقه
وَلا يُوثِقُ الْكَافِرَ بالسلاسلِ والأغلالِ كَوَثَاقِ اللَّهِ أَحَدٌ. ذكره الأشقر
-وليس أحدٌ أشدّ قبضاً ووثقاً من الزبانية لمن كفر بربّهم عزّ وجلّ.
ذكره ابن كثير
-بماذا يكون الوثاق؟
يقرنونَ بسلاسلٍ منْ نارٍ، ويسحبونَ على وجوههمْ في الحميمِ، ثمَّ في النارِ يسجرونَ. ذكره السعدي
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) )
-الأقوال فيمن نزلت الآيات
1-نزلت في عثمان بن عفّان رضي الله عنه.روي عن ابن عباس
2-حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه.روي عن بريدة بن الحصيل
3-أبو بكر رضي الله عنه، روي عن ابن عباس قال: نزلت وأبو بكرٍ جالسٌ، فقال رسول الله: ((ما أحسن هذا!)) فقال: ((أما إنّه سيقال لك هذا)).
ذكره ابن كثير
-صفات النفس المطمئنة
النفس الزّكيّة المطمئنّة، وهي الساكنة الثابتة، الدائرة مع الحقّ،
المُوقِنَةُ بالإيمانِ وَتَوْحِيدِ اللَّهِ، لا يُخَالِطُهَا شَكٌّ وَلا يَعْتَرِيهَا رَيْبٌ، قَدْ رَضِيَتْ بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَعَلِمَتْ أَنَّ مَا أَخْطَأَهَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهَا، وَأَنَّ مَا أَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهَا، اطمأنَت إلى اللهِ وآمنَت بهِ وصدقَت رسلهُ، فيقالُ لهُ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} إلى ذكرِ اللهِ، الساكنةُ حبِّهِ، التي قرَّتْ عينهَا باللهِ،
حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
(ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) )
-معنى ارجعي الى ربك
إلى جواره وثوابه، وما أعدّ لعباده في جنّته. ذكره ابن كثير
وذكر أثر عن ابن عباس: إلى ربّك} يعني: صاحبك، وهو بدنها الذي كانت تعمره في الدنيا، وهو غريب
-الحكمة من ورود اسم الرب دون غيره
الذي ربّاكِ بنعمتهِ، وأسدى عليكِ منْ إحسانهِ ما صرتِ بهِ منْ أوليائهِ وأحبابهِ.
ذكره السعدي
-الفرق بين راضية ومرضية
راضية: في نفسها عنِ اللهِ، وعنْ مَا أكرمَهَا بهِ منَ الثوابِ، ذكره ابن كثير والأشقر
مرضية: عنده. ذكره الأشقر
ذكره
(فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) )
-معنى فادخلي في عبادي
زُمْرَةِ عِبَادِي الصَّالِحِينَ، وَكُونِي مِنْ جُمْلَتِهِمْ. ذكره الأشقر وذكر نحوه ابن كثير
-متى تقال لها هذه البشرى؟
يقال لها عند الاحتضار حال الموت، وفي يوم القيامة أيضاً،
ذكره ابن كثير والسعدي
-سؤال الله نفساً مطمئنة
عن أبي أمامة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لرجلٍ: ((قل اللّهمّ إنّي أسألك نفساً بك مطمئنّةٌ، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك))
ذكره ابن كثير.
-الآثار المروية في سماع هذه الآيات عند موت الصالحين
-عن سعيد بن جبيرٍ، قال: مات ابن عبّاسٍ بالطائف، فجاء طيرٌ لم ير على خلقه، فدخل نعشه، ثمّ لم ير خارجاً منه، فلمّا دفن تليت هذه الآية على شفير القبر، لا يدرى من تلاها: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي}.
- ذكر الحافظ محمد بن المنذر الهرويّ - المعروف بشكّر - في كتاب العجائب، بسنده عن قباث بن رزينٍ أبي هاشمٍ، قال: أسرت في بلاد الرّوم، فجمعنا الملك وعرض علينا دينه على أنّ من امتنع ضربت عنقه، فارتدّ ثلاثةٌ، وجاء الرابع فامتنع فضربت عنقه وألقي رأسه في نهرٍ هناك، فرسب في الماء، ثمّ طفا على وجه الماء ونظر إلى أولئك، فقال: يا فلان، ويا فلان، ويا فلان - يناديهم بأسمائهم - قال الله تعالى في كتابه: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي}. ثمّ غاص بالماء.
قال: فكادت النّصارى أن يسلموا، ووقع سرير الملك، ورجع أولئك الثلاثة إلى الإسلام. قال: وجاء الفداء من عند الخليفة أبي جعفرٍ المنصور، فخلّصنا.
ذكرها ابن كثير.